نلجأ إليه , نحتمي به وكأنه الحصن المنيع لما ينتظرنا في واقعنا من يأس فتاك وحقائق تُزيد من وحشية الحياة ! , يقذف داخلنا الهدوء والسكينة والآمان , وفي الجهة المقابلة تجده يفيض على الحياة بالإضطراب والتشتت , وذلك لأنه قد إنتشلنا من تيارها الذي لم يعرف سوى القسوة , أربك خطتها , جعلها في موضع لا تُحسد عليه , شتت خطاها وسلب منها كل مظاهر القوة التي تمتعت بها وبجدارة , وحده الخيال قادر على فعل كل هذه الأمور التي لا يستطيع حتى أمهر السحرة على فعلها بين ليلة وضحاها ! , ولكن كيف للحظات لم تستطع حتى الآن كشف ملامحها أن تُشيد قصوراً من الأحلام وتُهشم دون ذلك ؟! , متى تأتيتك تلك اللحظة وكيف تستطيع أن تُسيرها أنت بكامل إرادتك ؟! , أنت المتحكم الأول بها , أنت من يأمرها بأن تبني لك أحلاماً بعينها وتتفنن في وضع لمساتك السحرية على تلك الأحلام وتُزينها بلحظات من السعادة لن تُنسى , وحينما تجد أن حلماً ما لم يبعث داخلك السعادة المرجوة تمحيه ! , وكأنك تُقلب بقنوات تلفزيونية وتبحث عن القناة الأمثل لمزاجك , وحينما تجدها تُبقيها وتبدأ في التخطيط لجعلها أجمل ما يكون , اللحظة الأسعد على الإطلاق , تُشيد الحلم على أرض صلبة من الأمل , إرتفاعه لن يصل بصرك لنهايته وقمته تعجز عن رؤيتها وإن كان نظرك الأقوى بين البشرية بأكملها ! , تُزيد وتُزيد ولا تتوقف عن الإبحار بهذا العالم الغريب , الغامض , وبرغم غموضه تجدك فيه متألقاً واضحاً كأنك لم تُدرك حقيقتك من قبل ! , هو السحر الذي لن يتوقف عن إبهارك , عصا سحرية تتحرك بمُخيلتك تتصبب سعادة وحياة , حياة حقيقية وليست حياة تخلو من الحياة ! , تستنشق بهذا العالم نسمات الحرية الأصلية , التي تغنى بها العالم ونادوا بها ولكنهم فشلوا في إيجادها بمعناها الصحيح , وبهذا العالم قد وجدتها أنت وحدك أخيراً , تتحرر من قيودك وتنطلق بسماء خيالك , لا يمكن لأحد أن يُجبرك على الرجوع , أنت وحدك المُمسك بزمام الأمور , حركتك حينها لا تتقيد بقيود النمطية والروتين , ومقصدك مُبهم , لا تستطيع أن تُجزم بمعرفتك أين تذهب ! , أنت طليق , لك كامل الحرية بأن تذهب أينما شئت , تذهب لحلماً حسبته لن يتحقق حتى في الأحلام ؟ , أم تذهب لحلماً أضاعته الحياة منك قديماً وحتى الآن لا تعرف أين خبأته منك ؟ , أم لحلماً قطعت فيه الجولة الأولى من جولات لا نهاية لها وبإمكانك بما تمتلكه الآن من قوة حالمة أن تصل إليه إذا أردت ؟ , كل طلباتك مُجابة الآن , الآن أنت في حضرة الخيال , وإن إنقلب عليك لحظات وأفاقك من غفوتك التي وإن كانت حالكة الظلام فهي مُنيرة مُتوهجة بنجوم الأماني التي تُزين سماءه , ولكنه سيبقى المُنقذ الوحيد مما نراه من هلاك تفرضه علينا الحياة دون أن نملك القوة والقدرة على قول " لا " ! .. ما أجمله , وما أكثره غموضاً أيضاً ! .. في تلك اللحظة , التي تجدك عابساً , لا تقوى على تلفظ بعض النكات ليس لتُضحك غيرك , بل لتُهون عليك مما أصابك من ضيق مفاجئ وحنق لا تجد له تفسيراً واضحاً ! , جالساً تتأملك وتتأمل ما وصلت إليه من حالة يُرثى لها , تعجز حتى على ذرف دموعاً لتُعبر عن مدى حزنك عما أصبحت عليه من حالة لم تخطر على بالك يوماً , لطالما كنت السعادة بعينها , لم تعرف البشرية معنى للفرح إلا حينما تجدك تعبر طرقاتها , وإن غبت يوماً تكن على يقين أنك قادماً في الغد حاملاً بين يديك هدايا من السعادة والبهجة لتوزعها على أتعس الخلق , كلما تأخرت كلما أيقنت ذلك وابتهجت أكثر , فحجم الهدايا بنظرها يتناسب طرياً مع عدد