هشام عميري- المغرب عرفت المؤسسات التشريعية بالعالم العربي تطورا ملحوظا من حيث المكانة التي أصبحت تحتلها في الأنظمة العربية، خاصة بعد الربيع العربي الذي لم تنطفئ جراحه بعد. فإذا كانت جل الدول العربية قد عرفت دساتير جديدة من حيث الشكل والمنهجية والمضمون ودول أخرى قامت بتعديل دساتيرها (المغرب، الجزائر، تونس، البحرين، مصر...)، وبالتالي ثم الارتقاء بمجموعة من المؤسسات من بينهم المؤسسة التشريعية، فإن واقع هذه الأخيرة تبقى بعيدة عن الشأن العام للمجتمعات العربية وخاصة الشباب منهم، وكأننا لازالت الدساتير السابقة تحكمنا، والإشكال الذي يطرح هل يجب دائما نحتاج إلى دساتير جديدة من أحجل إسكات الشارع العربي أم نحتاج إلى نخبة شاب جديدة من أجل إسكات الشارع؟ الشباب العربي والمؤسسات التشريعية تتفق جميع الدساتير في العالم على أن للبرلمان مجموعة من المهام والوظائف والتي تتجلى في ممارسته للوظيفة التشريعية، وذلك من خلال إنتاجه للقوانين، وكذلك ممارسته لوظيفته الرقابية على أعمال الحكومة والتي تتم عبر مجموعة من الآليات منها من ترتب مسؤولية الحكومة (سحب الثقة) ومنها من لا يرتب مسؤوليتها، فإن الشباب بالعالم العربي يرون بأن البرلمانات تبقى وظائفها جد محدودة وليس له أي تأثير على الساحة السياسية، الأمر الذي يجعل المشاركة السياسية بالعالم العربي تبقى جد متدنية (المغرب 43%، مصر 41.50%، تونس33,70% ، لبنان 49.20%) هذه الأرقام كلها سجلت بعد الانتخابات التي أتت بعد الربيع العربي، وبالتالي فالسبب ورائها يكمن في غياب الثقة في الأحزاب السياسية. فعزوف الشباب العربي عن المشاركة السياسية يعتبر عقاب يمارسه ضد الأحزاب السياسية التي لم تقوم بالأدوار المنوطة بها دستوريا سواء داخل المؤسسة التشريعية أو المؤسسة التنفيذية، إذ يبلغ عمر البرلمانيين بالعالم العربي ما بين 40 و 60 سنة وذلك بسنة 80%، إلا أن الأحزاب بالعالم العربي لم تقدر على مواجهة المشاكل اليومية التي يواجهها الشباب العربي وفتح باب التجديد أمامهم وذلك راجع إلى عدم الثقة في قدرة الشباب وكذلك التشبث بالكراسي، ليس فقط داخل البرلمان بل داخل جميع المؤسسات. المؤسسة التشريعية بالمغرب نموذجا شكل خطاب 9 مارس من عام 2011 لحظة تاريخية في مسار المملكة المغربية، وذلك بعد إعلان الملك محمد السادس في خطاب 9 مارس عن دستور جديد للمملكة ليس فقط من حيث شكله بل كذلك من حيث منهجية إعداده والمضمون الذي أتى به الدستور، وذلك من خلال تأسيسه على دعامتين متكاملتين ومبني على عشرة محاور أساسية. ومن أهم هذه المحاور نجد المحور الخامس والذي ثم فيه منح اختصاصات جديدة للسلطة التشريعية، إذ أصبحت للمؤسسة التشريعية اختصاصات واسعة في المجال التشريعي والرقابي، وبالتالي تم السمو بالغرفة الأولى (مجلس النواب) وثم تعزيز اختصاصاته في مراقبة الحكومة، وتم توسيع مجال القانون من 30 مجالا في دستور 1998 إلى أكثر من 60 مجالا، كما تم منع الترحال البرلماني لأولى مرة ، ولأول مرة كذلك تمت دسترة حقوق المعارضة البرلمانية... ففي هذا الإطار لا تهم الاختصاصات التي منحها دستور المملكة المغربية لسنة 2011 للمؤسسة التشريعية قدر ما يهمنا هل توفقت الأحزاب السياسية في القيام بالأدوار المنوطة بها دستوريا والمنصوص عليها في الفصل 7 من دستور، فمن بين 53 حزبا سياسيا بالمغرب لا نجد إلا أربعة أحزاب سياسية تتصادم مع بعضها البعض في كل استحقاقات انتخابية، في حين لا يعرف الشباب المغربي منها إلا حزب واحد، إذ 80% من الشباب المغربي لا يثقون في العمل الحزبي و 1% منهم ينخرط في العمل السياسي، وذلك راجع إلى ما يسمى في المغرب بالولاء الجهوي، وكذلك تشبث بعض أعضاء المجالس المنتخبة بمناصبهم، بالإضافة إلى عدم اشتراط المشرع المغربي على الراغب في الترشح للانتخابات التشريعية أن يكون حاصلا على الشواهد العليا، وكأن دستور 1996 لا زال يحكما إلى حدود اليوم.