أكد الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية ، أن الله سبحانه وتعالى قد أمر في أكثر من موضع في كتابه الكريم ببر الوالدين والإحسان إليهما ؛ لأنهما سبب وجود الإنسان ، وقد تحملا من أجل تربيته الكثير من الجهد والمال والعناية . وأضاف فضيلته في برنامج "حوار المفتي" الذي يذاع أسبوعيًا على قناة "أون لايف" أن الرسالات السماوية جميعها أكدت على أهمية الإحسان إلى الوالدين وبرهما ، وذكرت الناس بذلك لأن مشاغل الحياة قد تنسي الإنسان وتقسي قلبه . وأشار فضيلة المفتي ، إلى أن الله سبحانه وتعالى قرن الإحسان إلى الوالدين بعبادته سبحانه وتعالى فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ، وعندما يقرن الله شيئًا إلى شيء فإنما يدل ذلك على أهميته ؛ لذا على المسلم أن يضع هذا التكليف موضع الاهتمام ، لما للوالدين من فضل كبير جدًا على الإنسان . وقال فضيلته : إن النظر إلى الوالدين نوع من العبادة ، فقد ورد في الأثر أن النظر إلى الوالدين وإلى المصحف وإلى الكعبة المشرفة ، كل ذلك من باب العبادة . وأضاف مفتي الجمهورية ، أن الإحسان إلى الوالدين والأم خصوصًا يكون في جميع الأحوال والأوقات ، وحضَّ الشرع على أن نعاملهم بالمعروف ، حتى ولو كان الوالدان غير مسلمين ، وذلك دليلًا على فضلهما وأهمية برهما ، فيقول تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} . وأرجع فضيلة المفتي ، تخصيص الأم بمزيد من التوصية والإحسان في الإسلام ، إلى ما تقوم به من مجهود مضاعف ومن جهد ومشقة في الحمل والولادة والتربية ، فهي أشد تعبًا من الوالد الذي قد يكون منشغلًا وبالتالي تتحمل هي مسئولية التربية ، لذلك أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأم ثلاث مرات وبالأب مرة واحدة ، عندما جاءه رجل فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك»، قال ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك» . وقال فضيلة المفتي : "إن الأم جديرة بأن تنال هذا الاهتمام الكبير من الشرع الشريف والتوصية بها ، فقد جاءت الأحاديث الشريفة لتبين أن رعاية الوالدين والأم خصوصًا من الجهاد ، ولهما كل الاعتبار والأهمية خاصة إن كبرا في السن ، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال: «أَحِيٌّ والداك»، قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد». وبين فضيلة المفتي ، أن أقل أنواع الأذى للوالدين ولو بالتأفف من كلامهما أو طلباتهما هو أمر محرم شرعًا ، فما بالكم بمن يعق والديه بالضرب والسب والطرد . وأضاف فضيلته: "إني أتعجب من أولئك الذين يتجرءون على الفطرة السلمية والشرع الشريف ويعقون آباءهم وأمهاتهم بالضرب والسب والطرد ، رغم أن رضا الله من رضا الوالدين ، والأبناء مطالبون بعبادة الله في رعاية الوالدين" . وأشار فضيلة المفتي ، إلى أن بر الوالدين لا ينقطع بعد موتهما ، فهناك وسائل عدة لبرهما بالعديد من الطاعات ، منها: الدعاء لهما ، والصدقة عنهما ، وهبة ثواب قراءة القرآن إليهما ، وزيارة قبرهما ، وأن نصل رحمهما وأصدقاءهما فكل هذه الأمور تحقق الألفة حتى لو مات الوالدين كأنهما ما زالا معنا في الحياة ، فبر الوالدين لا يتوقف بعد موتهما . وحول تخصيص يوم للاحتفال بالأم أكد فضيلة المفتي ، أنه أمر طيب ولا مانع منه شرعًا ، ولا يوجد نص في الدين يمنع ذلك ، وإن كان لا بد من الاهتمام بها طوال الوقت وليس في يوم واحد فقط . وأوضح فضيلته ، أن ترك النبي والصحابة ليس دليلًا على التحريم والمنع ، والنبي ترك الناس يحتفلون بمناسباتهم القومية ولم ينههم ما دامت لا تخالف الشرع ، وكانت أم المؤمنين عائشة تنظر إلى غلمان من الحبشة وهم يرقصون فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم . ووجه فضيلة المفتي ، رسالة إلى الشباب حثهما فيها على العودة إلى أحضان آبائهم وطاعة الوالدين والإحسان إليهما ، خاصة إن كبرا لأنهما في مرحلة السن الكبيرة يحتاجان إلى مزيد من العناية والإحسان والعون ، لذلك يقول الله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} صدق الله العظيم .