الوضع الحالى الذى نعيش فيه علينا ان ندرك ان الله تعالى من اسمه وصفته ايضآ العدل ....ومهما كان هناك بشر عادلآ فطبعآ لن يصل الى درجة العدل المطلفة لله تعالى وعلينا ان نتذكر أيضآ ان الله تعالى يكافىءكل انسان حسب عمله وهذه هى الحقيقة وما يحمله فى داخله للآخرين من حوله ولذلك علينا ان نتذكر دائمآ قول الله تعالى ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ .........فهذه الاية ان دلت على شىء فأنما تؤكد ما أقول من وجهة نظر .....القول في تأويل قوله : ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الملائكة لهؤلاء المشركين الذين قتلوا ببدر أنهم يقولون لهم وهم يضربون وجوههم وأدبارهم: " ذوقوا عذاب الله الذي يحرقكم أي: بما كسبت أيديكم من الآثام واقترفتم من معاصي الله أيام حياتكم فذوقوا اليوم العذابَ وفي معادكم عذابَ الحريق وذلك لكم بأن الله (ليس بظلام للعبيد) لا يعاقب أحدًا من خلقه إلا بجرم اجترمه ولا يعذبه إلا بمعصيته إياه لأن الظلم لا يجوز أن يكون منه وفي تقرير واضح وصريح لإحقاق العدل وتطبيقه ولو كُنَّا مبغضين لمن نَحْكُم فيهم، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ويقول أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فالعدل في الإسلام لا يتأثَّر بحُبٍّ أو بُغْضٍ فلا يُفَرِّقُ بين حَسَب ونَسَب ولا بين جاهٍ ومالٍ كما لا يُفَرِّقُ بين مسلم وغير مسلم بل يتمتَّعُ به جميعُ المقيمين على أرضه من المسلمين وغير المسلمين مهما كان بين هؤلاء وأولئك من مودَّة وحقيقة العدل في الإسلام، أنه ميزان الله على الأرض، به يُؤْخَذُ للضعيف حَقُّه، ويُنْصَفُ المظلومُ ممن ظلمه، ويُمَكَّن صاحب الحقِّ من الوصول إلى حَقِّه من أقرب الطرق وأيسرها، وهو واحد من القيم التي تنبثق من عقيدة الإسلام في مجتمعه؛ فلجميع الناس في مجتمع الإسلام حَقُّ العدالة وحقُّ الاطمئنان إليها. وإذا كان الإسلام قد أَمَرَ بالعدل مع الناس -كُلِّ الناسِ كما رأينا في الآيات الأُوَلِ- العدل الذي لا يَعْرِفُ العاطفة فلا يتأثَّرُ بحُبٍّ أو بُغْضٍ فإنه قد أمر بالعدل ابتداءً من النفس وذلك حين أمر المسلم بالموازنة بين حقِّ نفسه وحقِّ ربِّه وحقوق غيره ويظهر ذلك حين صدَّق رسول الله r سلمان الفارسي لمَّا قال لأخيه أبي الدرداء الذي جار على حقِّ زوجته بِتَرْكِها، ومداومة صيام النهار، وقيام الليل: "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وأَمَرَ الإسلامُ كذلك بالعدل في القول فقال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} كما أمر بالعدل في الحكم، فقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} كما أمر بالعدل في الصُّلْح فقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وأكبر دليل على العدل أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ما حدث فى عهده عندما سرقت امرأة أثناء فتح مكة وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليها الحدَّ ويقطع يدها فذهب أهلها إلى أسامة بن زيد وطلبوا منه أن يشفع لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يقطع يدها وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أسامة حبَّا شديدًا. فلما تشفع أسامة لتلك المرأة تغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: (أتشفع في حد من حدود الله؟!). ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب في الناس وقال: (فإنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها ..............هذا هو العدل بمعناه الحقيقى كما أشار اليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم