طيرا الحنفي كاتب مغربي ومحام احتفت البشرية على الدوام , بامام مدرسة البرهان الاندلسية عبدالرحمان ابن خلدون, بعد مرور ذكرى العشرية الاولى بعد الستمائة سنة على رحيله عن دنيا الناس العلامة ابن خلدون , صاحب ولاية التحدي استعصى على الكثيرين لانه فرادة في كل شيئ, فهو اراد ان يترك للبشرية ابان خلوته بقلعة الونشريس بالمغرب الاوسط لمدة اربع سنوات اراد ترك * صوان الحكمة, وجراب التاريخ * فعلا حصل ذلك وهو المتوكل على الله في كل شيئ ,حتى استجمع هو نفسه ما سماه *بالولاية بالتحدي*لذلك استعصى على المؤمنين بعقيدة السيوف كيف يلتقي ابن خلدون بعظيم افرنج اشبيلية, وكيف يتحدى حصار دمشق في عز حملة التتار قبل الدخول في تفاصيل ابن خلدون, اجيب المتسرعين في وصفه بالانتهازي والوصولي, بان الرجل كان على الدوام واقفا شامخا شعاره الخالد, قوله تعالى **الله يقول الحق وهو يهدي السبيل **ولم يكن مواربا فهو يعلم ان القضاء جزء من عصبية الدولة, لكنه لم يسمح يوما بخروج الدولة عن قيمة العدل الانساني, لذلك كان دوما انسانا مبدئيا مع الشرع او ما نسميه اليوم بالقانون ,ولم يحد عنه ابدا اذا كانت المبدئية بهذه الصيغة انتهازية ووصولية, فالخلل اذن يوجد عند درويش الجويدي احد محققي مقدمة ابن خلدون,والتحامل الاموي الشامي على بقية الاندلسيين بمغاربهم المتنوعة ,يعزى الى ان كثيرين ورثوا صراعات الخلافة والحجابة ,خاصة وان الامور في لحظة ما بلغت حد التواجه الذي ينعدم معه أي فاعل وسيط يقي الناس شرور تلك المواجهة عبدالرحمان ابن خلدون الحضرمي الاشبيلي, ينسب اسلافه للصحابي وائل ابن حجر الذين ولجوا اشبيلية بالاندلس الاسلامية,وسبق ان راينا مع البلاذري في انساب الاشراف ان حضرم اصل تسمية حزر وهو احد ابناء سيدنا اسماعيل عليه السلام ,ومنهم وعنه تفرع باقي الحضرميين او الحزريين انتقل بعض جدود ابن خلدون لتونس, التي ولد بها , بفاتح رمضان سنة اثنين وتلاثون وسبعمائة من التاريخ القمري الاسلامي ابن خلدون تكون تكوينا شرعيا,لذلك نحشره ضمن فقهاء الاندلس وحين ستسنح الظروف والوقت سنكون مع ابن خلدون الشاعر ,فهو اذن شاعر ومؤرخ وسوسيولوجي ,لكن الانتروبولوجيا تحاشاها دوما ,ولو خاض فيها كما غيره لرفعنا رؤوسنا اليوم بالانتماء لعالم التاصيل الانتروبولوجي ,لكن هذه المهمة الشاقة تركت لاجيال اليوم والغد وللشبيبة العربية باجمال ,وعلى راسها شبيبة مصر التي يحمل هذا المنبر لواء عزها انطلق المسار الشرعي الفقهي لابن خلدون , بحفظ القران وختمه بقراءاته مع باقي الاراجيز الدينية والفقهية الشرعية, فتكوين الرجل كان متماشيا مع صرامة تكوين نبهاء ثوار الاندلس الذين يتحدر منهم ابن خلدون ينتمي لصرامة المدرسة البرهانية الاندلسية,لذلك فهو تناول تاريخ المشرق كما نقله المتحركين الرحالة مثل المسعودي الذي يسميه امام المؤرخين, اما هو فتخصص في تاريخ المغرب ادناه حيث مولده واوسطه حيث معاشه بتلمسان واقصاه حيث رحابة مجده عند بني مرين الذين سهلوا انتقاله الى مصر , كما يمكن اعتبار تاريخ مصر قريب جدا من المنطقة المغاربية منذ زمنية المعتز بالله الافاطمي ,وكذلك مستر صاحب البغلة الشهباء الفقيه العبيدي انتهى المطاف بابن خلدون الى الازهرية بمصر, وقضاء المالكية بها لغاية وفاته بالقاهرة, خلاف