قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية : إن مسئولية استقرار الأسرة هي مسئولية مشتركة بين الزوجين ؛ فهما شريكان في مواجهة التحديات الأسرية الطارئة ، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» . وأضاف فضيلته خلال حواره الأسبوعي ببرنامج "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" : أن الرجل في إطار العلاقة الزوجية تثبت له القوامة بالنص الشريف ؛ وذلك بقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34] ، وهي تعني مسئولية الرجل عن الأسرة المكونة من الزوجة والأولاد إن وجدوا ، ولا ترتب بحالٍ حقًّا يتسلط به الرجل على المرأة ، بل قد حث الشرع الشريف الزوج على طلب مشورة زوجته في شئون تدبير العائلة ؛ فإن التشاور يظهر الصواب ويحصل به التوافق بينهما . ولفت فضيلة المفتي : النظر إلى أن اللغة لا تساعد على استنتاج معنى التسلط من لفظ القوامة المذكور في الآية الكريمة ، لأن (قوَّام) بالتشديد يعني القائم على حقوق الله تعالى ؛ كما جاء في القواميس والمعاجم ك "القاموس المحيط" ، وال (قوَام) بالتخفيف يعنى عدلًا وسطًا بين الطرفين ؛ كما جاء في "القاموس" أيضًا ، فعلى هذا كله لا تنتج القوامة تسلطًا واستعلاءً ، بل تنتج قيامًا على الحق وعدلًا في تولي الأمر . وأوضح فضيلته : أن كل هذه المعاني الواضحة تدخل في مضامين المسئولية والولاية ؛ لأنه لا يعقل أن القائم على حقوق الله تعالى أو على الحقوق جميعًا يمكن أن يكون متسلطًا على هذه الحقوق ، بل الأدق أن يقال: إنه أضحى مسئولًا عن هذه الحقوق بكل تفاصيلها . وشدد فضيلة المفتي : على أن مفهوم القوامة الزوجية وحقائقه يدور حول قيادة الأسرة وضبط أمورها وانتظام شئونها في رشد وحكمة ؛ فالقوامة ليست سلطة عليا في يد الرجل يترتب عليها إلغاء شخصية المرأة في البيت أو تهميش دورها ، بل تحقق القوامة مصلحة الأسرة عندما يدير الزوج بها الأسرة إدارة حسنة وإدارة رشيدة بما يحقق المصلحة للأسرة جميعًا بعيدًا عن الرعونة والتسلط . وأكد مفتي الجمهورية : أن التعاون الصادق والمثمر بين الزوجين يُعَدُّ من أقوى دعائم الحياة الاجتماعية السليمة بين الزوجين ، فالزوج الناجح والزوجة الناجحة هما من يتفقان على إدارة ناجحة للبيت ؛ وهذا الأمر مقصد أصيل من مقاصد عقد الزواج . وعن تقصير بعض الأزواج في حياتهم الأسرية قال فضيلته: إن الزوج مسئول أمام الله عن تقصيره تجاه أسرته وخاصة إذا كان هذا التقصير دون عذر ، فقد أوجب الشرع الحنيف على الزوج واجبات لازمة تجاه أسرته ؛ كالقيام بجميع ما يحتاج أفرادها من نفقات ومتطلبات مع صيانتهم ورعاية حقوقهم ، وذلك بحسب العرف لأمثالهم على مثله ؛ كما أوجب على المرأة التعاون مع الزوج بعد إتمام الزواج والدخول بها ، كل ذلك في دائرة المعروف والمعقول ؛ لما له من القوامة في حق البيت والأسرة ، فالقوامة تظل ثابتة للرجل ولا تنفك عنه بحال؛ فإذا قصَّر في واجباته بدون عذر وجب إرشاده بحوار عقلاني ومتزن . وأشار فضيلة المفتي : إلى أن الزوجة المصرية في أغلب الحالات داعمة لزوجها وأسرتها في كل شئون الحياة ، ومحافظة على كيان الأسرة ، ومكملة لشخصية الرجل في البيت وليست ملغاة ، وعليها أن تساعد زوجها في إدارة المنزل ، حتى تنجو بها سفينة الأسرة ، انطلاقًا من المودة والعشرة الطيبة وهو أمر تتميَّز به المرأة المصرية والعربية . وحث مفتي الجمهورية : على ضرورة فهم القوامة في ضوء النموذج التطبيقي النبوي الشريف ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يجعل أبدًا القوامة حجة للتسلط على المرأة أو إهانتها ، بل كان معاونًا في شئون بيته ؛ وفي خدمة أهله . واختتم فضيلة المفتي حواره قائلاً : إن القوامة تكليف من الله عز وجل للرجل وليست تشريفًا له ، وهي مسئولية عظيمة ودقيقة في ذات الوقت أخذًا من معانيها اللغوية ومن تصرف النبي الكريم فهو النموذج الصحيح في هذا الأمر ، وكذلك فهي لا تعطي للرجل حقًّا يتسلط به على أسرته أو تجعله متفردًا في اتِّخاذ القرارات .