يوسف حجازي قال فارس يعقوب جبور الخوري ( 1873 – 1962 ) السياسي والمفكر الوطني ، ورجل المهمات الصعبة والمواقف الشجاعة ، والأديب والشاعر ، ونقيب المحامين ، ومؤسس حزب الشعب السوري بالاشتراك مع القائد الوطني عبد الرحمن الشاهبندر، والوزير ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزير الأوقاف السوري ( لقد انتزعت فلسطين كنتيجة للانتداب وتصريح بلفور من أمها سوريا التي كانت دائماً جزءا متمما لها ، وكانت ستظل كذلك لولا الانتداب وتصريح بلفور ) ، ولم تكن سورية هي الهاجس الوحيد في فكر فارس الخوري ، ولكن كان هاجسه استقلال الوطن العربي وخاصة فلسطين ، ويروى عن خبث المندوب الصهيوني ما جرى بينه وبين فارس الخوري حيث تمكن فارس الخوري وبسرعة بديهته وقوة حجته وذكائه من إظهار المندوب الصهيوني كلص مع سبق الإصرار والترصد ، وذلك أثناء مناقشة قرار تقسيم فلسطين في الأممالمتحدة ، وبينما المندوب الصهيوني يصول ويجول عن أحقية الصهاينة في فلسطين ، قال فارس الخوري إن حق اليهود في فلسطين يشبه حق اليهود في المال العربي ، وروى القصة التالية ، طلب يهودي من عربي أن يقرضه عشرة دولارات ، فقال له العربي لا يوجد معي الا ستة دولارات ، فقال اليهودي أعطني الستة ويبقى لي عندك أربعة دولارات ، فقال العربي ، كيف يكون لك عندي أربعة دولارات وأنت أخذت مني ستة دولارات ، فقال اليهودي انأ معي ستة دولارات ولي معك أربعة دولارات ، وانأ ألان أعطيك دولارين ونصبح خالصين . وكان فارس الخوري قد تقدم باقتراح منطقي وهو إحالة تصريح بلفور الى محكمة العدل الدولية للنظر في شرعيته ولكن الأممالمتحدة لم نوافق على الاقتراح . وقال شاعر لبنان الكبير رشيد سليم طنوس الخوري ( الشاعر القروي ) ( 1887 – 1984 ) الحق منك من وعودك اكبر فاحسب حساب الحق يا متجبر تعد الوعود وتقتضي انجازها مهج العباد خسئت يا مستعمر لو كنت من أهل المكارم لم تكن من غير جيبك محسنا يا بلفر عد من تشاء بما تشاء فإنما دعواه خاسرة ووعدك أخسر فلقد تفوز ونحن أضعف أمة وتؤوب مغلوبا وأنت الأقدر فلكم وقى متواضعا أطرافه وكبا بفضل ردائه المتكبر يا مصدر الكذب الذي ما بعده كذب تعالى الحق عما تنشر تجنى على وطن المسيح مدمرا وتذيع انك في البلاد معمر ولكن وبعيد عن الأسباب التي أدت الى صدور هكذا تصريح غير المسبوق في التاريخ ، وبعيدا عن استنساخ أفكار جديدة في قشور الأفكار القديمة ، يجب أن نعترف أنه لم يكن بإمكان الصهاينة أن يتوقعوا شيئا من الحكومة البريطانية لا يتفق مع مصالح الإمبراطورية البريطانية الفعلية أو المفترضة . ولكن السؤال الذي يجب طرحه. إذا كان الاستيطان قد نجح في العالم الجديد ( الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا ) ، وإذا كان الاستيطان قد نجح جزئيا في أمريكا الوسطى والجنوبية وخاصة في البرازيل وهاييتي وغواتيمالا والمكسيك ، وإذا كان الاستيطان قد فشل في أفريقيا والبنغال ، وإذا كان الكيان الصهيوني في فلسطين شكل من أشكال الاستيطان ، ما هو مصيره ، هل ينجح أم يفشل ، وقد انقضى على وجوده في فلسطين ثمانية وستون عاما ، وهو ما زال في إطار المشروع . وهل يمكن أن تلعب الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة نفس دور المعاهدات بين المستوطنين الأوروبيين والهنود الحمر في الأرض الجديدة ( الولاياتالمتحدةالأمريكية ) . وهنا لا بد من الإشارة الى إن الاتفاقيات بين المستوطنين الأوروبيين والهنود الحمر كانت تجري بشكل ثنائي . وان ما كان يجري من تسويات بين مصر ومنظمة التحرير