من خطايا تيارات الإرهاب السياسي وليس الإسلام ومن أخطر ما ورثوه في المجتمعات العربية والإسلامية ثقافة الخوارق والمعجزات فهو يمنيك بجنة على الأرض ومال ممدود ونعيم لمجرد انك تقيم العبادات الشعائرية وتطلق لحيتك قبضة ونصف وتقصر ثوبك وتلبس زوجتك نقاب بعد ذلك يتحقق لك المعجزات ويرسل الله لك السماء مدرارا . هذه الخطيئة للأسف الشديد أنتجت قطاعا كبيرا من الناس ينتظر حلول السماء والمعجزات التي وعدهم بها تجار الدين وبائعي الوهم . وتمر السنون تلو السنون ولم ترى الشعوب العربية والإسلامية تلك الجنة الموعودة بل العكس من ذلك رأوا البلاد الغير إسلامية وما يطلقون عليها بلاد الكفر هي التي تعيش في جنة على الأرض من رفاهية وسعادة وأمن سياسي واقتصادي وحقوق إنسان وتداول سلمى للسلطة وتعايش مع بعض برغم اختلاف عقائدهم واتجاهاتهم بل ويتمنى ملايين الشباب من المسلمين أن يهاجروا إلى بلادهم بل يدفعون كل ما يملكون في بلادهم ليهاجروا بطريق غير مشروع وأحيانا يكون البحر قبرا لهم أو يعودوا في توابيت إلى بلادهم ومن نجا منهم وحصل عمل يرفض العودة إلى بلاده.. بل الأعجب من ذلك أن هناك قطاعا عريضا من الناس يصدق تراهات وخرافات تيارات الإرهاب السياسي وليس الإسلامي أن المؤمن الحقيقي هو أن يعيش في فقر مدقع وكلما كان فقيرا كان إلى الجنة اقرب .وأن النبي ص كان فقيرا يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيت رسول الله نارا وانه كان يربط الحجر من الجوع وصدقوا هذه الروايات المكذوبة والباطلة والمسيسة لخدمة السلطة قديما حتى لا يثور الناس عليهم و بهذه الثقافة فلسان حال الناس (إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ).. والغريب أن رجال كهنوتهم يعيشون في رغد من العيش لهم قصور و زوجات وسيارات فاخرة وأرصدة في البنوك بالملايين اكتسبوها بتجارة الدين وبيع الوهم يحافظ على الثلاث وجبات كاملة الدسم ويخرج على الناس قائلا لهم أن الفقير سوف يدخل الجنة قبل الغنى ب500 عام وان الرسول كان فقيرا يربط الحجر من الجوع والصحابة كانوا يتقاسمون التمرة فيستكين المخدرين المطحونين والمخدوعين ولسان حالهم يقول نحن أحسن حالا من النبي والصحابة ونجد القوت عنهم .. هذا الخطاب المشوه أنتج لنا عقولا كسالى تنتظر حلول مشاكلها من السماء متجاهلة تماما قوانين الدنيا والسنن والأسباب . بل من خطاياهم أنهم كرسوا للحاكم الفاسد أن يستمر وباسم الدين والسنة انه لا يجوز الخروج على الحاكم ولو جلد ظهرك وأخذ مالك فالمواطن محاصر من كل ناحية هو فقط ينتظر المعجزة من السماء فلا تأتيه ويعيش مخدوعا مخدرا بسبب خطاب دينى مشوه .. وينظر الشاب إلى بلاد الغرب الكافر على حد زعم تيارات الإرهاب السياسي وليس الإسلام فيجدهم أحسن حالا حتى من يعبد بوذا أو يعبد البقر والحجر والشجر يعيشون في استقرار وأمان نفسي وفى تعايش مع بعض وينظر الشاب إلى بلاد العرب والمسلمين فيجدها على شفا حفرة من النار أحرقت أوطانها المذهبية والطائفية والحزبية والعصبية والقبلية والشللية والصراعات السياسية وأصبحت بلاد قتل وخراب ومجاعات وعادت إليها الجاهلية من حروب أهلية كما كانت حرب داحس والغبراء وحر ب البسوس في القرن ال21 وخرجت دولا من التاريخ وللأسف الشديد على أيد أبنائها وليس أعدائها فقد قام الأشاوس بتخريب أوطانهم خدمة مجانية لأعدائهم الذين لم يخسروا دولارا واحدا أو جنديا واحدا وهذا هو مرض العقل الحقيقي . ما هو الحل ؟ ما هو العلاج ؟ كيف المخرج ؟؟؟ أول العلاج الاعتراف بالمرض لابد أن نعترف بالمرض ونعترف اننا عشنا قرونا وسنوات على خطاب ديني فاشل تسبب في فشلنا الذريع دنيويا عن كل سكان الأرض وبسببه أصبحنا متواكلين نتسول غذائنا ودوائنا وسلاحنا من الآخرين بحيث أن الآخر لو منع عنا منتجاته لعدنا إلى عصر البغال والحمير .. لابد أن نعترف أيضا أن هناك فرقا بين الإسلام والمسلمين وان الإسلام ليس مسؤلا عن تخلف اتباعه نحن أشبه بمريض ذهب إلى طبيب يشكو رأسه فوضع له الطبيب جبيرة على قدميه بسبب الخطاب الديني المشوه المخاصم للحياة والمخاصم للعلم والمخاصم للسنن والسبب طبيعي أن ينتج لنا أجيالا مغيبة عقولهم لا يعرفون فقه الحياة وطبيعة الدنيا القائمة على السنن والنواميس التي لا تجامل احد .. يقولون في المثل اسأل مجرب -ونحن نسأل من مروا بنفس التجربة أوربا في القرون المظلمة لما خاصمت الكنيسة والعلم ورجال الفكر والحكمة والرأي كان حالهم الفقر والمجاعات والجهل والخرافات وظلوا 7 قرون يتخبطون في الوحل والتخلف حتى بدأوا عصر النهضة واستفادوا من بن رشد بينما نحن أحرقنا كتبه تصالحوا مع العلم بينما نحن طلقناه طلاقا بائنا اعتذروا للعلماء وعلى رأسهم جاليليو عزلوا المدروشين أصحاب السبوية التي انتفخت كروشهم من السحت وكانوا سبب النكبة والكارثة-ونحن نجوم المجتمع لدينا من يغيبون العقول -قدموا خطاب ديني واقعي ينتج عقولا مفكرة تحترم أسباب الأرض و استنارت أوربا بفضل العلم والعمل والأسباب وللأسف الشديد انتقلت إلينا فيروسات الجهل والتخلف وتغييب العقل والعصبية والطائفية وإمراض وداء الأمم تجمعت في بلادنا العربية والإسلامية حتى أصبح حالنا يصعب على الكافر وأصبحنا ننتظر المعجزة التي لم ولن تأتى الا بتغيير ثقافتنا وتقديم خطاب حياتي انسانى يفرمت العقول المفيرسة ويستبدلها بعقول مستنيرة تعرف فقه الحياة ... يا سادة الدنيا لها قوانين وسنن وأسباب لا تتبدل ولا تجامل إلا من اخذ بها . يا سادة قوانين الدنيا من جد وجد ومن زرع حصد ومن قدم السبت وجد الأحد يا سادة صلاح الآخرة ياتى من صلاح الدنيا والحياة فى سبيل الله كالموت فى سبيل الله يا سادة الفشل في الدنيا فشل في الآخرة والله يتخلى عن الكسالى والمتواكلين والعشوائيين يا سادة عصر المعجزات انتهى والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة والكون يسير وفق نواميس لن تجامل المسلمين لسواد عيونهم . يا سادة لماذا تقدم عباد البقر والشجر والحجر وعباد بوذا -والسبب لا يخفى على عاقل أنها الأسباب والسنن يا عزيزي .. يا سادة طبقوا كتالوج البلاد الناجحة التي جربت وانكوت بنار أصحاب السبوبة المدروشين اعزلوا المدروشين ومن يبيعون الوهم والجنة الموعودة بدون أسبابها التي لم ولن تأتى استفيدوا من ابن رشد وابن سينا والبيرونى وابن حيان والرازي كما استفاد منهم أصحاب البلاد الناجحة .. نحن في زمن ثقافة التخطيط والعمل وتقديس العلم واحترام المفكرين واحترام الأسباب والسنن واعتبارها فرائض مثل الصلاة لا وقت نضيعه وزمن الدروشة وانتظار الحلول من السماء بدون أسبابها يجب أن يختفي تماما السماء محايدة في قوانين الدنيا وفقه الأسباب .. ------------------------------ بقلم / نشأت عبد السميع زارع إمام وخطيب بوزارة الأوقاف بمصر وحاصل على دورة في الفكر والوسطى ودورة في فقه الأسرة من رابطي خريجي الأزهر