لا أعرف لماذا نرى على كل وجوه السلفيين والإخوان في عصرنا الحالي ما يسمى بالزبيبة -أي البقعة السوداء على جبينهم- ؟؟ إنها أصبحت ختم السلفيين والأخوان بامتياز ، مرات أتخيل أنهم سيصنفون في الجنة حسب كبر الزبيبة ، وسينتقيهم الله حسب زبائبهم ، ذوي الزبيبة العريضة والكبيرة سيكونون في جنة عالية مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ! قال جمال الغيطاني رئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم» " إذا ما نظرت إلي الزبيبة نظرة مجردة فهي تعني ان الناس يصلون كثيرا. ولكن هناك نوعية من الرسالة متضمنة فيها : فهي من ناحية رسالة شخصية تعلن انه مسلم محافظ، وفي بعض الأحيان وسيلة للمزايدة و للقول انه أكثر تدينا ..." لكن الّذي يحيرني إذ كانت هذه الزبيبة تظهر عند الإنسان المتدين المحافظ والأكثر تدينا من غيره كما يزعمون ، فلماذا لم تظهر على وجه أمي الّتي صلت وعبدت الله طيلة حياتها حتى موتها في 2001 - بدأت الصلاة منذ سن السابعة (7) -؟؟ وكانت أمي محجبة و مبرقعة منذ صغرها، لأنها تنتمي الى جيل أين كانت النساء تلبس ما يسمى في المغرب العربي "الحايك" ** (وهو إزار أبيض تلتف به المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها عند خروجها)، إنني لم أر إنسان صادق في تعبده مثل أمي. أيضا لماذا لم أر هذه الزبيبة على وجه ابن خالتي؟؟ لقد كان يتعبد مساء صباح ويعكف كل يوم في غرفة معزولة ليقرأ القرآن ، ولا يفوته أن يلقى مواعظه الدينية على كل الناس. ولم أر الزبيبة يوما على جباه خالاتي اللّواتي كنا مثل أمي في تعبدهن.... ولماذا لم أراها في وجه عمي الّذي كان يصلي ويقوم الليل ويحج كل سنة، ويتصدق بماله ؟؟؟ ولماذا لم أراها في وجه إمام مسجدنا الصغير الّذي كان يُحفظني القرآن في زمن الطفولة ؟ أيضا كيف لم أر هذه الزبيبة على وجه القارئ المبدع عبد الباسط عبد الصمد، وغيره من المقرئين من الجيل القديم ، ولماذا لم نراها في وجه محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وكل شيوخ الأزهر و شيوخ المغرب العربي في العهد القديم ؟؟؟ هنا نأتي إلى النتيجة أن الدين في الزمن الجميل لم يكن دين مظاهر وزبائب، الناس كان يهمها الباطن وليس الظاهر ، ولم تكن تحتاج الى زبيبة لتُثبت تدينها ، و لم تكن تُتاجر وتنافق في الدين.... والمضحك أن كل السلفيين و قيادات الإخوان يمتازون بوجود «الزبيبة» على جباههم، وتختلف طريقة صنع الزبيبة من بلد لآخر فمنهم من يفضل الطريقة الطبيعية إلا وهي الضغط المصطنع على الجبين فوق سجادة خشنة أثناء الصلاة مع «لزوم فركها بشدة»، لكن هناك من الأخوان والسلفيين والوهابيون من توصل إلى طريقة مختصرة إلا وهي وضع حبة باذنجانة مشوية خرجت للتو من الفرن على الجبهة ولمدة عشر دقائق، فيسلخ قشرها الساخن جلد صاحبها، ولأن لونها اسود، فإن اللون ينطبع على الجلد الاخوانجي المحترق، فتصبح له زبيبة !! وربما مع التطور لن يكون مستبعدا أن تُرسم «الزبيبة» بواسطة «الليزر» ! و العجيب في الزبيبة إنها تصيب الرجال دون النساء !!!!!!!!!! حقيقة أصبحت الزبيبة وكأنها الركن السادس في الإسلام لدى هؤلاء الأخوان والسلفيين !!!! و الكارثة أن في هذه الأعوام الأخيرة انتشرت بشكل مذهل في الدول العربية مظاهر التدين بين الناس الذين يسعون لإثبات مدى تدينهم. فبالنسبة للنساء، يترجم ذلك بسرعة تبنى عام للحجاب. وبالنسبة للرجال تزايد شعبية الزبيبة، حتى أصبح المسلم يعتز بها ، مثلما يعتز الأمريكي بالسواد الّذي تحت عينيه كدليل على العمل لفترات طويلة وقليل من النوم. قبل عشرين سنة كانت الدول العربية دول ذات طابع علماني نسبياً، وكانت المشاعر الوطنية والعربية العنصر الرئيسي في تحديد الهوية، لكن اليوم تتعرض الشعوب العربية إلى رياح التيار الوهابي والى نمو الإسلام كأيديولوجية بحيث أصبحت الرموز الإسلامية موضة و المظهر هو الانطباع الأول في الحكم على الناس... وتحية لكل العقلاء ....