الفلسطينيةوالأردن ودولة الكيان الصهيوني كان يجري بغطاء من قرارات الأممالمتحدة ، والأممالمتحدة وكما هو معروف حكومة أنجلو – سكسونية - أمريكية – صهيونية . وهي في الأصل والنهاية تعبير عن مراكز القوى بين الدول الكبرى . ولكن وبغض النظر عن الموقف من الأممالمتحدة ومؤسساتها وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن ولجنة الوصاية والانتداب ومحكمة العدل الدولية ، لا تعتبر قرارات الأممالمتحدة قرارات ملزمة إلا إذا استندت الى الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر من ميثاق الأممالمتحدة حسب اجتهادات محكمة العدل الدولية . ومجلس الأمن لم يصدر أي قرار من قراراته منذ بداية الصراع الصهيوني – العربي وحتى ألان يستند الى هذه الفصول إلا ثلاثة قرارات كانت كلها في صالح الكيان الصهيوني ، وهي الفرار رقم 50 الصادر في 29 أيار 1948 والذي يدعو الى وقف العمليات العسكرية لمدة أربعة أسابيع ( الهدنة الأولى ) ، وقد جاء هذا القرار لقطع أي إمكانية أمام تقدم القوات العربية ، وإتاحة الفرصة للعصابات الصهيوني في الحصول على صفقة الأسلحة التشيكية والعتاد العسكري والمقاتلين ، وهو ما أدى الى تعديل ميزان القوى على الأرض لصالح العصابات الصهيونية بعد تجدد العمليات العسكرية ، والقرار 54 الصادر في 15 تموز 1948 والذي يقضي بوقف إطلاق النار بين القوات العربية والعصابات الصهيونية ، وانه في حال عدم الالتزام بالقرار يجب على مجلس الأمن النظر في المادة 39 من ميثاق الأممالمتحدة بهدف اتخاذ إجراءات جديدة قد يتخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ، والقرار 56 الصادر بتاريخ 19 آب 1948 الذي يقضي بتجريد القدس من السلاح ، وقد وافق العرب وتهرب اليهود حتى تمكنوا من شق طريق القدس – تل – أبيب وخاصة بعد احتلال مدينتي اللد والرملة ، ونقلوا الى القدس الأسلحة والذخائر والمؤن ، وهكذا تطور الموقف لصالح العصابات الصهيونية ، وتراجع الكونت برنادوت عن توصيته بضم القدس الى الدولة العربية الى تدويلها . وهكذا نرى أن موقف الأممالمتحدة لم يكن موقف متوازن حتى في حده الأدنى ، وان ما كان يصدر من قرارات تتطابق مع الحق الفلسطيني كان يترك على رفوف الأممالمتحدة حتى يطويه النسيان ، وما كان يصدر من قرارات تتطابق مع المصالح الصهيونية كان يطبق حتى بأكثر مما يحتمل النص . وقد اتخذت الأممالمتحدة 139 قرار منها 88 قرار جمعية عامة و 37 قرار من مجلس الأمن و 10 قرارات من لجنة الوصاية والانتداب و 3 قرارات من المجلس الاقتصادي والاجتماعي وقرار واحد من محكمة العدل الدولية . ولم يطبق أي قرار من هذه القرارات . وذلك بالإضافة الى أن الاعتراف بعضوية إسرائيل في الأممالمتحدة كانت عضوية مشروطة بإقامة دولة فلسطينية ، وحل مشاكل القدس واللاجئين والحدود ، وإقامة اتحاد اقتصادي بين الدولتين الفلسطينية واليهودية ، ولم تلتزم حكومة الكيان الصهيوني ولم تعترض الأممالمتحدة ولم تسحب الاعتراف بالدولة الصهيونية . وكذلك وفي سابقة عير مسبوقة وبناء على مساعي الولاياتالمتحدةالأمريكية وباسم النظام الدولي الجديد وافقت الجمعية العامة للام المتحدة في 16 كانون أول 1991 على إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الصادر في 10 تشرين الثاني 1975 ، والذي ينص على اعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري . وهكذا نرى أن دولة إسرائيل التي قامت بقرار من الاستعمار الدولي لن تنتهي بقرار من الاستعمار الدولي ، وان دولة إسرائيل التي قامت بقرار من الأممالمتحدة