قصف إسرائيلي يستهدف مقراً للقوات الحكومية جنوب دمشق    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    رئيس لجنة الحكام يعلن عن موعد رحيله    شاهد، إداري الزمالك صاحب واقعة إخفاء الكرات بالقمة يتابع مباراة البنك الأهلي    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    أيوب الكعبي يقود أولمبياكوس لإسقاط أستون فيلا بدوري المؤتمر    أحمد الكأس : سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    التعادل الإيجابي يحسم مباراة مارسيليا وأتالانتا ... باير ليفركوزن ينتصر على روما في الأولمبيكو بثنائية بذهاب نصف نهائي اليورباليج    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حمادة هلال يهنئ مصطفى كامل بمناسبة عقد قران ابنته: "مبروك صاحب العمر"    أحدث ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: ننتظر نجاح المفاوضات المصرية بشأن غزة وسنرد بموقف عربي موحد    الصين تستعد لإطلاق مهمة لاكتشاف الجانب المخفي من القمر    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    سفير الكويت بالقاهرة: نتطلع لتحقيق قفزات في استثماراتنا بالسوق المصرية    في عطلة البنوك.. سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 3 مايو 2024    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جي بي مورجان يتوقع وصول تدفقات استثمارات المحافظ المالية في مصر إلى 8.1 مليار دولار    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    منتخب السباحة يتألق بالبطولة الأفريقية بعد حصد 11 ميدالية بنهاية اليوم الثالث    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    حار نهاراً والعظمى في القاهرة 32.. حالة الطقس اليوم    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بعد 10 أيام من إصابتها ليلة زفافها.. وفاة عروس مطوبس إثر تعرضها للغيبوبة    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    وصفها ب"الجبارة".. سفير الكويت بالقاهرة يشيد بجهود مصر في إدخال المساعدات لغزة    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    ترسلها لمن؟.. أروع كلمات التهنئة بمناسبة قدوم شم النسيم 2024    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    أدب وتراث وحرف يدوية.. زخم وتنوع في ورش ملتقى شباب «أهل مصر» بدمياط    سباق الحمير .. احتفال لافت ب«مولد دندوت» لمسافة 15 كيلو مترًا في الفيوم    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مياه الفيوم تنظم سلسلة ندوات توعوية على هامش القوافل الطبية بالقرى والنجوع    رغم القروض وبيع رأس الحكمة: الفجوة التمويلية تصل ل 28.5 مليار دولار..والقطار الكهربائي السريع يبتلع 2.2 مليار يورو    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    حدث بالفن | وفاة فنانة وشيرين بالحجاب وزيجات دانا حلبي وعقد قران ابنة مصطفى كامل    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    السيطرة على حريق سوق الخردة بالشرقية، والقيادات الأمنية تعاين موقع الحادث (صور)    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    «الصحة» تدعم مستشفيات الشرقية بأجهزة أشعة بتكلفة 12 مليون جنيه    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان السينمائي الكبير عبد الوارث عسر
نشر في شباب مصر يوم 08 - 06 - 2015

الوحيد الذي تشعر فور رؤيته على الشاشة أنه والدك أو جَدك، دون حتى أن تُفكّر في أن تبحث في جذور عائلتك أو شجرة أقاربك.. عرفنا عنه طيبة القلب المفرطة التي تقطر من نبرات صوته الحنون، وتطل من عينيه.. وتعلّمنا منه الحِكمة التي تنطقها ملامحه وقَدْ حفر الزمن عليها بصماته، وختم عليها بعلامة الخبرة والجودة، قبل أن يؤكدها لسانه الذي يقول: “ما قلّ ودل”.. عهدناه دوماً رجلاً عجوزاً، وكأنه جاء من السماء كهلاً بلا طفولة أو شباب ليولد “كبيراً” ويموت كهلاً “معمّراً”.. إنه عجوز السينما المصرية وشيخ الفنانين.. عبد الوارث عسر.. رحمه الله.
