شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    الصين تُبقي أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السادس رغم مؤشرات التباطؤ    ترامب يوقع قانونًا لنشر ملفات جيفري إبستين.. ويعلن لقاءً مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب    حجبت الرؤية بشكل تام، تحذير عاجل من محافظة الجيزة للمواطنين بشأن الشبورة الكثيفة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ
نشر في شباب مصر يوم 01 - 05 - 2017


السلام عليكم
و عليكم السلام
ينشدنا حرفه أزهارا تتفتّح بين مقاصده الراكضة في أرواحنا، نتأبّط خلجاته بين الإصغاء و التعبير، تأخذنا معانيه إلى ذاك السفر، في جوف واقع مازال بنا مستمر، يفوح عطر قلمه في حناجر صمتنا، لنبحر معه في تقاسيم الأحزان و زقزقات البهجة، تستنشق الغربة من عبق خطواته، لتروي لنا كلماته عن عمق اشتياقه، فلطالما ارتوى الورق من أنفاسه، ليحكي لنا اللفظ عن رحلة إحساسه، حياة تحاكي له لباسه، فيحضننا مرقمه لنكون من جلاّسه، هو الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ.
مرحبا بك سيدي
مرحبا بك وشكرا على أناقة حروفك التي تقدمت هذا الحوار، أتمنى أن تجدين والقارئ الكريم ما يثير اهتمامكم في رحلتي معكم من خلال سطور هذا الحوار.
س عندما يغفو حرف الشاعر "أحمد الصائغ" في جوف الإنسان "أحمد الصائغ"، ما المعاني التي تستأذن قلمه لترفرف على سطح الورق عابرة نحو أعماق القارئ؟
ج بدايةً لنتفق بأني لست شاعراً بمعنى كاتب القصيدة وفق معاييرها الفنية، ولكني شاعر بالحب الذي أعيشه ويرافقني في كل حالاتي، شاعرٌ بما يحيط بي من حالات إنسانية وجمالية، فلن تكون للحرف إغفاءة إلا على سطح الورق ليرسم براكين من المشاعر بفرشاة الحقيقة لتصل إلى القارئ بدفئ صدقها، فانا استحضر الحرف في كل دقائق حياتي ليكون رفيقا ولصيقا، أتنفس من خلاله كل حالات الجمال التي تحيط بي، وحتى الحزن فهو أيضا يراقص الحرف، ليمطر معاني إنسانية وجمالية، فنسيج الحروف التي تتشكل منها همساتي هي بوابتي للوصول إلى أعماق القارئ.
س عندما نستنشق حرف الشاعر "أحمد الصائغ"، أين تأخذنا هذه الأريجة؟
ج إلى مدن الورد التي اكتب من خلالها همساتي، إلى مرافئ بعيدة حيث الحبيبة التي تفرش للعاشق رمال الشوق على سواحل الانتظار، وتأخذني أيضا إلى أعماق الروح لأجد من خلالها ذاتي.
س عندما يجوب الحرف أعماق الإنسان "أحمد الصائغ"، ما مواصفات المنحوتة التي يضعها أمامنا فتتلمّس فينا شراكة النفس و الذات؟
ج ليس لها مواصفات أو ملامح واضحة، إنها مزيج من الواقعية والخيال التي ارسمها بلون عينيها، ومزيج من أمواج البحر وزرقة السماء بطعم الصباح ، فهي التي توجه بوصلة الحرف باتجاه حدائقها لتسقيها من ندى المعاني.
س "يتساقط الحزن من عينيها، ليفترش أوراقي"، كيف هي دموع أوراقك؟
ج لأوراقي دموع بطعم اليتم المبكر، الفقد الأول، الصدمة الأولى، الخسارات المتعاقبة، فهي أمطار حزن موروث يتناسل مع الذات منذ الخليقة الأولى.
س متى يقول الإنسان "أحمد الصائغ" ترتاح أيامي على جبينك أيها الأمل المبشر بصباح جديد؟
ج أقسم باني قلتها ذات لقاء على حافة الفرح، صرخت بها وأنا أتمدد بانتظار الفجر على شاطئ الحلم، كان صدر الأرض اقرب لي من نفسي وأنا أضع رأسي المتعب من هموم الوطن والغربة لأتلمس الدفء الذي يمنحني القوة كي أحيا من جديد وسط أمواج تأخذنا إلى أعماق الغيب وتعود بنا غرباء حتى ان أنفسنا.
