رئيس الوزراء يتابع جهود خفض الدين العام من الناتج المحلي    القاهرة الإخبارية: غزة تشهد كارثة إنسانية شاملة والمستشفيات تتوقف تباعًا    مشاعر الحب تحولت إلى غضب.. كيف تفاعل جمهور الأهلي على السوشيال مع تمرد وسام أبوعلي؟ (بالأرقام)    «المصدر» تنشر نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس    تعليم دمياط يضع اللمسات الأخيرة لاستقبال طلاب الخدمات بالمدارس الثانوية    الفلسطيني آدم كايد ينتظم في مران الزمالك    «سانا»: بدء دخول الحافلات إلى السويداء لإخراج العائلات المحتجزة داخل المدينة    «مايقدرش يعنفها».. إنجي علاء تدافع عن راغب علامة بعد قرار إيقافه    أحمد سعد يكشف تفاصيل وموعد طرح أغنية «اتحسدنا» من ألبوم «بيستهبل»    حالتان يجوز فيهما إفشاء الأسرار.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    3 أطعمة لخفض الكوليسترول يجب إضافتها إلى نظامك الغذائي    استشاري تغذية علاجية: «الفاكهة خُلقت لتؤكل لا لتُشرب»    بالفيديو.. رقص محمد فراج وريهام عبدالغفور من كواليس "كتالوج" وبسنت شوقي تعلق    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أوكرانيا تراهن على الأصول الروسية والدعم الغربي لتأمين الإنفاق الدفاعي في 2026    عروض زمن الفن الجميل في ثاني أسابيع "صيف بلدنا" بالعلمين    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    ضبط 4120 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 59.106 والإصابات إلى 142.511 منذ بدء العدوان    رئيس اتحاد عمال الجيزة: ثورة 23 يوليو أعادت الكرامة للطبقة العاملة    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    «في فرق كبير والتاني بيستخبي».. عبدالحفيظ يعلّق على تصرفات إمام عاشور وفتوح    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    "صندوق دعم الصناعات الريفية" ينظم أولى ورش العمل الاستطلاعية ضمن "حياة كريمة"    نتيجة الثانوية العامة 2025.. بالاسم ورقم الجلوس نتيجة الثانوية العامة بالقليوبية    صفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة مهددة بالفشل    حقيقة مفاوضات الأهلي مع أحمد حسن كوكا    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «الداخلية» تعلن شروط قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنة الله عز وجل في أخذ الطغاة الظالمين بغتة
نشر في شمس الحرية يوم 30 - 11 - 2011

عندما نعود إلى كتاب الله عز وجل، الذي لم يفرط فيه في شيء مما يوجد في حياة البشر، وهو مرجعنا الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، سواء كان الباطل رجما بالغيب كما يفعل المنجمون، أو تخمينا كما يفعل المحللون، أو غير ذلك مما لا يعتمد على حقائق ثابتة، نجد أن سنة الله عز وجل في الطغاة الظالمين هي الأخذ بغتة، بعد فتح أبواب كل شيء عليهم، وفرحهم بذلك، لقوله عز و جل من قائل: ""فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون".
فمن جملة ما جاء في تذكير الله عز وجل للإنسان، أنه حرم عليه الظلم الذي حرمه على نفسه، وهو الإله الواحد القاهر فوق عباده المقتدر عليهم. وكلما نسي الإنسان أو تناسى تذكير الله عز وجل له بترك الظلم، فتح عليه أبواب كل شيء.
ومعلوم أن لفظة باب في العربية تدل على المدخل، وهو موضع الدخول. فالظالم يفتح الله تعالى له مداخل كل شيء، فيدخلها، وينالها إلى درجة الفرح، وهو الكبرياء، لوثوقه مما فتح عليه، ودخله، وأوتيه.
وعند بلوغ الظالم الناسي أو المتناسي للذكر درجة الفرح، أو الكبرياء، يأتي العقاب من الله عز وجل، وهو الأخذ بغتة. والأخذ في العربية هو التناول والمسك، لهذا يسمى الأسير الأخيذ. والأسر عبارة عن عقاب، لهذا تدل لفظة الأخذ على العقاب. والأخذ له موضع، وزمان، وطريقة، ويسمى ذلك المأخذ. ولفظة بغتة تدل على الفجأة، وهي طريقة الأخذ من غير أن يشعر الأخيذ الذي يكون تحت تأثير الفرح والكبرياء، بما أوتي مما فتح عليه من أبواب كل شيء.
