شهر رمضان الكريم هو شهر العمل والإنتاج كما في بقية الشهور و هو شهر عبادة وطاعة وتواصل إنساني واجتماعي يعطينا الشحنة القوية والروحية لمواصلة طاعة الله علي بقية الأيام والشهور حتى نلقي الله تعالي فهدف الصيام هو تحصيل التقوي قال تعالي ::- [ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون ] سورة البقرة الآية 183 ويقول أيضا سبحانه وتعالي [ وتزودوا فان خير الزاد التقوي وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ] سورة البقرة الآية 197 فهذه التقوي هي التي تدفع الإنسان الصائم إلي أن يقوم بواجباته ويؤدي عمله بإخلاص وتفاني. فالتقوى أيها الأحباب هي الهدف الأساسي للصوم ولذلك ينبغي أن تعصم الإنسان الصائم من ارتكاب ما حرم الله تعالي والإكثار من عمل الخيرات والصالحات والتقرب إلي الله تعالي بكل سلوك طيب طوال الأيام والسنين يقول الدكتور عباس شومان من دعاة الأزهر في احدي مقالاته عن الأمور الخاطئة التي ترتكب في شهر رمضان ما نصها [ هناك بعض الناس يفهمون رمضان فهمًا خاطئًا، فإذا دخل شهر رمضان قعدوا فى بيوتهم، وانقطعوا لمصاحفهم وصلاتهم وتسبيحهم لله عز وجلّ، وانقطعوا عن دنياهم، ومع أن هذه الأمور، أمور جيدة، ومحببة فى العبادة، لكنها قد تكون معصية من بعض الناس!.. نعم، إذا كان الإنسان يُوكل إليه عمل من الأعمال، تتعلق به مصالح الناس، ولا يوجد من يقوم بهذا العمل، إن تغيّب هو عنه، فإن هذه العبادة ربما تكون في ميزان المعصية لا فى ميزان الطاعة. فعمله الذي فُوّضَ فيه وأُوكل إليه ويتقاضى عليه الأجر أولى من انقطاعه لقراءة القرآن والتسبيح والذكر، لأن هذا العمل فرض عليه، وواجب عليه أن يُؤدى العمل الذى يتقاضى فى مقابله أجرًا ومالا؛ ولذلك على كل عامل أن يعي هذا الأمر، وأقصد بالعامل كل موظف فى الدولة، بل كل من له عمل، ولو لم يكن موظفًا، ولكنه يَهُم أمور الناس حتى ولو كانت من الأمور الخاصة، فإذا كان لديه مشروع أو عمل، يعتمد عليه الناس كمخبر مثلًا، ليست له الحرية فى أن يغلقه في شهر رمضان، لأن الناس يحتاجون إليه. ويضيف أيضا إن كثيراً من المسلمين اليوم جعلوا من رمضان مرتعاً للنوم والحقيقة أن شهر رمضان ليس شهر خمول ونوم وكسل، ولكته شهر جهاد للنفس وعبادة ودعوة، لذلك ينبغي للصائم أن يستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكريم ] فالصيام أيها الأحبة يزيد التركيز أثناء العمل :::- ------ وقد أشارت بعض الدراسات الحديثة في مصر والعالم عن فضائل الصيام الصحية علي الصائم وهو الآتي::- تقول الدراسات أن الصيام يزيد من مستوى التركيز أثناء العمل بسبب تحسن فعالية الاستقلاب وتجدد الخلايا أثناء الصيام ومنها خلايا الدماغ كما أن الدماغ لم يعد مشغولاً بالطعام لفترة طويلة، وأصبح أكثر قدرة على التركيز في العمل. وأضافت أيضا أن زيادة الهرمون المضاد لإدرار البول طوال فترة الصيام في شهر رمضان قد يكون له دور هام في تحسين القدرة على التعلم وتقوية المذاكرة وقد ثبت ذلك بالتجربة على حيوانات التجارب فالقدرة العقلية قد تتحسن عند الصائمين بعكس ما يعتقده عامة الناس. وأضافت أيضا أن العطش أثناء الصيام يزيد إنتاج الطاقة وهناك علاقة بين العطش وبين تحلل الغليكوجين إذ يسبب العطش إفراز جرعات من هرموني الأنجوتنسين والهرمون القابض للأوعية الدموية اللذين يساهمان في تحلل الغليكوجين في إحدى مراحل تحلله بخلايا الكبد فكلما زاد العطش زاد إفراز هذين الهرمونين بكميات كبيرة مما يساعد في إمداد الجسم بالطاقة خصوصاً في نهاية اليوم للصائم. فشهر الصوم يعتبره الأطباء موسماً سنوياً للتخلص من كثير من الأمراض وليس الإصابة بأمراض جديدة، كما يحدث على أرض الواقع نتيجة كثرة ما نضعه في بطوننا فضلاً عن العادات الغذائية السيئة لكثير من الصائمين. ولذلك يقول رسول الله عليه السلام [ صوموا تصحوا] رواه الإمام الطبراني وغيره فقد أثبت الطب الحديث أن الصوم مع الالتزام بالتوجيهات النبوية