الطفل الفنان
وُلد عبد الوارث عسر عام 1884 بحي الجمالية بالقاهرة، لأب كان يعمل محامياً، وكان مجتهداً في دراسته حتى حصل على الثانوية العامة، وكان عاشقاً للأدب مما دفعه للتتلمذ على يد أستاذ الأدب الألماني المستشرق د.”شادة”، فعلم منه الأدب الغربي وروائع المسرح الأوروبي الذي عرّفه بالفن، فعشق الفن عشقاً جمًّا، ووجد فيه لذته وغايته التي كان يبحث عنها، وكان عبد الوارث عسر يُحبّ القراءة ويُجيد اللغة العربية حتى أصبح متفقهاً فيها، قبل أن يحصل على “الثانوية العامة” من مدرسة “التوفيقية” الثانوية بشبرا، وكان شغوفاً أثناء دراسته للبكالوريا بمشاهدة العروض المسرحية ثم التحق بكلية الحقوق، ولكنه لم يُكمل الدراسة بها، وذلك بعد وفاة والده، فقرر القيام برعاية الأرض الزراعية التي تركها له والده..
لكنْ ظلّ حبه وشغفه بالفن يراوده بين الحين والآخر ليقرر في النهاية أن يترك أرضه ويتجه للفن بعد أن حسم قراره، ليتلقّى أول دروس ومبادئ تعليم التمثيل على يد “منسي فهمي”، وبعد أن شعر أنه مؤهل بالقدر الكافي ليُصبح فناناً بحق، انضم إلى جمعية “أنصار التمثيل” ليظهر براعة منقطعة النظير بطريقة دفعت عملاق المسرح -في هذا الوقت- “جورج أبيض” ليخطفه من الجمعية ويضمه إلى فرقته المسرحية، لتكون أولى أدواره بمسرحية “الممثل الكبير”، وتألّق بعدها كعادته بطريقة دفعت باقي الفرق المسرحية للتنافس على ضمه إليها، حتى جاءه عرض أفضل بفرقة “عبد الرحمن رشدي”، ولاحظ “عمر وصفي” مدير الفرقة أن ملامح الشاب عبد الوارث عسر تبدو أكبر من سنه، وتطل منها الحكمة والطيبة بطريقة جديرة بإقناع الجمهور به كرجل كبير في السن، فأسند له دور رجل عجوز دون أن يدري أن هذا الدور سيلازمه طوال حياته.
وبدأ عبد الوارث عسر عمله الاحترافي بالمسرح منذ عام 1917، إلا أن ظروف الحياة ولزوم “أكل العيش” فرضت عليه أن يشغل وظيفة كاتب حسابات بوزارة المالية بجانب عمله المسرحي، في زمن كان الفن فيه وقتها مثل الصحافة في هذه الأيام.. “ما بيأكلش عيش”.
بدايته مع السينما -
---------------
بدأ عبد الوارث عسر يشق طريقه الفني بقوة بعد أن شعر بالثقة في نفسه وموهبته، وحاول مع صديقَيْه “سليمان نجيب” و”محمد كريم” النهوض بفن التمثيل والتأليف والإخراج، وكانت مهمة عبد الوارث عسر هي تدريب الوجوه الجديدة، كما لم يكتفِ عبد الوارث عسر بالتمثيل، بل كشف عن طاقات إبداعية أخرى؛ فقدّم مجموعة من المسرحيات من تأليفه حققت نجاحاً كبيراً؛ منها: “الموظف”، إذ اكتشف أنه يُجيد الكتابة والاقتباس من روائع الأدب الأوروبي والمسرح الغربي مع صديقه “سليمان نجيب”، وكتب بمفرده ‏4 مسرحيات والعديد من التمثيليات الإذاعية، وترجم موضوعات عديدة حتى جاءته فرصة العمل في السينما عام 1935، وكان أول أفلامه “دموع الحب” وقت أن كان عمره 51 عاماً، مما حصره -للمرة الثانية- في نوعية أدوار الأب والرجل العجوز، ليكون قدره أن يكون عجوز الفن الحكيم، في عز شبابه على المسرح، ومع بداية مشيبه في السينما.
