وكيل تعليم القاهرة تشارك بفعاليات لقاء قيادات التعليم ضمن مشروع "مدارس مرحبة ومتطورة"    اليونيفيل: الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاكات للقرار 1701    وزير الدفاع ورئيس الأركان يبحثان تعزيز التعاون العسكري مع عدد من قادة الدول في ختام معرض إيديكس    قضية مدرسة سيدز.. التحقيق مع متهمين بترويج أخبار كاذبة حول تورط جهات أجنبية والنشر عبر النت المظلم    جهاد حسام الدين تنضم إلى مسلسل عباس الريّس في أول تعاون مع عمرو سعد    وزارة الزراعة تحصن الماشية بأكثر من 8.1 مليون جرعة للحمى القلاعية والواى المتصدع    سعر السمك اليوم الجمعة5 ديسمبر 2025 فى المنيا    خرست ألسنتكم داخل حناجركم    مياه البحيرة: انتهاء أعمال إصلاح خط GRP قطر 600 بجنوب التحرير    شلل جزئي لعدد من المواقع الإلكترونية بسبب تعطل خدمات كلاود فلير    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    وزير التعليم العالى يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ    شائعات المواعدة تلاحق جونجكوك من "BTS" ووينتر من "Aespa".. وصمت الوكالات يثير الجدل    تفاصيل القصة الكاملة لأزمة ميادة الحناوى وحقيقة لجوئها ل AI    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    الحصر العددي يكشف مفاجآت في انتخابات دائرة إمبابة.. مرشح متوفى يحصل على الترتيب الرابع وأصوات إيهاب الخولي تتراجع من 22 ألف إلى 1300 صوت    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    «عصمت»: القطاع الخاص شريك في تنويع مصادر توليد الكهرباء    العثور على غريق مجهول الهوية بترعة الإبراهيمية في المنيا    أسطورة برتغالي يرشح رونالدو للعب في كأس العالم 2030 بعمر 45 عامًا    «رجال يد الأهلي» يواجه الزمالك في بطولة الدوري    اليوم.. افتتاح بطولة إفريقيا للأندية ل«سيدات كرة السلة»    إلهام شاهين تشيد بفيلم giant: مبروك لأمير المصرى والقصة ملهمة    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    تقارير: الدوري السعودي مستعد للتعاقد مع محمد صلاح    الدرندلى وحسام وإبراهيم حسن أمام البيت الأبيض قبل قرعة كأس العالم 2026    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المتوقعة الساعات المقبلة    كأس العرب - وسام أبو علي يكشف حقيقة مشاركته مع فلسطين في البطولة    وكيل الجفالي يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    "المشاط" تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ "الصحة" لحصدها أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي    الصين وفرنسا: حل الدولتين الحل الوحيد لضمان السلام بين فلسطين وإسرائيل    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    إعلام إسرائيلي: انتحار ضابط في لواء جفعاتي بسبب مشكلات نفسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    بشير عبد الفتاح ل كلمة أخيرة: الناخب المصري يعاني إرهاقا سياسيا منذ 2011    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.احمد زكى حسن يكتب : زواج الأقباط منذ عشرة قرون
نشر في شباب مصر يوم 30 - 07 - 2016


د.احمد زكى حسن
الزواج هو اللبنة الاولى فى بناء الاسرة التى هى أساس المجتمع ، وقد شرعه الله منذ خلق أبانا آدم عليه السلام ، للتوالد والتناسل وعمارة الكون ، وقد جاءت الاديان السماوية تدعو إليه وتحث عليه ، كى يتحقق بقاء الجنس الانسانى الذى جعله الله خليفته فى الارض ، بل أن الفطرة نفسها تدعو إليه ، فالزواج ينظم هذه الفطرة ، فى صورة تحفظ الأنساب وتصون الأعراض ، وهو إذا ما رُوعيت أحكامه يضفى على الزوجين حياة سعيدة بسكون القلب وإطمئنان النفس فى أُلفة ومحبة وعطف .
