ملحن وبطل سباحه ! مِنَ الطّريف أنه يُعتبر من عمد الموسيقى الشّرقية البحتة، والحفيظ على تقاليدها والذي يلحّن غنائياته على آلة العود، كان قد بدأ حياته في مرحلة الهواية الفنّية ، عازفًا على آلاتٍ نحاسيّةٍ وخشبيّةٍ في فرقة كشّافة مدرسة أبي قرقاص الإبتدائية، على يد شحادة أفندي، مُدرّس الموسيقى بالمدرسة. وفى سن 11 سنه تخلف فى القاهرة لدى اقاربه .. و اصطحبه احد معارفه الى حيث التقى مع سيد درويش ...واسمعه ماكان يحفظه من اغنياته عن ظهر قلب فاعجب به وشجعه على الأستمرار فى حب الفن هو عبد العظيم عبد الحق ابراهيم الملحن والزجال والسباح وهاوى النجارة والممثل السينمائى الذى حصل على دبلوم المعهد العالى للموسيقى المسرحيه ،وأنتقل بين وظائف عديدة ،و بدأت شهرته الفنيه من خلال تلحينه اغنية " وحدة ما يغلبها غلاب". وُلِد عبد العظيم عبد الحق في بلدة أبي قرقاص، بمحافظة المنيا بمصر يوم 1 يناير 1905 ودخل الكتاب ثم ارسله والده الى طنطا لتعلم علم تلاوه القرآن الذى حفظه لدى الشيخ الكردانى . وفى عام 1928 بدأت عنده هواية التمثيل عام 1928 بعد هروبه من ابى قرقاص والتحاقه مع فرقة امين صدقى حيث عين فى الكورس بثماتية قروش يوميا. الآ ان عائلته العريقة عارضت ذلك بشدة ، فقد كان شقيقه عبد الحميد باشا عبد الحق وزيرا للأوقاف فالشئون الأجتماعية واصر والده على ان يستمر فى دراسته ليلتحق بكلية الحقوق بكافة الوسائل بما فيها الضرب .والعجيب ان اخوته الوزراء كانوا يشجعونه على السفر للخارج لتعلم الموسيقى. وقد عاود الهرب للقاهرة واختبأ فى مخزن اكسسوارات فرقة على الكسار... وبعدها تتلمذ على الشيخ محمود صبح فى الكورس الخاص به لمدة اربعه سنوات فالشيخ زكريا احمد لمدة اربعة سنوات اخرى ويعترف بانها هى المدرسة الحقيقية للفن . وحاول توسيط هدى هانم شعراوى لدى والده ..لرأب الصدع ..الا ان والده دبر له وظيفة محاسب فى مطار المنيا حيث تصادق مع الطيار محمد صدقى الذى كان يصطحبه خلسة للقاهرة فى طائرته ليذهب الى صالات ومحافل الفن . وفى عام 1948 التحق بالمعهد العالى للموسيقى المسرحية بناء على نصيحة الدكتور احمد الحفني، وكان زميله فى الدراسة عبد الحليم حافظ. ،و تزوج عام 1950 ثم تخرج من المعهد عام 1953 وكان عمرة 44 سنه وكان يعمل فى مجلس الأمه. ويشاء القدر الا يرزق بأولاد وكان يعتبر انتاجه الفنى بديلا لأولاده. وبدأ حياته الفنية عن طريق المذيع على خليل ، فدخل الأذاعه بلحن الصيادين " هو هو الرزق بايده هو " غناء كارم محمود من كلمات مأمون الشناوى ونجح اللحن. ومن ألحانه الكثيرةالناجحة "تحت الشّجر يا وهيبة"، التى علت بشهرته و شهرة عبد الرحمن الأبنودى الى الآفاق ويتذكر الأبنودى : أغنية (تحت الشجرة يا وهيبة) واجهتها ظروف صعبة ولم تخرج للنور بسهولة . فأذكر أن الأستاذ الشجاعي لم يبد ارتياحاً لكلماتها وأعادها لي مؤكداً أن الموسيقار منير مراد وغيره من الملحنين رفضوها لكونهم لم يستوعبوا كلماتها فاقترحت عليه أن يعطيها للملحن الصعيدي عبد العظيم عبدالحق لأنه مثلي وسيفهم معناها فاستجاب الشجاعي لطلبي وبالفعل لحنها عبدالعظيم عبد الحق ببراعة. وأعجب بها الشجاعي وسألني: من الذي في رأيك يمكن أن يغنيها ؟ فأجبته على الفور قائلاً هو شخص واحد فقط الذي غنى أدهم الشرقاوي فقال لي الشجاعي ولكن هذا المطرب تعرض لحادث أتوبيس أثناء سفره للسويس لإحياء حفل هناك حيث أنقلب الاتوبيس وماتت في الحادث المطربة نادية فهمي ولا يستطيع الغناء الآن فقلت له: الحادثة كما أعرف كسرت ذراعه وساقه ولكن هل كسرت صوته؟ فقال لي إذاً عليك أن تذهب وتبحث عنه وتحضره طالما أنك مُصر عليه وعلى الفور توجهت لمعهد الموسيقى العربية لأحصل على تليفونه ولأنني كنت شخصاً مجهولاً... أذاقوني الأمرين ورفضوا إعطائي رقم هاتفه وأمام إصراري طلبوه لي ليحادثنى هاتفياً. شعر محمد رشدى بملل شديد وعدم ارتياح ورفض إعطائي هاتفه وبعد إلحاح شديد مني أعطاني موعداً في مقهى التجارة الشهير بتجمع المطربين والموسيقيين في شارع محمد علي... وحينما ذهبت إليه وجدته يعاملني بتعالٍ وأسلوب ضايقني جداً. لقد كان جسدي نحيلا جداً وملابسي كانت متواضعة للغاية أي أن منظري ككل يوحي لمن يراني بأنني إنسان معدم فشعر هو أنني دخيل على الشعر وأسعى لفرض نفسي عليه.... فما أكثر ما كان يلتقي بهم بهذا الشكل. وحينما شعرت بهذا التجاهل منه وعدم إبداء أي رغبة لديه في الاستماع لي، قلت له بحدة إنني قادم له من عند الأستاذ (الشجاعي) وكان معروفاً بلقب (بعبع الإذاعة) فاعتدل في جلسته وأجلسني واستمع لي وطار فرحاً بالكلمات وأذكر أنني قضيت هذه الليلة معه، حدثته عن نفسي ومعاناتي ولماذا أعجبت به وطلبت منه الهروب من لقب (مطرب الأفراح) الذي كان مشهوراً به... ودون أن نشعر صارت بيننا صداقة ...واستمع للحن عبد العظيم عبد الحق وأعجب به بشدة . . وهكذا بدأنا مشوارنا سوياً حيث حققت الأغنية نجاحاً مدوياً وأصبح اسمانا على كل لسان، ووجدتني فجأة مؤلف أشهر أغنية في مصر. ولحن عبد العظيم عبد الحق بعد "وحدة ما يغلبها غلاّب "و "الصّيادين" لكارم محمود، "قلبي حبك" لإسماعيل شبانة، "الشّمعتين" و "ليالى الأندلس" لحورية حسن، و "يا مشمش " لعبد اللطيف التلبانى، و "ياشاغل فكرى " لليلى حلمى ، و "غاوى عتاب "و "فى قلبى غرام " و "هدى " لمحمد عبد المطلب و " يابو الضفاف السندسية " لعائشة حسن ، و "مصر العظيمة" و" امرك عجيب" لسعاد محمد و "يا ام القوام مياس" لسيد اسماعيل و " مشوارنا طويل ياهل بلدنا مش وقت كلام " لأحمد سامى و"بجد بجد حانبني السّد"،و "ثورتنا" للمجموعه و "سحب رمشه ورد الباب" و " حل السواقى " و "يا على " و "حلوانى" و " الفرحة تمت علينا" و "هدى الخطاوى" و "اتمد يا عمرى اتمد" لمحمد قنديل. ولحن كثيرا من الأغانى الدينيه مثل "بشاير" لسيد اسماعيل و" رسول السلامه" من غناء سيد مكاوى اول حياته الفنيه ، و"فجر الأسلام" لفايده كامل و"فى حب الله" لكارم محمود و"كتاب الله" لعائشة حسن و " الفين صلاه عالنبى " لمحمد قنديل . والى جانب ذلك قدم العديد من الرّوائع الإذاعية ؛مثل.. اوبريت عين الغزلان.. والمسامح كريم.. والأستاذ رمضان.. وصفحات المجد ...وقد سُجِّلت جميعها بمصاحبة التّخت الشّرقي فقد كان صاحب بصمة شرقية بحتة تشعر بها بوضوح في جل ما قدمه من ألحان.