على الرغم من أن الإخوان والسلفيين كانوا دائماً في حالة تنافر واختلاف، إلا أنهم تحالفوا في السياسة من أجل الحصول على أعلى نسبة من كراسي البرلمان، وبالفعل نجح تحالفهما في الحصول على ما تحالفوا من أجله. المواطن المصري معروف عنه أنه عاطفي، ويحب رجال الدين ويحترمهم ويوقرهم، ودائماً يقف في صفهم، واضطهاد النظام المخلوع لهم زاد من تعاطفه معهم، وتصويته لصالحهم. المتابع لمقالاتي يعلم جيداً أنني دعوت مرات عدة إلى لمِّ الشمل، لأنه يحزنني جداً أن أرى المسلمين متنافرين، وكل جماعة تنتقد الأخرى، وكأنهم أعداء وليسوا أبناء أمة واحدة، ونسوا المشاكل التي تحيط بهم في الداخل والخارج. كم أسعدني تحالف الإخوان والسلفيين، وكنت أتمنى أن يكون في الله ومن أجل الوطن، وليس من أجل مآرب شخصية. منذ اليوم الأول لدخولهم البرلمان، اتضح لنا أنهم غير مؤهلين لتمثيلنا أو التحدث باسمنا، فمنذ الوهلة الأولى كشفوا لنا عن وجههم الآخر.. لقد رأينا منهم العجب العجاب، مما دل على أنهم ليسوا إسلاميين، بل تقمصوا الدور، آخذين من الإسلام ستاراً لهم لاستجلاب عطفنا معهم. رأينا كيف كان تحالفهما هشاً، وظهر ذلك جلياً عند أدائهم القسم الدستوري، واختلافهم الواضح في الأفكار، وكل منهم يريد أن يؤدي قسماً خاصاً به، ومن تلقاء نفسه، وكأنه لا يوجد في الدستور قسم معمول به منذ إنشاء البرلمان. تحالفوا مع المجلس العسكري، وهذا لا يهمنا كثيراً، لأنها مرحلة وستنتهي، ومهما طالت فسيعود العسكريون إلى ثكناتهم. أما أن يكون تحالفهما ضد المتظاهرين، الذين كانوا السبب الرئيسي في وصولهم إلى البرلمان، فهذا أمر مرفوض تماماً. أن يتشاجر منتسبو الإخوان أمام البرلمان مع المتظاهرين الذين ذهبوا لتقديم خطاب بطلباتهم إلى النواب، بحجة أنهم جاءوا ليقتحموه، فهذا جر للمشاكل، وليس محافظة عليه، لأنه لولا شجاعة المتظاهرين ما وصل الإسلاميون إلى البرلمان. أن يتقدم الإخوان بطلب رسمي إلى المجلس العسكري والحكومة لحماية البرلمان من المتظاهرين، فهذا زرع للفتنة، وليس حفاظاً عليه، لأن الثوار ليسوا بلطجية، ولا قطَّاع طرق، وهم من أكثر المحافظين على مصر وممتلكاتها، وظهر هذا جلياً أثناء الثورة. أن يرفض رئيس البرلمان طلب أحد النواب، مناقشة المجزرة التي حدثت مع خيرة من شباب مصر الواعد في بورسعيد، بحجة أن المكان والزمان لا يسمحان بذلك، فهذا تكرار واضح لرئيس البرلمان السابق، الذي يقبع خلف الأسوار، وهذا مرفوض تماماً، ولن نصبر عليه كثيراً. أن يقوم أحد النواب، برفع الأذان داخل البرلمان أثناء انعقاد الجلسة، فهذا أمر شاذ وخطير، ويدعو إلى الريبة والاستغراب، لأنه يوجد بالبرلمان مسجد خارج قاعة الجلسات مباشرة، ولا داعي لزرع الخلاف في بداية دورة البرلمان. كم من مرة دعا الإخوان إلى تنظيم مظاهرات، واستجابت لهم الجماهير، ثم تركوهم في الميدان فريسة لرجال الأمن والشرطة العسكرية، وذهبوا ليعقدوا صفقات مع المجلس العسكري في الخفاء؟ الإخوان ليسوا بأحرص من الثوار على مصر وممتلكاتها، لأن الثوار شباب متعلم ومثقف وواعٍ، ويعمل لمصلحة بلده، وليس له مآرب شخصية يعمل من أجلها، ولا يعقدون صفقات في الخفاء كغيرهم من الأحزاب والجماعات الأخرى، التي تبحث لها عن موطئ قدم في البرلمان أو الوزارات الأخرى، ولا يمولون من الخارج. وجود الإسلاميين في البرلمان هو فرصة ثمينة لهم، لتحسين صورتهم أمام الجماهير، فعليهم أن يغتنموها، وأن ينحوا المصالح الشخصية جانباً، ويعملوا من أجل الشعب المصري الأصيل، الذي منحهم ثقته، لأنها فترة اختبار لهم، ولن تدوم طويلاً إلا إذا نجحوا فيها، وحققوا للشعب ما يصبو إليه. محمد أحمد عزوز كاتب مصري