قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    "حماة وطن" يهنئ الشعب المصري بذكري ثورة 30 يونيو    وزيرة التضامن تعلن انطلاق الأعمال الميدانية للحصر الوطني الشامل للحضانات غدا    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا وتؤكد دعمها لاستقرار منطقة البحيرات العظمى    وزير الإسكان يوجه بسرعة تنفيذ الطرق بالمنطقة الصناعية A1 في العاشر من رمضان    اسعار اللحوم اليوم السبت 28-6-2025 في الدقهلية    منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تُطلق تقريرها حول سياسات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر    ارتفاع أسعار الفاكهة اليوم بأسواق الإسكندرية.. والتفاح البلدي ب50 جنيها للكيلو    عاجل... مجمعة التأمين تصرف 100 ألف جنيه لكل متوفى بحادث المنوفية    النائب فريدي البياضي يعلن رفضه مشروع الحكومة لقانون الإيجارات القديمة    ماذا حدث لسعر الذهب اليوم في مصر بمنتصف تعاملات السبت؟    وزيرة البيئة: "جرين شرم" يقود تحول شرم الشيخ لأولى الوجهات السياحية الخضراء    زفاف القرن.. كيف جمع بيزوس وسانشيز نجوم الفن والمال والسلطة في مدينة البندقية؟    بينهم صحفي.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 27 فلسطينيا بالضفة    روبيو يلتقي عائلات المحتجزين الإسرائيليين: لا نصر دون عودة الجميع    الأردن يعزى مصر فى شهداء لقمة العيش بالمنوفية    زيزو وأبو علي وبن رمضان في التشكيل المثالي للعرب بمونديال الأندية    زيزو: محمد عبد الشافي مثال يُحتذى به داخل وخارج الملعب    مواعيد مباريات اليوم السبت 28 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    الرياضية: النصر يعرض على جيسوس 7 ملايين يورو سنويا    بالصور.. 57 لاعبًا يشاركون في المشروع القومي للموهبة الحركية باستاد الطور    محمود سعد عن حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية: هيمر زي ما مرت مئات الحوادث    الأسفلت يواصل حصد الأرواح.. حوادث طرق مُروعة في محافظات مصر خلال شهر    طقس شديد الحرارة في الإسكندرية.. وارتفاع ملحوظ بنسبة الرطوبة    إسفكسيا الغرق وراء وفاة شاب بمياه الرياح الناصري    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. خطوات الاستعلام    بسبب مبلغ مالي.. شاب يمزق جسد عامل بسكين في سوهاج    بمشاركة لؤي ومصطفى شوقي.. البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية يحتفل بثورة 30 يونيو    قبل صدور ابتدينا.. أبرز الملحنين والشعراء الأكثر تعاونا مع عمرو دياب في ألبوماته خلال ال10 سنوات الماضية    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    لا يقل الوزن عن 50 كيلوجراما.. تعرف على شروط وأهداف التبرع بالدم    الصحة: توقيع 10 بروتوكولات تعاون لتعزيز التصنيع والخدمات الصحية ضمن مؤتمر «صحة أفريقيا»    للتخلص من السعال وبرد الصيف.. طبيبة تنصح بتناول هذا المشروب    اليوم، امتحان مادة "اللغة الإنجليزية" لطلاب القسم العلمي للثانوية الأزهرية    الامتحانات صعبة وما حلش في العربي، تفاصيل تخلص طالب ثانوية عامة من حياته في الدقهلية    محمد عفيفي مطر.. شاعر الحرث والزروع.. عارض الرئيس السادات.. نشرت معظم دواوينه الأولى خارج مصر.. "من دفتر الصمت" بداية إبداعاته.. ورحل في مثل هذا اليوم منذ 15 عاما    6 علاجات منزلية للتخلص من أعراض القولون العصبي    طريقة عمل الباستا فلورا، لتحلية مسائية بأقل التكاليف    حظك اليوم السبت 28 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إذا أردت أن تتصدق علي صحة جسدك.. فعليك بإقامة تلك الصلاة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : شهداء لقمة العيش!    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال استهدف خيم النازحين بحى الرمال غربى غزة    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو والقنوات الناقلة مباشر في كأس العالم للأندية    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عضو مجلس الزمالك يتحدث عن عروض بنتايج.. وصفقات ممدوح عباس    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    «الجبهة الوطنية»: صرف 100 ألف جنيه لأسر المتوفيين و50 ألف للمصابين بحادث المنوفية    عراقجي يهاجم ترامب بسبب تصريحاته عن المرشد    برئاسة خالد فهمي.. «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    هدير.. طالبة التمريض التي ودّعت حلمها على الطريق الإقليمي    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    نجم الزمالك السابق يكشف مكاسب الأهلي في كأس العالم للأندية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة
نشر في شباب مصر يوم 16 - 09 - 2017

إلى أين تعيديننا أيتها العاطفة، إلى الأزل الذي عن إحساسنا لا ينحرف، أم أنك رحيل و للروح تخطف. إلى ذاك المساء، تهبين، بين بسمة و بكاء، و جهك المرصّع بالزمن، يطرح فرحا و محنا، أوراقك البيضاء، ضاع فيها البصر، بين صمت و سفر. أنت وحدك، امتلكتنا منذ الأمس، رفيقة الذات و النفس. تلك الأنفاس، نشعر بها تخترق أعماقنا، لقد مرّت البارحة لتواصل و تواصل نحو ذاك الأفق، بين "النحن" و ما هو غابر في اتجاه اللامعلوم. تعبرنا خلجاتك، كأنك ما تزالين و أن التاريخ استوقفك لتبصمين العبارة على شفتي الحرف، فنعانق وجدانك الملازم لمرقمك. كيف لذاك الشعور أن يركض دواخلنا كأنه الأبد، كيف للإحساسات أن تترابط، كيف تذرفين علينا ذاك الجنان، متى تعلّقت فينا ليسكننا بريقك. أنت، من رافقتنا نعامتك، لنركب مهجتك دون حاجتنا لشفرة العبور، أنت من قدت انتباهنا نحو جرحك و بهجتك، أنت من ملأت أبجديتنا بدهشة قلمك، أنت من راوحت بين التشاؤم و التفاؤل، ليستشقنا رحيقك "مأساة الحياة و أغنية للإنسان"، أنت من أزهر نضج حزنك، ليطرح "عاشقة الليل"، أنت الحكاية الباحثة عن اللانهاية، لتكوني أنت الشاعرة العراقية نازك الملائكة.