وليس من قبيل الصدفة أن يأتي حرف المفاجأة وهو "إذا" الفجائية بعد لفظة بغتة الدالة على المفاجأة، ويأتي بعدها خبر المبتدأ وهو "هم" مذكورا وهو الإبلاس على غير القاعدة المعهودة، وهي حذف الخبر بعد إذا الفجائية للدلالة على مطلق الوجود. والإبلاس هو الانكسار، والحيرة والذهول، واليأس من رحمة الله عز وجل، ومن الخلاص. وما سمي إبليس كذلك إلا ليأسه من رحمة الله عز وجل بعد رفضه السجود لمن خلق بيده. وإبليس هو نموذج المخلوق الظالم لنفسه ولغيره، وهو أول من فتح عليه باب كل شيء، ففرح بما أوتي فجاءه الأخذ المباغت فأبلس. وهو شعار كل الأباليس، أو الأبالسة من الجن والإنس.
ولا زالت البشرية في كل عصر تعاين مصير الظالمين الذين نسوا الذكر المحرم للظلم، وهم يؤخذون بغتة، وهم مبلسون. فلقد نسي حاكم تونس ما جاء في الذكر من تحريم للظلم، وحارب كل من كان يذكره بالذكر، إلى درجة منع كل مظاهر التدين المرتبطة بالذكر من مساجد، ولباس شرعي، ولحى... وغير ذلك. ولقد فتح الله عز وجل عليه أبواب كل شيء، أبواب السلطة، والثروة، وغيرهما ففرح بذلك أي تكبر بالسلطة والثروة؛ ولما بلغ أوج الفرح أو الكبرياء أخذه الله بغتة أخذ الفرار كما يفر المنهزم في النزال. وكان هذا الأخذ بغتة، وكان معه الإبلاس وهو الانكسار، والحزن، واليأس، فلم يجد بدا من اللجوء إلى حيث بيت الله عز وجل طلبا لجواره بعد يأس من الخلاص. وكان بذلك أعقل الظالمين إلى أن يقضي الله عز وجل في أمره أخذا آخر، أو يستكمل له الأخذ الذي بعد أخذ الفرار. وربما كان فراره من أجل أن يستوفي حقه من الإبلاس، كما استوفى إبليس حقه منه إلى قيام الساعة.
وكحاكم تونس نسي حاكم مصر ما ذكر به من تحريم للظلم، وفتحت عليه أبواب مصر، وهي رمز كنوز الدنيا، حيث وجد فيها أكبر الظالمين سلطة وجاها وثروة، فرعون وهامان وقارون. وفرح حاكم مصر بالفرعونية والهامانية والقارونية، وتكبر في نفسه، وحدثته نفسه بتوريث كبريائه لذريته من بعده على الطريقة الفرعونية، فجاءه الأخذ المباغت، وصار أخيذا حقيقة لدى شعبه يحمل إلى قاعة المحكمة على الآلة الحدباء كالميت، وهو مبلس.
وعلى شاكلته نسي حاكم ليبيا ما جاء في الذكر من تحريم للظلم، وفتح عليه من أبواب كل شيء، وفوق ما فتح على الحاكمين الظالمين في تونس، ومصر، وكان من فرط فرحه بما فتح عليه يشفق على فرعونية، وهامانية، وقارونية جاريه، حاكمي مصر وتونس، مما يعني أنه بلغ فرعونية وهامانية وقارونية أكثر منهما. وجاءه الأخذ المباغت، فصار أخيذ قومه، فعذب بما كان يعذب به قومه من ضرب، وجرح، وتنكيل، وقبر كما كان يقبر ضحاياه في قبور منسية، وكان في كل أطوار أخذه مبلسا شر إبلاس حيث بكى، وتألم، وتذرع، ولم يقبل منه تذرع، وعاش اليأس من رحمة الله عز وجل، فكان إبليسا بشريا على شاكلة إبليس الجن.