دخول عبد الوارث عسر مجال السينما، كان بمثابة اللبنة الأولى في حجر أساسها، ومن أشهر الأفلام التي قدّمها: “ممنوع الحب” و”يوم سعيد” مع محمد عبد الوهاب، و”غزل البنات” مع ليلى مراد ونجيب الريحاني، و”صراع في الوادي” مع عمر الشريف والمخرج يوسف شاهين، و”موعد مع السعادة” و”دايماً معاك” مع فاتن حمامة، ولا ننسى دوره الرائع في فيلم “شباب امرأة” مع تحية كاريوكا وشكري سرحان والمخرج صلاح أبو سيف، و”لحن الوفاء” و”الوسادة الخالية” مع عبد الحليم حافظ، و”غصن الزيتون” مع سعاد حسني، و”إسماعيل يس في الأسطول” مع إسماعيل يس، و”عنتر ولبلب” مع شكوكو وسراج منير، في حين لم ينسَ دوره في اكتشاف المواهب الشابة ورعايتها، فهو الذي اكتشف الفنان “عماد حمدي” حيث كان طالباً بالمدرسة “التوفيقية” وانضم لجماعة التمثيل، وكانت وقتذاك تحت إشراف الفنان الكبير عبد الوارث عسر، الذي درّب “عماد حمدي” على فنَي الإلقاء والتمثيل، ثم أخذه معه إلى عالم الفن، وقيل أيضاً إنه الذي اختار للفنانة فاطمة أو “فتوش” لقب “شادية الكلمات” لطريقتها المميزة في أداء الجمل الحوارية، فلازمها اللقب وأصبحت “شادية”.
وانطلق كذلك مبدعاً في مجال التأليف السينمائي فشارك في كتابة عدد كبير من الأفلام؛ منها: “دموع الحب”، “الدكتور”، “يوم سعيد”، “أخيراً تزوّجت”، “دليلة”، “شباب امرأة”، وحصل على جائزة التأليف السينمائي عام 1954؛ تتويجاً لكتاباته عن سيناريو فيلم “جنون الحب”؛ حيث لم يعطل الفن المبدع عبد الوارث عسر عن ممارسة مهامه نفسها التي كان يمارسها وقت عمله المسرحي، في كتابة الأفلام والسيناريوهات وترجمة النصوص التي يصلح تمصيرها وتحويلها إلى أفلام، ليثري أذواق وثقافات الجمهور المصري والعربي.
علاقته بفن الإلقاء
----------------
تعلّم عبد الوارث عسر تجويد القرآن في الكُتّاب منذ الصغر، مما ساعده في إتقان فن الإلقاء الذي برع فيه، وكان يهواه ويُجِيده، وبعد “جورج أبيض” لم يجد أساتذة الفن سوى عبد الوارث عسر ليقوم بالتدريس الأكاديمي لفن الإلقاء، وليضع منهجاً دراسياً، فقام بتأليف كتاب “فن الإلقاء” الذي ما زال يُدرّس حتى اليوم، فهو الوحيد من نوعه في ذلك التخصص في المكتبة العربية بأكملها، وبرع في إلقاء محاضرات عن هذا الفن بالمعهد العالي للسينما منذ إنشائه عام ‏1959 حتى عام 1967، ويُذكر للفنان الراحل تدرّبه وتعليمه لعشرات الفنانين فن الإلقاء، وكان ملقناً بدرجة فائقة، كما أن دراسته للغة العربية دراسة حرة حتى أصبح من المتفقهين فيها، ساعده على كتابة ديوان شعر مشهور نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب.
علاقته بمدرسة التوفيقية
-----------------------
رغم نجاحه وتألّقه، لم ينسَ عبد الوارث عسر طوال مشواره مدرسته التي تخرّج فيها، فكان حريصاً على تلبية دعوة المدرسة له في الاحتفالات السنوية التي تقيمها المدرسة، حتى أنه عندما دُعي إلى احتفال المدرسة ب”اليوبيل الذهبي” لها عام 1981 صمم على الحضور رغم مرضه الشديد، وكان يبلغ من العمر وقتها 97 عاماً، فجاء على كرسي متحرّك ليشاهد مراتع شبابه.