لن تنتهي بقرار من الأممالمتحدة ، وان دولة إسرائيل التي قامت على هزيمة جيوش أدمنت الهزيمة لن تنتهي على يد جيوش أدمنت الهزيمة ، وأن دولة إسرائيل التي قامت على خيانة أنظمة خائنة لن تنتهي على يد أنظمة أدمنت الخيائة ، وأن دولة إسرائيل التي قامت على فشل أنظمة فاشلة لن تنتهي على يد أنظمة أدمنت الفشل ، وان دولة إسرائيل التي قامت على فشل حركة وطنية تنقسم الى أحزاب تقوم على أرضية التناحر العائلي لن تنتهي على يد حركة وطنية تنقسم الى فصائل تقوم على أرضية التناحر الايديولوجي والمصالح الفئوية . ولكن هل يعني هذا نجاح المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين ، طبعا وهذا بالمطلق لا يعني نجاح المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين . لأن وجود المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين في الأصل والنهاية وجود غير طبيعي ، ولأن الأساس الذي قام على أساسه المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين لا أساس له ، ولأنه لم يسجل التاريخ أي نجاح لأي مشرع استيطاني يقوم على مجموعة من الأساطير ، والاستيطان الصهيوني في فلسطين قام في الأساس على مجموعة من الأساطير ، وخاصة الأسطورة التوراتية ( الوعد ) وهل الوعد من الله ، هل الوعد من نابليون ، هل الوعد من بلفور ، ومن له وعد من الله هل هو في حاجة الى وعد من نابليون أو بلفور ، ولمن الوعد هل هو لإبراهيم والعرب هم أبناء إبراهيم ( الأب الرفيع – الأب المكرم - آب الجمهور ) في اللغة الآرامية لغة إبراهيم وهي نفسها اللغة السريانية ، وكان إبراهيم قد ولد في الفترة من 2324 ق م – 1850 ق م ) وفي رواية أخرى في عام 2160 ق م في سهل شنغار في مدينة أور العراق الكلدانية عاصمة الدولة السومرية في عهد الملك نمرود الكنعاني ، والكلدانية كلمة تعني العلماء الذين يعملون في حقول العلم بجميع فروعه ، وهو الابن العاشر في شجرة النسب من نوح ، وهناك رواية أخرى تقول أن إبراهيم ولد في حران وهي مدينة سورية تقع حاليا في جنوب شرق تركيا عند منبع نهر البليخ احد روافد نهر الفرات وقد استولت عليها تركيا مع العديد من المدن السورية بعد اتفاقية لوزان في عام 1923 ، ولذلك لا يمكن القول أن إبراهيم كان يهوديا ، لأن موسى ولد في عام 1490 ق م ، بعد وفاة يوسف بنحو 520 عام ، وقبل 1526 عاما من ولادة المسيح ، وجاءت الرسالة الى موسى وهو في سن الأربعين . ولأن الديانة اليهودية نزلت على موسى بعد 690 عام من ولادة إبراهيم وبعد 370 عاما من وفاته على اعتبار أن إبراهيم عاش 260 سنة ، كما أن إبراهيم نفسه قال عن نفسه أراميا تائها كان أبي . والتوراة نفسها تؤكد ذلك في سفر التثنية – الإصحاح 5 –11( ثم تصرخ وتقول أمام الرب إلهك أراميا تائها كان ابي ) كما إن التوراة تشير الى لابان بن بتوئيل اخو رفقة وخال يعقوب ووالد زوجتيه ليئة وراحيل وحفيد ناحور اخو إبراهيم بوصفه لابان الآرامي . ويشار إليه أيضا في سفر التكوين ( الإصحاح 20 – 21 – 24 – 25 – 28 – 31 – 45 ) باسم لابان الآرامي . وهذه التسمية تسمية مناسبة نظرا الى انه كان ساكنا في فدان أرام التي تعني سه أرام . وكان لابان ساميا يسكن في منطقة يقيم فيها أشخاص يتكلمون الآرامية وهي لغة سامية. وإسماعيل هو الابن الأكبر لإبراهيم والابن الأكبر في الشريعة اليهودية وبحكم البكورة يرث ضعف الابن الثاني ، هل هو لإسحاق ، هل هو ليعقوب ، وما هي مساحة هذا الوعد ، هل هي على مد نظر إبراهيم ، هل هي مساحة فلسطين ، هل هي من الفرات الى النيل ، وأخير كيف