جاء تأسيس اتحاد المغرب العربي، في الوقت الذي كانت فيه دول العالم تعرف انقسامات وتحالفات استراتيجية ، كرابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة ب "أسيان" والتي تأسست سنة 1967 ،كما أن تأسيس اتحاد المغرب العربي سنة 1989، جاء كذلك في الوقت الذي كانت فيه دول القارة الأوربية، يهيؤون الأرضية من أجل تأسيس إطارهم "الاتحاد الاوربي"، الذي تأسس سنة 1992، رغم أن جذور تأسيسه تعود إلى سنة 1951، عندما كان الاتحاد آنذاك يحمل اسم " الجماعة الأوروبية للفحم والصلب". فاتحاد المغرب العربي، الذي يضم كل من المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا وموريتانيا، والذي جاء ميلاده خلال التوقيع على معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي بتاريخ 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش المغربية، لكن أول محاولة لتأسيس الاتحاد تعود إلى سنة 1958 عندما كانت بعض دول المنطقة لازالت تعيش تحت نيران الاستعمار خاصة الجزائر، وكانت الفكرة تتمحور حول ضرورة حصول مختلف دول المنطقة على استقلالها، فاتحاد المغرب العربي، جاء هو كذلك، مثل جامعة دول العربية من أجل جمع شمل هذه الدول الخمس والتعاون فيما بينها في مختلف المجالات سواء السياسية منها أو الاقتصادية والثقافية ومحاربة الارهاب والهجرة السرية ،وكذلك فتح الحدود بين الدول الخمسة لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع و ورؤوس الأموال فيما بينها . عقد من الزمن مر مرور الكرام على تأسيس الاتحاد المغربي العربي، لكن أهدافه لازالت حبرا على ورق في جو يعيش حالة من التوتر خاصة بين المغرب والجزائر، بحيث لازالت حدودهم مغلقة رغم مرور حوالي 28 عام، على التنصيص في ميثاق الاتحاد على أن الهدف من هذا الاخير هو فتح الحدود بين الدول الخمسة... ويعود فشل حلم " اتحاد المغرب العربي"، إلى عدة اسباب منها ما هو تاريخي وثقافي، ومنها ما هو مرتبط بسياسة بعض دول الاتحاد واقتصادها. ويمكن تقسيم اقتصاد دول الاتحاد إلى مجموعتين : المجموعة الاولى: يعتمد اقتصادها على الغاز والبترول ونجد فيها كل من الجزائر وليبيا. المجموعة الثانية: يعتمد اقتصادها على الفلاحة والصيد البحري والفوسفاط ، ونجد في هذه المجموعة كل من المغرب وتونسوموريتانيا. كما أن ظاهرة الجماعات الاسلامية المسلحة، بجنوبالجزائر وشمال مالي، يشكلان عائقا أمام بناء اتحاد المغرب العربي وامام الحركة التجارية بالمنطقة، خاصة أن المغرب والجزائر يتبادلان التهم فيما بينهم حول تصدير الارهاب بالشمال المالي. وقد عرفت دول الاتحاد، انشقاقات وتحالفات عسكرية فيما بينها، وهنا نشير إلى اتفاقية الأخوة والتعاون في شهر مارس 1983، الموقعة بين الجزائروتونسوموريتانيا، وكذلك الاتحاد العربي الأفريقي عام 1984 بين المغرب وليبيا. بالإضافة إلى الموروث الثقافي الذي ورثثه دول الاتحاد عن الاستعمار، خاصة في ما يتعلق باللغة الثانية، فإذا كانت كل من تونس ، المغرب، موريتانيا، الجزائر، تعتبر اللغة الفرنسية هي اللغة الثانية لديهم، فإن ليبيا تتخذ من اللغة الإنجليزية لغة ثانية لها. لكن كل هذا، لا يمنع من وجود اتحاد قوي بعيدا على كل الخلافات والايديولوجيات، إذا كانت "النية صافية" كما يقال باللهجة المغربية. [email protected] 212697852612 كاتب صحفي، باحث في الحلوم السياسية/ المغرب