تركها فى وادىٍ غير ذى زرع, قليل من الطعام الذى هو عبارة عن بعض من التمرات وقليل من الماء , تركها فى هذا الوادى مع طفلها الرضيع , لا أنيس يؤنس وحشتها , لا أقرباء لا جيران أو أصدقاء . نادة علية يا إبراهيم آفى هذا الوادى الموحش تتركنا ؟ أومأ برأسه آن هذا آمر من الله ....!!! ردت عليه بجملة واحدة إ‘ذاً لن يضيعنا ..... إنذوا إبراهيم بركن وأخذ يدعوا ربه بهذا الدعاء .... ((رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)) (إبراهيم 37) بعد فترة قصيرة ينفد الماء والطعام لديها وهى وحيدة فى قلب الصحراء. لم تكن هناك تكنولوجيا العصر الحديث حتى تتصل بدليفرى ليحضر لها ماتشتهية. لم يكن هناك أجهزة كهربائية لكى تصنع الطعام ولا اجهزة تكييف. لم يكن هناك هواتف محمولة لتتسلى بالنت والفيس بوك. كان هناك إله يسمع ويرى يسمع ويرى هاجر وهى تهرول بين الصفا والمروة بحثا عن جرعة ماء لينفجر بئر زمزم من بين يديها ويأتى الطير ليشرب من الماء وتصبح الصحراء عامرة بالسكان , وتكون السيطرة والتمكين فى الأرض لهاجر وإبنها إسماعيل عليهما السلام. لقد إبنلى الله إبراهيم بعدة بلاءات منها حرق قومه له بدون أدنى ذنب إلا أن دعاهم لقول لا إله إلا الله , فكان جزاءه الحرق فى النار من أقرب المقربين أبيه وأهله وعشيرته, ثم نجاه الله بأن قال للنار كونى برداً وسلاماً على إبراهيم. ثم جاء الإبتلاء الثانى بترك زوجه وولدة الذى جاءه بعد خمسة وثمانون عاماً تركهم فى الصحراء لكى يقوم بعمل الدعوة إلى الله . وجاء الإبتلاء الثالث والذى هو أشدهم الأمر بذبح إسماعيل. فبعد أن شب الولد وأصبح فى مرحلة الصبا يرى إبراهيم رؤية تتكرر أنه يذبح إينه إسماعيل, لا يدرى كيف يواجه الاب إبنه الوحيد ولده الذى إنتظره بعد أعوامٍ طويلة. يمشى فى الصحراء يقطع الاودية فى وسط الجبال يفكر كيف يواجه ولده بهذا الامر؟! ولكن الولد الذى ربته وعلمته وأدبته هاجرلم يكن ليعصِ آباه , فقد تعلم الصبر والحلم فيقول لاباه ياآبتِ إفعل ما تؤمرستجدنى إن شاء الله من الصابرين. وعندما حان وقت الذبح الأمر ليس بالهين هذا الاب يذبح قلبه قبل أن يذبح إبنه وهذا الابن الذى فى مقتبل العمرومقتبل الحياة . ولكن عندما يملأ الايمان القلب ويمتلئ بحب الله تهون الحياة ويهون كل شئ . بعد أن رضخ الجميع لآمر الله الاب والام والابن ورجم إبليس ووسوسته تأتى عدالة السماء ويُرسل الله كبشاً فداً لإسماعيل, ويُذبح الكبش بدلا من إسماعيل .{أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات:104- 106] فكيف يكون إيماننا بالله عز وجل وثقتنا فيه أنه لن يضيعنا أبدا ولن يتركنا أذا تمسكنا بحبله المتين.