رحيل الشيخ
---------
على مدار مشواره الفني الممتد إلى ما يقرب من 60 عاماً، لم ينقطع العملاق عبد الوارث عسر عن التمثيل الذي كان يسري في دمائه، ويدخل ويخرج إلى رئتيه مع الشهيق والزفير طوال حياته، لذا ظلّ على حضوره ونبوغه الفني حتى بعد أن قارب على الخامسة والتسعين ليظل وهجه وتألقه في الاستديو كما هو، دون أن ينسى الكلمات، أو يفقد القدرة على العطاء، والدليل مشاركته في مسلسل” أحلام الفتي الطاير” عام 1978 مع عادل إمام وعمر الحريري ومحمود المليجي، و”أبنائي الأعزاء شكراً” عام 1979 مع عبد المنعم مدبولي ويحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي، وفيلم “لا تبكي يا حبيب العمر” في نفس العام، وكان آخر أفلامه “لا عزاء للسيدات” عام 1979 قبل أن يشتد عليه المرض وهو في الخامسة والتسعين، ليتوارى عن الأضواء رغماً عنه على مدار ثلاث سنوات حتى تأذن له السماء بالرحيل في الثاني والعشرين من إبريل عام 1982 بعد أن أصبح أحد معمّري السينما، وشيخ فنانيها على مدار الأجيال.
شهادات تقديرعبد الوارث عسر
------------------------------
وقد حصل - رحمه الله- في التمثيل على شهادات تقدير من وزارة “الإرشاد” أعوام 1955 و1956، وحصل على جائزة الدولة التقديرية ووسام الفنون من الرئيس السادات، وعلى شهادة جدارة من الجمعية المصرية لكتّاب ونقاد السينما، وشهادة تقدير من الهيئة العامة للسينما وجمعية الفيلم.
——————————————————————
في حوار لحفيده محمد التاجى مع مجلة الإذاعة والتلفيزيون يقول
“سعد زغلول” عين جدى محاسباً فاستقال وهو في سن الأربعين
كلنا فى الهوى عباسية .. قالها فصارت مثلاً وهو يؤدى دوره الرائع في فيلم “شباب إمرأة” .. إنه الفنان القدير عبد الوارث عسر .. أستاذ الإلقاء وشيخ الممثلين الذي تحل ذكرى وفاته فى الثاني والعشرين من أبريل من كل عام.
ونلتقي هنا مع حفيده الممثل “محمد التاجى” الذي رافقه خلال العشرين عاماً الأخيرة من عمره، ليحكى لنا عن عبد الوارث عسر الذي لا نعرفه، وعن ذكريات جده مع الفن، والناس .. والحياة ..
ألف عبد الوارث عسر كتاباً بعنوان فن الإلقاء لا يزال يدرس حتى الآن.
آخر مسلسل شارك فيه “عبد الوارث عسر” أحلام الفتى الطائر بطولة عادل إمام.
*** حدثنا عن عبد الوارث عسر الإنسان…
* عبد الوارث عسر من مواليد “الدرب الأحمر” بحي الجمالية في 16 سبتمبر 1884، أصول والده ريفيه من “الدلنجات” محافظة البحيرة حفظ القرآن الكريم منذ الصغر وتعلم تجويده، وهو الأخ الأكبر لشقيقين هما الفنان “حسين عسر” و “سنية عسر”. تدرج فى التعليم حتى حصل على البكالوريا فى مدرسة التوفيقية الثانوية بنين، وكان وقتها شغوفاً بمشاهدة العروض المسرحية ويرغب فى دخزل مدرسة “الحقوق” كوالده الشيخ “على عسر” الذي كان محامياً وصديقاً مقرباً من الزعيم “سعد زغلول”، وعند دخول الإنجليز مصر رفض أن يستمر فى المهنة لرفضه التعامل مع سلطات الاحتلال.
بعد وفاة والده ساعده الزعيم “سعد زغلول” فى الالتحاق بوزارة المالية فى وظيفة “كاتب حسابات” واستقال فى سن 40 عاماً للتفرغ للفن، وانتقل للإقامة بحي الدقي.
