«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور رمضان حسين الشيخ يكتب : شباب مصر.. هم الأمل والمستقبل وسر نهضتها
نشر في شباب مصر يوم 18 - 10 - 2016


الدكتور رمضان حسين الشيخ
إن الشباب حالياً يعيش مجموعة من التحولات في طرق العيش وأساليب التفكير وأنماط السلوك على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثقافة والقيم السائدة، فالتداخل بين المحلي والعالمي بفعل التأثير المتعاظم لثورة الاتصالات والمعلومات قد انعكس على مختلف الشرائح الاجتماعية، إلاّ أنّ الشباب وبحكم خصائصهم وتطلعاتهم وتأهيلهم العلمي كانوا أكثر تأثرا بهذه التحولات وما نجم عنها من تأثيرات سلبية أو إيجابية على السواء.
وحين أتأمل الشباب في إطار التنمية الاجتماعية والاقتصادية أربطهم بتيار التغير الإجتماعي الأساسي في المجتمع المصري المتجه باذن الله نحو دعم التطوير العلمي والتكنولوجي والثقافي، وهذا التطوير يحتاج أساساً إلى المشاركة الايجابية من الشباب، تلك التي تقوم بدورها على تدريبهم على إدراك واستيعاب مقومات التغيير، فتكون شخصياتهم أكثر قدرة على الإنجاز، على أنّ أهم ما يسهم به الشباب في مسيرة التنمية والتحديث هو ما يتمتعون به من القدرة على الإبداع والابتكار، فالشباب يتطلع باستمرار إلى تبني كل ما هو جديد، ومن ثم فهم مصدر من مصادر التغير في المجتمع المصري.
لذلك تلعب القيادات دوراً هاماً في مسيرة حياة المؤسسات ومدى نجاحها واخفاقها في تحقيق الأهداف، وقد أبرز الفكر الاداري الاسلامي أهمية القائد، فقد قال سيدنا محمد صل الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..." فهذا الحديث النبوي ربط مصير الرعية بالراعي (القائد)، ومن خلال مراجعتي لأدبيات إختيار القائد في الإسلام لاحظت وجود معايير إختيار دقيقة ومتطوره، وفي الأدب الإداري يقول بيتر دراكر "نظراً لأن القدرة على على النظر إلى المستقبل هي قدرة محددة فإن الادارة والمال كذلك لا تستطع أن تصل إلى إتخاذ قرارات مسؤولة ومعقولة إلا من خلال اختيار افراداً يتحملون مسؤولية ادارة المؤسسات خلال الحاضر والمستقبل"، ومن منطلق هذا الإهتمام باستشراف المستقبل من خلال القيادات الواعدة فأصبح أمراً حتمياً اعداد قيادات من الشباب اهتمام الدول الساعية للتقدم في ظل المتغيرات البيئية والسياسية الآن .
عزيزي القارئ.. لا يمكن حل المشاكل والتحديات التي تواجه مجتمعنا المصري إلا بالشباب، فهم اليوم يقودون التغيير والابتكار والإبداع وهم الأقدر على استخدام لغات العصر وتوظيفها بشكل إيجابي في خدمة مجتمعهم وخدمة العالم أجمع.
إن التحليل الدقيق لوضع مؤسساتنا هو أول خطوة على طريق التغيير وذلك للنظر في العوامل التي أدت إلى جمود هذه المؤسسات وتخلفها، والمدقق لأحوال مؤسساتنا القومية على إختلاف أنشطتها يجد على رأسها قيادات قد طال عليها العهد دون أن يمتد تأثيرها لتتفتح عنها براعم قيادية شابة، وذلك ما حداني إلى وصف هذه القيادات "بالعقم" لتضاف بذلك كلمة جديدة في معجم إدارة الأعمال، فأنا شخصياً لا أشك في القدرات الفنية لبعض القيادات الحالية وقد امتدت خبرتها عبر السنين، إلا أن هناك بعض النقاط الجوهرية التي تبدو غائبة وتستحق بذلك مزيداً من التوضيح ومنها:
1) إن استمرار القيادات الحالية لفترات طويلة قد أضاف إلى خبراتها طولاً دون عمق أو تنوع، خاصة مع غياب مشاركة حقيقية لقيادات الصف الثاني من الشباب التي افترض أنها تتمتع بالتعدد المهاري والتباين الفكري. كذلك فان عدم اهتمام القيادات الحالية باعداد قيادات شبابية ما هو إلا عرض لمرض "الشيخوخة الإدارية" التي أصابت جميع مؤسسات الدولة المصرية، وبالطبع فإن هذه المؤسسات لا توال تخلو من التمكين وتعامل الثروات البشرية على أنها مجرد أدوات أو معدات كما أننا نعيش بفكر وثقافة عصر الصناعة وليس عصر المعلومات.
