المشاط: لا تراجع عن سياسات الإصلاح الاقتصادي لترسيخ الاستقرار وزيادة الإنتاج والاستثمار والتصدير    عاجل.. البنك المركزي المصري يخفض الفائدة 1%    البنك المركزي المصري يحقق صافي ربح بقيمة 143.079 مليار جنيه    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    كأس عاصمة مصر، البنك الأهلي يتقدم على الجونة بهدف في الشوط الأول    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    القبض على شخصين بتهمة الاعتداء على آخر بالسب لقيامه بإطعام الكلاب بالإسكندرية    ويتكوف يبلغ الوسطاء وإسرائيل بموعد بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    أشرف حكيمي يدعو كيليان مبابي وديمبيلي لحضور مباراة المغرب ضد مالي    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ
نشر في شباب مصر يوم 01 - 05 - 2017


السلام عليكم
و عليكم السلام
ينشدنا حرفه أزهارا تتفتّح بين مقاصده الراكضة في أرواحنا، نتأبّط خلجاته بين الإصغاء و التعبير، تأخذنا معانيه إلى ذاك السفر، في جوف واقع مازال بنا مستمر، يفوح عطر قلمه في حناجر صمتنا، لنبحر معه في تقاسيم الأحزان و زقزقات البهجة، تستنشق الغربة من عبق خطواته، لتروي لنا كلماته عن عمق اشتياقه، فلطالما ارتوى الورق من أنفاسه، ليحكي لنا اللفظ عن رحلة إحساسه، حياة تحاكي له لباسه، فيحضننا مرقمه لنكون من جلاّسه، هو الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ.
مرحبا بك سيدي
مرحبا بك وشكرا على أناقة حروفك التي تقدمت هذا الحوار، أتمنى أن تجدين والقارئ الكريم ما يثير اهتمامكم في رحلتي معكم من خلال سطور هذا الحوار.
س عندما يغفو حرف الشاعر "أحمد الصائغ" في جوف الإنسان "أحمد الصائغ"، ما المعاني التي تستأذن قلمه لترفرف على سطح الورق عابرة نحو أعماق القارئ؟
ج بدايةً لنتفق بأني لست شاعراً بمعنى كاتب القصيدة وفق معاييرها الفنية، ولكني شاعر بالحب الذي أعيشه ويرافقني في كل حالاتي، شاعرٌ بما يحيط بي من حالات إنسانية وجمالية، فلن تكون للحرف إغفاءة إلا على سطح الورق ليرسم براكين من المشاعر بفرشاة الحقيقة لتصل إلى القارئ بدفئ صدقها، فانا استحضر الحرف في كل دقائق حياتي ليكون رفيقا ولصيقا، أتنفس من خلاله كل حالات الجمال التي تحيط بي، وحتى الحزن فهو أيضا يراقص الحرف، ليمطر معاني إنسانية وجمالية، فنسيج الحروف التي تتشكل منها همساتي هي بوابتي للوصول إلى أعماق القارئ.
س عندما نستنشق حرف الشاعر "أحمد الصائغ"، أين تأخذنا هذه الأريجة؟
ج إلى مدن الورد التي اكتب من خلالها همساتي، إلى مرافئ بعيدة حيث الحبيبة التي تفرش للعاشق رمال الشوق على سواحل الانتظار، وتأخذني أيضا إلى أعماق الروح لأجد من خلالها ذاتي.
س عندما يجوب الحرف أعماق الإنسان "أحمد الصائغ"، ما مواصفات المنحوتة التي يضعها أمامنا فتتلمّس فينا شراكة النفس و الذات؟
ج ليس لها مواصفات أو ملامح واضحة، إنها مزيج من الواقعية والخيال التي ارسمها بلون عينيها، ومزيج من أمواج البحر وزرقة السماء بطعم الصباح ، فهي التي توجه بوصلة الحرف باتجاه حدائقها لتسقيها من ندى المعاني.