س دائما ذاك السؤال لا يغيب، هل لعقارب الساعة أن تجيب، أم أن جوابي سيخيب، و سؤالي سيبقى غريب، من أنا و من أكون؟
ج الليل يسأل من أنا، أنا سرّه العميق الأسود، أنا صمته المتمرّد، و الريح تسأل من أنا، أنا روحها الحيران أنكرني الزمان، أنا مثلها في لا مكان، و الدهر يسأل من أنا، أنا مثله جبّارة أطوي عصور، و أعود أمنحها النشور، و الذات تسأل من أنا، أنا مثلها حيرى أحدّق في ظلام، لا شيء يمنحني السلام، أبقى أسأل و الجواب سيظل يحجبه سراب، و أظلّ أحسبه دنى، فإذا وصلت إليه ذاب، و خبا و غاب.
س إنني في صمت، في سكون، في قلق ظاهر و مكنون، من حزن عشق بجنون، جناحي ابتسامة لا تحلّق، عيون أمل لا تتألّق، فأين الحلم لأتسلّق؟
ج عبثا تحلمين شاعرتي، ما من صباح لليل هذا الوجود، عبثا تسألين لن يكشف السرّ، و لن تنعمي بفكّ القيود، أبدا تنظرين للأفق المجهول حيرى، فهل من تجلى الخفي؟ أبدا تسألين و القدر الساخر، صمت مستغل أبدي، آه يا من ضاعت حياتك في الأحلام، ماذا جنيت غير الملال؟ لم يزل سرها دفينا، فيا ضيعة عمر قضيته في السؤال.
س أ لا يمكن أن تصيب سهام الأمل غطرسة الهذيان، فتكسر ظلمتها و تخضرّ الروح من جديد؟
ج هو سرّ الحياة دقّ على الأفهام، حتى ضاقت به الحكماء، فا يأسي يا فتاة، ما فهمت من قبل أسرارها، ففيم الرجاء؟
س لكأنك مشبّعة بقناعة الشاعر العباسي "أبو العلاء المعري" حيث يقول " كم وعظ الواعظون منا، و قام في الأرض أنبياء، فانصرفوا و البلاء باق، و لم يزل دائك العياء"؟
ج جاء من قبل أن تجيئي إلى الدنيا ملايين، ثم زالوا و بادوا، ليت شعري ماذا جنوا من لياليهم، و أين الأفراح و الأعياد، ليس منهم إلا قبور حزينات، أقيمت على ضفاف الحياة، رحلوا عن حمى الوجود و لاذوا، في سكون بعالم الأموات.
س أراد البوح أن يعتذر للروح فأهداها باقة من الصمت تزهر عند الألم، ما هي خصائص هذا الألم؟
ج مهدي ليالينا الأسى والحرق، ساقي مآقينا كؤوس الأرق، نحن وجدناه على دربنا، ذات صباح مطير، و نحن أعطيناه من حبنا، ربتة اشتياق و ركنا صغير، ينبض في قلبنا، فلم يعد يتركنا أو يغيب، عن دربنا مرة، يتبعنا ملء الوجود الرحيب، يا ليتنا لم نسقه قطرة، ذاك الصباح الكئيب.
س عندما يزقزق الحرف للألم، إلى أي عاطفة تطرب عين القلم؟
ج أين أسير و قلبي النزق، هنالك، مازال لا يبرد و لا يحترق، أحس حياتي تذوب، قفي لحظة واحدة، و لا تسحبي يدك الباردة، فأغنية الهاوية، تهيب بأقدامي الشاردة، و تلوي الدروب، قفي لحظة يا حبال الحياة، و لا تتركيني هنا، معلقة بالفراغ الرهيب، فأمسي الغريب تلاشى على آخر المنحنى، و ظل غدي، تلثّم، أوّاه لو أهتدي، قفي لحظة واحدة، و لا تسحبي يدك الباردة.