ويضيف التاجى: جدى كان شخصية منظمة ومرتبة جداً وحجرته كانت صومعته التى لا يستطيع أحد الاقتراب منها سوى جدتى فقط، وقد توفى وعمرى 20 عاماً، وكنت أعيش معه أكثر مما كنت أعيش مع أبى وأمى، وفى الفترة الأخيرة من حياته ضعف بصره فكنت أقرأ له الكتب والسيناريوهات.
*** ماذا عن رحلة عبد الوارث عسر الفنية؟
* جدى كان عاشقاً للغة العربية وكان متفقهاً فيها، وكذلك الشعر والأدب، لذلك للمسرح لأنه الأقرب لكل هذه الفنون، فإلتحق عام 1912، بفرقة “جورج أبيض” وكان أول دور له فى مسرحية “الممثل كين” والذى دربه على التمثيل “منسى فهمى”، وكان يؤدى مع فرقة “جورج أبيض” الأداء الكلاسيكى .. الأمر الذى لم يكن يروق له، لذلك اتجه إلى فرقة “عزيز عيد وفاطمة رشدى” حيث الطبيعية فى الأداء وهو من رواد هذه المدرسة، وهناك التقى بالمخرج ومدير الفرقة “عمرو وصفى” الذى وجهه إلى أداء شخصية الأب رغم أنه كان فى مقتبل العمر لم يتعد ال 20 عاماً، وقال له “عمرو وصفى” إن هذا الدور هو الذى سيبقى وفيه استمرارية .. فظل عجوزاً فى جميع أعماله .. وقد استمر فى المسرح وأسس مع “سليمان نجيب” فرقة “أنصار التمثيل” وكانوا يقومون بترجمة المسرحيات من الإنجليزية والفرنسية، كما كتب مع “سليمان نجيب” أربع مسرحيات والعديد من التمثيليات الإذاعية ومازالت عندى فى أرشيف خاص بجدى.
قدم أيضاً أكثر من 300 فيلم، وكتب العديد من السيناريوهات إلى أن جاءت “أم كلثوم” وقدم معها تمثيلاً وكتابة سيناريو فى فيلمى “سلامة” و “عايدة” وبعدها جاءت مرحلة الانتشار السينمائى فقدم “دموع الحب” و”يوم سعيد” و “حب فى الظلام” مع فاتن حمامة عام 1953، وفيلم “عيون سهرانة” مع شادية 1956، و”شباب امرأة” مع تحية كاريوكا، و”صراع فى الوادى” و “الأستاذة فاطمة”.
*** وماذا عن طقوس استعداده للعمل؟
* كان يجب أن يقرأ فى حجرته بهدوء وتركيز عال جداً، وأتذكر فى فيلم “ليلة من عمرى” كانت تحكى لى أمى أنه كان يؤدى مشهد الأب الذى أصيب بشلل فكان وهو جالس فى المنزل يدرب نفسه على الدور وكأنه أصيب فعلاً بالشلل.
*** وكتاباته الأخرى غير السيناريوهات؟
* كان يكتب فى الستينيات فى جريدة الشعب يوميات عبارة عن مقالات حوارية بطلها “الشيخ خميس” الذي كان يناقش مشاكل الشعب عن طريق مواقف تحدث له، وكذلك كان يكتب بعض القصائد الزجلية التى من خلالها أرخ لأحداث حرب أكتوبر كاملة واستمرت بعد الحرب أيضا .
*** ماذا عن علاقته بعبد الوهاب؟
* أول فيلم قام بتمثيله كان “يحيا الحب” مع “عبد الوهاب” وكان تصويره أول فيلم قام بتمثيله كان “يحيا الحب” مع “عبد الوهاب” وكان تصويره فىلا فرنسا ومن هنا بدأت علاقته به وبالمخرج “محمد كريم” وانطلق بعده إلى تقديم سلسلة أفلام “عبد الوهاب” وكان يكتب السيناريوهات الخاصة بها.
