- درست فن الباليه في مدرسة "البولشوي" الشهيرة بموسكو.. وحصلت على وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر - خضت تجربة التمثيل بالصدفة أمام رشدي أباظة ونجاة الصغيرة - عمري الفني كراقصة باليه 6 سنوات فقط.. وأُجبرت على الاعتزال عندما احترقت دار الأوبرا المصرية للباليه المصري تاريخ عريق بدأ مع نهاية خمسينيات القرن الماضي عند تأسيس أول مدرسة لتعليم الباليه في مصر والتي أصبحت فيما بعد المعهد العالي للباليه، ومع بداية هذا التاريخ كان هناك رائدات لفن الباليه من المصريات أبرزهن "ماجدة صالح" التي تعتبر أول راقصة باليه أولى في مصر، والذي ارتبط تاريخها بنشأة تاريخ الباليه في مصر كراقصة أولى ومعلمة باليه وأكاديمية حاصلة على الماجستير والدكتوراه ساعدت بشكل كبير في إعادة بناء دار الأوبرا المصرية من جديد، لينتهي بها المطاف للعيش في أمريكا منذ 26 عاماً.. ومن مقر إقامتها بنيويورك تحكي لنا "ماجدة صالح" حكايتها المرتبطةبنشأة الباليه المصري في الحوار التالي.. كيف اتجهتِ إلى تعلم رقص الباليه لتصبحين أول باليرينا في مصر؟ مارست الباليه بشكل تقليدي مثل كثيرين في مثل عمري وقتها حيث كانت تنتشر استديوهات تعلم الباليه في القاهرة والاسكندرية وكان يشرف على معظمها راقصات أجنبيات، فاستهوتني الفكرة وأحببت الرقص جداً برغم اعتراض أسرتي في البداية. كيف احترفتِ الرقص إذن؟ أمام إصراري الشديد وافق والدي على أن ألتحق بالمعهد الموسيقي بالإسكندرية والذي كان يضم قسماً للباليه تديره سيدة انجليزية، ونظراً لتفوقي في التدريبات وقتها قررت السيدة الانجليزية أن ترسلني في منحة لتعلم الباليه في مدرسة الفنون بالمملكة المتحدة، إلا أنني عدت بعد شهرين فقط بسبب وقوع العدوان الثلاثي على مصر، فالتحقت بأول مدرسة حكومية لدراسة البالية لأول مرة في تاريخ مصر والشرق الأوسط والتي أنشأت عام 1958 تحت رعاية وزارة الثقافة، ومن ثم التحقت بالمعهد العالي للباليه والذي حصلت من خلاله على منحة دراسية لفن الباليه في مدرسة البولشوي الشهيرة بموسكو عام 1963 أنا وأربعة فتيات أخريات هن "ديانا حقاق، مايا سليم، ودود فيظي، علية عبد الرازق"، وشكلنا بعد عودتنا من موسكو النواة الأولى لفرقة باليه القاهرة، وأصبحت أول راقصة باليه أولى في مصر، وأول عميدة لمعهد الباليه من أبناءه. ما أهم العروض التي قدمتيها كراقصة باليه محترفة؟ قدمت مع زملائي عرض باليه "نافورة باخشي سراي" عام 1966 وهو أول باليه مصري كامل من أربعة فصول يُقام في دار الأوبرا المصرية القديمة التي كانت تسمى آنذاك بالأوبرا الخديوية، وكان كل عارضين الفرقة بالكامل من المصريين، وحضر العرض في يومه الثاني الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، ثم قدمت بعد ذلك باليه ثلاثي منوع اسمه "باكيتا"، ثم باليه كسارة البندق، ودون كي شوت، ودون جوان، ودافنس مايكروا وي، كما إنه تم دعوتنا أنا وزميلي "عبد المنعم كامل" لزيارة الاتحاد السوفيتي لمشاركة فرقة البولشوي الروسية لتقديم أحد عروضها العالمية هناك، وكان أخر عرض قدمته في حياتي هو باليه "جيزيل"، وبعده قررت الاعتزال نهائياً كراقصة. ولماذا اعتزلتِ برغم كل هذا النجاح؟ لك أن تتخيل أن كل عمري الفني كراقصة باليه محترفة هو ست سنوات فقط، فراقص الباليه عمره قصير، لكني أُجبرت على الاعتزال عندما احترقت دار الأوبرا المصرية، فضاعت كل أحلامي أنا وزميلاتي وزملائي، فقررت الاعتزال والانتقال إلى أمريكا للدراسة وحضرت هناك رسالة دكتوراه عن تسجيل الرقصات الشعبية المصرية. ما هي كواليس حصولك على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟ كما سبق وذكرت لك أني قدمت مع زملائي أول عرض باليه مصري كامل وكان عرض تاريخي يحدث لأول مرة في تاريخ مصر، وقد حضره الرئيس "جمال عبد الناصر" ليشاهد الانجاز الذي حققناه وقتها، وأمر على الفور بتكريمنا ومنح الدكتورة "عنايات عزمي" عميد المعهد العالي للباليه والخبراء الروس وسام الجمهورية، ومنحني أنا وزميلاتي من الراقصات بالفرقة وسام الاستحقاق، ومنح بعض الطلبة المشاركين في العرض نوط الاستحقاق، وتسلمنا الأوسمة من الدكتور "ثروت عكاشة" أول وزير ثقافة في مصر؛ في احتفالية خاصة بمكتبه نيابة عن الرئيس جمال عبد الناصر. خضتِ تجربة التمثيل في فيلم "ابنتي العزيزة" أمام رشدي أباظة ونجاة الصغيرة، فلماذا لم تكرري التجربة مرة أخرى؟ كانت تجربة جيدة بالنسبة لي خاصة وأن دوري في الفيلم كان لاعبة باليه وهو ما ساعدني على أن أظهر بشكل جيد لأن الباليه عبارة عن تمثيل صامت، بالرغم من أنني لم أقم بأي نوع من أنواع التدريب على الأداء أو الوقوف أمام الكاميرا، فقد كان المخرج يُملي علي المشهد وقت تصويره فقط، وللعلم راقت لي تجربة التمثيل وكنت أنوي الاستمرار وتكرار التجربة مرة أخرى إلا أنني اضطررت للسفر إلى أمريكا بعد حريق دار الأوبرا مباشرة. وكيف تم ترشيحك لهذا الفيلم من الأساس؟ حدث ذلك بالصدفة، فقد كان من المقرر أن يتم تصوير أحد مشاهد الفيلم بالجامعة الأمريكية، وكان والدي في ذلك الوقت وكيلاً للجامعة الأمريكية، فقام الأستاذ "حلمي رفلة" مخرج الفيلم بزيارة والدي في مكتبه بالجامعة لإنهاء التصريح له بتصوير المشاهد اللازمة داخل الجامعة، وفي نفس اليوم كنت في زيارة والدي فشاهدني المخرج وعرض علي دور "ليلى" في فيلمه الجديد خاصة وإنه كان يبحث عن راقصة باليه مثلي، وبالفعل تم تصوير الفيلم وعلمت بعد عرضه أنه لاقى النجاح المطلوب. بذلتِ مجهود كبير كمدير مؤسس لدار الأوبرا المصرية وقت إعادة إنشائها من جديد فلماذا تم فصلك في النهاية؟ باختصار شديد وحتى لا أستدعي أحزاناً مر عليها ثلاثون عام، فمن اختارني في مرحلة إعادة بناء دار الأوبرا للإشراف على كل شيءكان وزير الثقافة الأسبق "فاروق حسني" وكنت أقوم بمجهود خرافي للنهوض بالعمل على أكمل وجه، ومما حققته وقتها أني تواصلت مع السيدة "سوزان مبارك" حرم الرئيس الأسبق لدعوتها إلى زيارة الأوبرا للاطلاع على أخر مستجدات العمل، وهي بدورها أبلغتني أن الرئيس مبارك سيحضر بنفسه في زيارة خاصة، وبالفعل تمت الزيارة على أكمل وجه، إلا أنني فوجئت بعدها بأشهر قليلة من إقصائي بمنتهى القسوة وتعيين "رتيبة الحفني" كأول رئيس رسمي لدار الأوبرا بعد إعادة إنشائها، لكن القضاء أنصفني في النهاية وتم الحكم لصالحي بناء على حكم صادر عن مجلس الدولة، لكني وقتها كنت متزوجة وأقيم في أمريكا وابتعدت تماماً عن الصورة. ما تقييمك لمستوى فن الباليه في مصر في الوقت الحاضر؟ في حقيقة الأمر أنا بعيدة كل البعد عن التفاصيل بحكم إقامتي بأمريكا منذ 26 سنة، لكني أسمع بنجاحات من وقت لأخر، ودعني أقول لك أن فرقة باليه القاهرة لا زالت متواجدة في الأوبرا، وأن معهد الباليه لا يزال في أكاديمية الفنون، وهذا في حد ذاته يدعوا إلى التفاؤل والنجاح. من وجهة نظرك كراقصة باليه محترفة.. ما هي المواصفات التي يجب أن تتوافر لدى راقصات الباليه؟ في المقام الأول اللياقة البدنية ونسب جمالية معينة بالهيكل، ثم الحالة الصحية وقابلية الجسد للتفاعل مع الموسيقى، فالأمر يبدأ بمواصفات جسدية عامة ثم ينتقل الأمر تدريجياً إلى التفاصيل المتعلقة بإدارة المشاعر وضبط إيقاع الحركات الجسدية وهضم كل الدرجات الموسيقية. بماذا تنصحين راقصات الباليه الجدد؟ المثابرة والعمل اليومي على تطوير الأداء والرقصات والحركات والتدريب والتعلم باستمرار دون انقطاع، فرقص الباليه لا يكتمل عند مرحلة معينة، بل يمتد ما دام الراقص قادراً على الأداء والحركة.