س "يتساقط الحزن من عينيها، ليفترش أوراقي"، كيف هي دموع أوراقك؟
ج لأوراقي دموع بطعم اليتم المبكر، الفقد الأول، الصدمة الأولى، الخسارات المتعاقبة، فهي أمطار حزن موروث يتناسل مع الذات منذ الخليقة الأولى.
س متى يقول الإنسان "أحمد الصائغ" ترتاح أيامي على جبينك أيها الأمل المبشر بصباح جديد؟
ج أقسم باني قلتها ذات لقاء على حافة الفرح، صرخت بها وأنا أتمدد بانتظار الفجر على شاطئ الحلم، كان صدر الأرض اقرب لي من نفسي وأنا أضع رأسي المتعب من هموم الوطن والغربة لأتلمس الدفء الذي يمنحني القوة كي أحيا من جديد وسط أمواج تأخذنا إلى أعماق الغيب وتعود بنا غرباء حتى ان أنفسنا.
س "على بعد مسارات الدمع يسكنني الوطن في منفاي"، ما هو زاد الغربة في محاورتها للعراقي "أحمد الصائغ" حول شغف الروح بالوطن؟
ج مازالت الروح هناك تعيش في أزفة الوطن وحاراتها، تشارك أطفال بلدي الذين لا يجدون مأوى غير ضمير الإنسانية اليت نفقدها في زمننا الأغبر، فانا في المنفى جسد بارد يجيد أداء الدور الحياتي ويتفاعل مع المجتمع بحكم السكن وليس بواقع الانتماء الذي لا أجد بديلا عن حاراتنا التي مازلت أشم عطر بيوتها العتيقة، فانا مجنون بحب الوطن وعاشق ابدي لترابه رغم كل الويلات التي مر به فسيبقى بعيوني هو الأجمل.
س يقول الشاعر العراقي "محمد مهدي الجواهري" "سهرت و طال شوقي للعراق، و هل يدنو بعيد باشتياق"، فهل يدنو بعيد باشتياق؟
ج رحم الله الجواهري، فهو كان يتمنى أن يغتسل من دجلة الخير قبل أن يغمض عينيه غريبا وفي روحه غصه اسمها العراق، فانا مع قول الجواهري الكبير فالشوق لا يدنو البعيد إن كان بعيدا، ولكن بالنسبة لي قد أرى الأمر من منظار آخر، فأقول بأن العراق ليس بالبعيد عني، فهو يسكنني و أنا أعيشه حلما وواقعاً، أعيشه في صلواتي وخلواتي، في خوفي وقلقي ، في نجاحاتي وانكساراتي، وأعيشه بكل تفاصيل يومياتي منذ ساعات الصباح إلى آخر النهار، حتى عند اغفائتي أشعر بدفء أحضانه.
س مازالت ذاكرتك أيها المكان تمتحن اشتياقي، إلى أين مع الذاكرة و روائح المكان؟
ج لكل مكان ذكرى أحمل عطرها في قارورة الروح، فأول الأمكنة تلك التي حبوت فيها طفلا، وتلك التي تذوقت بها يتمي المبكر، وتلك التي منحتني دهشة الحب الأول، وتلك التي تتلمذت فيها ونهلت من غدير المعرفة، وكسبت من خلالها عشرات الأصدقاء ، وتلك التي أغرقتها بدموعي وأنا أسير في جنازة الحبيب الأول، وتلك التي فقدت بها رائحة الجنة والدتي.
س عودة الطير لأوكارها، بين الرحيل و العودة، إلى أين تأخذ العراقي "أحمد الصائغ" عبر طريق الابتعاد و الاقتراب؟
ج لابد للطيور المهاجرة وان طال بها السفر من عودة إلى أوطانها، ومهما استطاعت الأسماك صمودا في البقاء على الساحل فإنها ستعود إلى البحر كي تنعم بالحياة، روحي سمكة تسكن أعماق الوطن، وأنا في توق شديد لان يعود الجسد ليعانق الروح تحت خيمة الوطن.
