عميرة ايسر -تُعتبر قطر والتي هي عبارة عن إمارة صغيرة في شبه الجزيرة العربية .لا يتجاوز عدد سكانها 1.963.124نسمة حسب أخر إحصائيات سنة2013وتنقسم ادريًا إلى سبع بلديات فيما لا يتعدى العرب فيها نسبة 40 بالمائة ،أمَا بقية السُّكان فهم خليط من شعوب عدة أقام وافدوها لسنوات فيهَا وحصلوا على جنسيتهَا وأهمهم :الباكستانيون ،والإيرانيون، والهنود ،14بالمئة من أعراق ونحل أخرى غيرهَا .فقطر التي كانت تحت الوصاية الانجليزية منذ القرن19 أينَ سلم هؤلاء قيادتها إلى "قبلية -أل خليفة- أل ثاني" وبطن من بطون تلك القبيلة تحكم "دولة البحرين" حاليَا ،ولكن هذه الإمارة أو الدويلة المُصطنعة لم تأخذ استقلالهَا الرسمي .ويعترف بأنها ذات سيادة مستقلة وإن ظاهريًا حتَّى سنة 1971حيث منذ تأسيسها حكمهَا 9 أمراء أخرهم ،هو "تميم بن حمد - بن خليفة أل ثاني" الذي تنازل له والده الأمير "حمد - بن خليفة أل ثاني" عن العرش مجبرًا وبضغوط داخلية وأمريكية في 25 يونيو 2013 .حيث هناك أخبار تداولتها عدة مواقع عن أنَ الشيخة مُوزه زوجة حمد هي التي تقف وراء هذا القرار، ومعروف حجم تأثيرهَا ونفوذهَا المتعاظم داخل "قصر البلاط الأميري" .لعبت قطر في السَّنوات الأخيرة وتحديدًا منذ انطلاقة "قناة الجزيرة القطرية " التي تبث منَ العاصمة الدوحة وذلك منذُ سنة 1996 بميزانية تَخطت حاجز 150 مليون دولار أمريكي ، حيث لعبت دورًا مشبوهًا ومريبًا في تمرير أجندات السياسية الخارجية القطرية إلى الرأي العام العربي، فقطر التي تعد أحد المؤسسي الأوائل "لمنظمة التعاون الخليجي" و"مُنظمة أوبك" و"الجامعة العربية "وذلك حتى قبل إعلان استقلالها الرسمي. أدرك صناع القرار السياسي فيها دور الإعلامِ في قلب الموازين ،وتغيير المعادلات وقلب الحقائق وتمرير الرسائل المشفرة - فبدأت خطتها ومدت أولى أذرعهَا الأخطبوطية وكانت قناةُ الجزيرة هي: الناطق الرسمي الغير المعلن باسم دولة قطر ،في مناخ عربي إعلامي في ذلك الوقت كان أبرز ملامحه غياب قناة عربية إخبارية احترافية تحليلية ،واستطاعت هذه القناة في ظرف وجيز وفي ظروف استثنائية إنْ على المستوي الإقليمي ،أو الدولي أن تبلور مدرسة إعلامية عربية متميزة طبعًا بالاستفادة من كوادرَ صحفية وإعلامية عملت في كبريات القنوات العالمية ،وخاصة "شبكة بي بي سي البريطانية". - وصَرفت دولة قطر مبالغ مَالية باهظة على هذه القناة الوليدة حتى أضحت واحدة من القنوات التي لها تأثيرٌ ونفوذ إعلامي عالمي حتى وصل الأمر بالرئيس السابق "جورج بوش الأب" في مسرحية مفضوحة ،وسيئة الإخراج والسيناريو عقب الحرب علي العراق سنة قوله 2003: أنه سيقصف "مَبنى قناة الجزيرة" بالصَّواريخ لأنها قناة تدعم القاعدة والإرهاب الإسلامي في ذلك الوقت. والكل يعلمك جيدًا أن القاعدة غذيت وأنشأت بأوامر من "وكالة المخابرات الأمريكية" "إبان الحرب الأفغانية- السُّوفيتية" نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم، ولأنه لا وجود لإعلام حيادي مئة بالمائة بل هُناك إعلامي موضوعي حسبما يقوله: "الأستاذ والإعلامي والمحلل السياسي" "أسَامة هيكل" وبالتالي وظفت قطر هذه القاعدة بخبث ودهاء شديد انطلى حتى على خيرة الإعلاميين العرب وبأنَ القناع الحقيقي لها بعد أحداث 2011 ،أو ما يعرف بالربيع العربي وفضحت السياسة القطرية التي كما أصبحت الجزيرة بوقًا صارخًا لها ،وتراجعت نسب مشاهدتها بأرقام قياسية وذلك نظرًا لتحريضها المستمر على تدمير الدول العربية .التي شملتها الثورات وخلط السم بالعسل ،وتغطيتها الغير الموضوعية ولا المهنية بالمرة دون التَّطرق إلى التفاصيل .