«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء مع الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ
نشر في شباب مصر يوم 01 - 05 - 2017


السلام عليكم
و عليكم السلام
ينشدنا حرفه أزهارا تتفتّح بين مقاصده الراكضة في أرواحنا، نتأبّط خلجاته بين الإصغاء و التعبير، تأخذنا معانيه إلى ذاك السفر، في جوف واقع مازال بنا مستمر، يفوح عطر قلمه في حناجر صمتنا، لنبحر معه في تقاسيم الأحزان و زقزقات البهجة، تستنشق الغربة من عبق خطواته، لتروي لنا كلماته عن عمق اشتياقه، فلطالما ارتوى الورق من أنفاسه، ليحكي لنا اللفظ عن رحلة إحساسه، حياة تحاكي له لباسه، فيحضننا مرقمه لنكون من جلاّسه، هو الشاعر و الكاتب الصحفي العراقي أحمد الصائغ.
مرحبا بك سيدي
مرحبا بك وشكرا على أناقة حروفك التي تقدمت هذا الحوار، أتمنى أن تجدين والقارئ الكريم ما يثير اهتمامكم في رحلتي معكم من خلال سطور هذا الحوار.
س عندما يغفو حرف الشاعر "أحمد الصائغ" في جوف الإنسان "أحمد الصائغ"، ما المعاني التي تستأذن قلمه لترفرف على سطح الورق عابرة نحو أعماق القارئ؟
ج بدايةً لنتفق بأني لست شاعراً بمعنى كاتب القصيدة وفق معاييرها الفنية، ولكني شاعر بالحب الذي أعيشه ويرافقني في كل حالاتي، شاعرٌ بما يحيط بي من حالات إنسانية وجمالية، فلن تكون للحرف إغفاءة إلا على سطح الورق ليرسم براكين من المشاعر بفرشاة الحقيقة لتصل إلى القارئ بدفئ صدقها، فانا استحضر الحرف في كل دقائق حياتي ليكون رفيقا ولصيقا، أتنفس من خلاله كل حالات الجمال التي تحيط بي، وحتى الحزن فهو أيضا يراقص الحرف، ليمطر معاني إنسانية وجمالية، فنسيج الحروف التي تتشكل منها همساتي هي بوابتي للوصول إلى أعماق القارئ.
س عندما نستنشق حرف الشاعر "أحمد الصائغ"، أين تأخذنا هذه الأريجة؟
ج إلى مدن الورد التي اكتب من خلالها همساتي، إلى مرافئ بعيدة حيث الحبيبة التي تفرش للعاشق رمال الشوق على سواحل الانتظار، وتأخذني أيضا إلى أعماق الروح لأجد من خلالها ذاتي.
س عندما يجوب الحرف أعماق الإنسان "أحمد الصائغ"، ما مواصفات المنحوتة التي يضعها أمامنا فتتلمّس فينا شراكة النفس و الذات؟
ج ليس لها مواصفات أو ملامح واضحة، إنها مزيج من الواقعية والخيال التي ارسمها بلون عينيها، ومزيج من أمواج البحر وزرقة السماء بطعم الصباح ، فهي التي توجه بوصلة الحرف باتجاه حدائقها لتسقيها من ندى المعاني.
س "يتساقط الحزن من عينيها، ليفترش أوراقي"، كيف هي دموع أوراقك؟
ج لأوراقي دموع بطعم اليتم المبكر، الفقد الأول، الصدمة الأولى، الخسارات المتعاقبة، فهي أمطار حزن موروث يتناسل مع الذات منذ الخليقة الأولى.
س متى يقول الإنسان "أحمد الصائغ" ترتاح أيامي على جبينك أيها الأمل المبشر بصباح جديد؟
ج أقسم باني قلتها ذات لقاء على حافة الفرح، صرخت بها وأنا أتمدد بانتظار الفجر على شاطئ الحلم، كان صدر الأرض اقرب لي من نفسي وأنا أضع رأسي المتعب من هموم الوطن والغربة لأتلمس الدفء الذي يمنحني القوة كي أحيا من جديد وسط أمواج تأخذنا إلى أعماق الغيب وتعود بنا غرباء حتى ان أنفسنا.
س "على بعد مسارات الدمع يسكنني الوطن في منفاي"، ما هو زاد الغربة في محاورتها للعراقي "أحمد الصائغ" حول شغف الروح بالوطن؟
ج مازالت الروح هناك تعيش في أزفة الوطن وحاراتها، تشارك أطفال بلدي الذين لا يجدون مأوى غير ضمير الإنسانية اليت نفقدها في زمننا الأغبر، فانا في المنفى جسد بارد يجيد أداء الدور الحياتي ويتفاعل مع المجتمع بحكم السكن وليس بواقع الانتماء الذي لا أجد بديلا عن حاراتنا التي مازلت أشم عطر بيوتها العتيقة، فانا مجنون بحب الوطن وعاشق ابدي لترابه رغم كل الويلات التي مر به فسيبقى بعيوني هو الأجمل.
