عميرة ايسر منذ نهاية الحري العالمية الأولي والتي انتهت بانتصار الحلفاء وهزيمة الدولة العثمانية وعد ت الدول المنتصرة فيها وعلي رأسها فرنسا وبريطانيا العظمي,الأكراد في كل من أرمينيا وإيران وسورياوالعراقوتركيا بتأسيس وطني قوي لهم تحت حمايتها,وكان ذلك في معاهدة سافر سنة1920,ولكن معاهدة لوزان التي عقدت في 1923واعلن خلالها عن إعلان الجمهورية التركية المستقلة قضت علي ذلك الحلم إلي أمد طويل,ورغم أن عدد الأكراد في الدول التي يقطنون بها ما بين 20-30مليون كردي,ولكنهم ناضلوا طويلا وخاضوا حروبا دامية مع أنظمة هذه الدول سواء في سوريا أو تركيا أو العراق واستطاعوا وفق معادلة إستراتيجية للقوي ألكبري الحصول علي بعض منها كإقامة منطقة حكم ذاتي في شمال العراق تحت حكم مسعود البر زاني وذلك عقب مساعدتهم للجيش الأمريكي لاحتلال العراق والإطاحة بنظام صدام حسين الذي أذاقهم الويلات لسنوات واتهامه بإبادتهم بالأسلحة الكيماوية في مدينة حلبجة الكردية بشمال العراق وذلك عندما قصفتها الطائرات العراقية بغاز السيانيد السام وراح ضحيتها أزيد من5500عراقي بتاريخ16-17مارس1988ابان الحرب العراقية الإيرانية,ولكن استطاعت الولاياتالمتحدة وإسرائيل استغلال ذلك لمصلحتها فحول الموساد الإسرائيلي شمال العراق إلي منصة لتجسس علي دول الجوار وأقام بها قواعد لتدريب قوات البيشمارجة الكردية المدعومة أمريكيا والتابعة لزعماء أكراد سيطرون علي تلك المناطق كمسعود البرزاني وجلال الطالباني الذي يشغل ألان رئيس الجمهورية العراقية بنظامها الفدرالي الحالي, ,ويقدر عدد الأكراد في العراق بحوالي 12مليون نسمة,ويتواجدون بمحافظات اربيل وكركوك والسليمانية والحويجة وسنجار إضافة إلي الطائفة الازيدية والمسيحيين العراقيين,فالمعروف بان العديد من هذه المناطق غنية بالنفط وخاصة كركوك وهذا ما يساعدهم في تغيير المعادلة السياسية فيه مستقبلا مما جعلها محل أطماع تنظيم داعش الإرهابي الذي يحتل الموصل اكبر مدن الأكراد في شمال العراق حيث يقوم تنظيم داعش الإرهابي بسرقة نفط الأنابيب في الموصل وتكريت وبيع لتركيا التي تشتري النفط منه وتقوم بشن غارات وهجمات علي مناطق كردية متاخمة للحدود العراقية بدعوي محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره منظمة إرهابية يجب القضاء عليها بأي ثمن,فتركيا دخلت شمال العراق بقواتها في نهاية العام الماضي وسحبتها بعد التدخل الأمريكي ورفض بغداد لهذه الخطوة التي اعترتها تعديا صارخا علي السيادة العراقية ,فهذا الحزب الذي انشأ سنة1978بقيادة زعيمه التاريخي عبد الله اوجلا ن الذي يقبع ألان في السجون التركية منذ 1999تاريخ إلقاء القبض عليه في كينيا بعملية مشتركة بين الاستخبارات الأمريكية والتركية والموساد الإسرائيلي ليحكم عليه بالمؤبد مشروط سنة2002بعدما كان يواجه عقوبة الإعدام شنقا, وهو حزب تتهمه أنقرة بتنفيذ عمليات إرهابية في أقاليم الدولة الجنوبية والتحالف مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا ووحدات الحماية الكردية فيها من اجل فرض دولة كردية ذات حكم مستقل علي الحدود مع سوريا ,وهذا ما ينفيه الحزب وكافة أعضاءه وقياديه فزعيم الحزب أوجلان قد تخلي عن فكرة الانفصال عن تركيا بعد بدا مفاوضات مع الحكومة التركية بمباركة اردوغان في فترة حكمه الأولي لينقلب عل عاقبيه بعد أحداث في سوريا سنة2011,عندما تحالفت الحكومة السورية مع أعضاء هذا الحزب ودعمته سياسيا وتسليحيا بعد أن وقف اردوغان موقفا معاديا للدولة السورية وطالب بإسقاط الرئيس المنتخب بشار الأسد ودعم التنظيمات الإرهابية علي الأراضي السورية كداعش والنصرة وأحرار الشام وترك الحدود التركية السورية علي مصراعيها مفتوحة من اجل تسهيل نقل المسلحين وكافة أنواع الأسلحة إليها,وكانت السيطرة السورية علي بلدة سلمي الحدودية أهم منعطف تحول استراتيجي في حلبة القتال مع هذه الجماعات التكفيرية المدعومة من أنقرة,ويعتبر أكراد سوريا حجز الزاوية في قتال هذه الجماعات وتطهير الأراضي السورية من رجسها,وما قامت به قوات الجيش السوري مع وحدات الحماية الكردية في منطقة كوباني وعين العرب وطرد قوات داعش لها,ضربة قاصمة لهذه الجماعات فرغم الغطاء الجوي الذي يوفره الطيران الروسي الحديث ولكن تبقي هي الأساس في هذه المعارك,وهذا ما أشار إليه الرئيس بوتين العام الماضي في خطابه الذي ألقاه في مبني الأممالمتحدة حيث ركز علي دورها الهام في تطهير الأراضي السورية ومنها ريف دمشق وحلب ومناطق تل الأبيض ومنطقة عين عيسي الإستراتيجية