أنا الأن بمكان أخر ، أجلس وحيداً ، لا أسمع أصواتاً ، لا أرى ، لا أتكلم ، فقط أشعر ..! وإن الحديث عن ما أشعر صعب لكننى سأحاول جاهداً ، مستنجداً بالله اليقظ الذى لا يغفل أن تفهموا شعورى . أنا الأن متعافى تماماً من أى مرض ، أحمد الله على ذلك .. حققت نجاحات وأعيش حياتى كما خطتت لها أن تكون . ولكن عندما يراودنى الإحباط أرى روحى قد مات جسدها وأقف بعيداً عن جسدى لأرى ردود أفعال من حولى .. أبكى ثم أبكى على من بَكى لأجلى وأضحك كالبكاء لمن نافق فى حُزنة .. وتتجمد مشاعرى عند تخيل ماذا بعد موتى يحدث لى . وأستفيق من أفكارى لأعيد حساباتى . . وأستشعر الموت بالقرب منى عند موت أحد معارفى . وأضع حياتى الدنيوية فى موضعها الطبيعى "أنها فانية وأنها مقارنة بحياتى فى الأخرة صفر على شمال مقدار عمرى " .. ولكننى كغيرى أخطأ ثم أجاهد ألا أفعل الخطأ مرتين .. أما عن شعورى الأخر فأنا الأن فى حاضرة المرض . أنا على فراشى أصارع الموت ، اسمعت صوت شهيقى ؟ قد تظنة الأخير لى .. أسمعت عن الغريق المعلق بقشة ، لو سمعت قد تفهم أهمية الشهيق بالنسبة لى الان فهو تلك القشة ، أملئ رئتاى بالهواء متمسكاً بنجاتى . وإذا سالتنى إن كنت أحببت حياتى ، جوابى سيكون بالنفى .. ولكنى مازلت أخاف الموت ، أخاف ألا أنطق شهادتى قبل الرحيل ،. وأخاف من تلك النظرة بعيون من يقفون بجانب سريرى أن تظل للأبد وأكون تعيساً أيضا بعد رحيلى .. وأما عن شعورى الثالث .. فأنا بالقبر الأن وحيداً حائراً بوجهتى التالية ، طالباً الرحمة من عذاب القبر . وطالباً الرفق بمن كان رحيلى عنهم صعباً . نادم على مالم أفعلة خيراً ، ونادم على مافعلتة شراً .. إنة شريط الحياة يمر أمامى وأنا مُجرد من زُهد الدنيا ، بكفن أبيض دون جيوب . أنا لا أملك شيئا لأعطية او شيئا لأخفية . فقط أملك حياة سابقة أحاسب عليها . . إن كان لنا أمنية قبل الموت فأطلبوا الرفق بمن فارقتموهم .. فبعد موتكم يصبحوا هم الموتى . وداعاً سعيد صالح ، خالد صالح ، يوسف عيد .