ومن ضمن الاهداف الرئيسية التى تحث على الزواج عند الأقباط هو إجتناب الزنى ، حيث يقول بولس الرسول " من لا يطق العزوبية فليتزوج ، لأن التزوج أصلح من التحرق ، ولكن لسبب الزنى ، ليكن لكل واحد إمرأته ، وليكن لكل إمرأه رجلها " ، وليس هو السبب الوحيد للزواج فى المسيحية كما أسلفنا الذكر ، فمن تزوج لا يخطئ ومن لا يتزوج لا يخطئ أيضا، ولذلك من لا يستطيع حفظ البتولية من الرجال أو النساء فليتزوج .
وكان الزواج يتم طبقا لعقد مكتوب يوقع عليه عدد من الشهود قد يزيد على العشرة فى بعض الأحيان ، ويتولى عقد زواج أحد رجال الدين ، وينص عقد الزواج على قيمة الصداق الذى كان يتناسب وحالة الزوج الاجتماعية ، وكان الزوج يحصل على وثيقة من زوجته بقيمة ما دفع لها من صداق يوقع عليها عدد من الشهود ، كما كانت الزوجة بدورها تحصل على سند بقيمة ما تأخر لها من الصداق . وكان عقد الزواج غالبا ما ينص على أمور تشترطها الزوجة على زوجها أثناء حياتهم المشتركة ، مثل إشتراطها على زوجها ألا يمنعها من زيارة أهلها ولا يمنع أهلها من زيارتها وأن يتقى الله فيها ويحسن عشرتها ويعاملها بالمعروف . كما كان الصداق يختلف بإختلاف الحالة الاجتماعية للزوج ، فإن قيمة ما تُجهز به العروس كان خاضعا لحالة أسرتها المالية ، وكان الزوج يتكفل بدفع قيمة المهر وإعداد دار الزوجية ، وعلى أسرة الزوجة إعداد الجهاز اللازم للدار ، ويروى المقريزى ان جهاز العروس كان غالبا ما يحتوى على دكة مثل السرير مصنوعة من النحاس المكفت ، او من الخشب المطعم بالعاج والابنوس ، أو من خشب مدهون ، وهذه الانواع تختلف أثمانها طبقا لجودة خامتها ودقة صناعتها ، بالإضافة الى سبعة أوانى من النحاس الاصفر المكفت بالفضة مختلفة الاحجام بعضها أصغر من بعض ، وسبعة أطباق مختلفة الاحجام أيضا وغير ذلك من الملابس الجديدة والطشت والإبريق والمبخرة، وتقدر قيمة هذا الجهاز بما يزيد على مائتى دينار ذهبا ، وهذا على ما يبدو كان جهاز العروس من الطبقة المتوسطة والعامة.
أما جهاز العروس للقادرين ماديا كان مكون فى الغالب من صناديق خشب محفور عليها أشكال صلبان أو زخارف او مناظر طبيعية او حيوانية مثل أسد يقوم بصيد غزالة ، وفى هذه الصناديق يوضع باقى جهاز العروس وهو عبارة عن ملابس جديدة مصنوعة من الكتان والحرير الملون ، منها ما هو مطرز وهى ملابس الخروج وملابس البيت العادية . ثم أدوات التجميل وتكون أدوات للشعر كالامشاط وغيرها مما يساعد على تثبيت تسريحة الشعر ، وأيضا بعض الأسلاك من الذهب أوالفضة التى تضفر مع الشعر أحيانا ، إضافة الى الحلقان والغوايش وغيره .كان يحتوى ايضا جهاز العروس على وسائد جديدة ، وأغطية ( لحاف) بطاطين وسجاجيد للارض وأخرى تستخدم للتعليق على الحائط كزينة . كما كان يشمل الملاعق والسكاكين وأطباق وحلل وباقى ادوات المطبخ ، ثم مجموعة كبيرة من مصابيح النور التى تعمل بالزيت . هذا بالاضافة الى هدية خاصة من الزائرين للعروسين لمساعدتهما فى حياتهما الجديدة المستقلة مثل تكعيبة عنب أو حقل أو مرعى للحيوانات ، هذه الهدية تكتب فى عقد وتسجل .
