وزير الصحة: هيئة الإسعاف شهدت نقلة نوعية غير مسبوقة منذ 2014    الهلال الأحمر يخلي 3 مرضى من مستشفى العودة المحاصر رغم الاحتجاز.. وإطلاق النار قرب سيارات الإسعاف    نهائي كأس ألمانيا 2025.. أرمينيا بيليفيلد يصطدم بشتوتجارت في مواجهة الحلم والتاريخ    مدير تعليم القاهرة يتابع سير امتحانات النقل بإدارة بدر    نائب رئيس الوزراء: مركز الاتصالات الجديد للإسعاف هو الأكبر في الشرق الأوسط    العُمر مجرد رقم.. آمال ابنة المنيا تحوّل القصاصيص إلى كنوز في المتحف الكبير    ممكن تترشح في أي دائرة.. وزير الشؤون النيابية يكشف تفاصيل جديدة بشأن نظام الانتخابات    مستعمرون يحرقون 40 دونمًا مزروعة بالقمح فى سبسطية قرب نابلس    رئيس وزراء أوكرانيا يدعو إلى زيادة الدعم الدولي لبلاده وتشديد العقوبات على روسيا    سيميوني: أهدرنا فرصة الفوز باللقب فى أسهل موسم    مركز الساحل والصحراء يعقد مؤتمرًا عن "الإرهاب فى غرب أفريقيا".. صور    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    هيثم فاروق: أثق في يورتشيتش وبيراميدز لن يعود للدفاع في الإياب أمام صن داونز    مغامرة كأس العالم للأندية    إصابة نجم يد الزمالك بقطع في الرباط الصليبي للركبة    تباين أداء قطاعات البورصة المصرية.. قفزات في المالية والاتصالات مقابل تراجع المقاولات والموارد الأساسية    فى حضرة قباء بالمدينة المنورة.. المصريون بين عبق التاريخ ورعاية لا تغيب "فيديو"    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب8 مدارس فنية للتمريض بالإسكندرية    تأجيل محاكمة أكبر مافيا لتزوير الشهادات الجامعية    ضباط الشرطة الفرنسية يقدمون عرضًا على السجادة الحمراء ضمن ختام «كان السينمائي»    مسلم يرد من جديد على منتقديه: كفاية بقى    لقاء سويدان: الجمهور ملهوش التدخل في حياة السقا ومها الصغير    فرقة الغنايم تقدم «طواحين الهوا» على مسرح قصر الثقافة    محمد رمضان يروج ل فيلم "أسد" بصورة جديدة من الكواليس    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. هل يوافق إجازة رسمية؟    عضو شعبة المواد الغذائية: «كلنا واحد» تعيد التوازن للأسواق وتدعم المستهلك    رئيس الوزراء يشارك غدا بمنتدى الأعمال المصرى - الأمريكى    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    "ملكة جمال الكون" ديو يجمع تامر حسني والشامي    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    وزير البترول يتفقد المجمع الحكومي للخدمات الذكية خلال جولته بالوادى الجديد    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    النزول من الطائرة بالونش!    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    محافظ قنا يكرم باحثة لحصولها على الدكتوراه في العلوم السياسية    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    جرافينبيرش يتوج بجائزة أفضل لاعب شاب في الدوري الإنجليزي    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ديوان عنترة: شرح قصيدة(أعاتب دهراً)
نشر في شباب مصر يوم 23 - 07 - 2019

أُعَاتِبُ دَهرَاً لَا يَلِينُ لِنَاصِحِ * وَأُخفِي الجَوَى فِي القَلبِ وَالدَّمعُ فَاضِحِي
وَقَومِي مَعَ الأَيَّامِ عَونٌ عَلَى دَمِي * وَقَد طَلَبُونِي بِالقَنَا وَالصَّفَائِحِ
وَقَد أَبعَدُونِي عَن حَبِيبٍ أُحِبُّهُ * فَصِرتُ فِي قَفرٍ عَنِ الإِنسِ نَازِحِ
أحوال العشاق دائما ما تكون شديدة وصعبة، ولا يعلم بها إلا الله، فالعاشق لا يهدأ له بال ولا تغمض له عين، يكون غريباً بين الناس ووحيدا وسط الجموع، يعتريه حزن دائم وقلق لا يزول، إذا ما كان بعيدا عن معشوقه، يكون قلقه حيال اللقاء والوصال، وإذا ما كان معه، يكون قلقه من التفرق والإبتعاد، وهذا هو حال عنترة.
فنراه في هذه القصيدة، يبكي فرقته وابتعاده عن عبلة، ويعاتب دهره كما هي العادة، ذلك الدهر الذي هو موسوم وموصوف بالقسوة والغلظة، لدرجة أنه لم ينظر لدموع عين عنترة، ولم يرق لحاله، ولا يلين لنصح ناصح، وليس لعنترة إلا أن يكتم الجوى في قلبه، والجوى هو: شدة العشق، ولكن ليس ينفعه ذلك، لأن دموع حزنه وفراقه تفضح حاله، وتفيض من عينيه رغما عن تماسكه وتجلده.