س يقول الشاعر العراقي "محمد مهدي الجواهري" "سهرت و طال شوقي للعراق، و هل يدنو بعيد باشتياق"، فهل يدنو بعيد باشتياق؟
ج رحم الله الجواهري، فهو كان يتمنى أن يغتسل من دجلة الخير قبل أن يغمض عينيه غريبا وفي روحه غصه اسمها العراق، فانا مع قول الجواهري الكبير فالشوق لا يدنو البعيد إن كان بعيدا، ولكن بالنسبة لي قد أرى الأمر من منظار آخر، فأقول بأن العراق ليس بالبعيد عني، فهو يسكنني و أنا أعيشه حلما وواقعاً، أعيشه في صلواتي وخلواتي، في خوفي وقلقي ، في نجاحاتي وانكساراتي، وأعيشه بكل تفاصيل يومياتي منذ ساعات الصباح إلى آخر النهار، حتى عند اغفائتي أشعر بدفء أحضانه.
س مازالت ذاكرتك أيها المكان تمتحن اشتياقي، إلى أين مع الذاكرة و روائح المكان؟
ج لكل مكان ذكرى أحمل عطرها في قارورة الروح، فأول الأمكنة تلك التي حبوت فيها طفلا، وتلك التي تذوقت بها يتمي المبكر، وتلك التي منحتني دهشة الحب الأول، وتلك التي تتلمذت فيها ونهلت من غدير المعرفة، وكسبت من خلالها عشرات الأصدقاء ، وتلك التي أغرقتها بدموعي وأنا أسير في جنازة الحبيب الأول، وتلك التي فقدت بها رائحة الجنة والدتي.
س عودة الطير لأوكارها، بين الرحيل و العودة، إلى أين تأخذ العراقي "أحمد الصائغ" عبر طريق الابتعاد و الاقتراب؟
ج لابد للطيور المهاجرة وان طال بها السفر من عودة إلى أوطانها، ومهما استطاعت الأسماك صمودا في البقاء على الساحل فإنها ستعود إلى البحر كي تنعم بالحياة، روحي سمكة تسكن أعماق الوطن، وأنا في توق شديد لان يعود الجسد ليعانق الروح تحت خيمة الوطن.
س "العراق دمعة حائرة بعين الزمان"، كيف يلامس العراقي "أحمد الصائغ" هذه الدمعة ليمسح عن ملامحها وهج الألم؟
ج أقولها بحزن وألم مر، الكل شارك في صناعة هذه الدمعة، ومنهم من زاد عليها لتصبح انهار دمع، ولكن وأنا على يقين بان العراق سيستعيد عافيته ذات فرح، يعم جميع بلادنا العربية لننعم بالحب ونشم عطر الكرامة الذي غادر بلداننا للأسف بعد أن اعتدنا ومنذ فترة طويلة أن نشم رائحة الخيانة والتخاذل.
س طوق النسيان في عنق الوجع، ماذا يغرّد على مسامع الإحساس لدى مغترب أنشد الآه للوطن؟
ج إلى بلاد ألف آهٍ وآه
وألف دمعة وغصة...
إلى بلاد الله...
وطني
حين يصلب على أشجار الحزن
وتُقطع الأشلاء
وحين يطّوق الخوف
عنق آلامك .... أحلامك
ترتفع روحي إلى السماء
معاتبةً، شاكية، باكية
وأبقى جسداً مسجى
يطرق بصمت ابواب النسيان
س هل نفهم من تصريحك هذا توافقا مع معتقد الكاتب الأمريكي "ستيفن كوفي" حيث يقول "تعلم فن النسيان، تعلم كيف تنسى لتعيش، لا تتخذ موقفا من كل حادثة تمر"؟
ج علمتنا الحياة بأن كل شيء قابل للنسيان إلا الوطن والحبيبة، ما عدا ذلك فانا أتوافق بالرأي مع ستيفن كوفي ووصاياه، فالنسيان هي نعمة أوجدها الله لنعيش كل يوم بصبح أجمل، والنسيان هو أيضا غسيل للذاكرة من تراكمات الزمن.
س يقول الشاعر العراقي "معروف الرصافي" " جبلنا على حب الحياة و إنها مخيفة أحلام طافت بحالم"، كيف تجادل هذه القناعة؟
ج رغم كل أحزانها وعذاباتها لكن تبقى الحياة جميلة وممتعة، وحينما يمر طيف الحبيبة في ذاكرتنا فيزيد من تمسكنا بالحياة ولن نفرط في دقائقها، ولكن حلم البقاء فيها يبدأ يتلاشى كلما تقدم بنا العمر واودعتنا الحياة على أرصفة الانتظار، فهي تخيفنا ونحبها طمعا في الحصول على مساحات أكثر وفرص اكبر للبقاء لفترة أطول بين سطورها.
