هل عنصرية الغرب واضطهاد الأخر صورة نحن خلقناها بدافع الكراهية؟ رغم مرور10أعوام على هجمات 11 سبتمبر فإن نوبة الخوف من الإسلام تنتشر في أوروبا والولاياتالمتحدة انتشار النار في الهشيم، وأصبح ذكر الإسلام والمسلمين مقترنا إلى حد بعيد بمصطلحات من قبيل الإرهاب والعنف وقد نددت أغلبية التيارات الإسلامية الوسطية بما حدث في 11 سبتمبر وأعلنت أن الإسلاميين والمسلمين هم مثل غيرهم من أتباع الديانات والمذاهب منهم المعتدلون والمتسامحون وبعضهم متطرفون ودعاة عنف، وأن التعميم هنا غير سليم وغير مفيد ، وبفعل الضغط العالمي والتخويف الإعلامي الذي أخذ طابع الإرهاب الفكري في أحيان كثيرة، وبفعل توظيف بعض الأنظمة أجواء ما يسمى الحرب ضد الإرهاب زاد الخوف من الإسلام والمسلمين. وعلى الرغم من الدعوات المتكررة من البيت الأبيض للحوار مع العالم الإسلامي، وتأكيده على احترام الدين الإسلامي والمسلمين، إلا أن واقع المسلمين في اوروبا عامتا والولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة يختلف عن الشعارات التي يرفعها دول الغرب . وفى الحقيقة ان عداء الغرب للإسلام والمسلمين هي نتاج تراكمات ثقافية وحضارية تكونت عبر قرون تعود إلى فترة الحروب الصليبية ذاتها، مرورا بعصور الاستعمار الأوروبي ونشأة أميركا، ووصولا إلى الفترة التالية للحرب العالمية الثانية، ثم تبعات أحداث 11 سبتمبر الخطيرة على صورة الإسلام والمسلمين في الولاياتالمتحدة. وهذا ما قاله الكاتبان ديفد بلانكس ومايكل فراستو في مقدمة كتاب لهما صدر عام 1999 عن "رؤية الغرب للإسلام في العصور الوسطى"، أن جذور رؤية الغرب الراهنة للإسلام والمسلمين تعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي الذي شهد بداية الحروب الصليبية والمراحل الأولى لنشأة الهوية الغربية الحديثة ويقول الكاتبان إن الأوروبيين في تلك الفترة كانوا محاصرين بحضارة أكثر قوة وتقدما وهي حضارة الإسلام، وأنهم فشلوا في هزيمة هذه الحضارة خلال الحروب الصليبية كما رفضوا فهمها، لكنهم شعروا دائما بتهديدها الحضاري والديني لهم، لذا لعب الإسلام دورا أساسيا في تشكيل الهوية الأوروبية ومن ثم الغربية الحديثة. ويوجد أسباب أخرى للهجوم على الاسلام فمن المعروف ان تصاعد الأصوليات في العالم، يساعد على التخويف من الاسلام وذلك بحيث يتم استغلال بعض التصرفات المتطرفة من بعض المسلمين بتهويلها والمبالغة فيها ومن ثم تعميمها على جميع المسلمين وجعل الإسلام مسؤولاً عنها ،فالغرب لديهم قناعة تامة بأن الاسلام دين عنف كما يقول الكاتب دانيال فيتكس وهو أستاذ آداب بجامعة ولاية فلوريدا الأميركية أن نظرة الغرب الحديثة للإسلام ولدت في فترة كانت علاقة أوروبا بالإسلام فيها علاقة خوف وقلق، مما دفع الغرب لتعريف الإسلام كدين يملؤه العنف والشهوة. والمتابع المنصف المحايد في العالم اليوم وطوال القرون الماضية لم يجد أن الأصولية الإسلامية قد اعتدت على الغير، في حين أن الأصوليات الأخرى هي التي اعتدت على بلاد المسلمين وانتهكت حقوقهم، وذلك بالاحتلال والاستعمار والحروب والابتزاز. والمتابع المنصف أيضا يرى أن المسلمين منذ مئات السنين في شتى بقاع الأرض لوجدناهم هم المعتدى عليهم ومع ذلك يدعي الغرب أن طبع العداوة والبغضاء هم من اختصاص المسلمين فقط، وأنهم أهل منزهون عن كل تعصب وعنصرية...