2) إن حصاد اليوم هو نجاح الأمس وعليه فإن نجاح القيادات الحالية يجب أن يقاس بمدى ما تقدمه من تشجيع الفرص لتولي الشباب مسؤولية القيادة، ولكن للأسف لم تلقى فئة الشباب أي اهتمام ورعاية من جميع مسؤولي الدولة المصرية، وعليه فيجب ان يقاس نجاحنا بما وصلنا إليه في مؤشرات التنمية البشرية العالمية.
3) إن أهم مسببات "العقم القيادي والشيخوخة الإدارية" هو غياب الرؤية والشفافية والقدوة والمثل الأعلى وإنعدام قيمة ومعنى التفويض في ثقافة قيادات العمل المؤسسي، ولعل غياب الرؤية هو أخطر هذه الأسباب تأثيراً وذلك لأن القائد الحقيقي هو الذي يستشرف المستقبل ليرى خلو مقعده ويستشعر ضرورة إعداد من يخلفه، فهل أعد مديرو المؤسسات ورؤساء الأجهزة الحكومية مساعديهم من الصف الثاني لإتخاذ القرارات المصيرية وتحمل مسؤولية تبعاتها؟ إن ندرة القيادات الاحلالية قد يضطر الحكومة المصرية إلى استبقاء بعض القيادات لفترات استثنائية طويلة مما يتسبب في إهدار الثروات المادية والبشرية، ويقضي على أمل الشباب.
4) إن أخطر المهام القيادية هو إعداد قيادات جديدة من الصف الثاني وإتاحة الفرصة لتوليهم مكان الصدارة لتتواصل الأجيال وتتسع دوائر التأثير القيادي، وذلك ما أسميه بالتضاعف القيادي أو التأثير المتضاعف أو الخصوبة القيادية. وبالنظر جلياً فإنني ألمح غياب هذا التضاعف عن مؤسساتنا القومية المصرية مع وجود فجوة كبيرة تحول دون تواصل الأجيال، وتبادل الخبرة، وإنتقال الحكمة.
5) على الرغم من أن القيادات الحالية لها مقدرة التأثير في الآخرين، إلا أن هذا التأثير يعتمد وبصفة أساسية على قوة السلطة، ولذلك فليس لهذا النوع من التأثير صفة الإنتشار والتضاعف، كما قد يعوق تواصل الأجيال وإعداد القيادات الاحلالية من الشباب.
عزيزي القارئ.. إن العالم اليوم وبما يمر به من أزمات وتحديات ينظر لكم بعين الأمل والتفاؤل، كما أنه يعول علينا، جيل الشباب الواعي المتفهم لاحتياجات الغد للعمل لنكون طوق النجاة للأجيال القادمة، ولهذا فإن علينا تحمل هذه المسؤولية والعمل معاً للوصول إلى الغد الذي نريده ونخطط له.
إن عدم الإيمان بأهمية التأثير في الآخرين وإغفال دور الشباب في مستقبل العمل الوطني قد يحيد بالقيادات الحالية عن الفهم الكامل للمفارقات القيادية مما يجعل ردود أفعالهم لهذه المفارقات شهصياً بالدرجة الأولى، وهنا تنشأ عوامل الفساد الإداري ويصبح مناخ مؤسساتنا لا يشجع على إعداد القادة وتواصل الأجيال، هذا وقد يكون من المفيد في هذا المجال أن أقدم لجيل الشباب بعض الأسرار القيادية التي تساهم في تطوير مهارات القيادة لديهم وهي:
• القيادة لا تعني المناصب والألقاب، ولكن تعني مقدرة على التأثير في الآخرين، وكل إنسان يملك بعضاً من هذه القدرات التي يمكن تفعيلها. ويعد السلوك أحد المصادر الأساسية لقوة القيادة شريطة أن يكون هذا السلوك إنعكاساً لصفات جيدة ومهارات عالية، وذلك هو معنى المصداقية (Trustworthiness) في القيادة. كذلك تعتبر صفات ومهارات القائد من العناصر الرئيسية التي تحدد رغبة واستعداد التابعين.
