في لحظة انتظرها عشاق الصوت القرآني طويلًا، جاء برنامج «دولة التلاوة» ليعيد الاعتبار لفن تميّزت به مصر عبر عقود، ويمنح جيلًا جديدًا من الموهوبين فرصة للظهور والانتشار. ومع أولى حلقاته، لم يكن الأمر مجرد عرض تلفزيوني؛ بل بدا كأن مدرسة التلاوة المصرية نهضت من جديد لتستعيد مكانتها في وجدان المشاهدين داخل مصر وخارجها. بداية مذهلة تشعل اهتمام الجمهور منذ الدقائق الأولى لعرض الحلقة الأولى، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتفاعلات غير مسبوقة، وتصدر البرنامج الترند على منصة «إكس». انتشرت المقاطع الأولى للمتسابقين بسرعة كبيرة، وتحوّلت التعليقات إلى حالة إعجاب جماعية بجمال الأصوات وقوة الأداء وروحانية الأجواء. مشاهدات مرتفعة وردود فعل واسعة على مواقع التواصل الجمهور لم يكن متابعًا عابرًا؛ بل متفاعلًا متحمسًا، إذ امتلأت الصفحات بمقاطع قصيرة ولقطات إنسانية جمعت بين المتسابقين ولجنة التحكيم. بدا واضحًا أن هناك اشتياقًا عامًا لبرامج تعيد الاعتزاز بفن التلاوة وتقدمه بروح جديدة وأسلوب يليق بعظمة القرآن الكريم. مواعيد العرض والمنصات المتاحة يُذاع البرنامج مساء كل جمعة وسبت في التاسعة مساءً، ليصبح موعدًا ثابتًا لمحبي التلاوة والأصوات الندية. ويُعرض البرنامج على قنوات الحياة – CBC – قناة الناس، إضافة إلى منصة Watch It، ما يتيح فرصة كبيرة لمتابعته من مختلف الدول. نجاح يصنعه الجمهور وروح المنافسة لم يكن النجاح محصورًا في الأداء الفني؛ بل امتد إلى المشاهد الإنسانية التي خطفت قلوب المتابعين. أحد أبرز هذه اللحظات كان ظهور الداعية مصطفى حسني وهو يرافق أحد المتسابقين خارج الاستوديو احترامًا وتقديرًا لصوتٍ مؤثر وروح طيبة. من خلال هذه الأجواء، أعاد البرنامج التذكير بأن التلاوة ليست مجرد أداء صوتي، بل رسالة روحانية وفن أصيل يحكي تاريخًا طويلًا من القراء والأعلام الذين حملوا نور القرآن إلى العالم الإسلامي. لجنة تحكيم من عمالقة القراءات والمقامات علماء وقراء وخبراء.. مزيج من العلم والصوت والفن لجنة التحكيم جاءت متوازنة بشكل لافت، تضم الشيخ حسن عبد النبي، والدكتور طه عبد الوهاب خبير المقامات، والشيخ طه النعماني، والداعية مصطفى حسني. هذا التنوع منح التقييم صبغة علمية وفنية وروحانية في آن واحد. ضيوف شرف من أقطاب العالم الإسلامي شارك البرنامج أيضًا كبار العلماء والقراء كضيوف شرف، منهم الدكتور أسامة الأزهري، الدكتور علي جمعة، الشيخ أحمد نعينع، القارئ المغربي عمر القزابري، وغيرهم من الرموز الذين جعلوا البرنامج منصة تُقدّر التلاوة وتكرّم أصحابها. أضخم مسابقة للقرّاء.. أرقام وجوائز غير مسبوقة أكثر من 14 ألف متقدم.. شغف لا ينطفئ استقبلت المسابقة عددًا غير مسبوق من المشاركين، تجاوز 14 ألف متقدم من مختلف المحافظات، ما يعكس حجم الاهتمام والرغبة في أن يجد كل صاحب صوت جميل فرصة للظهور على منصة كبيرة. جوائز تصل إلى 3.5 مليون جنيه وتسجيل المصحف بالفائزين جوائز تصل إلى 3.5 مليون جنيه وتسجيل المصحف بالفائزين تبلغ قيمة الجوائز 3.5 مليون جنيه، ويحصل الفائزان بالمركز الأول في التجويد والترتيل على مليون جنيه لكل منهما، إضافة إلى تسجيل المصحف الشريف كاملًا بصوتهما وبثه عبر قناة «مصر قرآن كريم»، وشرف إمامة التراويح بمسجد الإمام الحسين في رمضان المقبل. تجربة تتجاوز عالم التلفزيون إلى بناء مستقبل التلاوة هذا المشروع لا يبحث عن أصوات فحسب، بل يبني مستقبلًا لمدرسة التلاوة المصرية، مدرسة القراء العمالقة: المنشاوي، والحصري، وعبد الباسط، والطبلاوي. ومن خلال التدريب والتقييم المستمر، يعيد البرنامج تقديم هذه المدرسة بروح عصرية دون أن يفقدها أصالتها. يمنح البرنامج الشباب فرصة حقيقية لتطوير مهاراتهم، ليظهر جيل جديد قادر على حمل رسالة القرآن عبر أصوات متقنة ونيات صادقة. الشيخ محمد سامي.. صوت خرج من كتاب القرية إلى أضواء المنافسة من بين المتسابقين، لفت الشيخ محمد سامي الأنظار بصوته المميز. بدأ حفظ القرآن في كتاب القرية، وكان الأذان أول نافذة اكتشف الناس من خلالها جمال صوته. لم يتوقف عند ذلك، بل كان يقلد كبار المشايخ ويطوّر موهبته تدريجيًا حتى وصل إلى المرحلة الأخيرة من المسابقة. يحلم محمد سامي بأن يصبح قارئًا في إذاعة القرآن الكريم، وهو حلم يبدو ممكنًا اليوم أكثر من أي وقت، خاصة بعدما أثبت أنه يمتلك موهبة حقيقية وروحًا صادقة.