قام فى بداية عمله الفنى بوضع موسيقى للعديد من المسلسلات التليفزيونية ، ويعتبر اول من ادخل المقدمة الغنائية ، ومنها: "الرحيل" و"هارب من الأيام" و"الضحية" و"النصيب" و"القاهرة والناس" والشهد والدموع "و"عروس اليمامة" و" الساقيه" ، و"ليالى الحلميه" والحلقات الأذاعية "كلمات مضيئة" . ووضع الحان للعديد من الأفلام مثل: تحت سماء المدينه ومخلب القط ، وجيش ابرهه. وأتجه للتمثيل بالسينما فى سن كبيره بعد اصابته بالأحباط من الأذاعه لرفضها كلمات اغنيه الفها لنصر 6 اكتوبر 1973... و مثل فى افلام عديده ومنهم لصوص خمسة نجوم - الفاس فى الراس - الأراجوز - الدرجة الثالثة - بنت من ذهب - حلوه يا دنيا الحب – المومياء -طريق الأنتقام - السيد البلطى - مراتى مجنونة مجنومة - السمان والخريف - آخر فرصة - الأرهاب والكباب - عندما يأتى المساء - لمن تشرق الشمس - يوميات نائب فى الأرياف – العلمين - مخلب القط كما عمل فى العديد من الأفلام والمسلسلات الأذاعية مثل خماسية تضحيات وسباعية لعبة الحياه، حلقات الحب والمال والشيطان ، و المسلسلات التلفزيونيه مثل ، الشهد والدموع ، و 500 حلقة على مدار 11 سنه من مسلسل نقدى اجتماعى قديم كان اسمه عادات وتقاليد، وكان يلعب فيه دور الزوج الصبور حسان، رب الأسرة المغلوب على امره ... لعقيلة راتب الزوجة الثرثارة الحشريه. لكنّ ذلك التنوع فى الأهتمامات لم يمنع عبد العظيم من أن يضع موسيقى تصويريّةً لأفلامٍ سينمائيّةٍ تسجيليّةٍ. وقد حصل على جائزةٍ من إيطاليا تقديرًا لإحداها. شغل عبد العظيم عبد الحق وظيفة مدير ادارة الهوايات بوزارة الشّؤون الإجتماعية، ثم رقى الى مدير التفتيش المالى والأدارى والمناقضات بوزارة العمل ولما لم يعد يطيق الوظيفة الحكوميه استقال .عُرِف عبد العظيم عبد الحق بصدق عاطفته الموسيقيّة ؛ ومع هبوط الذوق الموسيقى وانتشار الفن الهابط ابتعد عبد العظيم عبد الحق عن التلحين نهائيا ، وإذا كان الصّدق هو محور مشاعر الفنّان عامّةً ، فقد آثر الأبتعاد عما اسماه موسيقى الغابات الغربية اذا ما قورنت بالسامبا والرومبا والفوكس تروت او... الزار الشرقى المعاصر الذى يسمى ظلما بالفن... بكلماته المبتذله وادائه الرقيع وهدفه الضائع ...ناتج الأحتكار الفنى من اناس ليس لهم صله بالفن .و كان سبيل عبد العظيم في تعويض نجاحه في هوايته الأخرى، في التّمثيل. ولا شكّ أن نجاحه في تمثيليات التّليفزيون وبعض الأفلام السّينمائية جعل بعض النّاس ينسى أنّه هو عبد العظيم عبد الحق المُلحّن الكبير، صاحب ارقى الغنائيّات النّاجحة.لكن ما يلفت الانتباه أننا تقريباً لانرى هذا الرجل المبدع المظلوم قد حظي بتقدير ذو شأن يستحقه بعد مماته أو أثناء حياته من الدوله المصريه كما لم يتصدر اسمه بلقب موسيقار... ابدا... فى الأذاعه المصرية ... رغم أنه قدم لمصر ولفني التمثيل والموسيقى اكثر من 500 لحن شرقى شجى مترفع الكلمه وبامتياز... محفوظه كلها فى سجن الأذاعه المصرية لكنها مازالت تصدح فى قلوب محبيه .وعلى قوله كفى الفنان الأصيل ... انه واعماله ملك للتاريخ ..- رحم الله الفنان عبد العظيم عبد الحق والذى قابل ربه فى 3 ابريل 1993 – المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيه ندى وللتواصل 01006802177 [email protected].