وكانت توجد فى الدولة الفاطمية دور مخصصة لإقامة حفلات الزفاف تُستأجر من أصحابها لهذا الغرض ، وكان على مُلاك هذه الدور إلتزام جانب الأخلاق الحميدة والمحافظة على حرمة أصحاب الحفل ، وعدم تسوُر أسطح الدور للتطلع إلى النساء المجتمعات فى الحفل ، وكانت الدولة تأخذ عليهم عهدا بذلك ويوقع صاحب الدار وثيقة بعدم التعرض لمؤجرى داره للأفراح ، وإلا حُرم من تأجيرها لهذا الغرض ، وكانت العروس تجلس فى مكان الإحتفال على دكة عالية بمفردها بحيث تصل أنظار الحاضرات وهى فى أبهى زينة وأجمل ثياب ، وقد إلتف حولها أفراد أسرتها والمدعوات ، وكان هذا الحفل قاصرا على النساء . ومن جهة أخرى كان يخصص مكان أخر للزوج ومعه أصدقاؤه والمدعون من الرجال به على غرار ما يحدث فى مجلس العروس ، وكانت مظاهر البهجة والسرور تعم الاحتفال فتغنى المغنيات وتعمل فيه أنواع الملاهى والمضحكات والرقص وأنواع الحلوى والأطعمة على الحاضرين حسب مكانة صاحب الحفل وثرائه
ولا تختلف أفراح الاقباط عن المسلمين ، فالنصارى فى الريف أفراحهم مثل مسلميها ،وكذلك الصعيد والمدينة ، فغالبا ما يسبق ليلة الزفاف ما يسمى بليلة الحناء ، فقد كان الفرح فى الماضى حسب العادات يبدأ باستخدام أحد الاقارب من النساء أو إمرأة أخرى تعرف ( بالخاطبة ) تبحث له عن رفيقه مناسبه ، كما كانت هناك شخصية هامه هى ( الماشطة ) .
ويذهب المسيحين للكنيسة لعمل الإكليل ويقوم فيه القساوسة بتسليم خاتمى العروسين ومباركتهما ويضع تاج من الذهب فوق رأس كلا منهما وبُرنسا على كتفهما ، وتمتلك الكنيسة التاجين فيُرفعان قبل أن يغادر العروسان ، غير أنهما يمكن ان يذهبا الى البيت بالبُرنُس ويذهب معهما أحد القساوسة ويبارك عتبة البيت . وتُقال الترانيم فى الإحتفال الكنسى باللغة القبطية ويكون الحضور جالسين فى مقاعد ويقفون عندما يُذكر الإله أو يُشار اإيه.
وقد إهتمت المسيحية بحياة الأسرة كأساس لبناء مجتمع سليم ، فمجرد دخول المسيحية الى مصر إهتمت بأن تُدخل تعاليمها وقونينها الى الاسرة لتدعيمها وحمايتها . فتساعد على تهيئة جو من الإستقرار . فرابطة الزواج المسيحى تعتبر رُكنا هاما من أركان الكنيسة . بل واحد من أسرارها السبعة K لذلك فرابطة الزواج تحتاج إلى نعمة إلهية لربط الزوجين برباط روحى متين ، يستمر مدى الحياة ولا يفصمه إلا الموت أو الخيانة الزوجية ( الزنا ) . لذلك فمن الضرورى أن يقوم بطقوس هذا السر كاهن شرعى ، وبالتالى لا يستطيع احد ان يفصم هذه الرابطة إلا الكاهن فى حدود العلة الآنفة الذكر فقط . وعلى الكاهن بصفته أبا روحيا ان يستوثق من توافر شروط الزواج والخلو من موانعة ، وأن يتاكد من الرضا الشخصى لكل من الخطيبين ، فيسأل كلا منهما على انفراد بعيدا عن مؤثرات أو ضغط العائلة ، حتى يضمن نجاح الزواج وسعادة الزوجين وإستقرار العائلة.
وفى زواج الأقباط يقول المقريزى : ولا يصح النكاح إلا بحضور شماس وقس ، وعُدول ومهر ، ويُحرمون من النساء ما يحرمه المسلمون ، ولا يحل الجمع بين إمرأتين ، ولا التسًرى بالإماء ، إلا ان يُعتقن ويتزوجن بهن ، وإذا خدم العبد سبع سنين عُتق ، ولا يحل طلاق المرأة إلا ان تأتى بفاحشة مبينة ، فتُطًلق ولا تحل للزوج أبدا .