أيام مغيب شمسك عنها , وكأنها تُمطر بعد غيمة طويلة وأنت الغيث المنتظر , ولكن .. يوم , شهر , دهور ! , ولم تأتِ ! , ماذا حدث ؟! , هنا ينقلب القانون ويصبح عكسياً وللمرة الأولى ! , غيابك يعني نسيانك لأمرها وأمر الخلق الذين لم يُبهجهم سوى وجودك , وماذا الآن ؟! , هل ستطول الغيبة أكثر من ذلك أيها المُبهج ؟! , كيف يحق لك أن تتغافل عن مسؤليتك تجاههم ؟! , كلها تساؤلات راودت الحياة حينما ظلت شمسك في حالة غروب تتمنى ألا يكون أبدياً , تتمنى ألا تبخل عليها بهداياك البسيطة بظاهرها العظيمة بمحتواها , أنت الوحيد القادر على ذلك , ولكن أنت لم تعد كما كنت ! , تبدلت , أصبح المعطياً للشئ يفقده , ولا يُعطيه , وتحققت أمنيه على الجانب الأخر , أمنية اليأس ! , تغلب عليك وأنت الخاضع لأوامره بكامل إرادتك ! , ولكن انتظر .. ألم تذكر أنك تستطيع أن تذهب بعيداً عن كل هذه الضوضاء التي وضعت نفسك داخلها , ضوضاء إستنكار وتساؤلات من الحياة عما وصلت إليه , وضوضاء غبطة وسرور من اليأس لما وصل هو إليه من إنتصارات لا هزيمة بعدها , فلتُلقي كل هذ جانباً الآن ودعنا ننطلق برحلة أخرى ستجد بها حياتك الأصلية , تنشق قليلاً مما أنت مُنغمس فيه وبه لن تجد سوى الهدوء الذي أصبح هو حلمك الأول والأخير .. الخيال , محطة جديدة لابد وأن تستقلها .. حينما أشتد عليه الضيق , وضاق عليه المقام , وأصبحت أنفاسه تُثقل كاهله , انسحب , ولكنه ليس بإنسحاب بل هو إنقاذ مؤقت , ما أنت فيه يستدعي أن تبتعد , تهجر دنياك ولو قليلاً , وتستعيدك من جديد , ليس هرباً , ليس جُبناً , الهرب الحقيقي أن تظل غارقاً داخل قوقعة نفسية وفكرية ليس لها منفذ تستطيع حتى من خلاله أن تلتقط أنفاسك , أتختنق أم تهرب لعالم يمنحك أنفاس الحرية والحياة دون مقابل ؟ .. قرارك أصبح معلوماً للجميع .. والآن , مرحباً بك على متن رحلة الأحلام .. إنطلق , تنسم الحياة التي لم تراها على حقيقتها من قبل , وحان وقت ذلك الآن , ابحث عن أحلامك الضائعة وعش لحظات من تحقيقها , عش تفاصيل الرحلة ولا تعود لواقعك إلا وأنت مُلماً بكل جوانب السعادة التائهة من ضلوعك منذ زمن , فرصة الإنسان تأتيه في لحظة وفرصتك أتت فهل ستقتنصها أم سيتملكك الغباء حيال أمرها ؟! , امنح لحظاتك المعدودة في هذا العالم رونقاً , ازرع فيه وروداً وارويها , ثم اقتطفها واحملها معك وأنت عائداً من حيث جئت , فلا داعي للخوف , ما من بشر أخرين معك بتلك اللحظة , تصرف على سجيتك , تمايل بين الأحلام واقتطف منها ما طاب لك , ولا تكن حريصاً , فزهور الأحلام تُمنح دون ثمن , لك الحرية في قطف ما تود قطفه , وكن على علم بأن رحلتك هذه قابلة للإعادة , عند عودتك لواقعك , انتظر أنت تأتيك فرصتك من جديد لتنتقل إلى هذا العالم , توقيتها سرياً , يأتيك دون أن تدري , يأتيك وأنت منشغل بأعمالك ولا تمتلك الوقت حتى لتُجيب على هاتفك , أو تأتيك حينما تكون لا تمتلك وقتاً إلا لتُضيعه ! , انتظرها على أي حال , فهي قادمة لك من جديد .. وأخيراً .. تذكر , الأحلام التي اقتطفتها من بستان الخيال , ليست مجرد ذكرى تحملها معك من هذه الرحلة الممتعة وفقط , بل هي دافع لتُتم إزدهارها على أرض الواقع , حملتها وهي متألقة مُفعمة بالحيوية , ولكن هل تتخيل أن تبقى الزهور بهذا الجمال إن تركتها دون أن ترويها بماء السعي ؟ , لا تتركها تذبل وتموت , هي بيديك الآن , فلتمنحها الحياة أو تتركها ليقتطفها من هو أحق بذلك .. والآن .. عد لواقعك وواجة , فقد تسلحت بكامل أسلحة القوة وال " أحلام " ..