كثر الجدل حول (الهندسة الوراثية) فى أجهزة الإعلام المختلفة المسموعة منها والمرئية والمقروءة حيث يتبادل الحوار الكثير من الكتاب الذين يهتمون بالعلم والمعرفة فى موضوع الإستنساخ من زاوية العلم ورأى الدين.. لكنى سوف أتعرض لموضوع (الهندسة الوراثية) فى هذا المقال من الناحية التاريخية لعل ذلك يعيد إلى العرب ما قد أعلنته إذاعة صوت العرب: "أمجاد يا عرب أمجاد!".. يظن الناس خطأً أن أول عملية استنساخ فى التاريخ هى النعجة (دوللى) وهذا مرده إلى الدعاية الغربية التى لاتفتأ أن تنسب لأهل سكسونيا والأمريكان اكتشاف كل جديد فى العلم والتكنولوجيا وكعادتهم لايقومون برد الحق لأصحابه فينكرون على شعوب الشرق إضافاتهم الفذة إلى العلم والمعرفة رغم أن الشعوب الأخرى منذ عهود سحيقه قد أذهلتهم أبحاث العرب عن الكنافة والقطايف والفلوذج حتى أنشدوا فى إذاعاتهم الموجهة "أمجاد يا عرب أمجاد"!.. واعترافا بفضل أهل الشرق ونكاية فى أهل الغرب نعود مع القراء الأفاضل بعجلة التاريخ إلى الوراء لننقب ونكتشف أولى محاولات الإستنساخ قبل تاريخ اختراع الإسطرلاب والساعة المائية! فنسلط الضوء على أول عملية استنساخ فى عهد البشرية وهى استنساخ الدجاجة (فوللى) وقد اختار لها العلماء وقتها هذا الإسم نظرا للونها الأبيض الذى يضاهى لون زهرة الفل.. كما أطلق عليها الحاقدون والحاسدون "فراخ مزارع"!.. وكان الناس من عامة الشعب يطلقون عليها الفرخة (توللى) لغياب الفل ورائحته الجميلة من حياتهم فلم يكن لهم بالفل سابق معرفة لعشقهم وحبهم الشديد للبصل والثوم نتيجة للعشرة الطويلة وقناعتهم بأن "العشرة متهونش إلا على اولاد الحرام" ثم أن التعبير "صباحك فل" الذى كان سائدا بينهم قد انقرض ولم يعد له وجود فى سلوك العامة من الجماهير التى كانت تقترن دائما بكلمة تسمى (المعاناة) فى القول المأثور "رفع المعاناة عن الجماهير" ولايظن البعض أن كلمة (المعاناة) هى المرادف لكلمة (اللحمة) التى قد حرمتها الحكومة على الجماهير رعاية للصحة العامة وخوفا على الشعب من الإصابة بالنقرس والذى يسمى مرض الملوك وللحق فقد كانت تضحية عظيمة من كبار الدولة فى تلك العصور القديمة عندما قاموا بهبر اللحوم نيابة عن الشعب فتحملوا عنه ويلات هذا المرض.. وللوقوف على معنى كلمة (المعاناة) يمكن الرجوع إلى المعاجم القديمة مثل قاموس (السحت) والمعجم (الشحيح) فنجد معناها (الحلاوة الطحينية والعسل الأسود والعدس والجبنة الأريش) والتى اختفت من بيوت عامة الجماهير لتستقر على موائد الكبار لتشكل مادة تسمى (مشهيات)!.. أما استخدام العامة للكلمة (توللى) وصفا للدجاجة المستنسخة فكان سببها انتشار الطرحة التوللى بين نساء مملكة (الزلبانى) والتى تتميز باللون الأبيض فيلعب التضاد بينها وبين سواد الشعر الذى ينسدل فى دلال على أكتافهن تحت الطرحة شكلا جماليا يأخذ بالألباب ويلهب المشاعر حيث كانت نساء تلك المملكة تشتهر بالشعر الأسود الفاحم ولم تكن يقتنعن بالصبغة ولايلجأن