س "على بعد مسارات الدمع يسكنني الوطن في منفاي"، ما هو زاد الغربة في محاورتها للعراقي "أحمد الصائغ" حول شغف الروح بالوطن؟
ج مازالت الروح هناك تعيش في أزفة الوطن وحاراتها، تشارك أطفال بلدي الذين لا يجدون مأوى غير ضمير الإنسانية اليت نفقدها في زمننا الأغبر، فانا في المنفى جسد بارد يجيد أداء الدور الحياتي ويتفاعل مع المجتمع بحكم السكن وليس بواقع الانتماء الذي لا أجد بديلا عن حاراتنا التي مازلت أشم عطر بيوتها العتيقة، فانا مجنون بحب الوطن وعاشق ابدي لترابه رغم كل الويلات التي مر به فسيبقى بعيوني هو الأجمل.
س يقول الشاعر العراقي "محمد مهدي الجواهري" "سهرت و طال شوقي للعراق، و هل يدنو بعيد باشتياق"، فهل يدنو بعيد باشتياق؟
ج رحم الله الجواهري، فهو كان يتمنى أن يغتسل من دجلة الخير قبل أن يغمض عينيه غريبا وفي روحه غصه اسمها العراق، فانا مع قول الجواهري الكبير فالشوق لا يدنو البعيد إن كان بعيدا، ولكن بالنسبة لي قد أرى الأمر من منظار آخر، فأقول بأن العراق ليس بالبعيد عني، فهو يسكنني و أنا أعيشه حلما وواقعاً، أعيشه في صلواتي وخلواتي، في خوفي وقلقي ، في نجاحاتي وانكساراتي، وأعيشه بكل تفاصيل يومياتي منذ ساعات الصباح إلى آخر النهار، حتى عند اغفائتي أشعر بدفء أحضانه.
س مازالت ذاكرتك أيها المكان تمتحن اشتياقي، إلى أين مع الذاكرة و روائح المكان؟
ج لكل مكان ذكرى أحمل عطرها في قارورة الروح، فأول الأمكنة تلك التي حبوت فيها طفلا، وتلك التي تذوقت بها يتمي المبكر، وتلك التي منحتني دهشة الحب الأول، وتلك التي تتلمذت فيها ونهلت من غدير المعرفة، وكسبت من خلالها عشرات الأصدقاء ، وتلك التي أغرقتها بدموعي وأنا أسير في جنازة الحبيب الأول، وتلك التي فقدت بها رائحة الجنة والدتي.
س عودة الطير لأوكارها، بين الرحيل و العودة، إلى أين تأخذ العراقي "أحمد الصائغ" عبر طريق الابتعاد و الاقتراب؟
ج لابد للطيور المهاجرة وان طال بها السفر من عودة إلى أوطانها، ومهما استطاعت الأسماك صمودا في البقاء على الساحل فإنها ستعود إلى البحر كي تنعم بالحياة، روحي سمكة تسكن أعماق الوطن، وأنا في توق شديد لان يعود الجسد ليعانق الروح تحت خيمة الوطن.
س "العراق دمعة حائرة بعين الزمان"، كيف يلامس العراقي "أحمد الصائغ" هذه الدمعة ليمسح عن ملامحها وهج الألم؟
ج أقولها بحزن وألم مر، الكل شارك في صناعة هذه الدمعة، ومنهم من زاد عليها لتصبح انهار دمع، ولكن وأنا على يقين بان العراق سيستعيد عافيته ذات فرح، يعم جميع بلادنا العربية لننعم بالحب ونشم عطر الكرامة الذي غادر بلداننا للأسف بعد أن اعتدنا ومنذ فترة طويلة أن نشم رائحة الخيانة والتخاذل.
س طوق النسيان في عنق الوجع، ماذا يغرّد على مسامع الإحساس لدى مغترب أنشد الآه للوطن؟
ج إلى بلاد ألف آهٍ وآه
وألف دمعة وغصة...
إلى بلاد الله...
وطني
حين يصلب على أشجار الحزن
وتُقطع الأشلاء
وحين يطّوق الخوف
عنق آلامك .... أحلامك
ترتفع روحي إلى السماء
معاتبةً، شاكية، باكية
وأبقى جسداً مسجى
يطرق بصمت ابواب النسيان
س هل نفهم من تصريحك هذا توافقا مع معتقد الكاتب الأمريكي "ستيفن كوفي" حيث يقول "تعلم فن النسيان، تعلم كيف تنسى لتعيش، لا تتخذ موقفا من كل حادثة تمر"؟
ج علمتنا الحياة بأن كل شيء قابل للنسيان إلا الوطن والحبيبة، ما عدا ذلك فانا أتوافق بالرأي مع ستيفن كوفي ووصاياه، فالنسيان هي نعمة أوجدها الله لنعيش كل يوم بصبح أجمل، والنسيان هو أيضا غسيل للذاكرة من تراكمات الزمن.
