إن من يتوكل على الله ويؤمن حق الإيمان بأن كل الأمور بيده سبحانه يصرفها كيف يشاء يكن مطمئن النفس قرير العين مرتاح البال ويدرك أن الله حينما يمنحه يضعه في اختبار والعاقل من يعمل على صيانة المنحة والعمل فيها بما يرضي المانح سبحانه وأما إذا منع عنه شيئاً تتمناه وتتوق إليه نفسه عليه أن يتخذ الرضا منهجاً ويدرك أن الله منعه هذا الشيء ليدفع عنه ضرراً ويبعد عنه شراً وكما قالوا قديماً لو اطلعتم على الغيب لأخترتم الواقع ويكون الشكر ضرورة والحمد واجب. إن المَنْحَ ليس كله عطاء فبعضُ المَنْحِ يكون مَنعاً والعكس صحيح تماماً ، لذا فإنه ليس من العقل أن نغتبط حينما نُمنَح ونحزن حينما نُمنَع لأن الأمر كله إختبار وابتلاء وفتنة لنا ليرى الله أنصبر أم نجزع وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل " إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً " . فالهَلَع والجَزَع من الصفات التي جبلت عليها النفس البشرية فالإنسان يجزع خوفاً على وظيفة أو مستوى معيشة معين أو مكانة إجتماعية ويهلع خوفاً من مرض أو فقر أو فقدان وظيفة أو مكانة إجتماعية . ولكن ليس كل الناس على شاكلة واحدة فهناك استثناء لما سبق ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾. فمن يداوم على صلاته ويتصدق بفضل أمواله على الفقراء وأبناء السبيل والمحرومين ويؤمن بيوم الحساب ويعد له عدته ويخشى عذاب الله وحسابه ويحفظ فرجه إلا بما أحل الله له أولئك هم الفائزون حق الفوز فهم في الدنيا سعداء راضين وفي الآخرة من الناجين المقربين . وهم مستثنون من الهلع والجزع .