لعمل (الماش) بتقسيم الشعر خصلة سوداء وأخرى بيضاء ويعتبرن من تقم بمثل ذلك أنها تغير فى خلق الله وأنها واحدة مجنونة و(ست هبله)!.. لقد تم استنساخ الدجاجة فوللى أو الفرخة توللى فى مملكة (زفتى) التى تتاخم حدود بلاد (القطران) فى عهد الملك الشاب (كانى مانى الزلبانى) نسبة إلى عهده الذى كان سمن على عسل وهو المعنى المرادف ل(كانى ومانى باللغة الفرعونية) وتيمنا بإسم هذا الملك الشاب فقد أطلق الشعب إسمه على نوع من الحلوى شبيهه بحلوى (لقمة القاضى) كانت منتشرة فى المملكة فسُميت (زلابية) بدلا من إطلاق إسم جلالته على الشوارع والميادين والمشاريع الوهمية!.. وقد اكتشف علماء الآثار تحت أنقاض مملكة الزلبانى بعض العملات الورقية على شكل ورق البردى ممهورة بخاتم المملكة ويزينها صورة الدجاجة فوللى جنبا إلى جنب مع صورة الملك الشاب (كانى مانى) كما تم العثور على عملات معدنية من الذهب الخالص تم حفر صورة الفرخة توللى على أحد وجهيها وصورة الملك على الوجه الآخر وقد أكدت الأبحاث التاريخية أن تداول العملة الذهبية كان قاصرا على رجال القصر والديوان الملكى فقط ولم يكتشف غير قطعة واحدة خارج الديوان الملكى كانت تستخدم فى عمل القرعة فى المباريات الدموية التى كانت جوائزها رغيف من الخبز المصنوع من الدقيق الملكى الفاخر مع ربع رطل من اللحم المستورد من بلاد القطران المتاخمة لمملكة زفتى.. وأكدت الأبحاث أن شخصا بعينه هو الذى يقوم بعمل القرعة حيث كان قبل أن يقذف بها فى الهواء يسأل أحد الخصمين "ملك أو دجاجة".. وليس كما نقول الآن "ملك أو كتابة" أو بلغة كتب الإحتمالات "صورة أو كتابة" والتى كانت تكتب "طغراء أو ياظ !" فى عهد وزارة المعارف العمومية أما بعد أن تغير إسم الوزارة من (المعارف) إلى (التربية والتعليم) افتقرنا إلى المعرفة وفقدنا التعليم أما التربية فقد ودعت مدارسنا!.. فى الحقيقة جاءت عملية استنساخ الفرخة توللى محض صدفة ففى أحد أيام الصيف وقد قارب النهار أن يودع الناس وقد اقتربت الشمس من الأفق وأصبح شكلها يذكرك بطبق (جيلى) الفراولة والذى لاأنصح بعمله الآن لتكلفته العالية للزيادة الرهيبة فى سعر السكر أما سكر وزارة التموين فلا يصلح لمثل هذه الأمور لأنه يضفى الشكل الأسمر والرغاوى الغير مرغوبة فى شكل (الجيلى) كما أننا بجهلنا فى أمور الزراعة قد قضينا على الفراولة المصرية صغيرة الحجم طيبة المذاق جميلة الرائحة واستبدلناها بفراولة فرنسية كبيرة فى حجم الجاموسة بلا طعم أو رائحة!.. وفى الوقت الذى كانت صفحة السماء تكتسى بغلالة من اللون البرتقالى الرائع وأسراب الطيور تبحث عن أوكارها لقرب المغيب كانت مجموعات الفلاحين خلف دوابها عائدون من حقولهم يتسابقون مع ظلالهم الممتدة من أسفل القدم حتى تنتهى بعيدا عابرة الترعة إلى الجانب الآخر الذى يسير عليه رجل متنكر فى ملابس أحد الفلاحين لكن لون بشرته التى رسمتها الرفاهية والعز يكاد أن يفضحه إلا أن ضوء النهار الذى بدأ يخبو قد ساعد فى تخفى