عبدالله السيد سالم تعتبر تجربة التكامل والاندماج الاوروبي اكبر تغير يتم في الجغرافيا السياسية لأوروبا وهي الاهم في التجارب الاندماجية في العالم ورائدة بكل المعايير بسبب النجاح الكبير الذي حققه الاتحاد الاوروبي وبشكل خاص علي الصعيد الاقتصادي وترتبط دول الاتحاد بعلاقات دينية وثقافية واقتصادية وتاريخية وسياسية خاصة ومميزة اهلها لتشكيل تكتل اقليمي مشترك ومنظومة اوروبية في القرن العشرين ومع ذلك وجد دول الاتحاد انه من اجل مصالحها وحاضرها ومستقبلها عليها ان تترك خلافاتها التاريخية وحروبها الدموية خلفها لبلغا هدفهم هو التكامل الذي هو ارق انواع العلاقات بين الدول ومن الوضح ان الدول الاوروبي اقتنعت انها لن تخرج من الدمار الذي نجم عن الحرب العالمية الثانية الا من خلال الخروج بتكتل اقتصادي توجهها بوحدة نقدية واحدة لأوروبا وعبور الحواجز لتصدر القمة الاقتصادية الدولية رغم انها لا تمتلك مقومات الوحدة التي قد تضمن نجاحها بنسبة كبيرة. قد جاءت التجربة الاوروبية للتكامل الاقتصادي كنتيجة للمحاولات المتكررة والمتعاقبة والتضحيات الجسيمة التي قامت بها الدول الاوروبية طيلة مدة تجاوزت الخمسين عاما كما اتخذت هذه الدول خلال تلك الفترة مسالك عديدة لم يكتب لها النجاح فيها الا الصيغة التي انتهت بالاتحاد الأوروبي. قد بداء الاتحاد بالعديد من التجارب أولها اتحاد البينولوكس، الذي عقدا بين كل من بلجيكا، هولندا و لوكسمبورغ في 29 أكتوبر 1947م وهو اتفاقا جمركيا كان أول مرحلة من الاتحاد الاقتصادي بينهم و أول تجربة تكامل أوروبي ألغت بموجبه الرسوم الجمركية بين بلجيكا و لوكسمبورغ من جهة و هولندا من جهة أخرى، ثانيها المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي و التي تأسست سنة 1948م عندما أعلن "جورج مارشال" وزير خارجية للولايات المتحدةالامريكية عام 1947م عن ضرورة قيام دول أوربا بالتعاون الاقتصادي فيما بينهما لإعادة بناء اقتصادياتها بعد الحرب العالمية الثانية، في مقابل تخصيص حجم كبير من المساعدات الأمريكية و هو ما يعرف بمشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا، و قد أسفر ذلك عن تكوين هذه المنظمة بتوقيع 16 دولة أوروبية مستفيدة منها اتفاقيتها المنشئة حيث عملت هذه المنظمة خلال السنوات الأربعة التي حددها مشروع مارشال على تنسيق سياسات الدول الاقتصادية بغرض الوصول إلى أفضل وسيلة لدفع عملية الإنتاج و الوصول إلى الاستقرار مما ساعد في زيادة نسبة التجارة البينية، و ارتفاع الإنتاج الصناعي مما زاد بدوره نسبة الصادرات إلى الدول الأخرى،و ثالثها الجماعة الأوروبية للفحم والصلب ، وقد جاء اقتراح "جان مونيه" مفوض التخطيط الفرنسي وراعي الدعوة لتوحيد أوربا، بإقامة جماعة الفحم والصلب، وأطلق عليه "خطة شومان"التي طرحت بتاريخ 9 مايو1950والتي تم التوقيع عليها عام 1951م وقد شملت 4 دول إضافة للدولتين المؤسستين لها و هما فرنساوألمانيا وهي إيطاليابلجيكا، لوكسمبورغ، هولندا ،إذ مثلت هذه الجماعة تطورا أساسيا في هوية أوروبا الغربية تقوم على أساس التعاون السلمي و المصلحة المتبادلة و لقد كان الهدف من هذه الجماعة هو السعي لإنشاء سوق مشتركة على مستوى القارة الأوروبية كخطوة لقيام جماعة اقتصادية تتبنى سياسات اقتصادية، وهنا كانت الفكرة هي إنشاء جماعة الفحم والصلب، التي يمكن الانطلاق منها إلى