النار تخلّف الرّماد مضحكات مبكيات من زمن الثورات بقلم عزالدين القوطالي عندما اشتد به المرض وأحس باقتراب أجله أرسل إلى أحد الفقهاء ليستشيره في من يصلح من أولاده ليعهد إليه من بعده بالملك والسلطان ، تردد االفقيه في الرد وبعد إصرار من السائل أجاب الفقيه قائلا : إنه لا ولد لك، فقال السائل : صدقت والله... كان ذلك عام 1727 ، وكان السائل هو السلطان العلوي الملقّب بمولاي إسماعيل أحد أشهر سلاطين المغرب وأكثرهم شهرة ونفوذا وإشعاعا ، إذ سجّل إسمه في موسوعة غينتس للأرقام القياسية بإعتباره أكثر الملوك إنجابا في التاريخ حيث أنجب 1171 إبنا من الذكور والإناث من 4 زوجات و500 جارية من المحضيات ... وتذكر الروايات أنه بعد وفاة المولى إسماعيل دخل المغرب في أزمة كبيرة دامت 30 سنة بسبب الصراع حول الحكم بين أبنائه وتدخل الجيش في الشأن السياسي ، كما توالت على البلاد سلسلة من الكوارث الطبيعية أن إلى تمكن سيدي محمد بن عبد الله من إنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار.... وفي بلادنا توجد بعض الأحزاب التي إرتبطت نشأتها وحياتها الدّاخلية بالزعيم الغُراب الجامع للفرقاء والمريدين والأحباب تحت جبّته وخيمته وسلطته وسطوته وأسبقيته في تأسيس الحزب وتدريب أنصاره على الضرب بالدفّ والعزف على الرّباب ... يرفع يده بالإشارة فيصطفّ الجميع سمعا وطاعة للمتربّع على عرش الإمارة ، وينفّذون بدون نقاش تعاليم القائد وتوصياته فلا يعترضون ولا يتذمّرون ولا يطرحون أسئلة حتى ولو كان هناك غموض في الكلمات والعبارة ... قومٌ تربّوا على التّقديس في علاقة بالزعيم الرئيس الذي لولاه لما كان هناك حزب يوصف بالكبير في بلاد كبيرها خسيس وصغيرها تعيس وشعبها مع الواقف حتى ولو كان إبليس ... آلاف من الأبناء الجراثيم ، كلّ واحد منهم يرى نفسه أهلا لخلافة الزّعيم ، والحلول محلّه في قيادة السفينة وإستعمال شفرة الدّجل والشعوذة والتّنجيم ، ولذلك تراهم جميعا ينتظرون اللحظة المناسبة أين ينزل عزرائيل ليخطف روح القائد ويلقي بها في الجحيم ، فتفرغ ساحة القيادة وتنزاح عن صدور الأبناء حجرة كبيرة كانت تقف حائلا بينهم وبين الترسيم في سجّل الورثة المحتملين لتاج الزعامة العظيم ... يموت القائد الجامع فيختلف أبناؤه وتتزايد المطامع ، وينصّب كلّ واحد من الأبناء نفسه خليفة ينادى بإسمه اللاّمع في المساجد والصوامع ... ويتقاتل الأبناء كالأغراب حتى تصبح دماء بعضهم أقلّ قيمة من دماء الذّباب ، وينقسم الحزب الكبير الى أحزاب كلّ حزب يدّعي أنه الحجر الأصل وأنّ البقيّة هم مجرّد تراب ... وهنا تنتهي الحكاية بالرجوع الى البداية حيث قال الفقيه للسلطان مولاي إسماعيل وهو على فراش الموت : لا أبناء لك ... رغم أنه أنجب قرابة 1171 من الأبناء ...