نسمع مؤخراً في بر مصر العظيمة عن دعاوى انطلقت بها حناجر البعض تدعو إلى خلع الحجاب وراح البعض يندد ويستهجن وآخرون يؤيدون ويدعون أن ذلك يصب في تحرير المرأة ودفعها للأمام وما بين هذا وذاك ياتي فريق ثالث يلقي باللائمة على أجهزة الدولة والمسئولين وأنا ربما أميل لهذا الفريق الأخير في هذا الموضوع والسبب هو أن تلك الدعاوى ليست جديدة ولا وليدة اللحظة وإنما هي تظهر بين الحين والآخر على حسب توافر الظرف ومناسبة الوقت وورائها أناس ما بين ساعٍ للشهرة ومحاضن الإعلام وآخر يفعل ذلك ضمن خطة مدروسة ومنهج محكم دقيق يهدف من وراءه لبث العري والتفسخ في مجتمع مسلم محافظ تحت دعاوى التنوير والثقافة وهي دعاوى باطلة ولا صحة لها فلا علاقة لما يلبس الإنسان بما يملأ عقله ويدور في ذهنه وينعكس على سلوكه وتصرفاته في كثير من الأحيان . ومهما كانت المسميات فالنتيجة واحدة وهي تهدف للنيل من الدين الإسلامي وحصره في القشور وربما تجد من يقول أنه ليست كل محجبة محترمة وشريفة وهذا لا يلتفت إليه فالرد بسيط أنه ليست كل سافرة محترمة وشريفة أيضاً والموضوع هو أن الحجاب أمرت به المسلمة من ربها كما أمرت بالصلاة وليست كل مسلمة محافظة على الصلاة وهذه أمور مردها إلى رب العباد يحاسب العصاة عليها ويثيب الطائعين على طاعتهم وتنفيذهم لأوامره واجتنابهم نواهيه ومن تود خلع الحجاب لا تحتاج لمليونيات ومظاهرات ووقفات فالأمر أبسط من ذلك عليها ألا تضع ما يستر شعرها وهنا يظهر الوجه القبيح لأولئك الداعين إلى هذه المليونية فهم يهدفون إلى ما هو أبعد من الحجاب وهو " كسر باب الثوابت " والنيل من الدين نفسه بكل ثوابته ويسعون إلى إشاعة ثقافة الفسق والفجور التي يعيشها الكثير منهم وآخرون يمنون النفس بها ولكن يجدون في المجتمع وموروثاته الثقافية رادعاً يجعلهم يحجمون عن أمانيهم وهؤلاء قد رد عليهم الله سبحانه في محكم التنزيل بقوله " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " . ويبرز هنا دور الدولة -مؤسساتها ومسؤوليها - الذي يجب أن تضطلع به فكما قالوا قديماً " الناس على دين ملوكهم " فهنا نجد دور الدولة متراخي ويكاد يكون منحاز لتلك الدعاوى فالصمت والردود البطيئة المتأخرة هي مشاركة في تشجيع أمثال هؤلاء من شذاذ الآفاق وشراذم الفكر على المضي قدماً في مخططاتهم ويشجع آخرون على اللحاق بهم في طريق تمييع الهوية الثقافية والدينية للمجتمع وفي هذا إرهاب من نوع خاص فهو إرهاب ثقافي للكتلة المجتمعية الأكبر مدعوم من الدولة بصمتها والتي يفترض فيها أن تقوم بمحاربة هذا النوع من الإرهاب المتطرف فكرياً والخارج عن أعراف وعادات المجتمع وخارج عن الشرع وتعاليم الدين كما تحارب الإرهاب الديني المتطرف أيضاً تماماً بتمام حتى يستقيم الأمر ويستقر المجتمع ويعيش الأنام في وئامٍ وسلام فموضوع الحجاب ما هو إلا بداية وبالونة اختبار وما شجعهم على ذلك سوى صمت الدولة على أولئك الفساق الذين ملأوا القنوات الفضائية سيئة السمعة وراحوا يتطاولون على الصحابة الكرام والعلماء الأجلاء مستغلين دعوة الرئيس السيسي لتجديد الخطاب الديني والتي تعنى بها المؤسسات المؤهلة لذلك وليس آحاد الناس ممن لا يملكون العلم ولا يحسنون الوضوء كمقدمي برامج الإثارة والفتنة بل تعدى الأمر إلى أن خرج علينا أحد فئام الناس وقيل أنه نصرانياً متخفياً وراء اسم إسلامي وراح يعدو على كل ثوابت الدين الإسلامي لا يستثني منها شيئاً بدعوى أنه يصحح الخطاب الديني والدولة لم تحرك ساكناً بل أتاحت له فرص الظهور على جميع القنوات الفضائية يقول ما يشاء دون رادع أو رقيب . وعلينا أن نتصور العكس بأن هناك من خرج بمظاهرة للمطالبة بتطبيق الحجاب على السافرات أو مظاهرة تطالب الناس بإغلاق المحلات والمؤسسات وتوقف العمل وقت الصلاة ترى هل كنا سنرى هذا الصمت من الدولة ومسؤوليها ؟! أترك الإجابة لك عزيزي القاريء . ورغم كل هذا الهجوم الشرس والاستهداف القوي للدين وثوابته والمحاولات المستميتة لخلخلة المجتمع ولحمته القوية كلي ثقة في أن هذه الأمور لن تؤتي ثمارها التي يرجون بل ربما دفعت الناس لمزيد من التدين والتشبث بثوابت الدين لأن الناس لا يرضون إلا الفطرة السليمة وإن انحرف بعضهم وقد أصبح المجتمع أكثر وعياً وأكثر معرفةً بأمور الدين ولن تنطلي عليه تلك الدعاوى الخبيثة.