شخصيته الملكية فقد كان الرجل هو الملك (كانى) بلحمه وشحمه أراد أن يتفقد حال الرعية الذين قد علت أصواتهم بالمطالبة برفع المعاناة عن جماهيرهم الغفيرة من كثرة الجباية التى كانت تثقل كاهلهم!.. ونجح الملك فعلا فى الوصول إلى القرية وقت غروب الشمس فلم يلاحظه أحد فلفحت أنفه الملكية روائح (الشمخة) التى كانت تنبعث من مرقة الدجاج الشامرت (الدجاج صغير السن) مختلطة بدخان أعواد الحنطة المحترقة فى (المؤْدَه) والتى تسمى الكانون ( وهو موقد المطحونين تحت خط الفقر وهو مجرد قالبين من الطوب بينهما الحطب المشتعل) القابع فى بيوت الفلاحين فتثير شهيتهم وتستفز ليس فقط المعدة بل الجهاز الهضمى بالكامل فتجعل اللسان يعوم فى بحر من اللعاب إلا أن هذه الروائح لم تتآلف مع الأنف الملكية فعاد الملك مسرعا إلى القصر واستدعى وزرائه وجمع قادة عسكره وأصدر إليهم أوامره لبحث هذه الظاهرة الغريبة التى ربما تصل يوما إلى ظاهرة سحابة سوداء تعم البلاد!.. وفى وقت لايقاس بالأيام بل كانت وحدة القياس لاتتعدى الساعة وضعت اللجان التى سبق تشكيلها أمام جلالته تقريرا عن الظاهرة قد تمت كتابته بعناية على ورق البردى الذى يزين أعلاه القول المأثور "بناء على توجيهات صاحب الجلالة الملك الزلبانى" فأصدر لهم الأمر الملكى باستنساخ نوع من الدجاج لايصدر عنه مثل هذه الرائحة المميزة التى يعشقها العامة من الشعب ولا تتقبلها أنف جلالته وبالفعل بدأت على الفور وبناء على التوجيهات الملكية أبحاث علماء دولة (زفتى) فى معملهم برج (النحس) الواقع أعلى جبل (الهم) لممارسة هواية التلاعب بالجينات فوضعوا قوانين الوراثة التى اكتشفوها قبل (مندل) محل تطبيق فوقع اختيارهم على طائر (الكُركي) المعروف بإسم (أبوقردان) ذوالريش الأبيض والذى كانوا يطلقون عليه (أبوالغلابة) لأنه كان يساعد الفلاحين الغلابة فى تخليص الأرض من الحشرات الضارة قبل اكتشاف المبيدات والسماد المسرطن! فقام العلماء بإستخلاص الحامض النووى (DNA) الذى كان معروفا لديهم بإسم (مرارة الحلق) من خلايا هذا الطائر ذوالريش الأبيض ثم إضافته إلى الجينات الخاصة بالدجاج الشامرت فكانت سعادة الملك لاحد لها بأول دجاجة بيضاء ليس لها طعم أو رائحة!.. وبعد أن عم اللون الأبيض عموم البلاد شاء الملك أن يضفى عليه بعض السمرة فاتجهت الأنظار إلى رغيف الخبز فتم استنساخ رغيفا ينسجم مع كل من الإنسان والحيوان فى وقت واحد حيث تم إضافة نسبة من تراب الأرض الطيبة إلى دقيق القمح مع نسبة من مسحوق الموز الجاف المدعم بعجينة البطاطا وعندما اكتشفوا أن الرغيف أصبح (مربرب) وله طراوة أطلقوا عليه الرغيف (المحسًن) بينما أطلق عليه العامة الرغيف (المدلل) أو(الخِرع) فلم يجد العلماء خيارا غير أن يقوموا بتدعيمه بكميات محسوبة من صدأ الحديد وأطلقوا عليه الرغيف (المدعًم).. لكن البشر هم البشر لايشكرون فضلا ولايحمدون معروفا ويتصفون دائما يالجشع والطمع فطالبوا باستنساخ الشيكولاته أم بندق والآيس كريم أبو ذبيب!!!