س "العراق دمعة حائرة بعين الزمان"، كيف يلامس العراقي "أحمد الصائغ" هذه الدمعة ليمسح عن ملامحها وهج الألم؟
ج أقولها بحزن وألم مر، الكل شارك في صناعة هذه الدمعة، ومنهم من زاد عليها لتصبح انهار دمع، ولكن وأنا على يقين بان العراق سيستعيد عافيته ذات فرح، يعم جميع بلادنا العربية لننعم بالحب ونشم عطر الكرامة الذي غادر بلداننا للأسف بعد أن اعتدنا ومنذ فترة طويلة أن نشم رائحة الخيانة والتخاذل.
س طوق النسيان في عنق الوجع، ماذا يغرّد على مسامع الإحساس لدى مغترب أنشد الآه للوطن؟
ج إلى بلاد ألف آهٍ وآه
وألف دمعة وغصة...
إلى بلاد الله...
وطني
حين يصلب على أشجار الحزن
وتُقطع الأشلاء
وحين يطّوق الخوف
عنق آلامك .... أحلامك
ترتفع روحي إلى السماء
معاتبةً، شاكية، باكية
وأبقى جسداً مسجى
يطرق بصمت ابواب النسيان
س هل نفهم من تصريحك هذا توافقا مع معتقد الكاتب الأمريكي "ستيفن كوفي" حيث يقول "تعلم فن النسيان، تعلم كيف تنسى لتعيش، لا تتخذ موقفا من كل حادثة تمر"؟
ج علمتنا الحياة بأن كل شيء قابل للنسيان إلا الوطن والحبيبة، ما عدا ذلك فانا أتوافق بالرأي مع ستيفن كوفي ووصاياه، فالنسيان هي نعمة أوجدها الله لنعيش كل يوم بصبح أجمل، والنسيان هو أيضا غسيل للذاكرة من تراكمات الزمن.
س يقول الشاعر العراقي "معروف الرصافي" " جبلنا على حب الحياة و إنها مخيفة أحلام طافت بحالم"، كيف تجادل هذه القناعة؟
ج رغم كل أحزانها وعذاباتها لكن تبقى الحياة جميلة وممتعة، وحينما يمر طيف الحبيبة في ذاكرتنا فيزيد من تمسكنا بالحياة ولن نفرط في دقائقها، ولكن حلم البقاء فيها يبدأ يتلاشى كلما تقدم بنا العمر واودعتنا الحياة على أرصفة الانتظار، فهي تخيفنا ونحبها طمعا في الحصول على مساحات أكثر وفرص اكبر للبقاء لفترة أطول بين سطورها.
س سأخرج من الأنا، لأتبضّع من نبضك، حلم، لوّن شراييني، كيف يتفاعل الإنسان، العراقي، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" مع هذا الإحساس؟
ج على حافة الحلم...
تغفو نوارس الروح
تتحسس النبض
سمفونية لم تعزف بعد...
وحنين لدفئ شواطئها...
لدخان سكائرها، والبحر
بلون الصبح
يطرزه الوجد
على شرفة الانتظار
س اقطفيني يا زهرة الحلم، علّني أصير ثمارا لشجيرات خضر، هل يمكن للحالم "أحمد الصائغ" أن يرافق هذه الابتسامة؟
ج الابتسامة هي التي رافقتني منذ أن التقيتها ذات شوق في حدائق الحلم محلقاً في سمائها الصافية، نؤدي معا رقصة السعادة الأبدية على أنغام أنفاسها التي ملأت كياني حباً وانتعاشاَ ورغبة للوصول إلى غدير قلبها الذي مازال عذبا كصباحات روحي حين ارتشف رغوة حروفها التي تختصر كل مسارات حياتي التي كنت اعرف بأنها ستؤدي إلى حدائقها لتمنحني طعماً أجمل الحياة وأنا اغفوا بين شفتيها فاكهة من أعناب وتين وحب.