س يقول الشاعر العراقي "معروف الرصافي" " جبلنا على حب الحياة و إنها مخيفة أحلام طافت بحالم"، كيف تجادل هذه القناعة؟
ج رغم كل أحزانها وعذاباتها لكن تبقى الحياة جميلة وممتعة، وحينما يمر طيف الحبيبة في ذاكرتنا فيزيد من تمسكنا بالحياة ولن نفرط في دقائقها، ولكن حلم البقاء فيها يبدأ يتلاشى كلما تقدم بنا العمر واودعتنا الحياة على أرصفة الانتظار، فهي تخيفنا ونحبها طمعا في الحصول على مساحات أكثر وفرص اكبر للبقاء لفترة أطول بين سطورها.
س سأخرج من الأنا، لأتبضّع من نبضك، حلم، لوّن شراييني، كيف يتفاعل الإنسان، العراقي، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" مع هذا الإحساس؟
ج على حافة الحلم...
تغفو نوارس الروح
تتحسس النبض
سمفونية لم تعزف بعد...
وحنين لدفئ شواطئها...
لدخان سكائرها، والبحر
بلون الصبح
يطرزه الوجد
على شرفة الانتظار
س اقطفيني يا زهرة الحلم، علّني أصير ثمارا لشجيرات خضر، هل يمكن للحالم "أحمد الصائغ" أن يرافق هذه الابتسامة؟
ج الابتسامة هي التي رافقتني منذ أن التقيتها ذات شوق في حدائق الحلم محلقاً في سمائها الصافية، نؤدي معا رقصة السعادة الأبدية على أنغام أنفاسها التي ملأت كياني حباً وانتعاشاَ ورغبة للوصول إلى غدير قلبها الذي مازال عذبا كصباحات روحي حين ارتشف رغوة حروفها التي تختصر كل مسارات حياتي التي كنت اعرف بأنها ستؤدي إلى حدائقها لتمنحني طعماً أجمل الحياة وأنا اغفوا بين شفتيها فاكهة من أعناب وتين وحب.
س من بين خلجات الروح تسلّل حلم، و إلى الإرادة العتيدة تكلّم، فاستمع الواقع و لكليهما استسلم، ليخرج " النور" ليحيي و يسلّم، كيف حافظ هذا الحلم على توازنه في مصاحبته للواقع؟
ج هو حلم قديم حديث بأن نتسلل إلى قلوب الناس ونزرع فيها بذور الحب والجمال، راودني هذا الحلم وأنا أتابع حجم الكارثة التي حلت بنا وبثقافتنا الأحادية التي باتت لم تتقبل الآخر حتى أصبحنا فرقا ومجاميع متحاربة على الواقع الافتراضي الذي انعكس على واقعنا سلبا بدلا أن يكون هذا الانفتاح الافتراضي هو حالة ايجابية يزيدنا تقاربا وتفهما واندماج، فكانت ذروتها عام 2005 حيث بدأ السباب والعراك بشكل لافت للنظر، فحاولنا أن نطلق صرخة لنوقظ الجانب الجمالي في الروح لدى المتحاربين، لنقول بان الحرف لابد أن يجمعنا على مائدة الحب، فكان النور الذي استطاع أن يضم تحت خيمته سبعة آلاف كاتب وكاتبة من جميع بلادنا العربية باختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والعقائدية، لنكون بيتا واحدا ينعم بالحب والإبداع وهو جسر محبة بين شرق بلادنا العربية وغربها، ومازالت الوسطية والحيادية هي نهجنا الثابت بالتعامل مع النصوص والتعليقات التي ترد إلينا، وهذا ما جعلنا نستمر وبقوة رغم غزوة شبكات التواصل الاجتماعي وانصراف اغلب جمهور المثقفين إلى هناك، لكن بقى موقع النور الاليكتروني يحافظ على جمهوره وعدد قراءاته المتزايدة.
س يرى العالم و الطبيب "ابن سينا" بأن "امش في الصنادل حتى تمنحك الحكمة أحذية"، كيف كانت مسيرة "النور" انطلاقا من روح هذه المقولة؟
ج اتخذت النور من الإبداع وطناَ، ومن حدائق الجمال مجالاً خصبا للبحث عن المبدعين حتى أصبحت حقولاً واسعة تسورها الأشجار الكبيرة من عمالقة الإبداع ولتحتمي بفيئها البراعم التي تحتاج إلى الرعاية، إلى أن تتفتح إبداعا، لتأخذ دورها في فضاءات الإبداع بعد أن نمت في بيئة صحية.
س بأي لغة يكلم الإبداع الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و كيف تتواصل معه، بين زرع و حصاد؟
ج بلغة القلب التي هي الأصدق ولأبلغ، أسجل همساتي كلما هاجت في الروح حاجة، فأنثر بذور الحرف في مساحات الإبداع واستمطر غيمة المعاني وأنا أسعى لولادة نص جديد من رحم الموقف، لأنعم بحصاد يشعرني بالرضا ويمنحها الفرح.
