يتجه مجلس القضاء الأعلى إلى رفع كتاب إلى " المراجع العليا "؛ يشكو فيه من تعرض القضاة والقضاء على السواء إلى الاساءات والتجريح والتضييق بشكل لا يتناسب وقدسية القضاء . وبما يشكل إخلالا جسيما بمواد الدستور وخرقا فاضحا وصارخا لها لا سيما المادتان 162 و 163 اللتان تنصان على أن شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الملك وضمان للحقوق والحريات ولا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه ولا يجوز بأي حال التدخل في سير العدالة . ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل وذلك بعد تجمع عدد كبير من الكويتيين أمام قصر العدل إحتجاجا على قرار شطب الدكتور فيصل المسلم من الترشح لمجلس الأمة وتجمعهم مرة أخرى إحتجاجا على الحكم الصادر بمعاقبة قتلة الميمونى بالمؤبد على متهمين أساسيين والسجن 15 عاما على أخرين. وأبلغت مصادر رفيعة المستوى أن المراجع العليا نفسها مستاءة من اساءة بعض المرشحين إلى القضاء ودعوة المواطنين إلى الخروج إلى الشارع للاحتجاج على أحكام القضاء الذي تؤمن بأنه لا يجب أن يمس لا تصريحا و لا تلميحا ، لافتة إلى أن مجلس الوزراء سيبحث القضية خلال اجتماعه المقرر الأحد المقبل لوضع حد لهذه التجاوزات. وقالت المصادر إن شكوى المجلس المنتظرة تأتي بعدما لاحظت أوساط قضائية وعدلية تواتر الحديث عن القضاء الكويتي في تصريحات وبيانات بعض المرشحين في انتخابات مجلس الأمة و في ندواتهم ومؤتمراتهم الانتخابية عن السلطة القضائية بلهجة تنزع عنها وقارها وهيبتها وتشكك في احكامها تلميحا أو تصريحا فى ظاهرة غريبة ودخيلة على المجتمع الكويتي الذي تعود منذ القدم على احترام القضاء ورجاله ، محذرة من أن استمرارها من شأنه أن يقوض ميزان العدل ويهدم صرح العدالة الذي يتحصن به الجميع بوصفه الملاذ الأخير للدفاع عن الحقوق. وأشارت المصادر إلى أن ما فاقم من استياء وغضب هذه الأوساط هو لجوء بعض المتخاصمين والأطراف المحسوبة عليهم إلى الاحتشاد والتجمهر أمام مقار المحاكم وفي مداخلها وقرب قاعاتها وهو ما يخلق مناخا غير موات ويشكل ضغطا نفسيا ومعنويا على القضاة والمستشارين خلال نظر القضايا. وأوضحت أن الأوساط القضائية ترى في التظاهرات والتجمعات التي تحاصر أبنية المحاكم سلوكا غير مبرر وغير مفهوم ولا علاقة له بالتطور الديمقراطي واصفة إياه بأنه نوع من الإرهاب وخصوصا أنه يأخذ طابعا شعبيا ويتزامن مع قضايا توصف عادة بأنها قضايا رأي عام وهي بطبيعة الحال قضايا مثيرة للجدل والاختلاف وينقسم المجتمع حولها ولا سبيل لارضاء كل الأطراف. ولفتت المصادر إلى نموذجين بارزين لهذه الخروقات والانتهاكات التي شهدتها الكويت بحق استقلال ونزاهة القضاء أولهما احتشاد الموالين للنائب السابق الدكتور فيصل المسلم قبل أيام أمام قصر العدل احتجاجا على حكم محكمة الجنح المستأنفة عليه في القضية المعروفة باسم " شيك بنك برقان " الذي جاء على غير هواهم وتشكيك الكثيرين منهم بالحكم وأركانه وتسبيبه ثم احتشدوا مرة اخرى بالقرب من القاعة التي شهدت مداولات المحكمة الكلية بشأن طعن المسلم على قرار وزارة الداخلية لشطبه من قيد المرشحين في الانتخابات البرلمانية وجاءت المرتان خلال أسبوع واحد. ورأت المصادر أن الأخطر من ذلك ما وجهه النائب السابق مسلم البراك من دعوة الى المواطنين إلى اعتصام أو تجمع أمام قصر العدل احتجاجا على الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات في جلستها التي عقدت أول من أمس في قضية قتل الميموني التي أدين فيها عدد من ضباط الشرطة وقضت المحكمة على ثلاثة منهم بالسجن المؤبد واثنين آخرين بالسجن خمسة عشر عاما مع التسريح من الخدمة فضلا عن أحكام متفاوتة بحق آخرين معتبرة مثل هذه الدعوة سابقة خطيرة لا تتعلق بالقضاء فحسب بل تهدد الأمن والاستقرار في البلاد. وأكدت أن القانون نفسه كفل للمتقاضين والمتخاصمين طرقا وقنوات شرعية يمكن اللجوء إليها في حال اعترى الحكم عيوب في الشكل أو اخطاء في الاستدلال فهناك درجات مختلفة للتقاضي وبامكان المتضرر الطعن في الاستئناف والتمييز على الأحكام كما أن هناك جهات مختصة بالتفتيش القضائي تتولى البحث والتمحيص والتدقيق لابقاء صرح القضاء شامخا وبعيدا عن أية شبهات..