ّ انتهت الحكومة من إعداد برنامج الاصلاح الاقتصادى لتنفيذه على مدار أربعة سنوات يتضمن ثلاثة محاور رئيسية تشمل الاصلاح الهيكلى للموازنة عبر زيادة الايرادات وتقليص النفقات والمحور الثانى رصد حزم تحفيزية لتنشيط الاقتصاد المصرى أما المحور الثالث فيشمل اصلاح البنية التشريعية، وهى نفس منهجية التفكير التى اتبعتها سائر الحكومات المتعاقبة و التى أدت بنا الى التراجع فى كل مستوى الخدمات وجعلتنا من الدول التى يتم عقد مؤتمرات مانحين لها بعدما كنا مانحون للكثير منهم، ولا يمكن أن نفصل بين التراجع الاقتصادى دون تراجع السلوكيات المجتمعية وتدنيها، إنها حصيلة الجمود فكرى وأهل الثقة والبطانات، إنها ثقافة الصندوق الحديديى المغلق ذو العجلات المربعة. ما تتحدثون عنه من الاصلاح الهيكلى للموازنة أو بتعبير أبسط اصلاح الخلل الذى يتكون منه هيكل الموازنة العامة للدولة من ايرادات ومصروفات مسبباً عجزاً سنوياً مضطرداً، وما نريد أن نوجه النظر اليه أن ما تتحدث عنه الحكومة فى هذا الشأن لا يمكن تصنيفه كأحد محاور الاصلاح الاقتصادى لأن عجز الموازنة الناجم عن زيادة المصروفات عن الايرادات ما هو إلا أحد تبعيات الخلل والتراجع فى نتائج الأنشطة الاقتصادية التى تمارسها الدولة والتى عادة ما تكون أسبابها الرئيسية تكمُن فى عدم الرُشد فى استخدام الموارد المتاحة، والاصلاح الاقتصادى فى حالة نجاحه سيؤدى بالتبعية الى اصلاح هذا الخلل الهيكلى، كذلك فإن استخدام مصطلح ترشيد أوتقليص النفقات فى التخطيط الاقتصادى يُعد من الآليات الخَرِبة للمفاهيم الحاكمة، فليس قيمة الانفاق هوالأداة التى يمكن أن نُعول عليها عند قياس كفاءة برنامج تخطيط اقتصادى معين ولكن هو معدل العائد من هذا الانفاق الاستثمارى، فتفعيل النفقة وتعظيم العائد والاستغلال الأمثل للموارد هم من أوليات أدوات التخطيط الاقتصادى ضمن أساسيات برامج موازنات الأداء ذات المردود المجتمعى الايجابى، والتى لا أعرف هل المسئولون عن التخطيط يعرفون عنها وإن عرفوا فلماذا لانستشعرها فى تصريحاتهم، إن اصلاح الخلل الحالى فى البنية التحتية للاقتصاد المصرى هو الذى سوف يؤدى بدوره الى زيادة الايرادات ومن ثم الاصلاح الهيكلى للموازنة الذى تعتبره الحكومة المحور الأول فى اعدادها لبرنامج أو برامج الاصلاح الاقتصادى، هى الحكومة مش فاهمة إن الهبات لن تدوم ولها ظروفها السياسية، وأن السياسة ليس لها ثوابت، ألم تعى الحكومة معنى وضع مصر فى المركز الثانى بعد الأرجنتين ضمن إحدى عشرة دولة فى قائمة الدولة المهددة بالإفلاس فى تصنيف وكالة التصنيف الائتمانى استاندرد أند بورز لعام 2014 ، ألم تعى الحكومة خطورة تخطى نسبة اجمالى حجم الدين المحلى الى اجمالى حجم الناتج القومى نسبة 90% ، ألم يصل الى مسامع الحكومة أن هذه النسبة فى اليونان قاربت 175% وأن سيادتها أصبحت على المحك، لقد وعاها جُحا والحكومة مش عاوزة تفهمها. ماذا ينتظر المسئول ليبدأ عمليات التطعيم بكل مفاصل الدولة، فقد لا يُجدى مفعولها إن تحولت المشكلات الى مُعضلات، فالوقت له ثمنه. محمد فاروق يسّ عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية [email protected]