أصيبت بالبهاق وعمرها 13 سنة وكرهت نفسها 10 سنوات.. ثم تعلمت كيف تتقبلها سافرت إلى نيويورك لدراسة الماكياج.. ونصيحة من صديقة لها جعلتها نجمة على السوشيال ميديا اختلافها كان دافعا لتميزها، كان الممكن أن تكون مثل آلاف غيرها ممن عانوا من نفس المرض، انطوائية تكره الحياة وتندب حظها العثر، لكنها بحثت خلف الحقيقة لتصل للجمال الحقيقي، ورغم إصابتها بالبهاق إلا أنها أصبحت أحد أشهر صناع الجمال في مصر والوطن العربي، ما وراء الحكاية نعرفه من لوجينه صلاح في السطور التالية.. تقول لوجينه عن أيام المحنة الأولى: كان عمري 13 سنة، وبدأت البقع البيضاء في الظهور على جسدي وهو أمر لم أفهمه أنا ولا أهلي فذهبنا للطبيب والذي شرح لنا الموضوع علميا بأن مناعتي زائدة مما يجعلها تهاجم خلايا الصبغة في الجسم وهو ما يؤدي لتناقص الصبغة وظهور هذه البقع، الأمر الصادم وقتها أنه قال إنه مرض بلا علاج، هو ليس مرضا بالمعنى المفهوم، ليس معديا، ومهما تناولت من علاجات ستعود المناعة لمهاجمة الجلد من جديد لتتوسع البقع في الانتشار مرة أخرى لتتحول حياتي من بنت عادية لبنت تحاول مع المجتمع ليتقبلها. لوجينه لم تستطع تقبل المرض خاصة في البداية، خاصة أنه وفي خلال أسبوع فقط ظهرت البقع على وجهها ثم بدأت في الانتشار في جسمها كله، كانت تمارس رياضة السباحة وكرة اليد فتركتهما، خاصة بعد تعليقات أهل زملائها على البقع والتي كانت تظهر بشكل أكبر مع ثوب السباحة، غيرت مما ترتديه لتكون الأكمام طويلة جدا حتى لا يظهر أي شيء، أما وجهها فبدأت تجرب معه خلط الألوان المختلفة لمساحيق التجميل حتى لا تظهر البقع اللعينة، طفلة صغيرة تغيرت حياتها تماما. "لمدة 10 سنوات كنت غاضبة مما أنا عليه" تقول لوجينه مكملة حديثها: لكن أهلي كانوا على درجة كبيرة من الثقافة والوعي، وبالتالي كانوا عندما أدخل للطبيب يطلبون منه شرح كل شيء بالنسبة لي، وأنه غير معد وأنه لا يوجد له أي تأثير على صحتي وأنه مجرد لون فقدته، فبدأت أفهم القصة حتى أشرحها للناس. فهم لوجينه ومحاولتها توصيل الفكرة لمن حولها لم يكن كافيا حتى تبتعد عن المشاكل، تقول لوجينة : قابلت مشاكل كثيرة في المدرسة، حتى أهل زملائي كانوا يطلبون منهم الابتعاد عني، كان بعض الأطفال يسخرون مني والبعض الآخر يسأل عن حالتي فبدأت أبتعد عن الجميع... ولكن الحاجة جعلتها تصاحب أدوات التجميل، ومع دخولها الجامعة كانت قد وصلت لمرحلة الاحتراف، تقول: أصبحت ماهرة في خلط الألوان ولم تظهر البقع على وجهي ولذلك لم أعانِ في الجامعة. درست لوجينه إدارة أعمال وتفوقت فيها، لكن بعد التخرج كان لها رأي آخر، "قلت لنفسي أن ما عانيته يجب أن يكون رسالة للآخرين، وقلت لوالدي ووالدتي أنني لا أريد العمل في البزنس وأنني سأسافر لنيويورك لدراسة الميك أب" تقول لوجينه مؤكدة أن موقفها الأخير كان صدمة بالنسبة لوالديها اللذين خططا لها العمل في أحد البنوك