د.أحمد صبحي منصور النبي محمد صلي الله عليه وسلم في حوار مع ال (سى إن إن ) عن النبي شعيب عليه السلام وقومه مدين قال المذيع : ماذا عن النبي شعيب الذي لم يذكره العهد القديم ؟ قال النبي محمد عليه السلام : أرسله الله جل وعلا إلى قوم مدين يدعوهم إلى أنه لا إله إلا الله ، يقول لهم نفس القول : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) 85 ) الأعراف )، وقال جل وعلا عنه : ( إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) الشعراء ) قال المذيع : وما هي خصوصيتهم التي تميزوا بها عمّن سبقهم ؟ قال النبي محمد عليه السلام : الفساد بالإضافة إلى الوقوع في الشرك قال المذيع : كيف ؟ قال النبي محمد عليه السلام : كانوا تجارا في مدينة تقع على طريق تجارى استثمروه في البيع والتجارة ، واقترنت تجارتهم بهذا الفساد لذا تركزت دعوة النبي شعيب لهم في الدعوة إلى ( لا إله إلا الله ) والكف عن الفساد ، فكان في وعظه لهم يذكّرهم أنهم إذا كانوا فعلا مؤمنين عليهم ألّا يعثوا في الأرض مفسدين قال المذيع : ماذا كان منهجه في الدعوة ؟ قال النبي محمد عليه السلام : إستغلّ معرفتهم بالله جل وعلا في وعظه ، قال لهم : ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) الأعراف ) أمرهم بالوفاء بالكيل ونهاهم عن بخس الناس أشياءهم ، أي كانوا يفسدون في البيع وفى الشراء لذا نصحهم بالإصلاح إن كانوا فعلا مؤمنين بالله جل وعلا ، وانه قد جاءتهم ببينة من ربهم ، وأن في دعوته الخير لهم . وتكرر قوله هذا لهم : ( أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ (184) الشعراء )، أي يدعوهم إلى تقوى الخالق جل وعلا . واستعمل معهم أسلوب التحبب والتقرب إليهم والحرص عليهم والخوف عليهم ، نرى هذا في قوله لهم : ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) هود ) قال المذيع : عرفنا من السياق إنهم كانوا فى مدينة تجارية وكانوا تجارا . هل هناك شيء آخر نفهمه ؟ قال النبي محمد عليه السلام : نعم . وصف الله جل وعلا مدين وأهلها بأنهم أصحاب الأيكة ، قال جل وعلا :( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) الشعراء ) قال المذيع : وما معنى الأيكة ؟ قال النبي محمد عليه السلام : الأشجار الكثيفة الملتفة ببعضها ، أي كانت مدين مدينة وسط غابة من الأشجار . أي مدينة زراعية تجارية في موقع على الطرق التجارية . وكفروا بهذه النّعم وظلموا بها فأهلكهم الله جل وعلا ، قال عنهم جل وعلا : ( وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) الحجر ). قال المذيع : وماذا أيضا ؟ قال النبي محمد عليه السلام : نفهم أنهم بدأوا بلدة صغيرة ثم نمت وتوسعت وتكاثر سكانها بسبب عملهم بالتجارة ، وما لبثوا أن سيطروا على الطرق التجارية ، واستخدموا هذا في فسادهم وصدّهم عن سبيل الله جل وعلا . هذا مع أنه كان لديهم علم بما حدث للأمم السابقة قوم نوح وعاد وثمود قال المذيع : من أين استقيت هذه المعلومات . قال النبي محمد عليه السلام : من قول شعيب لهم :( وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف ) قال المذيع : هل كانوا فعلا يعلمون تاريخ الأمم السابقة عنهم حتى الطوفان ؟ قال النبى محمد عليه السلام : نعم . فقد قال لهم شعيب عليه السلام ( وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) هود ) . وبعدها ذكّرهم ووعظهم بالتوبة إلى ربهم جل وعلا والاستغفار فقال لهم : ( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90) هود ) قال المذيع :وكيف ردّوا عليه ؟ قال النبي محمد عليه السلام : بالسخرية . وهذا هو المنتظر منهم باعتبارهم تجارا ماهرين في الكلام . قال المذيع : كيف ؟ قال النبي محمد عليه السلام : قالوا له : ( يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) هود ) أي قالوا له على سبيل السخرية إنه الحليم الرشيد ، وسخروا من صلاته. قال المذيع : هل الصلاة موجودة فئ كل رسالة سماوية ؟ قال النبي محمد عليه السلام : نعم حتى في الأمم التي أهلكها الله جل وعلا مثل قوم مدين . ثم تأكدت في ملة إبراهيم مع الحج والصيام في رمضان والزكاة . قال المذيع :كيف ردّ النبي شعيب على سخريتهم به وبصلاته ؟ قال النبي محمد عليه السلام : رد ّ عليهم بكل أدب : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) هود ) قال المذيع : وهل أحسُّوا بالخجل من رده الهادئ هذا ؟ قال النبي محمد عليه السلام : أبدا . بل ردُّوا عليه بغلظة : ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) هود ) . كان شعيب من عائلة قوية ، وقد خافوا من رجمه بسبب ذلك ، وإن لم يمنعهم هذا من تصريحهم له بأنه ليس عليهم بعزيز في شخصه. قال المذيع : وماذا ردّ عليهم ؟ قال النبي محمد عليه السلام : خافوا من عائلته ولم يخشوا الرحمن جل وعلا ، لذا ذكّرهم شعيب عليه السلام بربهم جل وعلا الذي نسوه وهو جل وعلا محيط بهم : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) هود ) قال المذيع : وماذا بعد ُ؟ قال النبي محمد عليه السلام : قالوا نفس الاتهام، أنه ساحر وهو بشر مثلهم ، وبالتالي هم يكذبونه: ( قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (186) الشعراء ) قال المذيع : هذا يعنى انعدام الأمل في هدايتهم ؟! قال النبي محمد عليه السلام : أسفرت دعوته على إيمان بعض قومه وعناد الملأ المستكبرين . وأيقن شعيب عليه السلام انه لا أمل في هداية الملأ المستكبرين . لذا قال لهم : ( وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) هود )وقال لهم : ( وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) الأعراف ). أي تركهم وما يعبدون وما يفسدون وأعلن أنه ينتظر حكم الله جل وعلا فيهم . قال المذيع : ولكنهم كانوا يعرفون مصير الملأ السابقين ؟ قال النبي محمد عليه السلام : نعم . ومع ذلك طلبوا على سبيل التحدي أن ينزل بهم الإهلاك . قال تعالي في كتابه الكريم ( فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنْ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (187) الشعراء )، ثم تطرفوا في التحدي ، وبعد أن كانوا يتهيبون من المساس به بسبب قوة عائلته أصبحوا في جرأة يعملون على طرده والمؤمنين معه . خيّروه بين الطرد وأن يرجع إلى ملتهم : ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) الأعراف ) قال المذيع : وماذا كان ردُّه ؟ قال النبي محمد عليه السلام : رفض ودعا أن يفتح الله جل وعلا بينه وبينهم ، أى أن ينزل بهم الهلاك : ( قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) الأعراف ) قال المذيع : فماذا فعلوا ؟ : قال النبي محمد عليه السلام : حاولوا استمالة المؤمنين إلى جانبهم : ( وَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (90) الأعراف ) قال المذيع : وحدث لهم الهلاك قال النبي محمد عليه السلام : نعم . قال المذيع : وكيف كان هلاكهم ؟ قال النبي محمد عليه السلام : انفجار، جعل المكان مظلما ، قال جل وعلا : ( فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) سورة الشعراء. وكان له دوى هائل، لذا كان وصفه بالصيحة، جاءهم ليلا فأصبحوا جاثمين في دارهم ، أهلكهم ولم يدمر بيوتهم ، قال جل وعلا :( وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) هود ) وظلوا يرتجفون حتى الموت ، قال جل وعلا : ( فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الأعراف ) (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) العنكبوت ) قال المذيع : أليس هلاكهم مشابها لهلاك قوم ثمود ؟ قال النبي محمد عليه السلام : نعم الصيحة والرجفة وموت القوم وبقاء مساكنهم ، لذا قال جل وعلا عن قوم مدين :( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) هود ) قال المذيع : وماذا أيضا في التشابه بين قصتي هود / صالح وشعيب مدين ؟ قال النبي محمد عليه السلام : الملأ من قوم ثمود حاوروا المؤمنين المستضعفين ، وكذلك فعل الملأ من قوم شعيب . وكان النبي صالح من أسرة قوية في ثمود ، وكذلك كان النبي شعيب في مدين ووقف صالح حزينا ينظر إلى جثث الملأ من قومه قال عنهم وعنه رب العزة جل وعلا : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) الأعراف ) ، ونفس الحال مع النبي شعيب بعد هلاك الملأ من قومه ، قال جل وعلا عنه وعنهم :( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93) الأعراف ) قال المذيع : هل قوم مدين هم نفسهم أهل مدين التي لجأ إليهم النبي موسى وتزوج منهم ابنة الرجل الصالح ؟ وهل هذا الرجل الصالح هو النبي شعيب ؟ قال النبي محمد عليه السلام : هذا خطأ قال المذيع : لماذا ؟ قال النبي محمد عليه السلام : مدين شعيب أهلكها الله جل وعلا قبل وجود بني إسرائيل قال المذيع : كيف ؟ قال النبي محمد عليه السلام : الله جل وعلا يذكر قصة شعيب ومدين بعد قصة قوم لوط ، بما يفيد أنهم كانوا بعدهم زمنيا . ونعرف أن هلاك قوم لوط كان في حياة النبي إبراهيم ، وأن الملائكة التي بشرت إبراهيم بولادة إسحاق ثم يعقوب كانت هي التي قامت بتدمير قوم لوط . وبعد تدميرهم كانت ولادة إسحاق، ثم كبر إسحاق وأصبح نبيا ، ثم أنجب يعقوب أو إسرائيل ، والذي أنجب إثنى عشر ذكرا كان منهم يوسف ، ويوسف هو الذي أستقدم أهله بني يعقوب أو بني إسرائيل إلى مصر ، وتكاثروا فيها وبعد قرون ظهر فيهم موسى . أي هناك قرون طويلة بين موسى وشعيب . والنبي شعيب كان يحذّر قومه من مصير قوم لوط . قال لهم : ( وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) هود )، أى كانت مدين شعيب بعد إهلاك قوم لوط بزمن قصير . قال المذيع : إذن لا علاقة لشعيب وقومه بقول الله جل وعلا عن موسى : ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص ) قال النبي محمد عليه السلام : بل إن هذا يثبت أن مدين موسى غير مدين شعيب . أهل مدين شعيب كانوا ( أصحاب الأيكة ) أي في بيئة زراعية تتكاثر فيها الأشجار الملتفة المكتظة ، أما مدين موسى فكانت في بيئة صحراوية يستسقون من بئر ، اى كان أهلها رُعاة . --------------- بقلم الدكتور/ أحمد صبحي منصور من علماء الأزهر سابقا