قطاعات أخرى بعدها وقد اختير الفحم والصلب على أساس أنهما مادتان أساسيتان في صناعة أدوات الحرب ومن ثمة فإن وضعهما تحت إشراف مشترك سيحول دون استخدامهما من إحدى الدول لمحاربة دولة أخرى هذا كما تجدر الإشارة إلى أن النشاط الفعلي لهذه الجماعة بدأ في 1952م ، بتحرير تجارة الفحم الحجري والحديد والصلب ملغية بينها الحواجز محددة لكميات الاستيراد والتصدير ورابعها المجموعة الأوروبية للدفاع وقد تزامن فكرة إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب مع فكرة أخرى طرحتها فرنسا وهي إنشاء "مجموعة الدفاع الأوروبي" ، فمع تزايد التوتر في العلاقات بين الشرق والغرب واندلاع الحرب الكورية بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية الضغط على الدول الأوروبية للقبول بفكرة إنشاء جيش ألماني للمساهمة في الدفاع عن المعسكر الغربي و هي فكرة كانت تلقى رفضا من العديد من الدول الأوربية و خاصة فرنسا و للخروج من هذا الموقف اقترح رئيس الوزراء الفرنسي رينيه يبلغن إنشاء جماعة دفاع أوروبية كبديل لاقتراح حلف الأطلنطي تخطيط الصناعات الحربية، و سمحت بإنشاء جيش وطني لألمانيا مع إخضاع القوات الأوروبية لسلطة فوق وطنية حتى لا تنفرد ألمانيا بسياستها العسكرية و تسيطر مفوضية الجماعة على موارد موازنات الدول الأعضاء المخصصة للإنتاج الحربي لتقويم بتخصيصها وفق ضوابط معين. وخامسها معاهدة روما ،التي جاءت بعد انهيار "جماعة الدفاع الأوروبية" حيث شكل ذلك انتكاسة شديدة، فإن الثقة في الجماعة الأوربية ذاتها كإطار للعلاقات السلمية بين الدول الأعضاء قد نمت، و كانت كحافز قوي لإعادة تشيدا عملية التطوير، و نتيجة النجاحات التي تحققت على صعيد التعاون في قطاع الفحم الحجري و الصلب كان لابد من التفكير بخطوات متقدمة تطال جوانب أخرى من جوانب العمل الاقتصادي تدفع إلى الأمام مسيرة الوحدة الأوروبية من خلال تأسيس سوق أوربية مشتركة" معاهدة روما" فقد تم بتاريخ 25 مارس 1957م التوقيع من طرف كل من بلجيكا , لوكسمبورغ ,إيطاليا، هولندا، فرنسا، ألمانيا على اتفاقيتي روما ،الأولى كانت خاصة بإنشاء "جماعة اقتصادية أوروبية" و الثانية كانت خاصة بإنشاء "مجموعة أوروبية للطاقة النووية. واخيرانا معاهدة ماستريخت حيث جاءت المعاهدة كتعديل جوهري لمعاهدة روما و التي تم التوقيع عليها في اجتماع المجلس الأوروبي بمدينة ماستريخت الهولندية بتاريخ 11 ديسمبر 1991و خلالها تم الاتفاق على تحويل السوق المشتركة من مجموعة اقتصادية إلى وحدة سياسية ذات عملة واحدة و بالتالي فإن معاهدة ماستريخت و اتفاقيه الوحدة الأوروبية أسفرت عن اتفاق رؤساء و حكومات المجموعة على تكثيف أواصر التعاون بين الشعوب المعنية، بل امتدت بنود الاتفاقية لتشمل الجوانب الاقتصادية و المالية و الأمنية و الى السياسة الخارجية، و بذلك يكون قد تم في قمة المجموعة الأوروبية هذه التوصل إلى اتفاق بشأن الوحدة الأوروبية الاقتصادية و النقدية، و بشأن الإتحاد السياسي، و بالتالي فإن تاريخ عقد هذه الاتفاقية بات يعد منعطفا تاريخيا لعلاقات تعاون نما تدريجيا على مدى العقود الأربعة الماضية قد حددت اتفاقيه ماستريخت ثلاث مراحل لتحقيق الوحدة الأوروبية الكاملة و تتمثل في : المرحلة الأولى (1990 – 1994 ) : و تهدف إلى تحرير عمليات الدفع وحركة رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء بالإضافة إلى زيادة التعاون بين الهيئات العامة و مزيد من التطابق في السياسة الاقتصادية و التعاون بين البنوك المركزية و الوطنية داخل المجموعة الأوروبية. المرحلة الثانية (1995 – 1998): وتهدف إلى استكمال الإجراءات المتعلقة بالتصديق على اتفاقية السوق الأوروبية المشتركة من قبل جميع الأعضاء والتخلي عن سد العجز في الموازنات الحكومية عن طريق التعديل، وتقسم أداء اقتصاديات الدول الأعضاء التأكد من استعدادها للدخول في المرحلة الثالثة. المرحلة الثالثة (1999 – 2002): وتهدف إلى إنشاء البنك المركزي الأوروبي والذي يقوم برسم السياسة النقدية للسوق الأوروبية واصدار العملة الموحدة. وبعد طرح التطور التاريخي الذي نتج عنه الاتحاد الأوروبي الذي نرها اليوم يجب توضيح ان ظهور فيروس " كوفيد-19" يعتقدا البعض انها قد فتح جروح لم تلتئم تمامًا بين أعضاء الاتحاد الأوروبي حيث ان يعتقد البعض ان بعد طرح رئيس الوزراء الإيطالي "جوزيبي كونتي" لفكرة الحصور علي القروض من الدول الاتحاد الغنية بفوائد بضعيف وقمت كل من هولندا والمانيا بالرفض وتفقمت الازمة بعد طلب إيطاليا مساعدات من الاتحاد للوقوف امام ازمة " كوفيد-19" ولم يستجيب وجاء العون من روسيا ثم قام بعض سكان الاتحاد بحرق اعلام الاتحاد الأوروبي يعتقد مدير التنفيذي للاتحاد الأوروبي، الذي قام بالإحصاءات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وسط مخاوف من أنها تخسر معركة الروايات العالمية حول سياسات الكرم للاتحاد الأوروبي في المرحلة الأولى من الأزمة، بسبب أرسل روسياوالصين إمدادات طبية إلى إيطاليا ، بينما فشل أقرب جيرانها في الاستجابة الفورية لنداءات روما للمساعد. علي الرغم من التأثير الكبير لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ظهرت أيضًا فجوة بين الشمال والجنوب بين الدول الأعضاء حيث يعتقد الشمال الغني ان الجنوب يريد العيش بماله ويعتقد الجنوب ان الشمال يتخلى عنه وذلك من ممكن ان يشكل شرخ كبير في الاتحاد من الممكن ان يخلف خروج دول متضرر من الاتحاد رغم الاستفادة منه مثل اليونان التي ترفض التقشف الأوروبي لها بعد ازمة الاقتصادية في 2008-2009 م وإيطاليا الركود الاقتصادية الذي يحاول الاتحاد تخطيه ومن هنا بداء بعض المحللين السياسيين الأوروبيين في الاعتقاد بان الاتحاد قد ينهار خلال العقد او العقدين القدمين. ومن وجهة نظري ان الاتحاد بعد عبور كثير من الازمات منها الازمة العالمية 2008-2009 وأزمة اللاجئين وخروج بريطانيا و لكن ازمة جائحة كوفيد-19 قد تودي الي تعديل كبيرا في بعض سياسات لدول الاتحاد الاوروبي حيث ان اعتذار الاتحاد الاوروبي لإيطاليا كان قدم من اجل منعها في ان تأخذ خطوات بريطانيا في الخروج الذي سوف يخدم دول مثل الصينوروسياوالولاياتالمتحدة التي تراء ان الاتحاد اصبح يشكل عائق كبير في نشر السياسات الاقتصادية لتلك الدول ومن المرجح ان خروج دول مثل اليونان وإيطاليا قد يدفع الي ترجع الاتحاد كثيرا في الترتيب الاقتصادي رغم قوتها الاقتصادية. المراجع: 1. ا. ايمن حبيبة ,ا. بوخلوط حنان , رسالة ماجستير بعنوان "الاتحاد الاوروبي ودوره في تحقيق التكامل ", (الجزائر ,جامعة العربي التبسي,2016) 2. دراسة بعنوان "الاتحاد الاوروبي بين الماضي والحاضر والمستقبل " الصادر عن المركز الدمقراطي العربي, من اعداد الباحثة: زينب حامد مصطفى