الأخرى لكنها أنهت النقاش بجملة واحدة "سيبوني أجرب". سافرت لوجينه نيويورك فعلا ودرست الميك أب لمدة سنة لتعود إلى مصر وتبدأ رحلة جديدة لإقناع الناس، تقول: في البداية كنت لا أسمح لأي مصور بتصويري، حتى لا تظهر يدي، حتى لا يظهر اختلافي، كما أني متخصصة في الماكياج مما يعني أنني يجب أن أكون متأنقة طول الوقت، وكنت أقوم بعملي وأغادر سريعا، لمدة أربع سنوات أرفض تماما الاختلاط بالمجتمع إلا بأقل قدر، بعدها كنت أجلس مع صديقة لي فقالت: يدك علامة مميزة، مش شرط حد يصورك، ايدك كفاية، أنت مميزة وهذه الميزة هي التي ستجعلك تسبقين الآخرين بخطوات في حياتك، كلام صديقتها أشعل الأضواء في عقلها، تقول: بصراحة فكرت في كلامها وقلت خليني أجرب، لازم أقبل نفسي زي ما هيه. في عالم السوشيال ميديا يصبح "التنمر" أسهل وأوسع نشاطا.. لوجينه لم تخف البقع البيضاء كما فعلت أيام الجامعة، بالعكس ظهرت كما هي لتقول: إنني أحب نفسي كما أنا، عليكم أنتم بقبول الاختلاف، ليست مجرد بقع بيضاء على جلدي يمكن أن تثير مخاوفكم، فكثير من البقع السوداء تعمي النفوس ولا يلتفت لها أحد، تقول لوجينه : بالطبع واجهت الكثير من التعليقات السلبية، لكني في الوقت نفسه وجدت كمّاً هائلاً من التعليقات الإيجابية أيضاً، والآن معظم من يتابعونني لا يريدون أن أضع الماكياج على الإطلاق. لذلك أشعر بأنني أثّرت في آراء الناس، ولعبت دوراً إيجابياً في رؤيتهم لمعاييرالجمال. ولكن لماذا تعود للماكياج الكامل؟؟ تقول لوجينه: بصراحة في بعض المناسبات أضع ماكياجاً كاملا يخفي كل شيء ولكن هذا من باب التغيير، وعند ظهوري في أحداث إعلامية أتعمد الظهور بطبيعتي، حتى أوصل الرسالة للناس، بعض البنات يقلن لي: أنا ممكن أنام بالميك أب؟ أنا خطيبي عمره ماشافني من غيره! تخيلوا!! نحن يجب أن نغير هذه الأفكار، الميك أب وسيله للتغيير وليس وسيلة للأمان، يجب أن تثق البنت بأنها جميلة في الطبيعة وأن الميك أب فقط وسيلة للتغيير. لوجينه ترى أن الصفات والملامح المختلفة هي ما تميز الأنثى، وجعلها فريده من نوعها، وطالما قبلت ذاتك وصفاتك وملامحك ستحصلين على الاحترام من قبل الآخرين، تقول لوجينه: أمارس هذه الفلسفة وأتّبعها في حياتي اليومية، فأصبحت لا أنظر إلى بشرتي على أنها مشكلة، بل كجزء مني وأفتخر بها. أحب وضع الماكياج في المناسبات كوسيلة لتغيير شكلي، ولأشعر بأن إطلالتي أكثر سحراً وجمالاً، وليس لزيادة ثقتي بنفسي، فأنا الآن فهمت أن الجمال لا يرتبط بمساحيق التجميل. لوجينه الآن تذهب للمدارس والمستشفيات لتشرح للأطفال هناك معنى الاختلاف، فهو لا يعني المعاناة، تستطيع ببساطة أن تعيش حياتك بشكل طبيعي لأن الاختلاف واقع في الحياة، تقول لوجينه: لازم تتقبل نفسك وتبقى واثق فيها، ساعتها محدش هيقدر يغلبك، دائما من يتقبل نفسه يتقبل أي آخر، دائما ما أقول لابنتي: لو أنك واثقة في نفسك وقوية فمن سينتصر عليك؟!.