دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    زلزال مصر، محافظة الإسكندرية تشكل غرفة عمليات لرصد أي تداعيات محتملة للهزة الأرضية    من زلزال 1992 إلى اليوم.. متى اهتزت مصر؟    سقوط صاروخ مجهول المصدر في منطقة صحراوية بالأردن    40 شهيدا في غارات إسرائيلية على منازل بمخيم جباليا بقطاع غزة    محامي رمضان صبحي يكشف حقيقة تورطه في واقعة الامتحانات    بالتزامن مع الزلزال، حريق هائل في مصنع ملابس بالمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان (فيديو)    التوبة والاستغفار.. ماذا يجب فعله عند وقوع الزلازل؟ وما الحكمة منه؟ دار الإفتاء تجيب    إليك أفضل الأدعية عند حدوث الزلازل.. هزة أرضية تضرب مصر (التفاصيل الكاملة)    البيئة تفحص شكوى تضرر سكان زهراء المعادي من حرائق يومية وتكشف مصدر التلوث    يد الأهلي يتوج بالسوبر الأفريقي للمرة الرابعة على التوالي    موعد نهائي كأس إيطاليا 2025 والقنوات الناقلة    انخفاض جديد في عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 14 مايو بالصاغة    فتحي عبدالوهاب يوجه رسائل خاصة لعادل إمام وعبلة كامل.. ماذا قال؟    ماذا تفعل إذا شعرت بهزة أرضية؟ دليل مبسط للتصرف الآمن    بقوة 4.5 ريختر.. هزة أرضية تضرب محافظة القليوبية دون خسائر في الأرواح    نجم الأهلي يتفاعل مع زلزال اليوم بالدعاء    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    بريطانيا تحث إسرائيل على رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية لغزة    خلال أيام.. امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 بجنوب سيناء (توزيع الدرجات)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 14-5-2025    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    أول قرار من أيمن الرمادي بعد خسارة الزمالك أمام بيراميدز    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    مندوب فلسطينن لدى الأمم المتحدة: 93% من أطفال غزة معرضون لخطر المجاعة    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    هل تنتمي لبرج العذراء؟ إليك أكثر ما يخيفك    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    الخميس.. انطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم في المحلة الكبرى تحت شعار «الإبداع حق للجميع»    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    التخطيط: 100 مليار جنيه لتنفيذ 1284 مشروعًا بالقاهرة ضمن خطة عام 2024/2025    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. عودة بيراميدز.. والزمالك يغيب عن دوري أبطال أفريقيا    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    الكشف على 5800 مواطن في قافلة طبية بأسوان    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    فتحي عبد الوهاب: "مش بزعق في البيت وبحترم المرأة جداً"    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو في الصاغة    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    "قومي المرأة" و"النيابة العامة" ينظمان ورشة عمل حول جرائم تقنية المعلومات المرتبطة بالعنف ضد المرأة    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    فتح باب التقديم للمشاركة في مسابقة "ابتكر من أجل التأثير" بجامعة عين شمس    وزير الدفاع يلتقي نظيره بدولة مدغشقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وما أدراك ما لندن (2 ) !
نشر في شباب مصر يوم 15 - 07 - 2012

حللت الفندق بعد رحلة من المطار إليه أخذت مني أكثر من نصف ساعة ، كان أغلب سير سيارةالإجرةعبر الطريق الأوربي A4. وجدت الغرفة رقم 3 بانتظاري بعد أن كنت قد حجزتها ، وأنا في السويد ، وقبل أن تسلمني فتاة من أصول هندية ، ملونة العينين ، كانت تعمل في استعلامات الفندق ، مفتاح الغرفة ، أخبرتني أن مطعم الفندق يفتح على تمام الساعة السابعة صباحا ، وبإمكاني تناول طعام الفطور المدفوع الثمن من ضمن إجرة الغرفة البالغة ستين جنيها أي ما يعادل تقريبا تسعين دولارا لليلة الواحد عند هذا الوقت من كل يوم.