يكون الله رب الجميع ولا يصنع عدلا بين الجميع ، وكيف يعطي ارض شعب الى شعب آخر ، هل يعمل الله وكيل عقارات عند اليهود ، وأسطورة شعب الله المختار ( الأسطورة العنصرية ) وكيف يكون شعب الله المختار ، ورب اليهود يقول في سفر ارميا في الإصحاح ( 3 – 8 ) ( إني بسبب زنى المرتدة إسرائيل طلقتها فأعطيتها كتاب طلاق ) وفي سفر التثنية الإصحاح ( 15 – 28 – 46 ) يقول ( وإن لم تسمع لصوت الرب إلهك حافظا وصاياه وفرائضه التي أنا آمرك بها اليوم ، ولم تعمل بها تأتي عليك هذه اللعنات كلها وتدركك ، فتكون ملعونا في المدينة ، وملعونا في البرية ، وتكون ملعونة سلتك ومعجنك ، وملعونا ثمر بطنك وثمر أرضك ونتاج بقرك وغنمك ، وتكون ملعونا أنت في دخولك ، وملعونا أنت في خروجك ، يرسل الرب عليك اللعنة والاضطراب والوعيد في كل ما تمتد عليه يدك وما تصنعه ، حتى تبيد وتهلك سريعا بسبب سوء أعمالك بعدما تركتني ) وعلى مدى أربعة وعشرين فقرة تستمر هذه اللعنات في أسلوب لا نظير الى أن يقول ( هذه اللعنات كلها تأتي عليك وتطاردك وتدركك حتى تبيد ، لأنك لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي أمرك بها فتكون فيك آية وخارقة وفي نسلك للأبد ) ويقول رب اليهود أيضا في سفر ارميا ( الإصحاح 2 – 126 ) ( كما أن تلك النجاسة مزيجها اللعنة فإن الخزي قرينها ( كما يخزى السارق حين يضبط كذلك خزي بيت إسرائيل هم وملوكهم ورؤساؤهم وكهنتهم ) ( ونجاسة إسرائيل هذه تخرج من فوق كما تخرج من أسفل ، ولذلك قال اشعياء في سفره ( ويل لي اني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين ، وانأ ساكن بين شعب نجس الشفتين ( الإصحاح 5 – 6 ) وقال أيضا في ( الإصحاح 1 – 3 ) ( الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه ، أما إسرائيل فلا يعرف . شعبي لا يفهم ) وأسطورة الصحراء ، هل حقا كانت فلسطين صحراء ، هل حقا كانت أقدم مدينة في التاريخ صحراء ، هل حقا كانت ارض كنعان ( فينيقيا ) صحراء ، هل حقا كانت بلد الأبجدية صحراء ، وكيف كانت صحراء وهي التي قدمت للبشرية أعظم نقلتين حضاريتين في التاريخ ، الأولى وهي الانتقال بالبشرية من المرحلة الهمجية الى المرحلة الإنسانية ( أريحا أول مدينة في التاريخ ) والثانية الانتقال بالبشرية من مرحلة الإنسان الجزء الى مرحلة الإنسان المجتمع ( أريحا أول مجتمع في التاريخ ) ، وأسطورة الحقوق التاريخية ، وهي أسطورة تتناقض حتى مع الرواية التوراتية ، والتوراة تعترف بذلك في سفر التكوين الإصحاح 24 – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – ) ( وشاخ إبرام وتقدم في الأيام ، وبارك الرب إبرام في كل شيء ، وقال إبرام لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له ، ضع يدك تحت فخذي فاستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لأبني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم ، بل إلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لأبني اسحق ) وفي سفر التكون – الإصحاح 23 – 3 – 7 تقول التوراة ( كانت سنو سارة مائة وسبعا وعشرين ، وماتت سارة في قرية أربع التي هي حبرون في أرض كنعان ، فأقبل أبرام من أمام ميته وكلم بني حث قائلا ... أنا نزيل ومقيم عندكم ، أعطوني ملك قبر عندكم فأدفن ميتي من أمام وجهي ، فأجابوا بنو حث أبرام قائلين ... ألا أسمعن يا سيدي أنت زعيم لله في وسطنا ، في أفضل قبورنا ادفن ميتك ، فليس أحد منا يرفض لك قبره ليدفن فيه ميتك ، فقام أبرام وسجد لأهل البلد ، وكلمهم قائلا إن طابت نفوسكم بأن