الاسكندرية التي ولجها اول الامر, وكان ذلك في رمضان سنة ثمانمائة وثمانية للهجرة ,ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر ابن خلدون يمكن اعتباره نجم الصوفية, فهو الذي استقبلته الدنيا في شهر الصيام وودعته في شهر الصيام, بعدما مكث بارض الكنانة ما يزيد عن عقدين من الزمن,وقد يبحث المرء كثيرا عن سر مواراة ارض الكنانة لكثير من العظماء قديما ابن خلدون والكواكبي , وحديثا ال الخطابي المغاربة, لكن بعض الجواب على هذا نجده عند ابي العباس احمد التيجاني, في كتاب الارشادات,حيث قال بان قضية دفن المرء تتم بالارض التي خلق منهافي الازل , ولاننسى ايضا اعتبار مصر دوما منطقة مغاربية متداخلة مع التاريخ المتوسطي المغربي فلا جرم ان يهتم طه احسين تلميذ دوركايم بالخلدونيات,وينجز اطروجة الدكتوراة حول ابن خلدون تحت اشراف السوسيولوجي صاحب كتاب الانتحار دوركايم ايميل , علما بان طه حسين يعتبر دوما مصر جزء من اوربا اليونانية ابن خلدون لم يكن يعرف غير البرهان واقتحام عالم التنافرات المتضادة ورفض استاذية ارسطو, معتبرا ما جاء به ارسطو سبق ان الهمه الله اياه فهو اذن يؤمن بان العطاءات البشرية ارجوزة يبني عليها الاخرون, كما رفض ابن خلدون الغوص في تاريخ الشرق, ليس مهابة وانما لانه يستوجب التنقل والاطلاع والمعايشة عن قرب ومن الداخل على طريقة الانتروبولوجيين والسوسيولوجيون التطبيقيون وعلى راسهم امام مدرسة الملاحظة بالمشاركة , مفكرنا الفذ رحمه الله ابن الكنانة رشدي فكار ابن خلدون جاب الامصار كلها طوافا ومزارا, أي بتعبير اكثر وضوحا ابن خلدون كانت له نظرية ثاقبة, بان التاريخ السياسي الرشيد يصنعه المؤرخون القطريون الرشداء, أي الملمين بتحقيق البواطن بعد تجاوز زخرف الظاهر فهو تخصص في التاريخ المغربي, ولم يسقط في تفخيمات جامعيي اليوم الذين يدمغون اعمالهم القطرية بالقومية,وهذه امور وقف عليها لاحقا المشتغلون داخل نفس القطر على التنوعات الجهوية ,فتخصص كل ذي جهة في تاريخ منطقته ,فانتج المختار السوسي المعسول ,وابن داوود تاريخ تطوان ,ومحمد الفاسي معلمة الملحون ,والعلامة عبدالواحد الجراري الادب المغربي قضاياه ومظاهره ,فكانت اهم اطروحة هي الانطلاقة من الجهة نحو المركز لانتاج تاريخ مغربي شامل توجه العلامة المرحوم محمد حجي ومن معه بمعلمة المغرب ,وبعدها اعلام المغرب والمشرق ,فاسناد ابن خلدون مهمة التاريخ عن الشرق وللشرق للمسعودي ,فيه الهام كبير لمحطة النهايات التي بذلتها النخب الفكرية المغربية ابن خلدون شكك محقق كتابه المقدمة درويش الجويدي في عروبته, لكن انتسابه السالف الذكر, وخلدون الاندلسية على غرار زيدون وحمدون وعبدون,كلها دلائل دامغة على اشبيليته واندلسيته , كما انه يتحدث باسم القوم, وحين اشارته لحروف العربية والعبرية ,اشار الى وجود حروف عند العبريين غير موجودة في لغته التي يقصد بها العربية, لكن اذا اصر صاحبنا الجويدي على اعتباره امازيغيا, فانه سيكون اكبر عملية تشريفية تتوج تاريخ الامازيغ , على مر العصور والازمان, لكن الرجل في حياته اقر قاعدة اساسية,وهي ان الرجل يؤخذ بنسبه الذي اقر به سواء حين ذوذه عن الادارسة او عن ابن تومرت وعلويته, لذلك ابن خلدون اقر في العالمين بعروبته ,لاننا لاننسى اعجابه العميق برسالة نبي البشرية رسول الله الذي حسب ابن خلدون شهد على وحيه الحمام والعنكبوت, كما ان الدمشقيين سيذكرون مشاطرة ابن خلدون لهم في محنة الحصار التي فرضها عليهم تيمورلنك ابان غزوات التتار المشؤومة هل كان رجل كهل جاوز السبعين والذي لم يحمل السيف يوما ولم يعرف غير القلم والذي تشرد في الارض, وعزل من القضاء مرات مرات عديدة,هل هو في في حاجة الى شيئ اخر غير ثواب الله في مناصرة الدمشقيين المحاصرين؟ كما اسلفت انها مملكة الارواح او ما اسماه ابن خلدون بالتحدي بالولاية التي توجد كمنطقة وسطى بين النبوة والسحر, فعالم ابن خلدون وكما اشرنا لسيدي مولاي احمد التيجاني سابقا هو عالم الفتوحات الربانية الذي لم يوفق العروي في الاهتداء اليه ,حين وصف ابن خلدون بانه واقع تحت تاثير طقوسيات زمانه,فابن خلدون هو سمير امين الانسانيات المعنوية وليس العالم التالث الاقتصادي كما عند مفكرنا الفذ سمير امين اقتحام عالم ابن خلدون اذن هو اقتحام لاجواء المصلحة العامة, فابن خلدون كان من السباقين الذين اخرجوا الامامة من اركان الذين, واعتبرها من مجالات المصلحة العامة, أي لاتخضع للولاية العقدية وهذا سبق كبير ابن خلدون صحيح انه في مجال العلوم السياسية لم يقتحم عالم توارث السلطة, والقصص الانتروبولوجية المتواترة منذ احقاب وازمنة جد بائدة , لان ظروف زمانه جعلته يكتشف فقط انبناء السلطة على السيف والقوة في الاجتماع والافتراق, وهو ما سماه بالعصبية,وسمته انجلترا بوحد واحكم ,وسمته فرنسا فرق تسد الاسلام عند ابن خلدون اوقراءته له وهو الاصح , جاء بدولة مضر وعصبيتها في قريش وعصبية قريش في عبد مناف,كان بوده ان يمضي الى بنيه سبا الاصغر وصنهاج وقدامة وقبل ذلك سبا الاكبر كما نقرا اليوم في ابن الاثير في الكامل في التاريخ وكذلك عند ابن خلكان في وفيات الاعيان , ربما نذرة المصادر وقلة المراجع تشفع له في عدم تحمل ذلك العبئ الثقيل ابن خلدون استطاع وفق الحس الحماسي لزمانه, الوصول لاهمية البيعة وان حصرها في اهل الشوكة, ولم يقل ببيعة العامة التي تسمى اليوم بالاستفتاء والانتخاب ابن خلدون بعدما محص ظاهرة السلطة جيدا وتماهيها مع عالم الدولة انتهى به التحليل الى ان عالم السلطة كيفما كانت المسميات يعيش وضعية تناوب دائم بين السطوة والابهة, فحينما ترحل عن رجل السلطة سلطته يعيش على ذكرى ابهتها ابن خلدون ايضا كان على حق حين اعتبر العامة خاضعة لسلطة المحتسب,كما عند الروائي الغيطاني في رواية وفيلم الزيني بركات الانتخاب اليوم في اعثى الديموقراطيات الغربية موديل وميكانيزم في ان ,لكن نجد امريكا اكبر امبراطورية متحضرة عالميا تنتج عائلات متمرسة في السلطة لحد انها تشكل عصبيات على غرار العصبيات المعروفة في العالم الشرقي الموسوم بصبغة التوارث, وهذا ما اشار اليه ميلز حين اعتبر السلطة تنتبتق في بلده عن القادة العسكريين ورؤساء الشركات ابن خلدون اذن كان واضحا وتعامل مع عالم الناس, فقال ملء فيه ان الاسلام اعطى دولة مضر, حيث العصبيات, ولم يقل انه انتج دولة شورية تعتمد على البيعة العامة, اكيد ان ابن خلدون ليس عراب التوارث ولايقبله ,لكن الواقع الذي تحرك فيه جعل منه قاضي للراي العام يحتكم اليه في نزاع هارون الرشيد مع ادارسة المغرب, فيحكم لادارسة المغرب واصفا مناوئيهم