ومع ذلك رفض أن يشاركه في فيلم “رصاصة في القلب” عام 1944، ولكن عبد الوهاب كان يعتبره تميمة نجاحه فطلب منه أن يضيف للسيناريو دوراً له ولكن جدى رفض واختار دور الشحات الذى كان موجوداً فى السيناريو بالفعل، وكان مشهداً صغيراً جداً، فقال له عبد الوهاب: “هل تقبل دور الشحات؟” “فقال جدى “علشان عيون عبد الوهاب أقوم بدور الشحات”.
*** ومن كانوا أصدقاءه من الوسط الفنى؟
* “محمد كريم” و “سليمان نجيب” وكانت لقاءات أسبوعية كل يوم أربعاء فى جاردن سيتى فى منزل “محمد كريم” أو في منزل جدى بالدقي، وكان يوماً مقدساً بالنسبة لهم جميعاً.
*** ومن هم تلاميذه؟
* كان يطلبه “رمسيس نجيب” لتدريب الوجوه الجديدة على التمثيل أمثال سميرة أحمد ونادية لطفي وآمال فريد وماجدة الخطيب وذلك بدون مقابل مادى، وكان يعطيهن هذه الدروس فى منزله.
*** كثير من الناس يعتقدون أن الفنان “أحمد عبد الوارث” ابنه؟
* جدى له بنتان فقط هما “لوتس” و “هاتور”
*** ولماذا هذه الأسماء؟
* في هذه الفترة كانت الأسماء التركية منتشرة فأراد أن يكسر القاعدة ويسمى أسماء فرعونية فاختار “لوتس” و “هاتور”.
*** وما الجوائز التى حصل عليها؟
* حصل على جوائز كثيرة جداً وتكريمات من “الملك فاروق”، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر، وجائزة الدولة التقديرية، ووسام الفنون من الرئيس السادات، وكانت هناك جوائز كثيرة تسلمتها بعد وفاته، ومن أهمها أن الدولة كرمته بصدور طابع بريد بصورته واسمه. وحصل على جائزه عن سيناريو فيلم “جنون الحب”.
*** ماذا عن آخر ما قدمه؟
* قدم فيلماً مع المخرج “عاطف سالم” ومعه هالة فؤاد وفريد شوقى لكنى للأسف لا أذكر اسمه الآن.
أن في التليفزيون فقدم “أحلام الفتى الطائر” مع “عادل إمام” ولكن اهم ما تركه قبل وفاته هو تسجيل القرآن الكريم كاملاً مجوداً بصوته لصالح إحدى شركات الإنتاج، وللأسف فإن هذا التسجيل النادر لم يرى النور حتى يومنا هذا برغم حلاوة صوته وهو يقرأ القرآن الكريم.
*** ما أقرب الأدوار إلى شخصيته الحقيقة؟
جدي له شخصية قوية وفى نفس الوقت هو رجل عطوف حنون، مثل الأدوار كان يؤديها في كل أعماله ، وهو شخصية متدينة جداً يتعامل مع كل شيء من الجانب الديني أولاً وبعد ذلك يأتي أي شيء آخر.
*** هل جمعكما عمل معاً
* جمعنا عمل واحد ولكن لم نلتق في مشاهد معاً وهو مسلسل “من أين”؟ إخراج “محمد فاضل” وكنت أخاف من أن يجمعنا مشهد معاً لأنه كان لدي شعور أنني إذا وقفت أمامه سوف ارتبك ولم أقدم شيئاً.
*** وماذا عن ظروف وفاته؟
* توفيت زوجته في 3 مايو 1979، وكانت بنت خالته يحبها جداً ومرتبطاً بها إلى أقصى درجة، وبعد وفاتها حزن حزناً شديداً عليها ودخل على آثرها المستشفى في شبه غيبوبة كاملة ، وظل فترات طويلة بمستشفى “المعادى للقوات المسلحة” وأمر الرئيس السادات بعلاجه على نفقة الدولة.. وقد وافته المنية في 22 ابريل 1982
--------------------------
بقلم / شريف عبد الهادي
كاتب وباحث مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.