• الإيمان هو روح القيادة، فيه يعيش القائد قريباً من تابعيه ويتعرف على مشاكلهم، ومنه يستمد القوة والإصرار على حل هذه المشاكل. والقائد الماهر هو الذي يوجد في المقدمة حتى يتبعه الآخرون، ولا يغالي في التقدم حتى لا يغيب عن أبصارهم فتتخبط خطاهم.
• القيادة الحقيقية تظهر بشكل طبيعي ولا تحتاج إلى إعلان أو دعاية أو شرح، هذا ويعتبر الإعلان المتكرر عن قوة القيادة والمغالاة في إستخدام أدوات التحكم وأساليب السيطرة من مظاهر الضعف القيادي، فالقيادة تشبه السيدة إذا بالغت في الاشادة بأنوثتها كان ذلك دليلاً على عدم اكتمال هذه الأنوثة أو غيابها.
• يمكن الحكم على القيادة من رغبة واستجابة الجماهير والتابعين ومدى تأييدهم للمبادرات القيادية والتزامهم بتحويل هذه المبادرات إلى واقع ملموس ينعكس إيجابياً على العمل والعاملين والمجتمع.
• القيادة هي فن تحفيز الآخرين لإنجاز ما يقتضيه الموقف وتقره مصلحة الأغلبية بغض النظر عن الوضع الاجتماعي والوظيفي للأقلية.
• القائد الماهر هو الذي يستطيع تحريك تابعية إلى أهدافهم وذلك بغض النظر عن كونهم من الباحثين عن الضوء والأمل أو من الهاربين من الضغوط والألم.
• القيادة قدوة وتأثير وبصيرة. و"القدوة" هي وليدة الإستقامة، و"الإستقامة" هي أن تكون قيم ومعتقدات ومشاعر وسلوك الانسان مستقيمة مع دستور الأخلاق والمبادئ، أما "التأثير" فهو وليد الثقة، ولا تنمو روابط الثقة إلا في مناخ من الصدق والإستقامة. أما "البصيرة" فهي استبصار ما لا يمكن للعين إبصاره وقراءة ما لا يمكن للقلم إظهاره.
• إن الفرق بين البصر والبصيرة، هي أننا نبصر الأشياء كما هي عليها، ولكننا نستبصرها كما يمكن أن تكون عليها مستقبلاً. هذا ويحول دون بصيرة القائد خوفه من مشاكل الحاضر وتحديات المستقبل.
• القيادة تعني قدرة الإنسان على ترجمة رؤيته إلى واقع يحقق أحلامه وآمال الآخرين، والواقعية أحد أهم أسباب النجاح القيادي، وذلك لأنها أقصر طرق التفاعل بين القائد وتابعيه.
• إن بلورة الرؤية وتحديد الأهداف هي أفضل وسائل إختصار الزمن بين الحاضر والمستقبل وإختصار المسافة بين الواقع وأحلام القائد وآمال التابعين.
• يجب أن تتمتع قيادات المستقبل بالذكاء الوجداني والقدرة على إستخدام المنهج العلمي، الذكاء الوجداني هو القدرة على قراءة مشاعر النفس والآخرين، اما المنهج العلمي ففيه القدرة على تنقية المحتوى الثقافي للانسان من القيم والمعتقدات الشاذة، واختصاراً أقول لقائد المستقبل : "إستحضر قلبك وإستخدم عقلك".
• حينما نتوقف عن التعلم نتوقف عن قيادة الآخرين، والبعض يقول : إن قارئ اليوم هو قائد الغد، ورحلة إعداد القيادات هي رحلة العمر حيث تنمو مهارات القيادة مع الإنسان وبه يوماً بعد يوم. وفي ذلك فإنني أنصح القيادات الحالية ألا تتوقف عن التعلم كما أطلب منها أن تنقل معارفها لمساعديهم اليوم وقادة الغد.
