د. أحمد صبحي منصور مقدمة : 1 رسالة من أحد شباب الباحثين من أهل القرآن ، نعرضها ، ونجيب عليها : 2 يقول أكرمه الله جل وعلا :( هل القرءان الكريم "العربي" أرسل إلى العرب أم إلى كل البشر على اختلاف ألسنتهم؟ . ثمة من يقول انه أرسل للعرب مع رسول عربي اسمه محمد "عليه السلام والبركات" . حتى الذين (اخترعوا) قصة رسائل الرسول أثبتوا باختراعهم أن الرسول لم يذهب بالقرءان إلى أبعد من قومه. وعلى هذا الأساس نحن المسلمين صرنا تخطيء الصواب ونقبل الخطأ.فأرجو الجواب على هذا السؤال : ماذا لو أنَّ رسول الله الخاتم محمدا "عليه السلام والبركات" كان صينيا أو هنديا ونزل عليه القرءان الكريم باللغة الصينية أو الهندية، هل كنا سنؤمن به نبيّاً وبالقرءان كلاما مقدسَّا لله جل وعلا؟! فقط أريد من حضرة الأستاذ أنْ يتخيِّل هذا الأمر ويتأمّل فيه، ويرى نفسه أنه قد وُلد عربيا على دينٍ موروثٍ من ءابائه غير دين الإسلام الذي جاء به نبي الله محمد "عليه السلام والبركات" الصينيّ أو الهنديّ، ثم وصل لمسمعه خبرُ القرءان الكريم وخبر رسول الله محمدٍ (الصينيِّ أو الهنديِّ) الذي يزعم الصينيون أو الهنود المسلمون أنه كلام الله رب العالمين وكتابه الأخير النازل للناس جميعا قبل 14 قرناً. فهل سيؤمن "كل واحد منا" بذلك النبي وبكتابه الذي أنزل عليه أم ماذا وكيف كان وسيكون الموقف؟! هذا رغم أنّ الأمر في هذه الحالة مقبولٌ نوعا ما، على اعتبار أنّ الأمة الصينية والأمة الهندية هما أكبر وأكثر أمّتيْن في العالم، فكل أمةٍ منهما تبلغ ستة أضعاف عدد العرب جميعا تقريبا. فكيف برأي حضرة الأستاذ سيكون انطباع غالبية أبناء شعوب العالم وخاصة الصينيين والهنود عندما يسمع أيُّ واحدٍ منهم عن رسول الله النبيِّ العربيِّ الأمي محمد "عليه السلام والبركات" والقرءان الكريم (العربيِّ) الذي هو كلام الله جل وعلا و وحيه المبارك، وهو يعلم ويسمع ويرى أنّ العرب الآن هم أدنى أمم الأرض عدداً وعُدَّةً وحضارةً وتأريخاً وثقافةً وعلماً وصناعةً ونهضةً وإنسانيَّةً، وأنهم لا زالوا حتى يومنا هذا يقتتلون فيما بينهم بسم دينهم سُنَّةً وشيعةً حول أحقّية الخلافة والإمامة منذ 14 قرناً. هل تراه سيؤمن بنبينا وديننا والقرءان الكريم على أنه كلام الله المنزل و وحيه النازل باللغة العربية للعالمين أجمعين؟!!!أطرح هذا السؤال بصدق وإخلاص ومن قلب عامر بالإيمان فأرجو أن تشفي الغليل.) 3 مع التحية للابن الباحث الفاضل أقول : أولا : 1 يقول الابن الباحث الفاضل : ( حتى الذين (اخترعوا) قصة رسائل الرسول أثبتوا باختراعهم أن الرسول لم يذهب بالقرءان إلى أبعد من قومه.) . 2 ، وأقول : 2 / 1 : هم ذكروا أن النبى أرسل رسائل الى كسرى فارس وقيصر الروم ، أكبر قوتين فى العالم وقتها . وهذا يعنى العالمية بمقياس عصرهم . 2 / 2 : ثم إن المفهوم من رحلتي الشتاء والصيف من اليمن إلى الشام أن بضائع الهندوالصين كانت ترد إلى اليمن فتحملها قريش الى الشام وهى ضمن مستعمرات الروم ، فتنتقل إلى أوربا ، وتعود قوافل قريش من الشام ببضائع أوربا فتحملها إلى اليمن لتصل إلى الهندوالصين . وبهذه التجارة العالمية التى توسطت فيها قريش نتصور أن المعرفة بالإسلام وصلت الى أوربا مبكرا والى شرق وجنوب شرق آسيا ، هذا بالإضافة إلى شرق أفريقيا و الحبشة عبر البحر الأحمر ، وأسلم كثيرون مبكرا هناك بدون الفتوحات العربية الفاجرة . 