ففضائح هذه القناة وغيرها موجودة علي الشبكة العنكبوتية وفي مواقع التواصل الاجتماعي ،وغيرها كثير- وقد حاولت قطر من خلال وزراء خارجيتها والذي كان أبرزهم شقيق "الشيخة موزه" .إذ كشفت "صحيفة هارتس الإسرائيلية" أنه يمتلك منتجعًا سياحيًا في مدينة حيفًا ،وقصرًا في بريطانيا قيمته تجاوزت 200مليون دولار في أرقى أحياءهَا ،وهو "حمد بن جاسم - بن جبر أل ثاني" والذي كان رئيس وزراءهَا في عهد حاكم قطر الأسبق ،ولا يختلف عنه وزيرهَا الحَالي "خالد بن محمد العطية " في شيء حيث في رد من صحفي إسرائيل على هامش "مُؤتمر الأمن الدولي" الذي عقد في "ميونيخ بألمانيا "عندما سأله عن العلاقات الإسرائيلية - القطرية فرد:بأنَ إسرائيل وقطر إخوة وهذا التَصريح نشره الصحفي الإسرائيلي "رفائيل اهارين "في "جريدة ذي تايمز- أوف إسرائيل" . -وهذا يعكسُ السياسة والتوجه القطري الذي بات معلنًا ،وبشكل واضح قطر التي تبنت حركة حماس ماليًا ومعنويًا ،والتي كانت تستضيف قادتها كخالد مشغل رئيس مكتبها السياسي فيما تُصفي المعارضين لهَا كالشهيد "عبد العزيز الرنتسي" الذي أثبتت التحقيقات الأمنية أنه اغتيل عن طريق تتبعِه من طرف إسرائيل عنْ طريق جهاز مراقبة مزروع على "ساعة الروليكس" ،التي أهداها له أمير قطر السابق حمد بن جاسم بن خليفة أل ثاني، ورغم دعم قطر بالمال الحركة في سنة 2014 و2012 ،و قيام مسئولين قطريين بزيارة إلى قطاع غزة مؤخرا وتقديم منح مالية سخية من اجل إعادة إعمار القطاع ،وذلك من أجل تبيض وجه سياستهَا المتآمرة على المقاومة ،وعلى قضايَا الأمة المصيرية . -فقطر سعت إلى التقريب بينَ حركة فتح وحماس ،ومُحاولة لعب دور الوسيط الذي كلفته به كل من أمريكَا وإسرائيل .كما أنَ التَّحالف القطري، التركي، السعودي ،المعلن والذي تبلور أكثر بعد موت "عبد الله" و"مجيء سلمان" على رأس المملكة ،وسكوت السعودية الوهابية عن دعم قطر "لنظام اردوغان - الإخواني" ،واستضافتها للإخوان المسلمين الهاربين من مصر بعد الانقلاب الذي أدانته قطر بشدة، وكانت قبله قد قدمت المليارات لدعم الرئيس محمد مرسي المحسوب على تيار تنظيم الإخوان المسلمين في مصر لكي يبقى على رأس الدولة المصرية . -ووظفت قناة الجزيرة التي أصبحت مرتعًا لنخب الجماعة ومثقفيهَا وبوقًا إعلاميًا نافخًا بعداء شديد لكل أركان النظام في مصر ، فيما بقيت تدعم حركة حماس وإن ظاهريًا فقط لما للحركة من جذور عميقة ،ومحبة في قلوب الملايين من العرب والمسلمين. على طرفي النقيض دعمت قطر الجماعات الإرهابية في كل من سوريا، وليبيا وأمدتهم بالمال ،والسلاح وعقدت صفقات هامة مع دول كفرنسا .خاصة بعد زيارة "حمد بن جاسم - بن خليفة أل ثاني" إلى فرنسا ولقاءه "بفرانسوا هولا ند" في "قصر الإليزيه" سنة 2012 ،والتي فتحت شهية الفرنسيين لبيع مختلف أنواع الأسلحة إلى قطر. فالسياسة الخارجية لها لم تتغير، فاستعملت الإعلام والمال للوصول إلى أهدافها كما فعلت في الصومال ،ودارفور، واندونيسيا وعدة ملفات عالقة. حاولت استغلالها من أجل أنْ تتحول إلى قوة دولية مهمة ، وتناست بأنها لا تمتلك من القدرات العسكرية ،ولا النسيج الاجتماعي أو المساحة الجغرافية أو النمو الديمغرافي ما يؤهلها للعب هذا الدور رغم أن دخل الفرد القطري يعتبر الأعلى عالميًا بدخل فاق سقف96 ألف دولار للفرد. - وتتفوق على دول اسكندنافية تصنيفهَا من الأوائل دائما "كالنرويج، والسويد ،والد نمارك "ولكن هذا راجع بالأساس إلى الأموال النفطية الهائلة .