الصحيحة الخاصة بالطعام والشراب يحقق للإنسان فوائد صحية ونفسية كثيرة، وعلينا أن نعمل بتوجيهات القران الكريم في العادات الصحيحة لتناول الطعام وكميته وعدم الإسراف فيه قال تعالي في كتابه الكريم [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ] سورة الأعراف الآية 31 وكثير من الشباب اليوم قد حولوا شهر رمضان لمارسه الكرة ولعب البلياردو وتنس الطاولة بالليل ويأخذون أجازة من أعمالهم لمدة أسبوعين أو ثلاثة أو الشهر كله للعب في هذه الدورات الرمضانية واستهلاك الكهرباء المسروقة في الشوارع ونشر الضوضاء بالليل وإزعاج الناس وامتلاء المقاهي بالرواد ولعب الدومنو أو الطاولة أو الكوتشينة أو مشاهدة المباريات الأجنبية من عند صلاة العشاء حتى قبل الفجر بدقائق وآخرون من النساء حولوا شهر رمضان كله لسماع المسلسلات الهابطة وليتها مسلسلات أو أفلام هادفة وتدعو لمكارم الأخلاق الموجود والمذاع منها في الوقت الحالي اغلبها أعمال هابطة لا ترتقي بالأخلاق الطيبةفي شيء والبعض الآخر من الموظفين يعطل العمل ويأخذ أجازة بالشهر بحجة التعبد في رمضان ولا يترك لزميل أن يأخذ يوم إجازة من رصيده لقضاء مصلحة خاصة به ضرورية فيسرع بكتابة الأجازة ويقدمها للمدير بسرعة في السر ليقوم المدير بالموافقة عليها دون علم زميله بذلك ومن هنا لا يترك لزميله أن يأخذ يوم أجازة في شهر رمضان كله ويحل مكانه لان أخينا اخذ أجازة اعتكاف في البيت والجامع ليكثر من النوم بهم وفي النهاية هو في عبادة هكذا يعتقد كثير من الموظفين رجالا وسيدات وشبابا وفتيات فالكل يريد اخذ إجازة مطولة لشهر رمضان وليذهب الآخرين للجحيم وكذلك العمل والإنتاج هذا بجانب ان بعض الأئمة وهم كثيرون قد حولوا شهر رمضان للتكسب من وراء صلوات العشاء وصلاة التراويح فتجد رواد الزوايا والمساجد قبل رمضان بأيام قليلة يبحثون عن إمام يصلي بهم العشاء والتراويح ويختم القرآن الكريم ليس حفظا ولكن القراءة من المصحف الكبير الموجود علي الحمالة الحديدية ناحية القبلة والتطويل بالناس ويكون الاتفاق معه علي مبلغ 5000 جنيه فما فوق وإذا اعترض رواد المسجد الذين حاولوا الاتفاق معه علي هذا المبلغ لأنه كبير قال لهم أنا معي قائمة كثيرة من أسماء الزوايا والمساجد يتمني القائمين أن أصلي التراويح عندهم ويعرضون علي مبالغ كثيرة تفوق ال5000 جنية بكثير لشهر رمضان مع اخذ يوم الخميس والجمعة إجازة طوال شهر رمضان فأنا كريم معكم في مبلغ ال5000 جنيه ومن يعترض من الذين اتفقوا معه علي هذا المبلغ يقوم بإلغاء الاتفاق معهم ويذهب إلي غيرهم وذلك طمعا في مبلغ أكبر فشهر رمضان هو سبوبة كبيرة للشيوخ لجمع الأموال من المساجد والزوايا من خلال صلاة التراويح وكذلك كثرة جيوش المتسولين أمام أبواب المساجد والزوايا وجمع الصدقات والأموال بالآلاف من المتصدقين الذين يتعاطفون معهم ويعطونهم بسخاء كبير طوال شهر رمضان والفقير الذي لا يمد يده لأحد لا يعرفونه نهائيا هكذا حول كثير من الناس شهر رمضان من شهر الصوم والعمل والطاعة إلي شهر للإساءة إليه وجمع الأموال بأي طريقة فالإخلاص في العمل أيها الناس إنما هو حقيقة الإسلام وجوهره وسره، وذلك بألاّ يتعلّق العبد عندما يعمل أي عمل بأي غرض من أغراض الدنيا وإنما يريد بعمله ذلك وجه الله تبارك وتعالى فتقوى الله تعالي في السر والعلن، هي من دواعي ارتياح الصائم وشعوره بأن صيامه مقبول ومرفوع فعلينا أن نربي أنفسنا على مراقبة الله عز وجل وخشيته في كل أقوالنا وأفعالنا في هذا الشهر وفي غيره من الشهورالآخري والإكثار من الطاعات والعمل الصالح والبعد الكامل عن المعاصي والزلات، لنكون من الذين قال فيهم رسول الله عندما سأل[ ما الإحسان ؟ ] قال بأن تعبد الله وكأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك اللهم تقبل صيامنا وقيامنا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا وارحمنا في الدنيا والاخرة. ---- بقلم/ عبد العزيز فرج عزو كاتب وباحث مصري