ويسمى الاقباط حفل إتمام طقس الزواج بالاكليل – لان الكاهن يتوج رأس العروسين أثناء الصلاة بإكليلين ، دلالة على النعمة المقدسة التى توجت حياتهما برباط الزيجة ، وتعتبر حفلات الزواج فرصة مواتية تعبر فيها العائلة عن مشاعر الفرح والابتهاج بمظاهر مختلفة . كان من أولها تقديم الشكر لله بمحاولة إشراك الفقراء والجيران من أهل المنطقة المجاورة فى مشاعر الفرح ، وذلك بتوزيع الكساء وما طاب من مأكل وحلوى عليهم .
أما العائلات الثرية فتنحر الذبائح وتستمر إحتفلاتها عدة أيام . والليلة السابقة على العرس وتسمى " ليلة الحناء " وتقام وليمتها فى بيت العروس لتوديعها ، وفيها تصبغ العروس وأهل البيت أكفهم وأرجلهم بالصبغة الحمراء التى تتركها عجينة أوراق الحناء على الجلد ، ثم ليلة العرس والصباحية حيث يستقبل الزوجان هدايا العائلة والاصدقاء ، وما يسمى بالنقوط ( اى الهدية النقدية ) والتى نشأت فكرتها أصلا كمشاركة عملية فى مصاريف العُرس . وأحيانا تستمر هذه الحفلات إلى نهاية الاسبوع وتختتم بليلة السبوع .
ولما كانت الاطعمة التى تقدم فى ولائم العرس من الاطعمة الفاخرة الدسمة ، فقد منعت الكنيسة إقامة " الاكليل " فى أيام الأصوام ، حيث تُمنع الاطعمة الحيوانية والدسمة . وحيث يمتنع الازواج عن المعاشرة للتفرع للصوم والصلاة. فيدعوا الاقباط الكثير من إخوانهم الاقباط فى احتفالات كبيرة للمشاركة فى أفراحهم ، وهؤلاء المدعوين هم أفراد العائلتين ، وكبار البلد وموظفى الحكومة ، وأصحاب الاملاك والآباء والكهنة والشمامسة والجيران والاصدقاء. ويقدم الطعام فى حفلات الزفاف للعروسين أولا ، ثم المعازيم المهمين ، ثم باقى الضيوف ، فكانت اللحمة مثلا تقطع بالسكين وتأكل بالعيش ، أما الحساء والخضار فبالملعقة ، ويستمر الحفل طوال الليل ويكون فيها موسيقى وغناء ورقص .
وقد ذكر بعض الرحالة بعض العادات المتعلقة بالزواج بين الاقباط فى مصر ، فأكد ميليه أنه فى يوم الزواج لا تنام العروس فى فراش زوجها وأنما فى اليوم التالى يحضر القس ومعه قطعة من زنار من حرير يمررها على رقبة العريس راسما شكل صليب ، ويكون ذلك إيذانا له بممارسة حقه كزوج . كذلك ذكر ميليه بعض إحتفالات الزواج بالنسبة للارمن بإعتبارهم مسيحين ، فيقول ان لديهم تقليد غريب ، إذ يمكث العريس خمسة أيام لا يرى العروس وفى يوم الزفاف يقام حفل كبير فى كنيسة الخان ليلا ، حيث يضع الاشبين القماش على ايدى العروسين ، ويتم لبس خاتم الزواج فى إصبع كل منهما ، ولكن لابد من تغير الخاتم ووضعه فى كل إصبع على حده ، ثم يسير العروسين حتى يصلا أمام القس ، فتجرى مراسم الزفاف واضعا إكليلا من الورد على رأس العروسين ، ثم يُحضر القس قدحا من النبيذ يغمس فيه قطعا من الخبز يأكل منه العروسان والأشبين ويشربون النبيذ ثم يقذفون بالقدح نحو الحائط ، ثم يسير القس وبصحبته العروسان حول المقاعد فى الكنيسة ثم ينزل الاكليل وتقام الصلوات .
