لابد علينا أن ندرك تماما بعض الحقائق .. وهى أننا نسجل صفحات من أهم مراحل التاريخ المصرى الحديث .. وأننا جميعا جزء من هذا التاريخ .. والذى سوف يتعاقبه الأجيال من بعدنا .. ولذلك لابد على كل منا أن يراعى ضميره .. ويتقى الله فيما يقوله أو يفعله .. ويضع صوب عينيه .. المصلحة العليا للوطن .. والتى تعلو وتسمو فوق كل المصالح الشخصية ولابد أن نعى ونفهم جيدا .. أن الدم الملوث بالفساد مازال يجرى فى عروق الكثيرين .. وأن الزرع الشيطانى الذى انتشر وتوغل عشرات السنين .. حتى أصبح غابة موحشة .. من الصعب القضاء عليه وازالته فى أشهر قليلة .. وأن المصالح المتنكرة التى نمت فى الظلام .. وراء الأبواب الخلفية .. مازالت تدس السم فى العسل .. ومن الصعب على الكثيرين منا .. تمييز طعم السم .. من طعم العسل .. وحذارى من السفهاء ؟ .. الذين يتربصون فى جحورهم .. ويتسللون من كل حد وصوب .. فعن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: " أعاذك الله من إمارة السفهاء " قال: وما إمارة السفهاء ؟ قال: " أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي! فمَن صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني، ولستُ منهم، ولا يَرِدُون عليَّ حوضي، ومَن لم يصّدقهم بكذبهم، ولم يُعنهم على ظلمهم، فأولئك مني، وأنا منهم، وسيرِدون عليَّ حوضي" ويدخل في إطار السفهاء .. هؤلاء الذين يصفقون للطغاة والجبارين .. ويمشون في مواكبهم .. ويميلون مع ركبهم .. فثورتنا المصرية .. مولود شرعى لكل الشرفاء .. ومولود غير معترف به من كل السفهاء .. المولود العزيز الثائر .. الذى جاء بعد عقود طويلة من العقم اليائس .. يريد منا الرعاية الفائقة والحماية القصوى .. والاستعداد الدائم للتحفز لمن يريد أن ينال منه .. فبعضهم يريد له التشرد ليصبح من أطفال الشوارع .. فيظل بلا مأوى .. ويتحول الى فوضوى منحرف .. وهناك البعض .. يريد ايداعه ملجأ للأيتام بلا رجعة .. والبعض الآخر .. يريد أن ينسبه اليه بغير وجه حق .. فيجعل من نفسه الأب الشرعى له .. وولى الأمر الذى يأمر فيطاع .. يملى عليه بين الحين والآخر .. منشورات وشروط وتوجيهات .. ما أنزل الله بها من سلطان .. لأنه يعلم جيدا أنه ولى العهد .. الذى سيهديه على طبق من ذهب .. مطامعه من غنائم الحكم والسلطة .. وثورتنا التى ولدت .. على أيدينا .. بولادة متعثرة .. عشنا جميعا مخاضها .. والذى فقدنا من أجلها العزيز والغالى .. أراد الله لها أن تولد وترى النور .. وان شاء الله .. سوف تستمر .. ويكتب لنا معها الحياة .. لتغير واقعنا المرير .. كنفحة من نسائم رحمة الله علينا .. ثورة شباب 25 يناير .. هى ثورة زهر الصبار .. الذى نبت من بين الصخور المتحجرة .. وثورة نبع الماء الطاهر .. الذى تفجر من قلب المياه الراكدة الضحلة المليئة بالأوبئة والقاذورات .. ليروى ظمأ السنين .. وجفاف القلوب .. فتدب الحياة للأرض الميتة من جديد .. ثورة شعب .. وارادة أمة .. ونعلم جيدا .. أن لولا ارداة الله عزوجل وتوفيقه ورحمته علينا .. ثم مساندة جيشنا الوطنى الباسل الذى هو منا ونحن منه .. بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة .. لكانت الثورة أخذت منعطف آخر .. لا يعلم مداه الا الله سبحانه وتعالى .. الجيش .. هو الحامى والمحامى النزيه .. ذو التاريخ المشرف والسمعة الطيبة .. والذى ارتضيناه جميعا .. ليكون وكيلا لنا بعد الله عزوجل .. ليرعى مصالح ثورتنا ويقودنا الى الخير والصلاح والأمن والآمان .. ولن نروى بذور الوقيعة والتخوين .. الذى يحاول أن يزرعها البعض .. لكى تنمو وتصبح حواجز من أشجار الفتنة .. فتحجب الرؤية بيننا .. وهذا ما يريده أعدائنا .. فنحن جميعا فى سفينة واحدة .. سفينة مصر المحروسة .. التى لايعلم وجهتها الا الله وحده عز وجل .. والتى وضعوها على مدى نصف قرن .. فى مهب الريح العاتية .. صارعت الأمواج .. وعصفت بها الأعاصير .. وسارت ضد التيار .. ودخلت فى عواصف ودوامات ومد وجذر .. تصدعت وتآكلت .. تاهت وضلت .. وكانت على مشارف الغرق .. حتى جاءها مدد الله ..القوى على كل قوى .. وها نحن الآن فى عرض البحر .. نجتهد جميعا لنسير فى الاتجاه الصحيح .. فلابد لنا من توحيد كلمتنا وأهدافنا .. وتحديد موقعنا ومعرفة خط سيرنا .. لا مجال بيننا للجماعات المتشددة .. والآراء المتضاربة.. ولا مجال للشجار والخلافات والشعارات المستهلكة .. ولا مجال للتخوين .. أو المراوغة .. أو التصنيف .. أو الاقصاء .. أو التباطؤ .. أو الرجوع للوراء .. فلابد أن نكون دائما على قلب رجل واحد .. وعلى أهبة الاستعداد .. لأن المياه الباردة المظلمة العميقة من حولنا .. مليئة بالفكوك المفترسة .. فلندع رباننا الحكيم الواعى .. يقودنا الى المسار السليم .. اللهم احفظنا من كل شر .. آمين يا رب العالمين