س سأخرج من الأنا، لأتبضّع من نبضك، حلم، لوّن شراييني، كيف يتفاعل الإنسان، العراقي، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" مع هذا الإحساس؟
ج على حافة الحلم...
تغفو نوارس الروح
تتحسس النبض
سمفونية لم تعزف بعد...
وحنين لدفئ شواطئها...
لدخان سكائرها، والبحر
بلون الصبح
يطرزه الوجد
على شرفة الانتظار
س اقطفيني يا زهرة الحلم، علّني أصير ثمارا لشجيرات خضر، هل يمكن للحالم "أحمد الصائغ" أن يرافق هذه الابتسامة؟
ج الابتسامة هي التي رافقتني منذ أن التقيتها ذات شوق في حدائق الحلم محلقاً في سمائها الصافية، نؤدي معا رقصة السعادة الأبدية على أنغام أنفاسها التي ملأت كياني حباً وانتعاشاَ ورغبة للوصول إلى غدير قلبها الذي مازال عذبا كصباحات روحي حين ارتشف رغوة حروفها التي تختصر كل مسارات حياتي التي كنت اعرف بأنها ستؤدي إلى حدائقها لتمنحني طعماً أجمل الحياة وأنا اغفوا بين شفتيها فاكهة من أعناب وتين وحب.
س من بين خلجات الروح تسلّل حلم، و إلى الإرادة العتيدة تكلّم، فاستمع الواقع و لكليهما استسلم، ليخرج " النور" ليحيي و يسلّم، كيف حافظ هذا الحلم على توازنه في مصاحبته للواقع؟
ج هو حلم قديم حديث بأن نتسلل إلى قلوب الناس ونزرع فيها بذور الحب والجمال، راودني هذا الحلم وأنا أتابع حجم الكارثة التي حلت بنا وبثقافتنا الأحادية التي باتت لم تتقبل الآخر حتى أصبحنا فرقا ومجاميع متحاربة على الواقع الافتراضي الذي انعكس على واقعنا سلبا بدلا أن يكون هذا الانفتاح الافتراضي هو حالة ايجابية يزيدنا تقاربا وتفهما واندماج، فكانت ذروتها عام 2005 حيث بدأ السباب والعراك بشكل لافت للنظر، فحاولنا أن نطلق صرخة لنوقظ الجانب الجمالي في الروح لدى المتحاربين، لنقول بان الحرف لابد أن يجمعنا على مائدة الحب، فكان النور الذي استطاع أن يضم تحت خيمته سبعة آلاف كاتب وكاتبة من جميع بلادنا العربية باختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والعقائدية، لنكون بيتا واحدا ينعم بالحب والإبداع وهو جسر محبة بين شرق بلادنا العربية وغربها، ومازالت الوسطية والحيادية هي نهجنا الثابت بالتعامل مع النصوص والتعليقات التي ترد إلينا، وهذا ما جعلنا نستمر وبقوة رغم غزوة شبكات التواصل الاجتماعي وانصراف اغلب جمهور المثقفين إلى هناك، لكن بقى موقع النور الاليكتروني يحافظ على جمهوره وعدد قراءاته المتزايدة.
س يرى العالم و الطبيب "ابن سينا" بأن "امش في الصنادل حتى تمنحك الحكمة أحذية"، كيف كانت مسيرة "النور" انطلاقا من روح هذه المقولة؟
ج اتخذت النور من الإبداع وطناَ، ومن حدائق الجمال مجالاً خصبا للبحث عن المبدعين حتى أصبحت حقولاً واسعة تسورها الأشجار الكبيرة من عمالقة الإبداع ولتحتمي بفيئها البراعم التي تحتاج إلى الرعاية، إلى أن تتفتح إبداعا، لتأخذ دورها في فضاءات الإبداع بعد أن نمت في بيئة صحية.
س بأي لغة يكلم الإبداع الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و كيف تتواصل معه، بين زرع و حصاد؟
ج بلغة القلب التي هي الأصدق ولأبلغ، أسجل همساتي كلما هاجت في الروح حاجة، فأنثر بذور الحرف في مساحات الإبداع واستمطر غيمة المعاني وأنا أسعى لولادة نص جديد من رحم الموقف، لأنعم بحصاد يشعرني بالرضا ويمنحها الفرح.