والتي تطل علي أسوار الرقة,فهي كما يصفها الأستاذ والنائب الكردي في مجلس الشعب السوري اويس عمر ببيضة ألقبان في تحرير هذه المناطق,ولا ننسي دور ألوية السلاطين والألوية التركمانية ودورها الفعال في الحرب علي الإرهاب,وهذا ما أشاد به إبراهيم دوك رئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا,في أخر مؤتمر عقده في مدينة القامشلي السورية,فالأكراد في سوريا يدعمون النظام رغم أنهم أقاموا مناطق حكم ذاتي في المناطق التي انسحب منها الجيش السوري علي الحدود المتاخمة لتركيا,ورغم أنهم استفادوا من حقوق مشروعة كحق تدريس اللغة الكردية بلهجاتها المختلفة في الجامعات السورية وحمل شهادة جامعية معترف بها وطنيا,وذلك بعد حزمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي أقرتها الدولة السورية بعد الثورة الشعبية المخطوفة ,فالأكراد الذين يفاوضون الجيش الحر ألان مع الجيشين السوري والروسي في مناطق الجزيرة وغيرها,من اجل إقناعه بتوحيد قواهم لمجابهة التنظيمات التكفيرية التي تهدد وحدة التراب السوري,هم أنفسهم من تقصف قراهم ومدنهم في تركيا حيث أشار تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية بان 40الاف قتيل سقطوا منذ بداية الحرب التركية علي حزب العمال الكردستاني انطلاقا منسنة1984,وتدمير 400قرية,وتشريد أهلها وفاقت تكاليف الحرب عليه300مليار دولار حتى سنة2009,فتركيا التي لم تعترف بالوجود التركي علي أراضيها حتى سنة1991عندما تم ترسيم اللغة الكردية ورفع الحظر علي استعمالها ,حيث كانت تسميهم احتقارا لهم أتراك الجبال من اجل طمس هويتهم وتغييبها,رغم أن عددهم يشكل نسبة 15الي 20بالمئة من تعداد السكان,وتعتبر السيدة ليلي زانا أول نائبة كردية تفوز في الانتخابات التشريعية التركية لتسجن بعد ذلك لمدة15سنة,وتستمر معاناتهم رغم الفوز الباهر الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات التشريعية لسنة2015,ويحصد84مقعدا برلمانيا,فقد ذكرت وكالة الإنباء التركية الأناضول بان هناك أزيد من 771عنصرا من حزب العمال الكردستاني قد تم استهدافهم في تركيا و430 شمال العراق بغارات جوية تركية وتدخل للجيش التركي في هذه الجغرافيا ,ولكن الحزب نفي ذلك وأكد قائد حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرتاش أن ألقتلى كانوا من المدنين الأتراك فقط,إذ أن المادة66 من الدستور التركي,تقول بان كل من يحمل الجنسية التركية ويقيم فوق أراضيها هو مواطن له حقوق يجب احترامها وهذا ما تضرب به حكومة أنقرة عرض الحائط مثلما أكدت عليه صحيفة اوزغور نديم التركية ,والتي كتبت من سوروش إلي أنقرة تعبدون طريق دولتكم بدماء الأكراد,فالعملية الأخيرة التي نفذت في قلب اسطنبول واتهم بها عناصر الحزب المتحالفة مع داعش , تستغلها الحكومة التركية من اجل التضييق علي الأكراد واضطهادهم تحت ذرائع شتي منها محاربة الإرهاب, فرئيس الوزراء التركي احمد داوود أغلو قد أكد في تصريح صحفي أمام السفيرين الأمريكي والروسي ,علي ان حزب الشعوب الديمقراطي حليف حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الذي لا فرق بينه وبين داعش ونحن سنواجه أي تدخل محتمل له بالقوة ,وربما الحشود التركية علي الحدود بين البلدين جعلت قراءات البعض لأبجديات المشهد السياسي في المنطقة تقول أن أنقرة تحظر لعمل عسكري ضد هذه الجماعات الكردية من اجل فرض منطقة عازلة بالقوة,والتأهب الذي أعلنه الجيش التركي داخل قواعده العسكرية الجوية بعد أن زعم خرق مقاتلة روسية من نوع سوخوي34 وجعلها مقدمة سيناريو كهذا ,ولكن حتى ولو فعلها اردوغان فانه سيجابه برد روسي سوري كردي عنيف,لان الأكراد في سوريا يعلمون بأنه في حال تم التخلص من قوات وقواعد حزب العمال الكردستاني في سوريا فان الحرب ستدق بابهم كذلك,وعلي تركيا أن تدرك بان عهد توظيف الأكراد سياسيا لخدمة مصالحها الإستراتيجية في المنطقة بالتنسيق مع أمريكا وحلف الأطلسي قد ولي فالدب الروسي الذي يدعم الأكراد وأقام تحالفا صلبا ومتينا معهم باعتبار أنهم من يحمي خاصرته في ارو راسيا والقوقاز, وعليه بالتالي توفير الدعم اللوجستي لهم واحتضانهم ليكونوا جدار صد في وجه موجات الإرهاب التي من المحتمل أن تصدر إلي مناطق نفوذه من سوريا, فالأكراد مكون رئيسي في فسيفساء السياسة الإقليمية لا يمكن لأحد تجاوزه أو تعديه فضلا عن استعداءه لان تجارب التاريخ أكدت في كل مرة أنهم متجذرون في مناطقهم ومن المستحيل زعزعتهم منها أو تجاهل وجودهم ونفوذهم القوي والواسع فيها عميرة أيسر-كاتب جزائري