لا يغيب عن ذهن أي عاقل أن الصحابة هم الذين قدموا الغالي والنفيس من اجل رفعة الإسلام ولقد خصهم الله بآيات كثيرة من القرآن،نزلت فيهم لتمدحهم وتزكيهم : وتذكر أفعالهم التي قوت شوكة المسلمين،أمام قوة المشركين آنذاك فهؤلاء هم سادتنا وقادتنا،ولكن مشكلة البعض ممن لا يحبون أولو الفضل من الناس،ولا يحبون آباؤهم،ولا يحبون السابقون السابقون في الخيرات،فهم لا يحبون الصحابة أيضا لأنهم يحسبون المنافقين ممن دخلوا في دين الله وقلوبهم شتي من ضمن الصحابة (برغم نزول بعض الآيات في سور كثيرة من القرآن،تفضحهم وتفضح سوء عملهم ونزلت فيهم أيضا سورة كاملة هي سورة المنافقون). وسمع سيدنا عمر رسول الله يعلم الصحابي الجليل / أبو عبد الله،حُذيفة بن اليمان،بن جابر العبسي بعدد اثنا عشر فردا من المنافقين من بين الناس،فمضي وراؤه يستحلفه بالله إن كان منهم أم لا،ومضي علي هذا الحال يسأله كلما رآه عن نفسه،أهو من المنافقين،أم من سواهم،فكان يطمئنه بنفي ذلك! ومن هنا كان علينا أن نبحث القضية بتجرد علمي وعملي : فيمن هم المنافقون على عهد رسول الله،ومنع سيدنا عمر للرسول صلي الله عليه وسلم،من الصلاة علي رأس المنافقين عبد الله بن سلول،حتى تزل الوحي بالقرآن الذي يؤيد رأي سيدنا عمر (الذي حير المستشرقون في دراسته حتى قالوا أليس لديكم غيرَ عمرِ) فقال الرسول إذا صلوا أنتم عليه فصلوا وفي عهد سيدنا أبو بكر ظهر النفاق وظهرت الردة والانقلابات من أجل النبوة وحروبهَا،وإسلامهم الذي حوي النفاق،والذي تسبب في قتل ما يربوا علي أربعين ألفا من المسلمين والمرتدين! قالوا عن سيدنا عمر بن الخطاب قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب. و قال رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء،ووزيران من أهل الأرض،فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل،وأما وزيراي من أهل الأرض : فأبو بكر وعمر! قال عبد الله هو ابن مسعود عن سيدنا عمر مازلنا أعزة منذ أسلم عمر. وقال على بن أبي طالب كرم الله وجهه عن سيدنا عمر إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر،ودخلت أنا وأبو بكر وعمر،وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وقال أبو موسى الأشعري : ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر. وقال أنس بن مالك عن سيدنا عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار،وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر،فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما،ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما. وقال عبد الله بن عمر عن سيدنا عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله،وهو آخذ بأيديهما،وقال هكذا نبعث يوم القيامة وقال عنه سيدنا جبريل عليه السلام : لسيدنا محمد يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر وكان هناك خطان أسودان في وجه عمر من أثر كثرة البكاء. وقال عنه إمام الدعاة الشيخ / محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه أنه حير المستشرقون حتى قالوا عنه أليس لديكم غير عمر وهنا يكمن السر الذي يذكرهم به،وهو إسقاطه لإمبراطورياتهم رضي الله عنه،وعن شيخ العارفين الشيخ/محمد متولي الشعراوي. ما وردنا عن سيدنا عمر في الأثر : أنه أبو حفص عمر بن الخطاب العدوى القرشي : المُلقب بالفاروق،وهو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب رسول الله،وهو أحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا. وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة : ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م الموافق للثاني والعشرين من جمادى الثانية سنة 13 ه كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم،سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق : لتفريقه بين الحق والباطل. هو مؤسس التقويم الهجري :وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا،وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان. وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة : وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام. وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية : وحوالي ثلثيّ أراضي الإمبراطورية البيزنطية وتجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة،فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين،كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها. الكاتب/ أحمد إبراهيم مرعوه عضو لجنة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بفيينا عضو نادي الأدب بأجا سابقا وقصر ثقافة نعمان عاشور بميت غمر. (من سلسلة المقالات الفكرية للكاتب)