• تختلف إدارة الأشياء عن قيادة الإنسان وتحتاج الأخيرة إلى تنمية روابط الحب والتعاون والثقة. ولا يستوجب نجاح القائد محاولته لإسعاد كل المحيطين فقد يكون في هذه المحاولة مفتاح للفشل القيادي وخاصة في المدى البعيد.
• القائد هو الذي يثق في قدرات معاونيه حتى يثقوا هم في قدراتهم ويصلوا بأدائهم إلى كامل قدراتهم، والثقة في الآخرين يصاحبها بعض من المخاطرة، ولكن أعظم المخاطر هي ألا يخاطر القائد في عالم متغير يكتنفه الغموض والتعقيد وعدم التأكد.
• القائد الناجح هو القادر على إختيار معاونيه ومشاركتهم الرؤية والأهداف وإعطائهم حرية إختيار الوسائل والسبل للوصول إلى هذه الأهداف، ولكل قائد نقاط ضعف، والحكيم هو الذي يختار معاونيه ممن يستطيعون تغطية أو تعويض هذه النقاط، وتلك هي فلسفة الإدارة بالرؤية المشتركة عملاً بالحكمة التي تقول: كل إنسان جاهل، ويختلف الناس في الموضوعات التي يجهلها كل منهم.
• على القائد أن يعلم أن الحكم السديد هو وليد التجربة، وأن التجربة وليدة الحكم الخاطئ، من ذلك يتضح أهمية مخاطرة القائد بتمكين الآخرين وإعطائهم هامشاً من حرية الخطأ حتى وإن كانت خبرتهم محدودة.
• أخطاء الأخرين مكلفة ولا تدعها تمر دون الإستفادة منها فقد يكون من الأوفق عدم التخلص من المخطئين الذين دربتهم الممارسة ودفعت المؤسسة ثمن أخطائهم، والقائد الحكيم هو الذي يرى في الخطأ فرصة لبداية أكثر ذكاءً على طريق طويل في رحلة النجاح.
• يميل بعض القادة إلى تغيير معاونيهم ولا يفكرون في تغيير أنفسهم، إن تغيير الناس والظروف والبيئة المحيطة قد لا يستتبعه حل لمشكلة قائمة. وذلك لأن المسؤول عن حل هذه المشكلة قد يكون هو المشكلة ذاتها أو أحد هو مسبباتها، وبذلك فيجب النظر في مرآة الآخرين حتى نرى عيوبنا ونحاول القضاء عليها.
• يجب أن يكون القائد شجاعاً حتى يعترف بأخطائة، وعاقلاً حتى يستفيد منها، وقوياً حتى يستطيع تصحيحها، وحكيماً حتى لا يعاود تكرارها، ولا يستبعد أخطاء جديدة، ولا يخلط بين الخطأ والفشل.
• القائد الناجح هو من يحفر أهداف مؤسسته أو مجتمعه على الصخر ويرسم خططها على الرمل، كما أنه يحفظ رسالته عن ظهر قلب ويحافظ على مبادئها الإرشادية لتكون مستقيمة مع المبادئ الفطرية.
• لا يستطيع القائد أن يوزع الخير على الآخرين إذا كان قلبه أثقل من حمولته، وعليه فالقائد الفعال هو الذي يغفر للاخرين خطاياهم ويعفو عن أخطائهم.
• ليست القيادة في عدد أيامها ولكن في حصادها، وحصاد المستقبل في اعداد قادته، ولا يمكن إعداد قادة المستقبل دون تواصل الأجيال من خلال دوائر التفاعل والتأثير.
• القائد الحقيقي هو الذي ينمي الآخرين ويمكنهم من تحقيق أحلامهم ولا يستخدمهم في تحقيق أحلامه وتطلعاته الشخصية، والقائد المتميز هو الذي يصل إلى قلوب الآخرين من خلال عقولهم، ولا يمكن أن يتحول الإنسان إلى قائد عظيم إذا فعل كل شئ بنفسه أو لنفسه. وعليه فليست القيادة تجمعياً للسلطات، بل تفويضاً لهذه السلطات وتمكينها للآخرين وكلاهما من أهم وسائل إعداد القادة من الشباب.