ولن يكون مصير حاكم اليمن، وحاكم سوريا مغايرا لمصير الحكام الثلاثة الظالمين الذين فتحت عليهم أبواب كل شيء، وفرحوا بها، وجاءهم الأخذ المباغت وعاشوا الإبلاس الموعود. فلا زال الحاكمان الظالمان يعيشان الفرح بما فتح عليهما. فكلاهما فتح عليه باب آلة الجيش المسخرة له للتمادي في ظلم العباد. وكلاهما نسي أن هذه الآلة، أو هذا الباب المفتوح عليهما، إنما مفتاحه بيد الله عز وجل، وهو الذي فتحه، وهو القادر على إغلاقه ليحين الأخذ المباغت بعد ذلك، ويحين الإبلاس.
ولقد كان كل ظالم من الحكام الذين أخذوا بغتة يقول بلسان المقال ولسان الحال: "أنا لست الحاكم الفلاني بل أنا أقوى منه بل أكثر فرحا منه بما فتح علي من أبواب"!! وهذا القول يعكس مدى درجة الفرح والكبرياء لدى الحكام الظالمين الذين أعمى الظلم أبصارهم وبصائرهم، ولكنهم في نهاية المطاف ساروا إلى مصير واحد، وهو الأخذ المباغت والإبلاس.
وستكون عاقبة كل ظالم من الحكام، سواء كانوا عربا أم عجما، كفارا أم مشركين، أم محسوبين على الإسلام واحدة، لأن سنة الله عز وجل في الظالمين واحدة، ولا تبديل لها على غرار باقي سننه.
أما الشعوب المظلومة، فقد جعل الله عز وجل لها مخرجا، وهو الدخول على الحكام الظالمين أبوابهم، والتوكل عليه من أجل تحقيق الأخذ المباغت والإبلاس في حق هؤلاء الحكام الظالمين، مصداقا لقوله تعالى: ""قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين".
ففي كل عصر يوجد فيه الظلم يوجد الله عز وجل من الدعاة من يقول للشعوب المظلومة هذا الكلام. وفي عصرنا يوجد من الدعاة من يقول هذا الكلام. ودخول الشعوب المظلومة الأبواب على الحكام الظالمين يعني ثورتهم عليهم، فأبواب الحكام الظالمين هي كراسي الحكم، ودخولها هو وضع حد ونهاية لها. والدخول سبب هيأه الله عز وجل من أجل أخذ الظالمين بغتة وإبلاسهم. والشعبان اليمني والسوري يمارسان الدخول على الحاكمين الظالمين بالتظاهر المستمر، والتضحيات الجسام، والتوكل على الله عز وجل.
ومقابل الوعد بدخول المظلومين على الظالمين يأتي العقاب بالتيه حين يخشى المظلومون الظالمين، ولا يدخلون عليهم، مصداقا لقوله تعالى: ""قال إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين"". فليس من قبيل الصدفة أن يكون زمن التيه هو أربعون سنة، وهي فترة كاملة لزوال جيل الخوف من الظالمين، كما كان الحال في تونس ومصر وليبيا، حيث كان جيل الخوف يعيش التيه في وطنه مقابل طغيان الظالمين.
ولما قرر جيل الجسارة والشجاعة الدخول على الظالمين متوكلا على الله، وما التوكل عليه سبحانه سوى الأخذ بالأسباب، ومن الأسباب التضحية بالأنفس، جاء أخذ الله عز وجل المباغت للظالمين وجاء إبلاسهم. فكل شعب مظلوم لا يأخذ بأسباب الدخول على الحكام الظالمين فمصيره التيه بعد فترة أربعين سنة، وهي فترة هلاك الخاضعين للظلم الراضين به، والخائفين من الدخول على الحكام الظالمين.
ولقد سمى الله تعالى عدم الدخول على الظالمين فسوقا، وسمى المظلومين الخائفين من الدخول على الظالمين أبوابهم فاسقين. والفسوق هو الخروج عن طريق الحق والصواب. فالصواب والحق أن يخرج المظلوم على الظالم متوكلا على الله عز وجل الذي حرم الظلم على نفسه، وجعله محرما بين عباده.
فهلا عاد المسلمون إلى كتاب ربهم ومرجعهم للعودة إلى الحق والصواب والخروج من الفسوق، والتخلص من التيه؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.