ساعات قليلة وتبدأ الذكرة الأولى للثورة المصرية 25 يناير ، تلك الثورة العظيمة التى أبهرت العالم ، والآن ماذا أنجزنا ؟ و ماذا خسرنا ؟ و لماذا قمنا بالثورة ؟ فى البداية لم نكن نعلم أننا نصنع ثورة ملهمة للعالم بأسره ، لم نكن نتخيل ولو للحظة واحدة أن يحدث ما حدث من حبس الرئيس السابق و نجليه و كل رموز نظامه . ففى مثل هذا اليوم ، خرج الشباب المصرى فى كل محافظات مصر للمطالبة باصلاحات سياسية و اجتماعية مشروعة ، عيش حرية عدالة اجتماعية ، لكن التصدى الغاشم من جانب قوات الأمن و ما قاموا به من أعمال عنف وقتل برئاسة العادلى، بدأت بسقوط أول شهيد فى مدينة السويس دون أن يحرك ذلك ساكنا فى النظام السابق ، كان الدافع للمناداة باسقاط ذلك النظام الفاسد الذى قهر الشعب ثلاثون عاما بالفقر و الجهل و المرض و الفساد ، ووقف الجميع متحيرا ماذا يفعل هل ينضم الى ذلك الشباب و يطالب معهم باسقاط النظام ، أم يحافظ على الاستقرار و الأمن ويدعو هؤلاء الشباب الى العودة الى منازلهم ؟ لكن سرعان ما انضم الشعب للمظاهرات ، لتصبح ثورة شعبية بقيادة شبابية ، ومن هنا بدأ النظام فى السقوط تدريجيا ، أولها اقالة الحكومة و تعيين نائب للرئيس ، و تعديل بسيط فى بعض مواد الدستور ، لكن الشباب الواعى رفض واستمر فى ثورته ، وجاء الخطاب الثانى للمخلوع ليبكى الكثيرين حتى من هم ضده ، بعدما قال سأعيش و أموت فى مصر ، فلا زالت العواطف تحكمنا ، وبعده الخطاب الثالث الذى أجمع عليه الكثير أنه أسوأ خطاب للمخلوع . و هكذا كانت مصر طوال 18 يوم ، فلم يقبل الشباب بديلا سوى التنحى ، حتى جاء الحادى عشر من فبراير ليعلن نائب الرئيس تنحى المخلوع ، و عمت الفرحة أرجاء مصر و استطاعت مصر أن تستنشق عبير الحرية ، و أصبح المجلس العسكرى هو حاكم البلاد ، و ردد الجميع الجيش والشعب أيد واحدة ، و تحمل الجيش مسئولية ادارة البلاد الى حين تسليم السلطة الى الرئيس المنتخب الجديد . ماذا أنجزنا ، و ماهى الدروس المستفادة من هذه الثورة ؟ أهم ما أنجزناه هو حبس الرئيس السابق وحكومته الفاسدة فلكل ظالم نهاية ، و أيضا تشكيل مجلس شعب منتخب و ليس اجباريا كما كان فى النظام السابق ، و كذلك استعادة مصر كرامتها المهدورة ، ومكانتها و دورها الرائد فى المنطقة. أما الدروس المستفادة ، فأولها أننا عرفنا أن فى الاتحاد قوة ، لولا اتحدانا و التفافنا حول مطلب واحد لما كانت الثورة . الدرس الثانى أنه لا أحد فوق القانون أيا كان منصبه. الدرس الثالث و الأهم أننا كسرنا حاجز الخوف الذى عاش بداخلنا منذ أيام الفراعنة ، و أصبح كل شىء مباح ، فمنذ لحظة الثورة والشعب هو سيد قراره ، و هو الرئيس الذى يهابه الجميع ، فلن يتمكن أحد مرة أخرى من تكميم الأفواه و اهانة المواطن المصرى . و الآن ماذا خسرنا ؟ لعل أهم ما خسرناه هو الأرواح الطاهرة البريئة لزهرة شباب مصر ، الشهيد الذى أفجع قلوب المصريين ، ولولا دمه الطاهر لما نادى الشعب باسقاط النظام ، و لا يمكن أن ننسى الخسارة الكبيرة و هى الآثار التى لا تقدر بثمن و التى تم سرقتها و تهريبها . و الآن ماذا علينا أن نفعل فى 25 يناير القادم ؟ هل نثور على المجلس العسكرى و نطالب باسقاطه ، بعدما قال مرارا و تكرارا أنه لن يستمر فى الحكم و سيعود لثكناته فى يونيو القادم ؟ أم نحتفل بتلك الذكرى السعيدة التى تخلصنا فيها من الفساد و رموزه. و لكن كيف نحتفل و نحن على علم أن هذا اليوم هو ذكرى حزينة لكل من فقد شخصا عزيزا عليه ، كيف نضحك بينما هم يبكون ؟ فالكل مدان لهؤلاء الشهداء و المصابين اللذين لولاهم لما حققنا ما ننعم به الآن من حرية.