س من بين خلجات الروح تسلّل حلم، و إلى الإرادة العتيدة تكلّم، فاستمع الواقع و لكليهما استسلم، ليخرج " النور" ليحيي و يسلّم، كيف حافظ هذا الحلم على توازنه في مصاحبته للواقع؟
ج هو حلم قديم حديث بأن نتسلل إلى قلوب الناس ونزرع فيها بذور الحب والجمال، راودني هذا الحلم وأنا أتابع حجم الكارثة التي حلت بنا وبثقافتنا الأحادية التي باتت لم تتقبل الآخر حتى أصبحنا فرقا ومجاميع متحاربة على الواقع الافتراضي الذي انعكس على واقعنا سلبا بدلا أن يكون هذا الانفتاح الافتراضي هو حالة ايجابية يزيدنا تقاربا وتفهما واندماج، فكانت ذروتها عام 2005 حيث بدأ السباب والعراك بشكل لافت للنظر، فحاولنا أن نطلق صرخة لنوقظ الجانب الجمالي في الروح لدى المتحاربين، لنقول بان الحرف لابد أن يجمعنا على مائدة الحب، فكان النور الذي استطاع أن يضم تحت خيمته سبعة آلاف كاتب وكاتبة من جميع بلادنا العربية باختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والعقائدية، لنكون بيتا واحدا ينعم بالحب والإبداع وهو جسر محبة بين شرق بلادنا العربية وغربها، ومازالت الوسطية والحيادية هي نهجنا الثابت بالتعامل مع النصوص والتعليقات التي ترد إلينا، وهذا ما جعلنا نستمر وبقوة رغم غزوة شبكات التواصل الاجتماعي وانصراف اغلب جمهور المثقفين إلى هناك، لكن بقى موقع النور الاليكتروني يحافظ على جمهوره وعدد قراءاته المتزايدة.
س يرى العالم و الطبيب "ابن سينا" بأن "امش في الصنادل حتى تمنحك الحكمة أحذية"، كيف كانت مسيرة "النور" انطلاقا من روح هذه المقولة؟
ج اتخذت النور من الإبداع وطناَ، ومن حدائق الجمال مجالاً خصبا للبحث عن المبدعين حتى أصبحت حقولاً واسعة تسورها الأشجار الكبيرة من عمالقة الإبداع ولتحتمي بفيئها البراعم التي تحتاج إلى الرعاية، إلى أن تتفتح إبداعا، لتأخذ دورها في فضاءات الإبداع بعد أن نمت في بيئة صحية.
س بأي لغة يكلم الإبداع الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و كيف تتواصل معه، بين زرع و حصاد؟
ج بلغة القلب التي هي الأصدق ولأبلغ، أسجل همساتي كلما هاجت في الروح حاجة، فأنثر بذور الحرف في مساحات الإبداع واستمطر غيمة المعاني وأنا أسعى لولادة نص جديد من رحم الموقف، لأنعم بحصاد يشعرني بالرضا ويمنحها الفرح.
س هل أرض الإبداع خصبة أمام بذور حرف الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ"؟
ج لا اغرس بذور الحرف إلا إذا توفرت لها تربة خصبة تتفاعل بشكل ايجابي معها، فأنا اعتبر بان لحصاد النص مواسم لا تأتي إلا إذا توفرت لها الزمان والمكان والإحساس الذي يشكل العنصر الرئيس في توجيه بوصلة النص إلى مناطق الإبداع.