2 / 3 : وهذه الفتوحات الكافرة نشرت الكفر بالإسلام ، ولكن لا مفرّ من الاعتراف بأنها أوصلت القرآن الكريم الى الآفاق من حدود الصين الى جنوبفرنسا ، والله جل وعلا هو الذى تولى حفظ القرآن وبيانه ثانيا : 1 يقول الابن الباحث الفاضل : ( ماذا لو أنَّ رسول الله الخاتم محمدا "عليه السلام والبركات" كان صينيا أو هنديا ونزل عليه القرءان الكريم باللغة الصينية أو الهندية، هل كنا سنؤمن به نبيّاً وبالقرءان كلاما مقدسَّا لله جل وعلا؟! 2 وأقول : 2 / 1 : ليس المعيار أن يكون النبى الخاتم هنديا او صينيا او من الاسكيمو ، المعيار فى الهداية والإيمان . أقرب الناس إلى النبى محمد هم قومه الذين عايشوه . قوم النبى محمد ( العربى ) كذبوا بالقرآن الكريم واتهموا النبى محمدا بالسحر والجنون والكذب ، مع إنهم عرفوا استقامته وصدقه وأمانته. وبعد موته ارتكبت قريش جريمة الفتوحات الفاجرة باسم الإسلام وكفرا بالإسلام ، ثم وقعوا فى حروب أهلية ، أذاق فيها بعضهم باس بعض ، وقد أنبأ بهذا رب العزة مبكرا فى سورة مكية ، يقول رب العزة جل وعلا :( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الأنعام ). ونحن هنا نتكلم عن المعتدين المتسلطين من العرب . 2 / 2 : هناك عرب مستضعفون ، أسلموا ، أو دخلوا فى الإسلام السلوكى بمعنى السلام ، وتمتعوا بالحرية المطلقة فى الدولة الإسلامية ، فهاجروا اليها ، وهم متمسكون بعبادة الأنصاب وشرب الخمر ، ومع التنبيه كثيرا عليهم بالإيمان بالله جل وعلا وحده فقد ظلوا الى قبيل مووت النبى عاكفين فى المدينة على أنصابهم ، ونزل في هؤلاء الصحابة قول رب العزة جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ) 2 / 3 : هذا بالإضافة الى الصحابة المنافقين ، وتكرر الحديث عنهم فى عشرات الآيات القرآنية ، وقد عايشوا النبى وآذوه ، ولم يكونوا من هنودا أو صينيين أو مكسيكيين . أظلمهم من مرد منهم على النفاق ، يقول رب العزة جل وعلا فيهم :(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ). وهؤلاء الذين مردوا على النفاق هم الذين قادوا الفتوحات الفاجرة الكافرة ، ويتمتعون الآن بالتقديس . 2 / 4 : هم اختاروا الضلالة وتمتعوا بالحرية المطلقة فى الدين وفى المعارضة السياسية طالما لا يحملون السلاح . وكانت أمامهم الفرصة فى حياتهم للتوبة لو شاءوا التوبة ، قال جل وعلا : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) النساء ). 2 / 5 : القضية ليس فى أن يكون النبى عربيا أو أعجميا ، فى عصرنا أو فى القرون الوسطى . القضية فى مشيئة الفرد فى أن يهتدى أو أن يضل . المنافق سيكون فى الدرك الأسفل من النار لو شاء أن يموت على نفاقه وكفره . هو نفس الحال فى كل الأقوام ومع كل الأنبياء والرسل . كل رسول يرسله الله جل وعلا بلسان قومه ( لُغة قومه ) ثم من يشاء منهم الضلال يضله الله جل وعلا ، ومن يشاء منهم الهداية يهده الله جل وعلا ، يقول رب العزة جل وعلا : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) إبراهيم ). وهو نفس الحال مع القرآن الكريم الموصوف بأنه تذكرة لمن شاء أن يتذكر وأن يتخذ الى ربه سبيله ، يقول رب العزة جل وعلا : ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (19) المزمل )، وحين يشاء الهداية تلحقه مشيئة الله تؤكد هدايته ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (31)الإنسان ). أما من زين له الشيطان سوء عمله فرأى عمله حسنا فلا أمل فى هدايته ، فقد شاء الله جل وعلا ضلاله بناء على أنه إختار الضلالة ورآها هى الهدى ، يقول رب العزة جل وعلا : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر ) . 