التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    انفجار ضخم يهز منطقة كاجيتهانة في إسطنبول التركية    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    بالصور.. علي العربي يتألق على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد النبوي.. فنان يروي الحكاية بصدق الإبداع ودفء الإنسان    الولايات المتحدة تنهي رسميا سك عملة السنت بعد أكثر من قرنين من التداول    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    ليلى علوي: مهرجان القاهرة السينمائي يحتل مكانة كبيرة في حياتي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ عبدالباسط .. قيثارة السماء وأمير دولة التلاوة !!
نشر في شباب مصر يوم 14 - 06 - 2016


الحسين عبدالرازق
في العام 1927 وفي قرية المراعزة , إحدي قري صعيد مصر, والتابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا, كان ميلاد القارئ الشيخ عبدالباسط محمد عبد الصمد , في بيت ريفي بسيط لأب هو موظف في وزارة المواصلات , ولكنه من حفظة كتاب الله ئظراًلكونه إبناً لعالم من علماء تجويد القرآن الكريم , وأحد الحفظة المشهود لهم بالكفاءة والعلم , في ذلك البيت الذي وعلي الرغم من بساطته .. إلا أنه كان بيتاً مباركاً بفضل آيات الله التي لاتنقطع تلاوتها علي مدار اليوم ' سواءاًبصوت الشيخ عبد الصمد وولده محمد , أو من خلال أشقاء الطفل عبدالباسط عندما يقومان بترديد ما حفظاه كل يوم في كتاب القرية من آيات الذكر الحكيم .
في ذلك البيت الطيب , ووسط تلك الأجواء المفعمة بالإيمان , نشأ الطفل عبد الباسط , بين جدران منزل فيه قرآن يتلي آناءالليل وأطراف النهار , في عمر السادسة طلب الطفل إلي أبيه أن يلحقه بكتاب القرية أسوة بأخويه محمود وعبدالحميد , لبي الأب طلب صغيره , ومن ثم التحق بكتاب الشيخ محمد الأمير , الذي فطن من اليوم الأول إلي ماحباالله به ذلك الطفل من عذوبة الصوت ودقة التحكم في مخارج الحروف , بالإضافة إلي سرعة إستيعابه لمايحصله من كتاب الله , فيزداد إهتمام الشيخ بتلميذه الصغير , والذي إستطاع بعد مرور أربعة أعوام أن يتم حفظ القرآن الكريم كاملاً وهو في العاشرة من عمره .
ليطلب إلي والده مجدداً الذهاب إلي مدينة طنطا , ليتلقي علوم القرآن ويتقن علم القراءات علي يد الشيخ "محمد سليم " بناءاًعلي نصيحة جده .
وافق الوالد واستعد الصبي للسفر , رغم بعد المسافة بين قنا , التي هي في صعيد مصر في الجنوب , وبين طنطا الواقعة علي دلتا النيل في الشمال
ولكن الصبي كان علي إستعداد لتحمل عناء ومشقة السفر في سبيل تحصيل العلم الذي أراد لنفسه أن يحققه , لكن وقبل السفر بيوم واحد, شاءت إرادة الله أن يصل الشيخ "سليم" بنفسه إلي أرمنت , ليعمل مدرساً بالمعهد الديني !!
فيستقبله أهل المدينة أحسن إستقبال , نظراً لمعرفتهم الكاملة بقدر الرجل وعلمه الوارف الغزير , ولم يكتفوا بذلك , بل قاموا بإنشاء جمعية للمحافظة علي القرآن الكريم وولوه إدارتها.
ذهب الصبي الي الشيخ سليم ليراجع عليه القرآن كاملاً , ويحفظ الشاطبية " وهي المتن الخاص بعلم القراءات السبع " .
لم يكتفي عبدالباسط بما حصله من علوم القراءات , بعد إتمامه لحفظ كتاب الله , فراح يتردد علي المساجد من أجل الإستماع إلي التلاوات القرآنية بصوت كبار المشايخ في أرمنت , ليس المساجد فقط بل والمقابر أيضاً .. وأي مكان يترامي لسمعه بأن فيه قرآن يتلي لم يتردد في الذهاب إليه , إلي الحد الذي جعله يقطع خمسة كيلو مترات كاملة سيراًعلي الأقدام , فقط من أجل الإستماع إلي صوت الشيخ محمد رفعت , عبر جهاز الراديو الوحيد في أرمنت , والموجود في أحد الدكاكين , حيث يجلس الصبي مرتكناً إلي جدار الدكان , منسطاً في خشوع إلي صوت قارئه المفضل , وعظيم دولة التلاوة منبعثاً من ذلك الصندوق الخشبي , والذي كان وجوده نادراً في العام 1939, ولايوجد في أرمنت سوي جهاز واحد كما أسلفنا .