س يعتقد الكاتب المسرحي و الروائي السويسري "ماكس فريش" أنه " يمكنك التعبير عن أي شيء بالكلمات فيما عدا حياتك أنت"، هل تعتقد في امتلاكه لرحيق الحقيقة بقطفه لهذه الرؤية؟
ج لا يمكن أن نمتلك رحيق الحقيقة بفكرنا القاصر، فالحقيقة مطلقة والفكر مقيد، إلا إذا اقتربنا من مساحات الواقعية وهذا ما فعله فريش، فانا أجد أن الحياة مصطلح كبير يضم به مسارات البشرية منذ النشأة الأولى، فمهما كتبتُ عني فلم أجد ما يغطي الأنا التي أعيش تفاصيلها اليومية وصراعاتها وتصالحاتها، في غموضها وبساطتها، في حاجاتها اللامتناهية ، فكيف يمكن لك أن تصور البحر وأنت تقف على حافة نهر.
س "احمد الصائغ ... عراقي أطلق صرخته الأولى بوجه العالم عام 1962 في مدينة الكوفة، هذه المدينة الغافية على نهر الفرات، تنفس بها الحب والطيبة والوفاء"، أين يترجّل الإنسان "أحمد الصائغ" بين الحب و الطيبة و الوفاء؟
ج الكوفة... المدينة الأقرب إلى الله، في بيوتاتها، ناسها، جوامعها، أسواقها، النهر الذي يمر عبر أطرافها بهدوء، في هذه المدينة التي أنجبت كبار الأدباء والشعراء وشخصيات الفكر والعلم ، ولدت أنا من عائلة بسيطة، أرضعتني الحب والجمال حتى لازمني هذا الحب الكبير ليمتد إلى كل ما أراه حولي من خلال المرورث الكبير الذي خلفته لي المدينة والعائلة. فانا زرت عواصم ومدن عربية وأوربية عديدة، ووقفت على نهر السين، والدانوب والراين ولكني لم أجد روحي إلا في نهر الكوفة تغتسل كلما ضاق بها الهم وغلفها غبار الحزن لتستعيد طفولتها التي أسعى للبحث عنها.
س "أحب الشاطئ و القمر "، لطالما اشتقت لرفقة البحر و المطر، في وهج النجوم و خرير القمر، عندما تتآلف هذه المشاعر، عبر الحرف، القلم و الورق، ما ملامح حبيس الأعماق، الذي بركوب زورقها انعتق؟
ج حكاياتي مع البحر تمتد إلى الحلم الأول، فهناك جالستها طويلا، وهناك تذوقت طعم اللقاء الأول، فرافقني طيف البحر في محطات حياتي، إلا أن التقيته هنا في مدينة مالمو السويدية الذي يحدها بحر الشمال على امتداد حدودها الغربية، فأصبحت أدمن الجلوس على شاطئه وأنا أراقب بدهشة قرص الشمس وهو يترجل من برجه العالي ليغتسل عند الضفة الأخرى من البحر كل مساء، ويبهرني القمر الذي يولد عاليا يحمل ابتسامة لم اعرف سرها إلا أن التقيتها ذات شوق تحت ضوئه عند اقتراب الفجر لتأخذني بزورقها الذي يشبه لون البحر في رحلة الحياة، هي التي فسرت لي معانٍ كثيرة منها عشقي الدائم للبحر.
س "من حزن المساء ضمّدت الجراح"، عندما يعبر المساء، الشاعر "أحمد الصائغ"، ما هي شمائل العلاقة التي يولّدها اختلاطهما؟
ج الحزن هو حالة إنسانية كبرى يعيشها كل منا بدرجات وأسباب مختلفة، حتى قد يكون أحيانا هو الصديق الدائم والأبدي، ولكن هناك علاقة غريبة بين المساء والحزن، فالمساءات هي التي ترتل أحزاننا دوما في محراب الذكرى، فتزيدها توهجاً واستحضاراً لجراحاتنا المتتالية لتكون لها بلسما يخفف عن حجم الصدمة بانهار الحزن الذي يتسلل إلى داخلنا وهو يضمد تلك الجراحات برباط الزمن.
أبعد الله عنا و عنك كل الأحزان، و شكرا لحسن تواصلك، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و إلى لقاء آخر إن شاء الله
شكرا لك سيدتي أمتعني حوارك وأسئلتك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.