• إن أفضل وسيلة لإعداد القادة من الشباب هو أن نثق في قدراتهم ونعطيهم فرصة التدريب على المواقف القيادية ومسؤولية التعامل معها، وذلك لأن 90% من التعليم يتم من خلال المشاهدة، و 9% من خلال الإستماع و 1% من خلال الحواس الأخرى، هذا ويجب تدريب الشباب على آليات تحويل الإبصار (Sight) إلى بصيرة / رؤية (Vision) وذلك حتى يمكن استبصار ما لا يمكن إبصار.
• لا يمكن إعداد قيادات المستقبل في مناخ أتوقراطي لا يسمح بالتعدد الفكري وحتمية التحاور والتشاور وتأمين الحريات التي لا تتجاوز الاحترام المتبادل وحقوق الآخرين مع الارتفاع بالمسؤولية القومية فوق مستوى الأشخاص والوظائف والألقاب.
وفي المقابل فان المناخ الديمقراطي لا يسمح فقط بنمو الشباب القيادي، ولكنه يحتضن عناصر المنافسة ويؤكد على مفردات لغة المستقبل واهمها الإبداع والمخاطرة والابتكار.
• القائد العاقل هو الذي يؤمن بالحكمة التي تقول: نافقني وقد لا أصدقك.. أنقدني وقد لا أحبك.. تجاهلني وقد لا أسامحك.. شجعني وقد لا أنساك وسوف أكون في خدمتك.
• القائد الذي يحب أن يسمع – فقط – ما يحب هو المسؤول الأول عن إرساء قيم النفاق والكذب والعنف في ثقافة مؤسسته.
• عظماء الناس لا تهمهم الشهرة كثيراً وبذلك فلا يحاولون الزج بصورهم قبل انجازاتهم، ولا يميلون إلى الإعلان عن قيمتهم الذاتية، وعليه فاذا ما اقتضت الظروف أن يعودوا إلى صفوف التابعين تم ذلك بشكل طبيعي ودون الدخول في جبهات ومحاور الاعاقة ومقاومة التغيير.
• يتوزع الفشل القيادي بالتساوي بين من يفكرون ولا يفعلون ومن يفعلون ولا يفكرون، ذلك يؤكد على أهمية رؤية القائد وجدية تابعيه، وفي ذلك أقول إن القيادة تفاعل وتأثير وعليه فلا تكتمل الصورة القيادية في غياب أحد طرفي المعادلة القيادية: القيادة = الموقف + رغبة التابعين).
• إذا كانت السمعة القيادية من ذهب فإن إستقامة القائد هي منجم الذهب، وذلك لأن الإستقامة هي التي تصنع القدوة، والقائد الذي يفتقد القدوة لا يتمتع بإحترام التابعين.
• ليس الجهل أخطر أعداء القيادة، ولكنه الوهم المعرفي (Knowledge Illusion).. فكلنا جهلاء ولكن في موضوعات مختلفة، والقائد الناجح هو من يستعين بمن هو أعلم منه في بعض الموضوعات وأقوى منه في بعض المجالات.
• القائد الذكي هو الذي يختبر ممارساته وعلاقاته ليعلم أنه مخطئ في الوقت الذي يشعر فيه أنه مصيب دائماً، وهو نفسه الذي يسمح بمساحات من الخطأ للعاملين معه ويعلم أن مخطئ اليوم هو مصيب الغد.
عزيزي القارئ: يجب أن نعلم جدياً أن القيادة موقف قبل أن تكون مجموعة من الصفات أو المهارات، وذلك لأن الموقف يحفز على تمثيل المعلومات والارتفاع بمستوى الإدراك وتكوين الرؤية وتقديم المبادرة إلى فريق العمل المؤسسي، وحينما تتبلور الرؤية القيادية وتنتقل إلى التابعين يتشكل إدراكهم، فاذا كان هذا الادراك في نفس الخط القيادي تكونت الرغبة والتأييد والالتزام وتحول الادراك المشترك إلى تفاعل يكون بمثابة الوقود الذي يدفع عجلة التقدم المؤسسي. وفقني الله واياكم لما فيه الخير
الدكتور / رمضان حسين الشيخ
متحدث تحفيزي وموجه شخصي ومهني
باحث وكاتب في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة
الخبير الدولي في التطوير المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي
مصمم منهج فرسان التميز لتغيير فكر قادة المؤسسات
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.