عشرة قروش ... هي أول أجر تحصل عليه عبدالباسط عبدالصمد نظير تلاوة آيات الذكر الحكيم في مأتم أحد أبناء قريته , والتي كانت هي التعارف الأول لأهالي القرية علي صوت الشيخ الشاب , كانت تلك هي المرة الأولي التي يستمع فيها أهل القرية إلي صوت عبدالباسط .
توالت التلاوات بعدها في مختلف المناسبات الدينية والمآتم , ليذيع صيته بين أبناء قريته والقري المجاورة , نظراً لطلاوة صوته وإنفراد أسلوبه في القراءة .
بدأت شهرة الشيخ في الإزدياد , كما بدأت الأبواب تتفتح في وجهه , الباب تلو الآخر , كل الأبواب .. أبواب العُمد والأعيان , أبواب البكوات والباشاوات في صعيد مصر , بدأالكل يسعي في طلب الشيخ عبدالباسط لإحياء الليالي والمناسبات الدينية بتلاوة آيات القرآن بصوته العذب.
ظل الوضع علي ذلك لعشرة سنواتٍ كاملة , في العام 1950 وصل عبدالباسط عبدالصمد إلي القاهرة لزيارة مسجد السيدة زينب , والتي تصادف الإحتفال بمولدها رضي الله عنها مع زيارة الشيخ , والذي راح يشاهد مظاهر الإحتفال بالمولد في سرور , قبل أن يلج إلي داخل المسجد من أجل الإستماع إلي عمالقة دولة التلاوة في حينه , والذين استمروا في تلاوة القرآن إلي أن أنهكوا تماماً , فطلب بعض الناس ممن وصلتهم شهرة الشيخ في الصعيد , أن يقوم بالقراءة ... وافق الشيخ بعد ازدياد إلحاح الناس عليه , وأقدم علي التلاوة وفي نفسه كثيراًمن الرهبة , نظراًلكونها هي المرة الأولي التي سيقوم فيها بالقراءة خارج الصعيد , الذي تعود علي القراءة فيه , وها هو اليوم سيقرأ في مسجد السيدة زينب , وسط هذا الحشد الكبير من الناس , وسيستمع إليه بالطبع أساطين دولة التلاوة الموجودون بالمسجد .
لكن و بمجرد أن بدأ الشيخ في تلاوته , حتي توافدت أعداداً كبيرة من الناس علي المسجد , للإستماع إلي ذلك الصوت الفتي ِالقادم من صعيد مصروالذي راح يمتعهم بما يتلوه من كتاب الله , وما أن ينتهي من تلاوة جزء حتي يطالبوه بالمزيد , لتستمر التلاوة الي فجر اليوم التالي.
لتكون نقطة الإنطلاقة الأولي للشيخ عبدالباسط , من مسجد السيدة زينب , ليصبح بعدها واحداً من أشهر المقرئين ليس في مصر فقط ' بل وفي العالم العربي والإسلامي , يجلس الملايين إلي جوار المذياع ' للإستماع في خشوع إلي آيات الله تتدفق علي لسانه كنهر من أنهار الجنة ' تحملها موجات أثير الإذاعة المصرية , التي إنضم إليها الشيخ في العام 1952 , أو من خلال إذاعات الدول العربية والإسلامية التي قام الشيخ بالتسجيل لها عندما زارها , التي ومن بينها إذاعة المملكة العربية السعودية , التي زارها الشيخ للمرة الأولي عقب إنضمامه للإذاعة في العام 1952 كما قلنا من قبل , وسجل لها عدة تلاوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي , ليلقب بعدها "بقارئ مكة" ولعل من أشهرتلك التسجيلات قصار السور , التي لايكاد يخلوا بيتاً أوسيارة في مصرمنها .
حصل الشيخ علي العديد من الأوسمة والتكريمات , من مختلف الدول العربية والإسلامية , قبل رحيله عن عالمنا في الثلاثين من نوفمبر من العام 1988 بعد أن نال منه مرض السكر .
رحم الله الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد , قيثارة السماء , وأمير دولة التلاوة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.