س هل أرض الإبداع خصبة أمام بذور حرف الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ"؟
ج لا اغرس بذور الحرف إلا إذا توفرت لها تربة خصبة تتفاعل بشكل ايجابي معها، فأنا اعتبر بان لحصاد النص مواسم لا تأتي إلا إذا توفرت لها الزمان والمكان والإحساس الذي يشكل العنصر الرئيس في توجيه بوصلة النص إلى مناطق الإبداع.
س يعتقد الكاتب المسرحي و الروائي السويسري "ماكس فريش" أنه " يمكنك التعبير عن أي شيء بالكلمات فيما عدا حياتك أنت"، هل تعتقد في امتلاكه لرحيق الحقيقة بقطفه لهذه الرؤية؟
ج لا يمكن أن نمتلك رحيق الحقيقة بفكرنا القاصر، فالحقيقة مطلقة والفكر مقيد، إلا إذا اقتربنا من مساحات الواقعية وهذا ما فعله فريش، فانا أجد أن الحياة مصطلح كبير يضم به مسارات البشرية منذ النشأة الأولى، فمهما كتبتُ عني فلم أجد ما يغطي الأنا التي أعيش تفاصيلها اليومية وصراعاتها وتصالحاتها، في غموضها وبساطتها، في حاجاتها اللامتناهية ، فكيف يمكن لك أن تصور البحر وأنت تقف على حافة نهر.
س "احمد الصائغ ... عراقي أطلق صرخته الأولى بوجه العالم عام 1962 في مدينة الكوفة، هذه المدينة الغافية على نهر الفرات، تنفس بها الحب والطيبة والوفاء"، أين يترجّل الإنسان "أحمد الصائغ" بين الحب و الطيبة و الوفاء؟
ج الكوفة... المدينة الأقرب إلى الله، في بيوتاتها، ناسها، جوامعها، أسواقها، النهر الذي يمر عبر أطرافها بهدوء، في هذه المدينة التي أنجبت كبار الأدباء والشعراء وشخصيات الفكر والعلم ، ولدت أنا من عائلة بسيطة، أرضعتني الحب والجمال حتى لازمني هذا الحب الكبير ليمتد إلى كل ما أراه حولي من خلال المرورث الكبير الذي خلفته لي المدينة والعائلة. فانا زرت عواصم ومدن عربية وأوربية عديدة، ووقفت على نهر السين، والدانوب والراين ولكني لم أجد روحي إلا في نهر الكوفة تغتسل كلما ضاق بها الهم وغلفها غبار الحزن لتستعيد طفولتها التي أسعى للبحث عنها.
س "أحب الشاطئ و القمر "، لطالما اشتقت لرفقة البحر و المطر، في وهج النجوم و خرير القمر، عندما تتآلف هذه المشاعر، عبر الحرف، القلم و الورق، ما ملامح حبيس الأعماق، الذي بركوب زورقها انعتق؟
ج حكاياتي مع البحر تمتد إلى الحلم الأول، فهناك جالستها طويلا، وهناك تذوقت طعم اللقاء الأول، فرافقني طيف البحر في محطات حياتي، إلا أن التقيته هنا في مدينة مالمو السويدية الذي يحدها بحر الشمال على امتداد حدودها الغربية، فأصبحت أدمن الجلوس على شاطئه وأنا أراقب بدهشة قرص الشمس وهو يترجل من برجه العالي ليغتسل عند الضفة الأخرى من البحر كل مساء، ويبهرني القمر الذي يولد عاليا يحمل ابتسامة لم اعرف سرها إلا أن التقيتها ذات شوق تحت ضوئه عند اقتراب الفجر لتأخذني بزورقها الذي يشبه لون البحر في رحلة الحياة، هي التي فسرت لي معانٍ كثيرة منها عشقي الدائم للبحر.
س "من حزن المساء ضمّدت الجراح"، عندما يعبر المساء، الشاعر "أحمد الصائغ"، ما هي شمائل العلاقة التي يولّدها اختلاطهما؟
ج الحزن هو حالة إنسانية كبرى يعيشها كل منا بدرجات وأسباب مختلفة، حتى قد يكون أحيانا هو الصديق الدائم والأبدي، ولكن هناك علاقة غريبة بين المساء والحزن، فالمساءات هي التي ترتل أحزاننا دوما في محراب الذكرى، فتزيدها توهجاً واستحضاراً لجراحاتنا المتتالية لتكون لها بلسما يخفف عن حجم الصدمة بانهار الحزن الذي يتسلل إلى داخلنا وهو يضمد تلك الجراحات برباط الزمن.
أبعد الله عنا و عنك كل الأحزان، و شكرا لحسن تواصلك، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و إلى لقاء آخر إن شاء الله
شكرا لك سيدتي أمتعني حوارك وأسئلتك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.