2 / 6 : كل إنسان يولد بفطرة نقية لا تعرف تقديس البشر والحجر ، لا فارق بين طفل عربى أو غربى أو من السلفادور . وعندما ينطق الطفل يسأل أسئلة فلسفية تعبر عن فطرته ، ثم عندما يكبر تتكاثر عليه مؤثرات البيئة فتجعله يقدس البشر والحجر . وفى غمرة انهماكه بالصراع الدنيوى يظل جزء حىّ فى قلبه يبحث عن الحقيقة ، ويوقعه الله جل وعلا فى فى ابتلاءات وشدائد تجبره على أن يستغيث بربه مخلصا له الدين . أى تظل له فى حياته إمكانية الوصول للهداية حتى بدون الرسالة السماوية ، ويظل معه عقله فيمكنه أن يتعقل ويرى سخافة تقديس البشر والحجر والبقر . لا فارق بين شخص عربى أو غربى أو هندى أو صينى أو من الإكوادور .!. ثالثا : 1 يقول الابن الباحث الفاضل : ( فكيف برأي حضرة الأستاذ سيكون انطباع غالبية أبناء شعوب العالم وخاصة الصينيين والهنود عندما يسمع أيُّ واحدٍ منهم عن رسول الله النبيِّ العربيِّ الأمي محمد "عليه السلام والبركات" والقرءان الكريم (العربيِّ) الذي هو كلام الله جل وعلا و وحيه المبارك، وهو يعلم ويسمع ويرى أنّ العرب الآن هم أدنى أمم الأرض عدداً وعُدَّةً وحضارةً وتأريخاً وثقافةً وعلماً وصناعةً ونهضةً وإنسانيَّةً، وأنهم لا زالوا حتى يومنا هذا يقتتلون فيما بينهم بسم دينهم سُنَّةً وشيعةً حول أحقّية الخلافة والإمامة منذ 14 قرناً. هل تراه سيؤمن بنبينا وديننا والقرءان الكريم على أنه كلام الله المنزل و وحيه النازل باللغة العربية للعالمين أجمعين؟!!!) . 2 وأقول : 2 / 1 : الإسلام لا يجسده شخص حتى لو كان النبى محمد نفسه ، ولنا مقال منشور هنا عن أن النبى محمدا لا يجسّد القرآن ، لأنه بشر مثلنا ومأمور مثلنا بإن يتبع القرآن ، وكان القرآن ينزل يعاتبه ويلومه ويأمره بالاستغفار من ذنبه ، ثم مات شأن خصومه ، ثم هو يوم القيامة سيختصم معهم وسيُحاسب مثلهم ، يقول رب العزة جل وعلا : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر) ، يقول رب العزة جل وعلا : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف ). فإذا كان النبى محمد نفسه لا يجسّد الإسلام فهل الأسرة السعودية تجسّد الإسلام ؟ 2 / 2 : ليس شخص محمد هو الأساس هنا ، بل القرآن الكريم ومضمونه . فالإيمان ليس بمحمد ولكن بالقرآن الكريم الذى نزل على محمد ، يقول رب العزة جل وعلا : : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) محمد ) . 2 / 3 : بعد موت محمد رسول الله فالقرآن هو الرسول الباقى المحفوظ من لدن رب العزة جل وعلا الى نهاية العالم . والذى يستعمل عقله باحثا عن الهداية بمشيئته عليه أن يسأل نفسه : هل بإمكان رجل عربى فى القرن السابع الميلادي فى عصور الظلام والجاهلية أن يؤلف من دماغه هذا القرآن بكل ما فيه من آيات علمية وتشريعية وتاريخية ؟ 