لا شك أن موقع التواصل الإجتماعي( الفيس بوك ) لاقى رواجا منقطع النظير على المستوى العالمي ، إذ من خلاله يمكن التعرف على شرائح مجتمعية وأفراد من مختلف جنسيات العالم في وقت محدود ، فبمجرد الدخول إلى هذا الموقع يمكن التواصل مع أشخاص من مختلف بقاع الأرض . أما على الصعيد العربي فقد تزايد انتشار هذا الموقع بشكل أكبر بعد انطلاق الثورات في وطننا العربي ، فقد رأى الكثيرون أن السبب الرئيسي الذي أدى إلى تجمع الشباب العربي لإشعال هذه الثورات كان بفضل موقع الفيس بوك ، مما أدى بالكثيرين إلى الإلتحاق بهذا الموقع لمعرفة مكنوناته . وقد أصبح للفيس بوك أهميته الكبرى لدى بعض الشرائح والأشخاص، بحيث أصبح الدخول إلى هذا الموقع من قبلهم روتينا وأحد الأعمال اليومية المهمة التي لا يمكن الإستغناء عنها. وقد تعددت الآراء في استخدام هذا الموقع فهناك من يؤيد استخدامه بشدة لتيقنه بأن لوجوده أهمية كبيرة في حياته من حيث التواصل الإجتماعي والتبادل المعلوماتي ، وعلى العكس من ذلك فهناك من يراه مجرد موقع تسلية وترفيه لا غير وانه لا يجنى من وراء استخدامه سوى مضيعة الوقت . وقد تم حظر الفيس بوك في البداية في عدة دول منها سوريا وايران لأسباب أمنية . كما تم حظره في بعض المؤسسات لما ارتآه أصحاب الأعمال من تأثيره السلبي على أداء بعض الموظفين. ومن الجدير بالذكر هنا أن موقع الفيس بوك يعتبر من أحد المواقع التي تخضع إلى مراقبة المخابرات الأمريكية ومخابرات الموساد، فقد أكد جوليان أسنج" مؤسس موقع ويكليكس الشهير على أن موقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " يستخدم كآلة تجسس لصالح الاستخبارات الأمريكية " السي أي إيه . حيث أنه يعتبر أكثر وسيلة يمكنها توفير معلومات وبيانات عن الأشخاص، وكل ذلك طبعا يقع تحت مراقبة وكالة الاستخبارات الامريكية كما هو الحال أيضا ببعض المواقع الأخرى مثل الياهو وجوجل واعتبر اسنج أن كل مستخدمي الفيس بوك يقدمون بيانات مجانية لوكالة الاستخبارات الأمريكية وأن هذا الموقع وغيره ما هم إلا واجهات لهذه الوكالة. وقد كشف موقع " القناة السابعة " الصهيوني عن اطلاع مكتب التحقيقات الفيدرالية" إف بي أي " على كل ما يرد دوريا من أخبار على شبكات التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " و" التويتر " . بحيث يتم جمع البيانات والمعلومات وتحليلها ، لهذا كان من الواجب جدا الحذر من استخدام هذه الشبكة وعدم الولوج في خصوصيات أو معلومات قد تجلب الضرر على أصحابها.. وقد قامت إدارة مدرسة أبنائي الواقعة في "ضاحية مورتن جروف والتي تبعد قرابة العشرة أميال عن مدينة شيكاغو الأمريكية " ، بدعوة الأهالي إلى حضور سيمينار خاص حول استخدام موقع الفيس بوك حيث تم التحذير من خطورة استعماله على النشأ مع الإشارة والتأكيد على أن الموقع مراقب من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية . أما على المستوى الشخصي فقد كانت بدايتي مع الفيس بوك أقرب الى الطرافة منها إلى أي شيء آخر . إذ ترددت في البداية كثيرا في فتح حساب خاص بي، إلى أن وصفتني إحدى الصديقات بأنني لست سيدة عصرية ، وأنني ما زلت أعيش في العصر الحجري فقررت أن أصبح عصرية على حد قول صديقتي وفتحت حسابي الخاص بالفيس بوك لأواجه موقعا بدا لي غريبا في بداية الأمر . ولا أنكر أنني تعرضت لكثير من المواقف المحرجة بسبب عدم معرفتي لكيفية استخدامه في بداية الأمر. . كانت أحدى هذه المواقف حين بعثت لي إحدى صديقاتي بأسماء مقترحة لأطلب صداقتها ، بدأت بالضغط على الايقونات دون إدراك لما افعل اعتقادا مني أن الجميع قد طلب صداقتي لأفاجأ بأنني طلبت صداقات لا