س هل أرض الإبداع خصبة أمام بذور حرف الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ"؟
ج لا اغرس بذور الحرف إلا إذا توفرت لها تربة خصبة تتفاعل بشكل ايجابي معها، فأنا اعتبر بان لحصاد النص مواسم لا تأتي إلا إذا توفرت لها الزمان والمكان والإحساس الذي يشكل العنصر الرئيس في توجيه بوصلة النص إلى مناطق الإبداع.
س يعتقد الكاتب المسرحي و الروائي السويسري "ماكس فريش" أنه " يمكنك التعبير عن أي شيء بالكلمات فيما عدا حياتك أنت"، هل تعتقد في امتلاكه لرحيق الحقيقة بقطفه لهذه الرؤية؟
ج لا يمكن أن نمتلك رحيق الحقيقة بفكرنا القاصر، فالحقيقة مطلقة والفكر مقيد، إلا إذا اقتربنا من مساحات الواقعية وهذا ما فعله فريش، فانا أجد أن الحياة مصطلح كبير يضم به مسارات البشرية منذ النشأة الأولى، فمهما كتبتُ عني فلم أجد ما يغطي الأنا التي أعيش تفاصيلها اليومية وصراعاتها وتصالحاتها، في غموضها وبساطتها، في حاجاتها اللامتناهية ، فكيف يمكن لك أن تصور البحر وأنت تقف على حافة نهر.
س "احمد الصائغ ... عراقي أطلق صرخته الأولى بوجه العالم عام 1962 في مدينة الكوفة، هذه المدينة الغافية على نهر الفرات، تنفس بها الحب والطيبة والوفاء"، أين يترجّل الإنسان "أحمد الصائغ" بين الحب و الطيبة و الوفاء؟
ج الكوفة... المدينة الأقرب إلى الله، في بيوتاتها، ناسها، جوامعها، أسواقها، النهر الذي يمر عبر أطرافها بهدوء، في هذه المدينة التي أنجبت كبار الأدباء والشعراء وشخصيات الفكر والعلم ، ولدت أنا من عائلة بسيطة، أرضعتني الحب والجمال حتى لازمني هذا الحب الكبير ليمتد إلى كل ما أراه حولي من خلال المرورث الكبير الذي خلفته لي المدينة والعائلة. فانا زرت عواصم ومدن عربية وأوربية عديدة، ووقفت على نهر السين، والدانوب والراين ولكني لم أجد روحي إلا في نهر الكوفة تغتسل كلما ضاق بها الهم وغلفها غبار الحزن لتستعيد طفولتها التي أسعى للبحث عنها.
س "أحب الشاطئ و القمر "، لطالما اشتقت لرفقة البحر و المطر، في وهج النجوم و خرير القمر، عندما تتآلف هذه المشاعر، عبر الحرف، القلم و الورق، ما ملامح حبيس الأعماق، الذي بركوب زورقها انعتق؟
ج حكاياتي مع البحر تمتد إلى الحلم الأول، فهناك جالستها طويلا، وهناك تذوقت طعم اللقاء الأول، فرافقني طيف البحر في محطات حياتي، إلا أن التقيته هنا في مدينة مالمو السويدية الذي يحدها بحر الشمال على امتداد حدودها الغربية، فأصبحت أدمن الجلوس على شاطئه وأنا أراقب بدهشة قرص الشمس وهو يترجل من برجه العالي ليغتسل عند الضفة الأخرى من البحر كل مساء، ويبهرني القمر الذي يولد عاليا يحمل ابتسامة لم اعرف سرها إلا أن التقيتها ذات شوق تحت ضوئه عند اقتراب الفجر لتأخذني بزورقها الذي يشبه لون البحر في رحلة الحياة، هي التي فسرت لي معانٍ كثيرة منها عشقي الدائم للبحر.
س "من حزن المساء ضمّدت الجراح"، عندما يعبر المساء، الشاعر "أحمد الصائغ"، ما هي شمائل العلاقة التي يولّدها اختلاطهما؟
ج الحزن هو حالة إنسانية كبرى يعيشها كل منا بدرجات وأسباب مختلفة، حتى قد يكون أحيانا هو الصديق الدائم والأبدي، ولكن هناك علاقة غريبة بين المساء والحزن، فالمساءات هي التي ترتل أحزاننا دوما في محراب الذكرى، فتزيدها توهجاً واستحضاراً لجراحاتنا المتتالية لتكون لها بلسما يخفف عن حجم الصدمة بانهار الحزن الذي يتسلل إلى داخلنا وهو يضمد تلك الجراحات برباط الزمن.
أبعد الله عنا و عنك كل الأحزان، و شكرا لحسن تواصلك، الشاعر و الكاتب الصحفي "أحمد الصائغ" و إلى لقاء آخر إن شاء الله
شكرا لك سيدتي أمتعني حوارك وأسئلتك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.