حصرته ملامحه الحادة وطبيعته المتحفظة فى أدوار الشر والرجل ثقيل الظل الذى دائما ما يفرق بين البطل وحبيبته هذا الدور ذو النجاح المحدودالذى إنطبع على جبين الفنان " صلاح نظمى" بسبب عبد الحليم حافظ عندما أراد أن يفرق بينه وبين حبيبته زبيدة ثروت فى فيلم "يوم من عمرى" وكأن هذا اليوم من عمر حليم هو الذى رسم ملامح كل أيام وحياة صلاح نظمى على شاشة السينما حيث أخذ عنه الجمهور قبل المخرجين إنطباع الرجل ثقيل الظل الشرير حتى وصل الأمر الى ساحات القضاء عندما إستضاف برنامج إذاعى العندليب الأسمر وسألوه عن الممثل الأثقل ظلا من وجهة نظره فقال صلاح نظمى وكانت النتيجة أن نظمى قام برفع دعوى قضائية ضد حليم إتهمه فيها بالتشهيربه وسبه أمام الملايين وظلت تلك الواقعة حديث الناس والصحافة فى الستينات حتى أقنع محامى حليم المحكمة بأن موكله لم يكن يقصد شخص صلاح نظمى وإنما الأدوار التى يؤديها فحكمت المحكمة ببراءة حليم وبعد إنتهاء الجلسة ذهب العندليب لصلاح ليصالحه وطلب منه أن يشاركه بدور فى فيلم " أبى فوق الشجرة " وووافق نظمى وإنتهت القصة حتى كشف حليم الحقيقة بعد ذلك لمفيد فوزى وقال له أنه وصف نظمى بهذا الوصف بسبب الدور الذى قدمه فى فيلم "بين الأطلال" عندما لعب شخصية دبلوماسى يفرق بين البطلة "فاتن حمامه" وحبيبها "عماد حمدى" فإعتبر حليم ما قام به نظمى ثقل ظل وغلاظة خاصة أن تلك القصة تشابهت مع قصة حبه الشهيرة "لديدى" التى رفضت أسرتها زواجها من حليم وأصروا على إرتباطها برجل دبلوماسى مما جعله يرى صلاح نظمى وكأنه هو الذى فرق بينه وبين حبيبته. وبالرغم من كثرة أدوار نظمى على الشاشة والتى تجاوزت 300 فيلم أشهرها على باب الوزير وثرثرة فوق النيل وبين الأطلال وأبى فوق الشجرة وأه يا ليل يا زمن والعار إلا أنه لم يكن له دورا واحدا إستطاع به أن يغير من وجهة نظر الجمهور فيه والغريب أنه من الأساس لم يحاول أن يغيرها وكأن الأمر جاء على هواه والأغرب أنه لم يكن يهتم بطبيعة الدور الذى سيلعبه ولا حتى بقيمة الأجر الذى سيحصل عليه وعندما كان يتصل به أحد المنتجين ليخبره بدور كان يذهب الى الإستديو دون السؤال عن أى تفاصيل ويلقى نظره واحدة على دوره بالنص ثم يقف أمام الكاميرا ليلعبه بمنتهى الإحترافية مما يؤكد أنه لو كان حصل على فرصة واحدة حقيقية لربما كانت حياته إختلفت . والحقيقة أن صلاح نظمى لم يكن الفن هو شغله الشاغل فى الحياة وإنما كان هناك شيئا أخر هو الأهم على الإطلاق بالنسبة له وهو زوجته الأرمنية التى إلتقى بها بالصدفة عام 1950 ووقع فى غرامها من أول نظرة إلا إنها رفضت هذا الحب ونهرته بشدة ولكنه لم ييأس وإستمر فى محاولات مستميته للتقرب منها حتى أقنعها بالزواج عام 1951 بل ولم يقنعها بالزواج فقط وإنما بإعتناق الإسلام أيضا وإختار لها إسم رقية وعاشا معا قصة حب كانت حديث كل من إقترب منهما وأنجبا إبنهما الوحيد حسين ولأن الرياح غالبا بما لاتشتهى السفن أصيبت الزوجة بعد 11 عام فقط من زواجهم بمرض عضال أقعدها عن الحركة تماما وكان صلاح وقتها فى الثالثة والثلاثين من عمره وهى نفس الفترة التى بدأ وجهه به يصبحمعروفا لدى الجمهور والمنتجين بعدما قدم عدة أدوار للشاب الشرير ثقيل الظل وكان ينوى بالفعل رفض كل ما يعرض عليه من الأدوار التى تحصره فى هذا القالب لأنه كان يرى فى نفسه إمكانيات تؤهله لأدوار مختلفة إلا أن مفاجأة مرض زوجته إضطرته لأن يغير كل خططه للمستقبل ويقبل كل ما يعرض عليه تحت أى ظروف حتى يتسنى له خدمتها وكان ينفق كل ما يتقضاه على علاجها ولم يقبل أن يكون هناك أى شخص عن خدمتها سواه وطالما قال أنه لم يشعر بالملل ولو لحظة واحدة طوال ال35 سنة التى خدمها فيهم وحتى عندما طلبت منه الزواج بأخرى بكى وقال لها أنه يرى الدنيا بعيونها هى فقط وإستمر معها مكرسا حياته لها حتى توفيت عام 1990 فحزن عليها بشدة ودخل فى نوبة إكتئاب حادة إنتقل على إثرها الى المستشفى الى أن توفى بعدها بعشرة أشهر وقال الأطباء عنه أنه لم يكن يعانى من مرض عضوى ولكنه كان يرفض الحياة ولايريد الإستمرار فيها دون حبيبته. أظن أنه لايوجد شخص منا شاهد فيلما أو دور لصلاح نظمى إلا وإستتثقل دمه ولكننا لم نكن نعلم أنه كان يقبل أدوار الشر والرجل ثقيل الظل متعدد العلاقات النسائية أمام الشاشة ليرسم بها قصة وفاء فى الحقيقية نادرا ما تتكرر.