أدفن ميتي من أمام وجهي فاسمعوا لي واسألوا لي عفرون بن سحر أن يعطيني مغارة المكيفلة التي في طرف حقله في وسطكم ، يعطيني إياها بثمنها الكامل لتكون لي ملك قبر، وكان عفرون جالسا في وسط بني حث ، فأجاب عفرون الحثي إبراه قائلا على مسامع بني حث أمام كل من دخل باب مدينته قائلا لا يا سيدي اسمع لي الحقل قد وهبته لك والمغارة التي فيه أيضا وهبتها لك مني على مشهد بني قومي ، وهبتها لك ادفن ميتك ، فسجد إبرام أمام أهل البلد وكلم عفرون على مسامعهم قائلا أسألك أن تسمع لي ، أعطيك ثمن الحقل فخذه مني فادفن ميتي هناك ، فأجاب عفرون إبرام وقال له يا سيدي اسمع لي أرضي تساوي أربعمائة مثقال فضة ما عسى أن تكون بيني وبينك ادفن ، فلما سمع إبرام ذلك منه وزن له الفضة التي ذكرها على مسامع بني حث ، أربعمائة مثقال فضة مما هو رائج بين التجار، فحقل عفرون الذي في المكيفلة التي اتجاه ممرا وهي حبرون في أرض كنعان ، وأصبح الحقل والمغارة التي فيه لإبرام ملك قبر من عند بني حث ، وكان هذا القبر أول ملكية لإبرام في أرض كنعان ) وهكذا نرى أن كل الأساطير التي قام عليها الاستيطان الصهيوني أساطير لا وجود لها إلا في الخيال المريض للصهاينة ، وكذلك أسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ، وهل كانت فلسطين حقا أرضا بلا شعب ، وهل كان اليهود حقا شعب بلا ارض ، وهذا أيضا شعار لا وجود له إلا في الخيال المريض للصهاينة وخاصة زانجويل وتيودور هرتسل ، ولكن ورغم ذلك وجد هذا الشعار مجاله في التطبيق وهو ما أدى الى كارثة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني ، كارثة أدت الى ارتكاب مذابح وطرد الفلسطينيين وملاحقتهم في أماكن الشتات ، ولم تتوقف هذه المذابح وعلى مدى سنوات الشتات وفي كل أماكن الشتات ، وعلى مرأى من العالم والعرب الذين وللأسف الشديد نراهم اليوم يقفون في موقف المتفرجين على ذبح أبناء أمهاتهم من الفلسطينيين ، وأي عروبة وأي أمهات . وهو شعار يعني ان هناك ارض بلا شعب وهي فلسطين ، ويجب إن تعطى الى شعب بلا ارض وهم اليهود . ولكن هل كانت فلسطين لرض بلا شعب حقيقة ، وهل كان اليهود شعب بلا ارض حقيقة . والتاريخ وحتى التوراة تعترف أن فلسطين كانت ارض الكنعانيين الفينيقيين والاموريين منذ أكثر من ستة آلاف عام ، ويقول العلامة بريستد ( إن بني إسرائيل ( قوم موسى ) عندما جاؤوا إلى فلسطين و بلاد كنعان ، كانت المدن الكنعانية ذات حضارة عريقة وعميقة نشأت منذ أكثر من إلفي سنة ، وكان فيها مساكن ومنازل متقنة الإبداع والراحة ، وحكومة متطورة ، وصناعة وتجارة ، وعلم ومعرفة بالكتابة ، وديانة وحضارة ومفكرين ، وعلامة هذه الحضارة الكنعانية اقتبسها وسرقها العبرانيون الموسويون الساذجون من الكنعانيين العرب ) وتؤكد لنا التوراة غربة اليهود عن القدس في سفر القضاة 11- 19 و 13 تجد قصة رجل غريب وفد مع جماعة له إلى مشارف يبوس ( القدس ) وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جدا ، قال الغلام لسيده تعال نميل الى مدينة اليبوسيين هذِهِ ونبيت فيها . فَقَالَ لَهه سيده لا نميل الى مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل فيها ) وهل كان اليهود يشكلون شعبا ومتى كان اليهود يشكلون شعبا والمؤرخ اليهودي شلومو زاند أستاذ التاريخ في جامعة تل – أبيب يقول في كتابه متى وكيف اخترع الشعب اليهودي الصادر عن دار فايار في باريس ، ويقول زاند في كتابه هذا وبكل صراحة ان غرضه هو تفنيد ادعاء اليهود بحق تاريخي في ارض فلسطين ، وان سبيله الى تحقيق ذلك هو البرهنة