كان مفتاح الغرفة على شكل بطاقة ممغنطة يتم بواسطتها فتح باب الغرف ، استخدمتها أنا للمرة الأولى في فندق من العاصمة الفرنسية ، باريس ، مثلما استخدمتها فيما بعد في واحد من فنادق العاصمة اللبنانية،بيروت التي رأيت صديقا لي فيها ، وأنا في طريقي الى العراق منها .
كان مطعم الفندق على سعة ، يضم قاعتين للإنترنت ومشاهدة التلفزيونوللطعام الذي يستطيع المسافر أن يتناول منه مواد غذائية ، وأشربة كثيرة مرة ، أو مرتين ، أو اكثر ، وهو من يقوم بخدمة نفسه ، أما عمال المطعم فما عليهم إلا جلب الطعام ووضع كل نوع منه في المكان المخصص له . تناولت طعامي بتلك الطريق ثم غادرت المطعم نحو الحافلة رقم H 91 المتجهة الى ضاحية همرسميث ( Hammersmith ) ، وكان في نيتي الذهاب منها عبر قطار الانفاق الى ضاحية كرين فورد (Greenford) التي تتطلب مني أكثر من النزول في أكثر من محطة لتغيير الخط من أجل الوصول لها .
قبل خروجي من الفندق رأيت صاحبهالأيرلندي الذي ذكرني بفراعة طوله بالرحالة الإنجليزي المعروف ، ولفريد ثيسجر الذي أمضى سبع سنوات بين عرب الاهوار في جنوب العراق ، وكان ينزل ضيفا مكرما عندنا في كل صيف من كل سنة من تلك السنوات ، وقد كان هو يحس بالظلم الذي أنزله أصحاب الجشع والثروة من أبناء جلدته بالعراق والشعب العراقي ، ففي الوقت الذي كانت شركات النفط البريطانية تنهب الثروة النفطية العراقية من حقول كركوك في شمال العراق ، ومن حقول الشعيبة في البصرة جنوبا كان هو يشاهد أبناء الشعب العراقي يرتدون الملابس القديمة، المستعملة ( اللنكات ) القادمة من عواصم الغرب ، تلك الملابس التي كان أبناء الأهوار على فقرهم يأنفون من لبسها . نسمعه يقول : ( وهنا - شكرا لله- لا توجد علامة من علامات العصرية المملة ، كزي الملابس الأوربية المستعملة ، والمنتشرة مثل فساد في سائر الأنحاء من العراق .) راجع كتابي : عرب الأهوار ص : 23
يقصد ولفريد ثيسجر ب (هنا ) أهوار جنوب العراق التي أحرقت الطائرات الإنجليزية الكثير من قراها ، حين كانت الجيوش الإنجليزية تتقدم نحو بغداد في الحرب العالمية الأولى ، لتنتزعها عنوة من قبضة الأتراك العثمانيين ، ولتنصب فيها حكومة عراقية تدور في فلكها ، يقف على رأسها الملك فيصل الأول الذي أطلق شكوى مرة أمام شاعر العرب ، محمد مهدي الجواهري ، حين عاتبه ، مثلما يروي الجواهري نفسه ، على بعض قصائده التي كانت تنال من الملك وحكومته .
يقول الجواهري : إن الملك فيصل الأول فتح خزينة الدولة أمامي قائلا : إنظر ! هذه أربعمئة مليون دينار عراقي ، هي حصة العراق السنوية من ثروته النفطية التي انتجتها الشركات النفطية البريطانية وباعتها ، فماذا تريدني أن أعمل بها ؟ هل أعطيها رواتب للجيش والشرطة أم رواتب للعاملين في الدولة ؟ وماذا سيبقى منها للمشاريع العمرانية ؟
يظهر الملك فيصل الأول من خلال كلامه المار الذكر أن لا حول ولا قوة له أمام عتاة المال من المجرمين الإنجليز ، مثله في ذلك مثل رئيس وزراء العراق السابق ، عبد المحسن السعدون الذي طلب الموت لنفسه بطلقة أطلقها من مسدسه على رأسه ، تاركا وراءه كلمات قليلة دونها على ورقة يقول فيها : الانجليز يريدون شيئا والشعب يريد شيئا آخر !!
