مع استمرار المظاهرات والاعتصامات في ميدان التحرير وفي مختلف ميادين مصر، ومع استمرار حالة الانفلات الأمني في شوارع مصر، تأثر الاقتصاد المصري سلبا، وظهرت نتائج ذلك على الأسواق بارتفاع أسعار كثير من السلع ونقصان أخرى، فما هي الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟ وما هو المخرج من هذا المأزق؟ يقول الأستاذ محمد المصري، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن البلاد تعاني مشكلة كبيرة نتيجة عدم الاستقرار السياسي، ولن يحدث استقرار اقتصادي واستقرار في السواق، طالما هناك فراغ سياسي. ويضيف المصري أنه عندما يعاني الاقتصاد المصري فإن نتائج ذلك تنعكس على وجود وأسعار السلع بالأسواق، وهذه الحالة ستستمر لفترة نمر فيها بحكومة الإنقاذ الوطني المؤقتة والانتخابات التشريعية ثم الدستور ثم رئيس الجمهورية ثم حكومة جديدة، فكل هذه المراحل لا يجب أن نأمل فيها الكثير، وذلك حتى تستقر الأوضاع السياسية والأمنية وبالتالي الاقتصادية فينعكس ذلك بصورة إيجابية على الأسواق والسلع والمواد المختلفة. وأشار المصري إلى إنخفاض النصيب الائتماني المصري أكثر من مرة، وكذلك الانخفاض في إحتياطي النقد الأجنبي، وأننا في حاجة لتنشيط السياحة وزيادة الصادرات لجلب العملة الحرة، بالإضافة لتشجيع الاستثمار الأجنبي وأيضا المصري، مؤكدا على ضرورة أن تصبح التجارة الداخلية والتجارة الخارجية في وزارة واحدة لتناسب متطلبات المرحلة القادمة. أما الدكتور أحمد غنيم ،أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ورئيس مركز البحوث الاقتصادية السابق ، فيرى أنه كان من الممكن ألا تؤثر المظاهرات المستمرة لو كان الوضع الاقتصادي في البلاد مستقرا، ولكن المشاكل التي جاءت بعد الثورة، وضعف الإدارة السياسية والاقتصادية للمرحلة، وضع الاقتصاد في موقف حرج وأصبح بلا مناعة. ويؤكد غنيم أن المظاهرات والاعتصامات ليست هي السبب في زيادة أسعار ونقص بعض السلع والمواد من الأسواق، وإنما السبب في ذلك يرجع لحالة الإنفلات العامة في المجتمع بشكل عام، والانفلات الأمني بشكل خاص، وأيضا التصرفات غير المسئولة من قِبَل بعض التجار، بالإضافة لحالة عدم اليقين من وصول الشحنات والبضائع القادمة، وأيضا عدم اليقين ووضوح الرؤية من السياسة الاقتصادية القادمة فيما إذا كنا سنصبح سوق حرة أم لا ؟ وإذا ما كانت الشركات التي تم خصخصتها سترجع للقطاع العام أم لا؟ وأشياء أخرى كثيرة أدت لإحجام وتراجع الاستثمار الأجنبي والمصري. ويرى د.غنيم الحل في أن تقوم الحكومة بدورها في ضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار، ولديها لعمل ذلك الكثير من الأجهزة والآليات؛ فوزارة التجارة الداخلية لها دور كبير في ذلك، ووزارة الداخلية ممثلة في مباحث التموين لها دور، والمحافظات والمجالس المحلية والأحياء لها أيضا دور، وتفعيل قانون المنافسة وغيره من القوانين ذات الصلة قد يكون له تأثير أيضا، ولكننا نرى تقاعسا كبيرا، ومازلنا نسمع تصريحات عنترية غير صادقة من كثير من المسئولين، فنحن في حاجة لأن يعرف كل مسئول وكل شخص دوره ويلتزم بمجاله وتخصصه ولا يتدخل في مهام وتخصصات غيره حتى نستطيع الخروج من هذه المرحلة بسلام. ومن جانبها، تقول المهندسة عنان هلال، رئيس جهاز حماية المستهلك، لقد تعامل الجهاز والجمعيات مع هذا الوضع للأسواق والأسعار من خلال محورين؛ الأول توعوي خاص بالمستهلك، وذلك بإطلاق دعوة لتوعية المواطنين بعدم التأثر بأي شائعة عن إرتفاع أسعار بعض السلع، أو أن هناك سلعة ما ستشح من الأسواق، فيقوم الناس بالتهافت على شراء هذه السلعة بكميات كبيرة لتخزينها، لن هذا الإقبال المتزايد وغير العادي من شأنه أن يرفع أسعار هذه السلع وينقصها من الأسواق، والمحور الثاني خاص بالتاجر، وذلك بعمل اتفاق تعاون مع غرفة الصناعات الغذائية والغرفة التجارية بوضع ميثاق شرف بصورة ودية مع التجار لضمان استقرار الأسواق وعدم رفع الأسعار. كما ناشدت عنان المواطنين بعدم التفريط في حقوقهم، فإذا قام –على سبيل المثال- بقال التموين بإنقاص الحصة التموينية أو انك رأيت المواد التموينية ليست ذات جودة فما عليك إلا الاتصال بنا لتقديم شكوى في ذلك ونحن نتخذ الإجراءات اللازمة نحو ذلك، وأرقام التليفونات هي: الخط الساخن لجهاز حماية المستهلك 19588 ،والخط الساخن لوزارة التضامن 19468. فيما يقول أحمد عبد الغني، بقال تموين، لم نواجه نقصا في المواد التموينية حيث أمدتنا الوزارة بالحصص المطلوبة التي تكفي البطاقات المقيدة عند كل بقال ، ولكن السكر هو السلعة الوحيدة التي تواجهنا فيها أحيانا بعض التأخير ، ولكنها تمر بسلام. وتقول ر. ح. ربة منزل:" الأسعار كل يوم في زيادة.. الخضار والفاكهة، المواد الغذائية الأخرى من سكر وزيت وأرز وغيرها، فكيلو السكر بسبع جنيهات وكيلو الأرز يتراوح بين أربعة وست جنيهات ، ولهذا أطالب الحكومة بإحكام الرقابة على الأسواق ومراقبة الأسعار ومحاسبة التجار الجشعين".