على ان اليهود ليس شعبا له ماض مشترك او رابطة دم واصل واحد إضافة الى كونهم لا ينتمون الى ارض فلسطين . وهكذا نرى ان هذه المقولة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض هي مقولة كاذبة في شقيها ، ونحن نعرف ان التاريخ عند اليهود هو بيت الكذب أو أن اليهود يريدون للتاريخ أن يكون بيت الكذب . وفي لقاء له مع توم سيغف الصحافي في صحيفة هآرتس قال زاند ( إن فرض أن يكون الفلسطينيين منحدرون من الشعب اليهودي القديم هي اكبر من فرض أن أنني انأ وأنت هم أحفاد الشعب اليهودي القديم ) وكذلك أسطورة الشتات التي روجت لها الحركة الصهيونية وحولتها الى عقيدة تحرك السياسيين والجيوش وتدعمها نصوص توراتية محرفة وصهيونية بروتستانتية . وأسطورة المحرقة ( الهولوكست ) والذي ومن خلال قراءة موضوعية تتطابق معرفيا مع التاريخ ، قدم العديد من العلماء والمؤرخين الكثير من الأدلة والوثائق التي تبين وتدلل على كذب وزيف هذا الادعاء الصهيوني الذي لا يستند الى أي دليل حقيقي ، وقالوا أنها كانت مجرد لعبة وإشاعة كان الهدف منها تهجير يهود أوروبا وتأسيس دولة لهم في ارض فلسطين ، ومن ابرز هؤلاء العلماء والمؤرخين المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنغ الذي اعتقل في النمسا على خليفة أرائه هذه ، والباحث الفرنسي بول راسينيه ، والأديب الفرنسي فرديناند سالين الذي كان يسخر من ما يسمى غرفة الغاز المزعومة في اوشفتز باستخدامه تعبير غرفة الغاز السحرية ، وأستاذ الهندسة الأمريكي ارثر بوتز ، وعالم الكيمياء الألماني غيرمار رودولف ، والباحث الفيزيائي الفرنسي روبرت فوريسون الذي تعرض الى أربع محاولات اغتيال على خلفية أفكاره التي ترفض فكرة المحرقة . ولذلك يمكن القول ولكن بدون الخوف من الوقوع في الخطأ أو العنصرية لا يمكن أن ينجح المشروع الاستيطاني في ارض فلسطين ، لأنه يحمل بذور فنائه في أحشائه ، ولأنه ظاهرة غير طبيعة ولا يمكن ان يكون جزء من المنظر العام في المنطقة ، ولأنه إمكانية عسكرية وظيفتها الكيانية حماية مصالح الغرب وسينتهي وجوده عندما ينتهي دوره في حماية هذه المصالح ، ولأنه كيان يعيش على دوره وليس على إمكانياته ، ولأنه فشل في فرض حالة من اليأس على الشعب الفلسطيني ، ولأن قلب هذا الكيان الصناعي المصطنع يقع في دائرة النار الذي يحاصرها الفلسطينيون من الشمال في الجليل ومن الغرب في الساحل ومن الشرق في المثلث ومن الجنوب في النقب ، وذلك بالإضافة الى الضفة في الشرق وغزة في الجنوب ، ويكفي أن تتحرك هذه الجبهات ، وبالتأكيد سوف تتحرك ، لأن حركة التاريخ حركة حتمية ، وحركة التاريخ لا تتحرك من تلقاء نفسها ، ولكنها تحتاج الى قوة محركة والقوة المحركة هي طاقة الشباب ، ونحن نقبض على قلب هذا الكيان بأيدينا ، وهذه هي دكتاتورية الجغرافية ، والجغرافية هي ظل الطبيعة على الإنسان ، ولذلك يمكن القول أن الأردنولبنان وسورية ومصر هي الجغرافية الحاكمة الذي سوف يكون لها الدور الحاسم مع الجبهات الفلسطينية في الجليل والساحل والمثلث والنقب وغزة في كتابة الفصل الأخير في حياة هذا الكيان الغريب في الجسم الفلسطيني والسوري والعربي . وقد بدأت الحرب الرابعة حرب الإنفاق ، وقد انتقلت المقاومة الفلسطينية من إطار المقاومة التفاعلية الى إطار المقاومة التفاعلية النشطة وسوف تنتقل وبالتأكيد الى إطار الحرب التصاعدية ، ولن تستمر بلقنة الساحة الفلسطينية والعربية التي يستمد منها الاستيطان اليهودي في فلسطين اسباب وجوده ، والمنطقة حبلي ولاولادة قريبة وان غدا لناظره قريب .