ويذكر لنا مجدى عبد الرشيد طريقة إحتفالات الفلاحين فى العصر المملوكى بمناسبة الزواج ، حيث يبدأ الاحتفال قبل الزفاف بمدة ، فيقوم العريس بشراء ملابس جديدة وكذلك حذاءا جديدا ليوم الزفاف ، كما كان عليه ان يشترى ثوب الزفاف للعروس ، والذى يكون من القطن الابيض ، بالاضافة الى شراء طرحة وحذاء ، أيضا كان على العروس شراء ما يلزم البيت الجديد من المفروشات والادوات البسيطة ، التى تتكون معظمها من الأوانى الفخارية ، وأهمها "المترد" وهو إناء من فخار أحمر ، وهو أغلب أوانى أهل الريف فى زفافهم ، وفى يوم الزفاف كانت العادة بعد أن يتفق أهل العريس مع المغنى ومن يقومون بالضرب على الدفوف ، ان يدور الشباب بالعريس دورة فى القرية ، وأمامه الشعراء يمدحون ، تصاحبهم الربابات والطبول ، ثم بعد هذه الدورة يأتون إلى المكان المعد للاحتفال ، فيقدم لهم الكِشك والفول والارز باللبن ، ويجلس العريس مع المدعوين على حصير ، منتظرين حضور العروس ، التى يذهب الشعراء لإحضارها بالغناء وعزف الرباب .
فتأتى العروس متزينة بالحناء وغيرها من ألوان الزينة ، وخلفها الصبايا بالزغاريط ، والشباب بالمصابيح ، ويرشوا عليها الملح خوف النظرة والحسد ، وعندما تصل الى مكان الاحتفال تجلس على مكان مرتفع ، ثم يقوم العريس بكشف وجهها ، فيأتى الشعراء بالطبول والدفوف ، وينشدونها من الاشعار والغناء ما هو مناسب مثل :( يا عروسة يا ام غالى ......إنجلى ولا تبالى) .
وبعد ان يفرغ الغناء يقوم رجل وبيده شعلة ويقول : ( هاتوا النقوط صاحب العرس بقى قى أمان، هاتوا يا نساء يا جدعان ) ، فيعطيه كل شخص بحسب حاله ، وبعد ذلك يدخلونهما الى البيت وتكون الغرفة مفروشة بالتبن ، ويضعون لهما وسائد محشوة بقشر البصل ، ويسرجون لهما مصباحا بالزيت ، ويغلقون عليهما الباب ، ويدقوا لهم بالحجارة على الاعتاب ، فإن أخذ وجهها هنئوه والا جرسوه وهتكوه ، وفى اليوم التالى ( يوم الصباحية ) يجتمع أصحاب العريس ، ويحكمون عليه ان يقدم لهم العيش والمش ويقضى معهم طول النهار وسمونه هذا اليوم ( يوم الهروبة ) ، وبعد ثلاث ايام يخرجون العروس ويكشفو وجهها للمرة الثانية ويجمعون النقوط مره أخرى .
والعلاقة بين الزوجين تتمثل فى المعاملة الحسنة التى كانت تشترط فى عقود الزواج ، وكان الزوج عندما يسافر يبعث الى زوجته الهدايا ، ومما يشير أيضا الى منزلة الزوجة عند زوجها أنه بعد وفاتها يحزن عليها كثيرا ، وربما رثاها ببعض ابيات الشعر تدل على تلك المكانة التى تمتعت بها بعض نساء تلك الفترة ، أما عن الاعمال المنزلية التى كانت تقوم بها الزوجة فى تلك الفترة ، فعلى ما يبدو انها لم تكن كثيرة ، مما أعطى للمرأة الفرصة للقيام بأعمال اخرى فكان القمح يخزن والخبز يشُترى من السوق ، وبصفة عامه كان الطعام بسيطا ، ولعل الغسيل والتنظيف لم يكن شاقا ، إذ انه كان يستعمل نوع من الطين يزيل المواد الدهنية من الملابس ، كما كانت عادة غسيل الملابس وغيره على النيل شائعة فى فى ذلك الوقت .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.