التي تنفقها على قطاع الخدمات والصحة والتعليم وكرواتب للموظفين العاملين فيها ،وهذا ما أعطاهَا الصدارة وليس حجم الاقتصاد الهائل كما يظن لأول وهلة فقطر التي لا تمتلك قوات كافية لحماية أراضيهَا تتواجد على ظهرهَا "قاعدة العديد الأمريكية" التي تعتبر الأكثر تسليحًا والأكبر في المنطقة العربية وذلك منذ أحداث حرب الخليج الثانية :أين وقعت أمريكاوقطر اتفاقية للتعاون المشترك توسعت سنة2003 ليتم نقل مركز العمليات القتالية الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ،من "قاعدة الأمير سلمان في السعودية" ،إلى جنوبالدوحة وبالتحديد في العديد وتربط علي مدارج مطاراتها أزيد من 100 طائرة مقاتلة .إضافة إلى آليات عسكرية وقتالية فيما يعده مُحللون اكبر مخزون أسلحة إستراتيجية أمريكي في المنطقة ،وهذا ما تغفل الجزيرة وعدد من القنوات الممولة من قطر وإعلامها الرسمي عن ذكره، وتخفيه عن الرأي العام العربي وحتى الدولي لأنه يعري حقيقتها ويكشفها للعيان. - ولا ننسى بأن تعريف قطر حسب مصطلحات ،ونظريات العلوم السياسية دولة مصطنعة وظيفية بمعني أكثر تحليلاً وفهمًا هي دولة يجب عليها لأنها صغيرة الحجم والمساحة ولا تمتلك قوات أو جيشا كبيرًا أن تلجا إلى طلب الحماية من دول كبرى تدخل تحت محورهَا ،وفي المقابل تعمل على تنفيذ أجندتها واستراتيجياتها في الشرق الأوسط مهما تكن التكاليف. فقطر تغير موقفها تبعًا للتعليمات الأمريكية مثلاً، وبعد الاتفاق مع السعودية من شن هجوم قاس ضد النظام المصري والتونسي ،والليبي والإماراتي، إلى الإشادة و التعاون في كافة المجالات وهذا لمحناه من خلال الزيارات المكوكية لوزير خارجية قطر. أو تميم حاكم البلاد شخصيا إلى هذه البلدان ومحاولة ترطيب الأجواء معهَ، أو الإعلان عن مشاريع استثمارية ضخمة . -أو منْ خلال لجم قناة الجزيرة عن الإساءة إليها أو انتقادها بطريقتها المعهودة .ولكن لا يزال الموقف القطري متصلبًا من الرئيس بشار الأسد والمطالبة بتنحيته فالدوحة لا ترى له أي مستقبل يلعبه في سوريا ...نفس الشيء بالنسبة لحزب الله الذي لا زال موقفها منه متصلبًا ،وتعتبره من أشد أعداءها في المنطقة رغم أنه من حرر جنوبلبنان ودعم المقاومة الفلسطينية ،ودحر إسرائيل في 2006 وتدخله في سوريا جاء بطلب من دمشق ووفق توازنات إستراتيجيَة وحسابات سياسية معقدة لا يفهمها القطريون. - وأما في الملف الإيراني فقطر كالسعودية ،وغيرها من دول الخليج تحافظ على شعرة مُعاوية معها رغم انتقاد سياستها بشكل علني وصريح ،والتَسابق الخليجي للتسلح بعد نجاح طهران في فرض شروط اتفاقها النووي, مع دول الغرب وفي مقدمتهم واشنطن ،ومجموعة 5+1ولكن بعد التدخل الروسي الذي كان مفاجئا لقطر وعجزهَا عن لجمه وتصريح مندوب روسيا في مجلس الأمن في احد جلساته ردَا على انتقاد الأمير تميم بن حمد حاكم قطر للدور الروسي في سوريا والذي كان صادماً، ويحمل الكثير من نبرات التهديد بأنَ روسيا ستزيل دولة قطر من الخارطة أن تُجرأ مرةً أخرى علي الاعتراض على سياستهَا في المنطقة وهذا ما جعله يراجع حساباته السياسية، ويفكر في أمن بلاده القومي والتهديدات التي يمكن أن تطالها خاصة من الحوثيين في اليمن . -التي تعتبر قطر أحد الداعمين والمشاركين في التحالف الذي تقوده السعودية للعدوان عليه بدعوي الشرعية التي لا وجود لها أصلاً . لها فمن أعطاها الحق للتدخل في شؤون بلد عربي عضو في الجامعة العربية، وتدكُّه عن بكره أبيه ومن خلال ما تفعله حاليًا خاصة بعد أن ضرب تنظيم داعش الإرهابي.دولاً كانت تدعمه وتقويه كتركيَا وفرنسَا وحتى أمريكا ، فهل سيعي القطريون الدرس ويتعلمون منه ،أم أنهم كالعادة سيرضخون للضغوط الأمريكية الإسرائيلية ويواصلون سياستهم المتهورة والعرجاء في المنطقة يا تُرى عميرة أيسر-كاتب جزائري