واليوم يشبه البارحة حيث يقف رئيس وزراء العراق ، نوري المالكي ، دون حول أو قوة أمام شركات النفط الأمريكية التي بسطت نفوذها من جديد على ثروات الشعب العراقي النفطية ، فكل ما فعله المالكي في خلافه مع شركة أكسون موبيل النفطية الأمريكية بشأن العقود التي وقعتها مع حكومة إقليم كردستان العراق هو تقديم شكوى ضدها عند الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، وقد يعلم المالكي أو لا يعلم أن الرئيس الأمريكي أوباما لن يستطيع أن يمنع تلك الشركة من العمل في كردستان العراق ، فسيف الرأسمالية مسلط على رقبة الرئيس نفسه ، وفقا للمبدأ الرأسمالي الشهير القائل : دعه يعمل ! دعه يمر !
وصلت الى محطة أنفاق همر سميث ، توجهت نحو شباك قطع تذاكر الركوب ، بعد أن لاقيت صعوبة في دفع إجرة ركوبي في الحافلة رقم H 91 ، وذلك حين دفعت للسائق عملة ورقية من عشرين جنيها ، فقد كان هو لا يملك صرفا لها ، وخلال حديث مع السائق تدخلت امرأة من الركاب في هذا الحديث سائلة : كم يوما ستبقى في لندن ؟ قلت لها : ما يزيد عن أسبوع . صمت المرأة ، ولم تزد على سوائلها كلمة ، ولكنني فهمت من سؤالها هو أن الأفضل لي أن أشتري تذكرة أو بطاقة ركوب للمدة التي سأمضيها في المدينة، ولهذا قلت لبائعة التذاكر : إنني اريد تذكرة لمدة أسبوع واحد ! كلفتني تلك التذكرة أربعة وثلاثين جنيها ، ولم تنس بائعة التذاكر أن تنبهني الى أنه بإمكاني إعادة التذكرة أو البطاقة لأي شباك من شبابيك قطع التذاكر كي أسترد خمسة جنيهات من قيمتها ، وقد فعلت ذلك عند شباك قطع البطاقات في محطة قطار الأنفاق في مطار هيثرو حين وصلته عائدا الى السويد في الحافلة رقم 111 ، فالبطاقة تلك تسمح لي بركوب الحافلات الى جانب قطارات الأنفاق .
من همر سميث وحتى كرين فور بدلت قطار الأنفاق ثلاث مرات في ثلاث محطات هي على التوالي :Picadilly line و Circle line و Central line وقد مررت بما يزيد عن ثمانية عشرة محطة توقف كان زحام الركاب في بعضها على أشده حتى يخيل للمرء أنه يركب في قطار هندي ، وليس في قطار بعاصمة الضباب ، والى الحد الذي وصل فيه الحال الى أن بعض بوابات عربات الركاب كانت تغلق بصعوبة بالغة عند تحرك القطار من كل محطة توقف ، ساعتها تذكرت قطار انفاق العاصمة الصينية بكين الذي هو على نقيض من قطار انفاق لندن من حيث النظافة والسعة وسهولة الركوب ، مثلما تذكرت الجمالية العالية التي عليها قطار أنفاق مدينة مالمو السويدية حيث تشاهد الطبيعة كلها ببحارها وغاباتها وجبالها تتحرك أمامك في شرائط أفلام تتحرك باستمرار على جدران نفق كل محطة توقف ، وأنت بانتظار القادم من القطارات العابرة للبحر ما بين تلك المدينة والعاصمة الدانماركية ، كوبنهاجن . وعلى هذا قررت أن لا أركب قطار أنفاق لندن ثانية ، واستعضت عنه بركوب الحافلات من ذوات الطابقين التي تمنحك متعة رؤية الشوارع والطرقات التي تمر بها خاصة إذا جلست في المقاعد الامامية من الطابق الثاني .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.