ما أسوأ حال عنترة وما أشد تعاسته، فليس الدهر وحده من يؤذيه ويبعده عن عبلة، ويبتليه بأنواع المصائب والصعاب، بل صار معه قوم عنترة من بني عبس، الذين صاروا عونا للأيام ضد عنترة، وصاروا يطاردونه بالقنا والصفائح أي: الرماح والسيوف، ولعله يقصد ما كان من محاولات إبعاده وإهلاكه، التي سعى إليها كل من عمه مالك، وعمارة والربيع ابني زياد العبسيين.
قوم عنترة، الذين كان من شرهم وإيذائهم لعنترة، أن سعوا لإبعاده عن الحبيب الذي يهواه ويحن إليه، ويبذل كل غال ونفيس طمعا في وصاله، وقد نجحوا في ذلك، فصار حال عنترة كأنه في قفر أي: مكان مهجور، مبتعداً عن الناس وعن شرورهم وفساد أنفسهم، لا فرق بينه وبين الأموات، لأن حياته كانت في قربه من الحبيب.
وَقَد هَانَ عِندِي بَذلُ نَفسٍ عَزِيزَةٍ * وَلَو فَارَقَتنِي مَا بَكَتهَا جَوَارِحِي
وَأَيسَرُ مِن كَفِّي إِذَا مَا مَدَدتُها * لِنَيلِ عَطَاءٍ مَدُّ عُنُقِي لِذَابِحِ
قيمة الحياة عند كل شخص، تكمن فيما يطمح أن يكون عليه وأن يصل إليه، فإذا ما فشل في ذلك لأي سبب كان، لم تعد للحياة أي قيمة تذكر، فيكون بذل النفس والروح، أهون ما يكون على الشخص، وذلك حال عنترة، فقيمة الحياة في نظره، كانت متمثلة في شيئين، الشئ الأول: هو عشقه ومحبته لابنة عمه عبلة، والشئ الثاني: هو رغبته في إثبات نفسه وتفوقه، على كل من يحقر شأنه ويقلل قيمته، ومن ثم فبعد أن تم إبعاده عن محبوبته، كان ذلك ضربا له في قيمتيه، فلم يُجعَل له أي اعتبار، وتم التفريق بينه وبين عبلة، فصار بذل النفس أمراً هيناً، لدرجة أنه لو فارقته روحه، لم تبكي عليها بقية جوارحه أي: أعضاء جسده.
ومِن تَجَلُّدِ عنترة في هذه القصيدة وصبره، أنه يصف لنا خلقاً كريماً ألزم به نفسه وهو التعفف، فهو رجل عزيز النفس دائما ما يكون صاحب اليد العليا، وإذا ما ضاقت به الدنيا، فهو رجل عفيف لا يمد يده لعطاء من أحد، بل أكرم لنفسه وأيسر عنده، أن يمد عنقه للذبح على مد يده لمنة، يُتَفَضَّلُ عليه بها.
فَيَارَبِّ لَا تَجعَل حَيَاتِي مَذَمَّةً * وَلَا مَوتِي بَينَ النِّسَاءِ النَّوَائِحِ
وَلَكِن قَتِيلاً يَدرُجُ الطَيرُ حَولَهُ * وَتَشرَبُ غِربَانُ الفَلَا مِن جَوَانِحِي
وبعد كل ما صار وما حدث، صارت غاية عنترة وأمنيته، أن يعيش ما تبقى له من حياته، كريماً عفيفاً غير متدنس برذيلة أو فساد نفس، وقد كان من قناعات العرب بصفة عامة، والمحاربين منهم بصفة خاصة أمثال عنترة، أن موت الرجل في غير ساحات الحروب والقتال، فيه ذل له وإهانة، ولذلك كان يقال "مات حتف أنفه" أي: على سريره دون قتال وطعان، ولأن عنترة محارب، فتأبى عليه نفسه أن يموت إلا محارباً ومقاتلاً، وليس في فراشه تنوح حوله النساء، والعجيب أنه كان له ذلك، فعنترة مات مقاتلاً شامخاً على ظهر جواده.
ويقول أنه يفضل أن تكون نهاية حياته وختام أجله، قتيلاً في ساحات الحروب، تحوم حوله الطيور وتنقره غربان الجثث، فهذا هو الموت الذي يكون مشرفاً، ويكون به عزٌ وكرامةٌ للمحارب، والمتأمل في ختام قصيدة عنترة، يشعر بروح اليأس التي اعترت عنترة، نتيجة لما أَلَمَّ به من أحزان وآلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.