مستشار/أحمد عبده ماهر يتصوّر كثير من أهل الإسلام أن قراءة القرءان ليست واجبة كفريضة....فالكثيرون يعتبرون فراءته أنها من النوافل لمن كان لديه وقت فراغ....ولمن يستطيع القراءة والكتابة.....وهذا خطأ فادح. أ فتعلم الفراءة والكتابة إنما هو أمر واجب في مقام الفريضة لمن كان لسانه عربيا.....وقراءة القرءان إنما هي فريضة أمر بها الله. ب وتنفيذ ما تأمر به كلماته أيضا فريضة...وتلك هي التلاوة...أي تتلو قراءته بتنفيذ عملي ...وليست التلاوة أن تتغنى بالقرءان وتجعل له ألحانا يتنافس بها الناس فذلك جهل مدقع. ج ..وأيضا تدبره فريضة أمر بها رب العالمين..... وأسوق لك البرهان على فرضيّة كل ذلك من خلال آيات القرءان الذي تضافرت جهودنا لإهماله....وذلك فيما يلي: 1 فعن وجوب إلمام كل شخص عربي بقواعد القراءة والكتابة....تجد الأمر الأول في الإسلام (اقرأ)..... والنبي لم يكن جاهلا بالقراءة ولا الكتابة... إنما قام الفقهاء بترسيخ الجهل فينا حتى أن البعض تصوّر بأنه من السنن أن يكون أميا لا يقرأ ولا يكتب...وما ذلك إلا من فرط طاعتنا العمياء لأهل العمائم الذين جهلوا مفردات كلمات القرءان ومرامي آياته...حتى تقعر فينا الجهل والأمية....واستوطنت الأمية الأبجدية بلاد العرب الذين لم يعرفوا الأمية إلا أنها عدم الإلمام بالقراءة والكتابة .....بينما كان المرمى القرءاني عن الأمية أنها أمية الجهل بمقام الألوهية لأن العرب لم ينزل فيهم كتاب سماوي قبل القرءان.... ولهذا صارت أميتهم إنما هي أمية دينية وليست أمية أبجدية....لكن الفقهاء والمفسرين لا يعلمون ....وانساقت الأمة وراء جهلهم. واعلم يا عزيزي بأن الله لا يكلف ننفسا إلا وسعها....فإن قال له (اقرأ) فلابد أن يكون بوسعه أن يقرأ واعلم أبضا يأنه وحتى إن لم يكن الرسول يعرف القراءة والكتابة..فإنه بمجرد أن يأمره (اقرأ) فسيقرأ بحول الله وفدرته لأن الله تعالى قال..... {{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82. {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }النحل40. وذلك من أسس العقيدة أن توقن بذلك قبل أن تنبري لتقول بأنه كان لا يعرف القراءة ولا الكتابة لهذا وجب تَعَلُّّم القراءة والكتابة لأصحاب اللسان العربي وذلك نفاذا للأمر الأول بالسورة الأولى التي نزلت على الرسول.... 2 أما عن وجوب قراءته ووضعه موضع التنفيذ المستمر (التلاوة) فذلك من قوله تعالى بسورة النمل: { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{91} وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ{92}. فأنت مأمور بالإسلام ومأمور بقراءة القرءان ومأمور بان تتلو القرءان (أي تتابع القراءة بتنفيذ عملي) وهما صنوان متلازمان. والقراءة يجب أن يكون بها تدبر بالوجدان وتنفيذ عملي بالجوارح....فتلك هي التلاوة. أي لابد من استمرار القراءة والتدبر وتفعيل ما تقرأ وتعاقب كل ذلك دوما.. فالتلاوة تعني التنفيذ العملي لما تقرأ وليست هي ما انتهى إليه الفقهاء من التعني بالقرءان...لذلك فهي تلاوة واجبة ومستمرة وذات تفعيل...بدأت ب ( اقرأ). 3 وأما عن فريضة التدبر فهي من قوله تعالى: • {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29. • {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82. • {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24. والمتفحص لأمر تلك الآيات الثلاث يجد بأن التدبر ليس حكرا على فئة العمائم والفقهاء...فالله أنزل القرءان للناس جميعا.........وتحمل هذه الأمة العربية مهمة نقله بتدبر للعالم كله.....بل جميعنا مأمور بذلك التدبر ....بل هو واجب وفريضة على الجميع كلٌ وفق طاقته وقدرتته....وإلا صار أحدنا كمن وضع قفلا على قلبه... ولأسفي فذلك حال غالبيتنا بعد أن استزلنا الفقهاء واستذلنا الشيطان بفقههم وفهمهم.... بل صار أمر قراءة القرءان إنما هو مجرّد مطالعة بلا تدبر وبلا تنقيذ....وصارت التلاوة تعني التغني بالقرءان وتحسين الصوت خال قراءته ولم تعد ابدا تلاوة قراءته بتنفيذه عمليا وخضوع الجوارح لتعاليمه وتدبر بالوجدان لكلماته وحروفه وإشاراته.... فذلك هو ما أمرنا به الله من القراءة والتلاوة والتدبر..... ولم تحمل الأمة الإسلامية تلك الأمانة الموكولة لها فتفشى الإلحاد بين أبنائها وساءت سمعة الإسلام في العالم من فرط إهمالنا لكلمات القرءان وآياته وهم فرائض في حق العالم كله عامة وفي رقبة العرب خاصة.... لكن أكثر الناس لا يعلمون.....لا يعقلون......لا يفقهون....لا يؤمنون. ----- مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض وباحث إسلامي