اعرف من أصحابها ولأفاجأ فيما بعد بشكر الجميع على طلبي لصداقتهم ، كما كنت أحيانا أحاول الرد على مواضيع الزملاء والزميلات لأفاجأ بأنني أرد على متصفحي بدلا من متصفحهم ألى أن تمكنت في النهاية من استخذام هذا الموقع الغريب من نوعه. أعتبر تجربتي مع موقع الفيس بوك تجربة ناجحة وخاصة أنني كنت من هواة المراسلة والتواصل مع كل شرائح المجتمع وكل الجنسيات ، فوجدته مكملا لهوايتي ولكن بشكل أوسع وأكثر وضوحا وشمولية إذ تمكنت من خلاله من التعرف على أشخاص من مختلف الأقطار العربية ومن مختلف المستويات الثقافية، كما استطعت أن أشارك في بعض مساهماتي التي أعبر من خلالها عن بعض الأفكار والمبادئ والمعتقدات التي أؤمن بها إضافة الى اتاحة الفرصة لي للتعرف على الآراء المختلفة التي تعينني في رسم صورة أوضح عن بعض الأمور الحياتية في وطننا العربي ، خاصة وأنني قد ابتعدت عن أجوائه قرابة الثمانية عشر عاما. لقد كان موقع الفيس بوك بالنسبة لي وسيلة اجتماعية طيبة استطعت من خلالها تعويض عدم تمكني من التواصل مع أصدقاء عرب في المجتمع الأمريكي الذي أعيش فيه ، حيث تعرفت على كثير من الشعراء والكتاب والأطباء والمهندسين ..الخ الذين لهم باع كبير في عالم الأدب والسياسة والعلم وتربطني معهم علاقات متينة طيبة ، نتبادل من خلال هذا الموقع المعلومات والآراء المختلفة ، كما تمكنت من خلال بعض المواضيع التي أنشرها ومن خلال المواضيع التي تطرح من قبل الزملاء من التعرف أكثر على طبيعة ما تحمله نفس المواطن العربي في بلاد سيطرت عليها سياسة القمع والظلم والفساد ، فقد أثار انتباهي أن معظم المواضيع التي تطرح تشير إلى أننا شعب يحمل الحزن الشديد والأسى في قلبه ، إذ لاحظت أن معظم الخواطر والأشعار التي تظهر مكنون الروح والنفس تميل إلى الحزن والإكتئاب والحسرة على زمن مضى ، إضافة إلى أننا شعب يميل إلى المواضيع الرومانسية وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أننا شعب سئم السياسة والواقع الأليم ، وربما يعزى ذلك إلى الملل واليأس الذي أصابنا من جراء سياسة القمع والظلم والفساد التي سيطرت على مجتمعاتنا الإسلامية والعربية دون استثناء .وقد لاحظت أيضا بأن هذا الموقع قد أتاح الفرصة للعديد من الأقلام الشابة الناشئة بالإنطلاق بحيث أصبح في كل بيت شاعر أو كاتب أو أديب ، ولا أظن في ذلك مشكلة ، فكم من الأدباء والشعراء بدأوا بداية متواضعة ثم انطلقوا في عالم الأدب والشعر و الشهرة . أما عن سلبيات موقع الفيس بوك فتكمن عند عدم القدرة على عملية تنظيم وقت استخدامه بحيث يقضي الشخص وقتا طويلا دون الإنتباه إلى عدد الساعات التي مضت وهو لا يزال بين صفحات الموقع ، فيكون الإهمال هو النتيجة الحتمية لذلك ، وقد يصل الأمر أحيانا عند بعض المستخدمين الى حالة الإدمان ، فكم من السيدات حرقن طبيخهن وكم منهن نسين إحضار أبنائهن من المدرسة وهن وراء جهاز الكمبيوتر يحيين هذه ويودعن تلك وكم من الرجال تأخر عن موعد عمله وهو يناقش هذا وذاك في أيهما يصلح لمنصب الرئاسة وأيهما لا يصلح ، هذا أيضا إضافة الى التنبه إلى المواقع التي يتم زيارتها فبعضها لا يتماشى مع أخلاقياتنا وعادتنا وتقاليدنا ، إضافة الى ذلك قد تكون هناك بعض الأضرارالصحية التي حذر منها الأطباء نتيجة الإستعمال الطويل دون مراعاة للوضع الصحيح للجسم مما يؤدي إلى الضرر بالظهر وبعض أجزاء الجسم إضافة الى أضرار قد تلحق بالعينين.. في النهاية يعتبر موقع الفيس بوك وسيلة جيدة للتعارف والتواصل الإجتماعي وتبادل المعلومات والآراء اذا تم استخدامه بالطرق الصحيحة والسليمة. وفيس بوك مبارك على الجميع . الى اللقاء . . م. هناء عبيد