في يوم الجمعة 18/11/2011 وبعد مظاهرة مليونية شهد لها القريب والبعيد بأنها كانت حضارية وأنها كانت غاية في الأنضباط وأنها أعادت إلى ميدان التحرير قوته وبريقه من جديد ، نجد الكاتب الصحفي عبد الله السناوي وآخرين يخرجونا علينا ليحذّرونا بأن ما حدث يمثل جريمة في حق الوطن ( وكأن مظاهرات التحرير محرّمة علي التيار الإسلامي بينما هي مباحة لغيره ، وعلى الرغم من مشاركة تيارات سياسية كثيرة ) ، وأنه يقودنا ويدفعنا إلى النموذج الجزائري من احتمال إنقلاب الجيش واستيلائه على السلطة إذا ما وصل التيار الإسلامي إلى حكم البلاد ( ولا أعلم من أين أتى بهذا التصور الخيالي ) ، وأن هذا يدفعنا أيضاً إما إلى النموذج الأفغاني أو الصومالي ( على غرار حملة المصريين الأحرار العنصرية ) ، وغير ذلك من الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي إن دلت فإنما تدل على مدى الغيظ والألم والمرارة والحسرة التي تسببها تلك المظاهرات التي يدعوا إليها التيار الإسلامي أو يشارك فيها ، بل إنه في كل مظاهرة يشارك فيها التيار الإسلامي أو يدعوا إليها يقولون أيضاً أنّ هذا استعراض للعضلات في الوقت الذي يتجاهلون فيه ويتغافلون عن استعراض عضلاتهم المستمر في الإعلام بكافة أشكاله وألوانه والذي يسيطيرون عليه ويتحكمون في توجهاته ومقرارته التي تعرض فيه ، والذي يقف أمامه الإسلاميون عاجزون عن صده أو مجابهته بذات القوة وبنفس المساحة المتاحة .... أبعد هذا يُنكرون على هذا التيار أن يعبّر عن ذاته ويسعى إلى إيصال صوته ويبوح به في وجه من يريدون إسكاته وصمّه إلى الأبد ؟ ، وحتى إن افترضنا أنّ هذا استعراض للعضلات أوليس هذا الحشد هو معبّر تمام التعبير عن قوة التيار الإسلامي في المجتمع وارتباط الناس به وإحساسهم بأنه خط الدفاع الأول عن هوية الأمة وكرامتها ؟ . إننا نستشعر بالأسى والحزن حينما نجلس أمام وسائل الإعلام أونقرأ الصحف والمجلات أو نتصفح الأنترنت ونرى فيها هذا الكم الهائل من الأباطيل والاتهامات والأفتراءات التي تكال للتيار الإسلامي والتي وصلت أحياناً إلى مهاجمة الإسلام ذاته وصارت الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي محلا تهكم وسخرية وازدراء من قبل مجموعة من الكتاب ظنوا أنفسهم أنهم شيء وهم في الحقيقة لا شيء ، ومن هنا أتساءل هل نقبل مثلاً أن توصف الشريعة بأنها شريعة بدوية لا يمكن أن تطبق في القرن الحادي والعشرين ؟ ( مجدي أحمد علي في مجموعة من مقالاته في جريدة اليوم السابع وآخرين على شاكلته ) ، وهل نقبل أن يوصف التاريخ الإسلامي بأنه ليس به ما يشرّف سوى ثلاثون عاماً فقط وأنه تاريخ دموي ؟ ( علاء الأسواني وغيره ) ، وهل نقبل أن يقال أنّ القرآن والسنة نزلا لجيل خاص أو لأمة خاصة وأنهما مبادىء أخلاقية ومواعظ روحية لا شأن لها بتشريع وتنظيم حياة البشر ، واعتبار الإيمان بالغيب تخلفاً فكرياً وجاهلية ؟ ( مجموعة كبيرة من العلمانيين والليبراليين وغيرهم من تيارات الحداثة والتغريب) ، وربما هذا كله ما حدا بأحد الكتاب ( الأستاذ / حالد صلاح ) إلى أن يحذّر من تحول الليبراليين من خصومتهم مع الإسلاميين ومهاجمتهم لهم إلى مخاصمة الإسلام ذاته ومهاجمته . إننا يجب أن نعي فعلا من هو الذي يستعرض عضلاته ويحزن بعمق حينما يرى التفاف الناس واجتماعهم بمن يختلفون معه ، بل لا يريد لمن يقابله أو يخالفه في الرأي والمنهج أن تقوم له قائمة ويبذل في سبيل تحقيق ذلك كل مايملك بل ويُضحي أحيانا ببعض المبادىء والقيم التي لطالما نادى بها ودافع عنها بل وهاجم غيره بسبب تخليه عنها كالديمقراطية مثلاً حتى قيل " فلتذهب الديمقراطية إلى الجحيم لو أنها ستأتي بالتيار الإسلامي إلى سدة الحكم " ، بل قيل " سنحمل السلاح ونقاتل حتى نستشهد ولا يحكمنا الأخوان في يوم من الأيام " .