إلى الأستاذ الرائع إبراهيم يوسف ياصديقي... ما أن ارتشفت عيناي رحيق كلمات ترشح محبة وعطرا حتى أمْطَرْت لحظات العمر بهجة وحنانا، واستنهضت روح ضائعة كسفينة أضاع قبطانها بوصلته وما كان قادرا على تمييز يمينه من شماله فإذا بها تفرد قلوعها مبحرة في أفق مدلهم مكفهر لترى بعين القلوب أرضا وأملاً. هكذا هو حالي؛ عُقد اللسان فرحا وتيها، طفق الصمت يتلفعني بعبائته وتغتالني كلمات لا تنطق، فأنّى لمن يحبو في الأدب، أن يُجزل من طالت قامته أدباً وتأدبا حتى كاد أن يلمس القمر؛ شكرا وعرفانا؟ يا عيوني... أستميحك عذرا إن لم أحسن الظن بالدنيا؛ فما زرعت لي ظلا على خارطة تضاريسها، وأنت تختارني من بين الكثير لترسمني بريشة شعرك وتلبسني جواهر من رَهَف المشاعر وتستضيفني لأسكن مع نبضك في قلبك النقي الطاهر رغم أن الحظ والقدر ما أسعفانا ولو بلقاء. وها أنذا أتميّس وأتمايل برداء تلك الكلمات كأميرة هاربة من بين سطور حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، أمشي على أطراف أصابعي كباليرينا ترقص على أنغام شوبان لو سارت على بحيرة؛ ما عكرت صفوها ولو برقيق المويجات..فهلا عذرت كلمات نسجها القلب في لحظات سرور؛ تكاد أن تُعَدْ على راحة اليد؟ يا عازفا على وتر القلوب بحروفٍ تُطرب الخاطر أذكيت نظرات الحسد كفانا الله شر نظرة الناظر جُدْت على قلب قرّحه الشجن كما يجود على الغبراء القَطْر والنّمَر يا جليل قدر طويل باعِ في حياة وأدب يرشح قلبه رقة كما ترشح الوردة العطر أطريتني أغنيتني حتى صرت لذاك الزمان العاثر، غافر شاقيت حسرتي ، خاصمت دمعتي ما أن تيقنت أنك لنا ذاكر فإن ناكدتنا العصور وباعدت دربينا الدهور سيبقى شعرا صغته لي عقدا يزيّن جيدي طول العمر