2 / 4 : محمد بشر مات ، والرسالة القرآنية باقية بعده رحمة للعالمين ونذيرا للعالمين ، يكفى هنا قوله جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء ) (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الفرقان ) 2 / 5 : لا بد للرسالة التى تنزل على رسول أن تكون باللسان الذى يتكلمه هو وقومه . يسري هذا على كل رسالات الأنبياء ، كما يسرى على الرسالة الخاتمة ( القرآن الكريم ) . ولكن لأن الرسالة القرآنية هى الخاتمة فهى تتميز بالعالمية ، أى لكل البشر من وقتها إلى قيام الساعة . وهى آية ( معجزة ) تناسب التطور الأخير للبشرية . ومن وقتها وحتى الآن نرى البشرية قد دخلت فى دور العالم المتصل بعضه ببعض ، ونعيش الآن ثورة الاتصالات والمواصلات والمخترعات المتواصلة في عصر العلم والتكنولوجيا ، فأصبحت البشرية قرية كونية لها (لغة ) موحدة هى الأرقام . والآيات العلمية فى القرآن هى الإعجاز العددي بالإضافة إلى الإشارات العلمية القرآنية ، ومنها ما يكتشفه العلم ومنها ما يزال مدخرا للمستقبل ، خصوصا ما يتعلق بقيام الساعة ونهاية العالم التي اقتربت . 2 / 6 : نزل القرآن الكريم على رجل من العرب فى منطقة وسطى من العالم ، ولكن تكفل الله جل وعلا بحفظه إلى نهاية العالم . ومع أنه باللسان العربى إلا أن معانيه يمكن ترجمتها إلى نهاية العالم وبكل ألسنة البشر ، وهذا ما حدث . وبالتراجم يمكن لأى إنسان أن يعرف حقائق الإسلام ، بعيدا عن كفر المفسرين وتلاعبهم بالقرآن الكريم . والتراجم مهما بلغت رداءتها فهى أقرب الى فهم القرآن من تأويلات المفسرين من السنيين والشيعة والصوفية . 2 / 7 الهداية مُتاحة للجميع ، بغض النظر عن الجنس واللون والخلفية الثقافية والزمان والمكان ، وللقرآن الكريم درجات من التعمق فى تدبره ، وهذا للراسخين فى العلم ، ولكنه من حيث الهداية هو ميسّر لمن يقرؤه يريد الهداية . وأساس الهداية كلمة واحدة دارت حولها هى ( التقوى ) أن تتقى الله جل وعلا تخافه وترجوه فلا تتخذ معه آلهة ، وأن تتقيه جل وعلا فلا تظلم أحدا . وكل إنسان يقترب من الإسلام النقى إذا سار مستقيما مسالما لا يظلم أحدا ويرى بعقله أنه لا بشر يستحق التقديس ، ويرى بفطرته أنه لا تقديس إلا للخالق جل وعلا . وبالتالي فهذا الإنسان فى أى زمان و مكان هومسلم مؤمن ، حتى لو لم يعرف القرآن الكريم . لقد أمر الله جل وعلا أن يعلن الآتي للبشر جميعا : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110 ) الكهف ). هو بشر مثلنا ، ولكن أوحى الله جل وعلا اليه ، وموجز هذا الوحى أن الذى يريد النجاة والجنة راجيا لقاء الله جل وعلا فعليه أن يعمل صالحا وأن يعبد الله جل وعلا حنيفا مخلصا ، لا يقدس بشرا ولا حجرا . والأغلبية الساحقة ممن يزعم الايمان بالقرآن ويقرؤنه بلسانه العربى يقدسون البشر والحجر ، بمشيئتهم .! 2 / 8 : ثم من قال أن الهندوالصين واليابان وأمريكا الشمالية والجنوبية والأمازون ومجاهل أفريقيا لم تأتهم رسل من رب العزة جل وعلا ؟ . يقول جل وعلا لخاتم النبيين : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر )، ويقول له جل وعلا : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ )َ (164) النساء ). 2 / 9 : ولنفترض أن قوما فى الأمازون ومجاهل أفريقيا وضواحى الكونغو وموزمبيق وشيلى وسيبريا وغيرها لم تصلهم رسالة القرآن الكريم . هؤلاء لن يعذبهم رب العزة جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الاسراء ) أخيرا : بدلا من أن ننشغل بهداية الصينيين واليابانيين والكنديين والبرازيليين علينا أن نهتم بهداية العرب والباكستانيين والبنغاليين والأفغان والأتراك والإيرانيين والأمازيغ والأكراد والصوماليين . --------- د.أحمد صبحي منصور من علماء الأزهر سابقا