تعاني الأمة الإسلامية من قلة إبداعاتها وشحة إسهاماتها الفكرية والعلمية ؛ فالناظر في كافة الإحصائيات الواردة في هذا الشأن تظهر لنا المأساة وتتجلى لدينا بشكل واضح فالعرب لا يقدمون شيئاً والمسلمون عامة تقدر إسهاماتهم بنسبة ضئيلة لا تكاد تذكر بالرغم من أن علماء المسلمين أنفسهم هم قادة النهضة في الكثير من دول العالم ولكن للأسف فإن ما يقدمونه من أعمال وابتكارات وما ينتجونه من أفكار وأبحاث تحسب وينتفع بها في البلاد التي يعيشون فيها فهناك مثلاً مالا يقل عن ألف ومائتي عالم في الهندسة فقط ومن مصر فقط في كندا فقط يعتلون أكبر المناصب العلمية في كليات ومعاهد الهندسة بكافة تخصاصاتها وقس على ذلك في باقي التخصصات ومن باقي البلدان الإسلامية وفي كل دول العالم المختلفة . ولعلي هنا أتذكر تلك الكلمات التي كتبها الإمام الندوي – رحمه الله – عن نهضة أوروبا وتخلف المسلمين في كتابه البديع " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟ " حيث قال : " ولكن المسلمين لم يضيعوا ساعات وأياماً بل ضيعوا أحقاباً وأجيالاً انتهزت فيها الشعوب الأوربية كل دقيقة وثانية ، وسارت سيراً حثيثاً في كل ميدان من ميادين الحياة ، وقطعت في أعوام مسافة قرون " ، " ولم يكن انحطاط المسلمين في العلوم النظرية والحكمية والمدنية فحسب بل كان هذا الانحطاط عاماً شاملاً ، حتى تخلفوا عن أوروبا في صناعة الحرب " ، " قارن هذا الشوط الذي قطعته تركيا الإسلامية في ميدان الرقي والتقدم بالأشواط التي قطعتها أوروبا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر تجد الفرق هائلاً فلم يكن جريهما في الميدان إلا مسابقة بين سلحفاة وأرنب إلا أن الأرنب ساهر دائب في عمله ، والسلحفاة قد يغلبها النوم وتغفي إغفاءة " ، " ولم يكن الجمود العلمي والكلال الفكري مقتصرين على تركيا وأوساطها العلمية والدينية فحسب ، بل كان العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه مصاباً بالجدب العلمي ، وشبه شلل فكري قد أخذه الأعياء والفتور واستولى عليه النعاس " ، يالها من كلمات صادمة ولكنها الحقيقة المرّة التي يجب أن نعترف بها لأننا للأسف لم نتغير كثيراً بل يبدو أن تلك الكلمات تتحدث عنا الآن وليس فقط عن غيرنا ممن مضوا ، فمتى ننهض إذاً ونعوض ما فاتنا ونعيد أمجاد أمتنا من جديد ؟ والمسئولية هنا لا تخص فرداً أو جماعةً حاكماً أو محكوماً بل تشمل الجميع وسنسأل عنها يوم القيامة فلنعد للسؤال جوابا.