أصبح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي هو السمة السائدة الآن في العالم.. ولم يعد ذلك من الرفاهية.. ولعل إعلان الإمارات عن وزارة الذكاء الاصطناعي هو أبرز مظاهر الاعتماد على هذه التقنيات.. فهل يوجد في مصر ذكاء اصطناعي؟ وما أهمية ذلك من الناحية العلمية والاقتصادية؟.. في البداية يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، ومن أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه فرع من علم الحاسوب، ولديه القدرة على تحليل بيانات أكثر وأعمق باستخدام شبكات عصبية اصطناعية ذات طبقات خفية عديدة. وهناك من يرى أن هذا الذكاء الاصطناعي يهدد العنصر البشري، وتوقع كلاوس شواب، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي" دافوس" اختفاء 74% من الوظائف مستقبلاً، بسبب الطفرات الكبيرة للذكاء الاصطناعي، وحالة الدمج التي تنتج عنه لكثير من الوظائف، الأمر الذي سيؤدي إلى التخلّص من الوسطاء، ويتوقع أيضا أن يخلق الذكاء الاصطناعي على المدى المتوسط نحو 10 ملايين وظيفة جديدة بحلول 2020، لكنه يستدرك أن النمو الكبير سيدفع إلى اختفاء ملايين الوظائف. وقال الأستاذ بقسم تعلم الآلة في" جامعة كارنيجي ميلون" الأمريكية توم ميتشيل أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على بعض الوظائف منها الأعمال الكتابية الروتينية، لكن بالنسبة لوظائف أخرى مثل الأطباء فسيعزز قدراتهم على العمل، وفي حالات أخرى سيقود الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات إلى نشأة نماذج جديدة للأعمال. وقد أكد تقرير من شركة" برايس ووتر هاوس كوبرز" للاستشارات أنه سيكون هناك دورا للذكاء الاصطناعي في دعم النمو العالمي ورفع الإنتاجية والاستهلاك، وتوقع التقرير أن يُضيف الذكاء الاصطناعي 15.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، وهو مبلغ يعادل الناتج الحالي للصين والهند معا، كما أكدت الكثير من التقارير أن الذكاء الاصطناعي سيحدث نقلة في الاقتصاد. تقرير آخر لمؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «جارتنر» أكد أن عام 2020 سيشكل عاماً محورياً بالنسبة لديناميكيات التوظيف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع تحول الذكاء الاصطناعي AI إلى حافز إيجابي فيما يخص البحث عن العمل، ومن المتوقع أن تتنوع الوظائف التي يمكن أن تتأثر بتوجهات الذكاء الاصطناعي بحسب قطاعاتها، حيث ستشهد وظائف الرعاية الصحية والقطاع العام وقطاع التعليم طلباً متزايداً ومستمراً خلال العام 2019، في حين تتأثر وظائف قطاع التصنيع سلباً بشكل كبير خلال العام نفسه. واعتباراً من بداية العام 2020، ستشهد فرص العمل المرتبطة بالذكاء الاصطناعي انتعاشاً إيجابياً لتصل أعدادها إلى 2 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025. البعض يرى أن مصر بعيدة عن كل ذلك.. ولكن الحقيقة أن هناك ذكاء اصطناعي في مصر، وهناك العديد من الشركات الريادية التي تعتمد على هذا الذكاء، ومنذ أيام استحوذت شركة سامسونج على Kngine المصرية الناشئة، المتخصصة في مجال تطوير ذكاء اصطناعي يمكنه التعلم والتطور تماما مثل الإنسان. وفي بداية العام الجاري وقع د.محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بروتوكول تعاون مشترك مع جامعة النيل لإطلاق أول حاضنة أعمال مصرية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي (Cognitive) وتكنولوجيا سلاسل الثقة (Block chain)، حيث سيتم إنشاء حاضنة (NU Techspace) بتمويل من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في إطار البرنامج القومي للحاضنات التكنولوجية "انطلاق" بالتعاون مع جامعة النيل. وستقوم الحاضنة بتقديم حزمة من الخدمات بجانب الدعم المالي لعدد من الشركات التكنولوجية الناشئة في مجال الحاضنة، وسيكون نموذج عمل الحاضنة مقسم إلى خدمات ما قبل الاحتضان وستقوم بالتركيز على تشكيل فريق عمل وتجهيز المتقدمين للعمل سوياً، والتدريب على مبادئ ريادة الأعمال، وإعداد دراسات جدوى مبدئية للمشروع. وقدمت مؤسسة إبداع مصر برنامج الذكاء الاصطناعي، ويوفر هذا البرنامج أساسيات الذكاء الاصطناعي، وكيفية ممارستها، وهو يعمل على حل المشاكل الواقعية من عبر الذكاء الاصطناعي من حيث البحث، والألعاب، والتعلم الآلي، والمنطق، كما قدمت المؤسسة برامج أخرى خاصة بالذكاء الاصطناعي، ولكن حتى الآن لا توجد استراتيجية حكومية لاستخدام الذكاء الاصطناعي مثلما فعلت الإمارات.