بالحسدة, قد يكون حكم ابن خلدون صائبا او قابلا للطعن بالاستئناف امام قاضي راي عام اخر, لمخالطة الاهواء وغير ذلك, لكن ابن خلدون هو اول منظر لقضاء الراي العام المحلفين,قبل ان تعرفه الانظمة الجنائية الامريكية حاليا يواصل احكامه في قضايا الراي العام, فيحكم لشيعة العبيديين الكتاميين البربر ضد الادارسة مرة اخرى, فنرى فيه عدوا للادارسة وكانه يقول لنا بان الريسوليين حسنيين والكتاميون فاطميين حسينيين ,وهذا ما قالته صراعات لكم دينكم ولي دين على منابر الريف , تفاصيل هذه الامور سنتطرق لها في ملوك الاندلس مع ابن عذارى ابن خلدون يقتحم مجال نسب ابن تومرت مدعي المهدوية والعلوية فياكد ابن خلدون بان ابن تومرت عاش زاهدا في الدنيا بلا ولد حتى فنقول لاباس وليكن ابن تومرت علويا لاضير, لكن لماذا صمت ابن خلدون عن تنكيل عبد المومن بالفقهاء,وعن مجزرة حاضرة اولوز التي قضى فيها 11الف نفر من خيرة رجال تارودانت والمناطق المحايثة ,فكان امرا وفتنة ما قيد اليها ابن تومرت دون ان يدري ,في المعسول لاحقا ستنكشف بعض تلك الفتن التي قد تفيد احتراف الناس للقتال والحركات وكفى ,لان مثل هذا حصل بمصر كما حكى ابن بطوطة في الرحلة في تاجر الاسكندرية الذي اراد ان يكون امير حرب وصلاة ففتك به الناصر ,ليضع حدا فاصلا بين التجارة والعسكراتية قام ابن خلدون بايداع كتبه بخزانة بني مرين ومضى نحو الكنانة , ليؤكد ان التوارث من حقائق دولة مضر التي نقل عنها كل المسلمين, لكن مع ذلك يصر ابن خلدون على اعتراف بني مرين بتراث سابقيهم من الموحدين لنتاكد مرة اخرى من مبدء اساسي خلدوني, هو ان تاريخ الاسلام والسياسة جزء من كل, هو تاريخ اخذ الخلف عن السلف , واكبر تجليه ابناء ادريس الازهر الاثناعشر ,على شاكلة شرلمان وبنيه فرنسا ومعظم الملكيات لافرنجية الاوربية مغروف عند دارسي العقلانية في مواجهة الدوغمائية ان تاريخ السوسيولوجيا السياسية هو تاريخ دوغمائيتها,هكذا يمضي الوعي دون حاجة الى تركيز التفكير واكراهاته القسرية ابن خلدون عاش اذن صادعا بالحق ولم يركن قط لشرع الكتمان, لانه كان برهانيا ولم يكن يوما غنوصيا عرفانيا, مع ايمانه بقوة الحدس في قوله حين يصل لشيئ طبيعي **اطلعنا الله عليه من غير تعليم ارسطو ولاموبذان ** عالم ابن خلدون اذن هو عالمنا حيث تتضارب السطوة والابهة والبداوة والملك, أي عالم السرج والحصان حيث الصعود يعقبه النزول واذا نزلت فغيرك صاعد ***واذا صعدت فغيرك نازل الدوام لله خير الوارثين , فافكار ابن خلدون متزاحمة في كتبه وعلى راسها المقدمة, وكذلك ديوانه الشعري العروي عقد مقارنة بين ابن خلدون ومكيافيلي ,وخلص الى انهما يصفان عالم الابهة والسطوة عابد الجابري انجز دكتورته حول العصبية عند ابن خلدون ,فخلص الى ان الخلدونية هي عنوان لواقع نعيشه ولانتحدث عنه السوسيولوجي السياسي الجزائري عبدالقادر جغلول اشتغل على ابن خلدون ,كعبقري دمج السياسة بالاجتماع ,.فوعد بمجتمع التعايش الممكن ويعتبر هذا الاخير اكبر مرجع في سوسيولوجيا السياسة عند ابن خلدون الاندلسيات اذن بصيغها المختلفة تددلنا في كل مناحيها ,انها اكبر منجم راكمه العرب على مدار ثمانية قرون ,ولذلك ستظل كل الاجيال تغترف من معينه المتجدد ,فالاندلسيات هي طاقة متجددة كالريح والشمس والهواء