س قطفناها، دمعة من رحيق الحياة، أين تأخذنا ملامحها؟
ج لم أعد أبصر الحياة كما كنت رحيقا، يذوب في أقداحي، كل ما في الوجود يؤلمني الآن، و هذي الحياة تجرح نفسي، أين لون الزهار، لم أعد الآن أرى في الزهار غير البوار، أين همس النسيم، لم يعد الأنسام تغري قلبي بحب الجمال، فغدا يهمس النسيم بموتي، في عميق الهواى و فوق الجبال، ها أنا الآن تحت ظل من الصفصاف و التين مستطيب ظليل، أقطف الزهر، و إن رغبت الثمر الحلو في صباحي الجميل، و غدا ترسم الظلال على قبري خطوطا من الجمال الكئيب، و غدا من دمي غذائك يا صفصاف يا تين، أي ثأر رهيب. هي هذي الحياة، ساقية السمّ كؤوسا يطفو عليها الرحيق، أومأت للعطاش فاغترفوا منها و من ذاقها فليس يفيق، هي هذي الحياة زارعة الأشواك لا الزهور، و الدجى لا الضياء، هي نبع الآثام تستلهم الشر، و تحيى في الأرض لا السماء.
س حدثيني أيتها المسافرة في الأعماق، كيف هو الرحيل و ما ترنيمة شمائل الاشتياق؟
ج آه يا أيها الملاك، إلى روحك في الموت، حنّ روحي الحزين، أنا تلك التي حياتي على الأرض، اكتئاب و وحشة و حنين، آه لو بعت كل عمري بيوم، شاعريّ يراك فيه وجودي، من بعيد أرنو إلى الهيكل السامي، و أصغي إليك يا معبودي، و أرى كيف يغسل الدمع عيناك، و تبكي في وحشة الانفراد، و أرى كيف يرقص الألم الطاهر في مقلتيك قبل الرقاد، كيف يأتي الدجى عليك، فترنو في ذهول إلى ظلال الماضي، بين فكّ الذكرى، يعذّبك الشوق و تبقى في رعشة و انتفاض.
س دائما يتنفس الماضي إحساسنا فيحزننا لأنه يستنشقنا و لا يحتوينا، يسعده أن يقتاتنا و لا يحيينا، شعاره أن يخلّد الذكرى فينا، و يتركها بابا موصدا كتب عليه، من يلمسه يغلق بأيادينا، و لن نبصره إلى يوم تلاقينا، كيف هي صورة الماضي في عيون الشاعرة "نازك الملائكة"؟
ج سنحلم أننا نسير إلى الأمس لا للغد. نعود و هذا طريق الإياب المرير، لماذا نعود، أليس هنالك مكان وراء الوجود، نظل إليه نسير، و لا نستطيع الوصول. عدنا نسير، نجر أحاسيسنا الراكدة، و تصدمنا الأوجه الجامدة، نسير، نيسر، نحدق في أي شيء نراه، بهذا السياج المهدم أو سواه، نعلق، لا شوق يغري بنا، و لكن لأنا سئمنا السكون المخيف، و وقع خطانا الرتيبات فوق الرصيف، سئمنا، فأين المفر؟ لا بد من أن نعود، فليس هناك مكان وراء الوجود، نظل إليه نسير، و لا نستطيع الوصول.
س كيف يمكن أن نعود؟
ج سنعود، سنطوي الجبال، و ركام التلال، لن ترانا ليالي الشمال، ها هنا من جديد، لن يحسّ الفضاء المديد، نار آهاتنا في المساء الرهيب. لنعد، فهنالك نشيد قديم، حولنا هامس بالرجوع، بعد هذا الطواف الأليم، في جديب الشعاب، حيث تعوي الذئاب. لنعد، فالدجى بارد كالجليد. لنعد، فالجبال تكشّر عن ليلها المظلم، و هناك خلف الدجى المبهم، صوت أحبابنا في الظلام السحيق، نابضا بالحنين العميق، صوتهم مثقّلا بالعتاب، صوتهم ردّدته الشعاب، صوتهم في سكون المكان، دائر كالزمان، لنعد قبل أن يمضي الأفعوان.
س يرى الشاعر العباسي "البحتري" بأن " الليل أنشودة محببة إلى النفس الإنسانية، تعود إلينا بالصفاء كل يوم"، هل يتواصل إحساس الشاعرة "نازك الملائكة" مع هذا المعتقد حول الليل؟
ج أليل ألحان الحياة و شعرها، و مطاف ألهة الجمال الملهم، تهفو عليه النفس غير حبيسة، و تحلق الأرواح فوق الأنجم، كم سرت تحت ظلامه و نجومه، فنسيت أحزان الوجود المظلم.
شكرا لك الشاعرة العراقية نازك الملائكة، شاعرة الوجدان، التي سكنت خلجاتها الروح، و لم تغادر إلا لتكون هنا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.